تَكمِلة لفيلم “أخي الإسلامي”
أمستردام – محمد موسى
الذي شاهد الفيلم التسجيلي البريطاني “أخي الإسلامي”، والذي عرض قبل عامين، على شاشة القناة الثالثة لهيئة الإذاعة البريطانية ( بي بي سي)، لن يفاجأ كثيراً بما حدث في شهر أبريل الماضي، عندما أرسل القضاء البريطاني، شخصية الوثيقة التسجيلية الرئيسية تلك الى السجن لست سنوات، بتهمة التخطيط لعملية إرهابية في بريطانيا، فهناك عشرات الإشارات الواضحة التي سجلها الفيلم وقتها، تُبين الهاوية التي بلغتها تلك الشخصية، والمدى الذي بلغته تطرفها وكرهها للمجتمع البريطاني والغربي بشكل عام، وإن الزمن ربما فاتها للتراجع وطلب المغفرة، وستكون قضية وقت فقط، قبل أن يصطدم “أبو صلاح الدين البريطاني” (ريتشارد دارت سابقاً ) مع السلطات في بلده، وينتهي الى السجن، او نهاية أكثر دموية. أخ “أبو صلاح الدين”، الشاب البريطاني روب ليتش، والذي اخرج الفيلم التسجيلي ” أخي الإسلامي “، سيعود بتكليف من “بي بي سي”، لإخراج تَكمِلة للفيلم الأول، والذي سيحمل هذه المرة عنواناً لا يتضمن أي مواربة هو “أخي الإرهابي”.

ليس في قرار هيئة الإذاعة البريطانية بإنتاج جزء جديد من فيلمها المثير للجدل، أي غرابة، فالتلفزيونات تقفز على كل فرصة لتقديم موضوعات حساسّة مثيرة، خاصة تلك المرتبطة بأحداث معاصرة، جذبت إهتمام الرأي العام. الشيء المُحير أن يواقف المخرج روب ليتش على العودة للموضوعة نفسها، بما تثيره من ألم وحَرج شخصي وعائلي. بدا جليّا في الفيلم الأول، فعائلة المخرج رفضت أن تظهر في الفيلم، لأسباب لم يبينها الفيلم بالكامل وقتها. لكن يبدو إن رغبة روب ليتش في فهم الأسباب التي جعلت أخيه يتغير على ذلك النحو، لازالت مُلحة، وإن ما ينوي القيام به لفيلمه القادم، لا يخرج عن جهوده في السنوات الأخيرة، لفهم التحول الجذري لأخيه، من شاب بريطاني يعيش في مدينة ساحلية صغيرة، الى مُسّلم مُتطرف يحمل تفسيرات غريبة للشعائر الإسلامية، وكِره غير مسبوق لبريطانيا والبريطانيين، ويحلم بالدولة الإسلامية في قلب عاصمة الضباب.
ليس من المعروف إذا كان سيتاح للمخرج روب ليتش مقابلة أخيه في السجن، او إذا كانت السلطات الأمنية البريطانية ستسمح بذلك، وإذا كان “أبو صلاح الدين البريطاني” سيوافق على الوقوف أمام الكاميراً مجدداً. هيئة الإذاعة البريطانية، كشفت بدورها بأن الجزء الثاني من الفيلم، والذي من المقرر أن يعرض في العام القادم، سيضم مشاهد لم يعرضها الفيلم الأول، لما تضمنته من تفاصيل قاسية وإدانات لفظية بالعنف لأبو صلاح الدين وجماعته ، لكن يبدو، وبعد أن قام القضاء بإدانة أبو صلاح الدين البريطاني، لم يعد هناك ما يستوجب منع عرض تلك المشاهد، فالحكم صدر من القضاء، ولن تخشى المؤسسة الإعلامية البريطانية من إنتقادات، من يعتبر إن الإعلام يجب أن يحمي بعض الناس من أنفسهم أحياناً، وإن تصوير شخصية مثل “أبو صلاح الدين” يجب أن يخصع لمراجعة دقيقة ومتأنية، ولا يجب أن تقطع كل الطرق له ولأمثاله بالتراجع عن مواقفهم، بكشف كل ما تفوّه به في ساعات إنفعاله وحماسه.
يجتهد روب ليتش لفهم عالم أخيه الجديد، هو، ولأجل تصوير فيلم ” أخي الإسلامي “، سيغادر المدينة الساحلية محل سكنه، والتي شهدت طفولة وشباب الأخوين، ويتجه الى لندن، حيث يعيش الأخ الأكبر الآن، في منطقة يصفها هذا الأخير بأنها أقل كفراً وأكثر نظافة، لأن مسلمين بريطانيين يشكلون أكبر نسبه من سكانها. سيحاول المخرج بدون نجاحات تذكر، أن يستعيد ذكرى رابطة علاقتهم التي بدت بعيدة كثيراً، ولن يَتقصد مواجهه مبكرة معه، هو سيناقشه في قضايا جدليّة معينة، منها تفسيره المتطرف للدين الإسلامي، وموقفه الكاره المتطرف تجاه بلدهما وتجاه الجيش البريطاني بالخصوص. المواجهة ستقع في نهاية الفيلم، عندما كان روب ليتش يودع أخيه، في رحلة الأخير الى السعودية لإداء فريضة الحج. سيصيب التأثر المخرج عندما يستعيد تفاصيل الأيام الأخيرة، بالخصوص حوداث معينة، عندما رفض أخيه أن يصافحه بيده اليمنى، لأن هذه ، وحسب الشريعة التي يسير عليها، مخصصة للتعامل مع “الطاهرين”، فيما اليسرى للكافرين. سيتهدج صوت روب ليتش وهو يستعيد تلك الحادثة، ولن يعتذر أخيه على هذه الإهانة وغيرها.

هناك شخصية اخرى في فيلم ” أخي الإسلامي “، لا تقل إثارة وجدليّة عن شخصية أبو صلاح الدين، هي لشاب بريطاني بعمر السابعة عشر، من نفس مدينة الأخوين، هذا الشاب الذي تحول للأسلام قبل أشهر من تصوير الفيلم، سيكون محل إهتمام جماعة أبو صلاح الدين المتطرفة ، والتي تحاول أن تجذبه لخطها المتشدد، الفيلم سيرافق هذا الشاب في لحظات خاصة مهمة، منها ختانه في مستشفى عام، والمظاهرة الإولى التي يشترك بها، والتي صادفت أن تكون في يوم الحادي عشر من سبتمبر، في ذكرى ارهاب البرجين في نيويورك. يحاول الشاب البريطاني اليافع أن يُحلل قليلاً ما يجري حوله، ولا يندفع بالكامل خلف جماعته. الفيلم سينتهي بالشاب يعود الى المدينة الصغيرة، يصوره على الساحل مع إمه، يحاول أن يحاكم الأفكار المتطرفة التي حلّت على عالمه. سيكون من المهم كثيراً، في أي عودة تسجيلية لقصة أبو صلاح الدين، التحقيق في حال ذلك الشاب البريطاني وكيف هو الآن؟ وهل مازال عضواً في تلك الجماعة المتطرفة ؟ ام إنه وجد كمعظم مسلمي بريطانيا، تفسيره المتسامح للإسلام، ويعيش حياة طبيعة كمسلم من إصول بريطانية بيضاء.