مهرجان “اسني ن ورغ” يعاني التهميش ونقص التمويل
حاورته ضـاوية خـليفـة
لاسباب عديدة .. قليلة هي الانتاجات والمهرجانات التي تحتفي بالسينما الأمازيغية.
“رشيد بوقسيم” الذي ينظم مع جمعيته مهرجان أغادير الدولي للسينما الأمازيغية “اسني ن ورغ” عن صمته هذه المرة حيال التقصير والتهميش الذي يلقاه المهرجان ومن ثم الإنتاج السينمائي.
في بيان تحصلت الجزيرة الوثائقية على نسخة منه اشتكيتم قلة الدعم والتمويل وتهميش العديد من المؤسسات الحكومية لكم هل من توضح للمشكل ؟
بالفعل جمعيتنا أصدرت مؤخرا بيانا شديد اللهجة وجه خصيصاً للمؤسسات العمومية المعنية بدعم المهرجانات والوصية على دعم باقي الأجناس الفنية والمهرجانات الأخرى، يف الحقيقة لم نكن لنعير هذا الدعم أهمية كبيرة لولا سياسية التهميش التي مورست اتجاهنا، وإنما انتقادنا لها كان بسبب الظلم الذي لحق بنا والحملة التي شنت ضدنا من طرف بعض المؤسسات العمومية التي تدير قطاعات تستقي أموالها من دافعي الضرائب، ولا أخفي عليكم أن الحصول على دعم لنا أو لغيرنا لم يكن أبدا المشكل المطروح في بلد كالمغرب الذي لديه تقاليد عريقة في الاحتفاء بالفن والثقافة والسينما على وجه الخصوص، لكن الكثير من الأشياء سرعان ما تنقلب سلبا خاصة لما يتعلق الأمر بالأمازيغية وبكل ما له صلة بها، مع العلم أن هذه الأخيرة محصنة اليوم بدءا من الترقية الدستورية وصولا إلى الحراك المدني، فهل يعقل أن تدعمنا اللجنة المكلفة بمنح الدعم ب 50000 درهم أي ما يقل عن 5000 دولار، في حين تمنح ذات اللجنة لمهرجانات أخرى مبالغ جد محترمة حتى لا نقول مبالغ فيها، ونعاني نحن من قلة الدعم وبالتالي هذا ليس إنصافاً أبدا.
المهرجان يطلق هذا العام دورته السابعة فلماذا انتظرتم كل هذه المدة للحديث عن قلة الدعم والتهميش والإقصاء ؟

أرأيتِ ان خيرنا بين أمرين؟ إما أن نشتغل ونرافع عن شيء نؤمن به نعمل لأجله أو نحيا بدونه، وإما أن نلعن الظلام وننتظر الفرج دون أن نحرك ساكنا ، فأي الطريقين سيختار المرء في هذه الحالة؟ لا جرم أني سأختار الاقتراح والطريق الأول مهما كلفني الأمر من عناء ومشقة، ولكل منا توجهاته، أهدافه وأسبابه التي تبرر اختياراته ولكني أدافع عن اختياراتي إلى غاية الحصول عليها، لقد انطلقنا منذ سنوات في تجربة حمل الأمازيغية وتكبد هموم السينما الأمازيغية بقناعة كبيرة، ضمن سياق وطني ملتبس المسافة المبتعدة عن دسترة هذه اللغة يومئذ ومعاناة المجتمع المدني الأمازيغي لفرض طرحه وغيرها من القضايا التي تجعل مجرد التفكير في دخول مغامرة حمل مشروع تأسيس مهرجان سينمائي مخصص للإنتاج الأمازيغي ضربا من ضروب الجنون، فماذا لو كانت الفكرة لا تحظى بأي دعم حكومي أو خاص، ولحسن الحظ لدينا شركاء داعمين لنا في هذه المغامرة لم يتغيروا ولم يلتحق بهم الكثير، وهو ما يؤكد أن دعم المشاريع الأمازيغية مسألة إرادة سياسية لا أكثر ولا أقل، والمؤسف أن الإرادة هذه لم تتحقق لدى الكثير من مؤسساتنا ولدى الكثير من الجهات الواجب عليها دعمنا، لذلك عهدنا على أنفسنا في جمعية المهرجان الدولي اسني ن ورغ للفيلم الأمازيغي أن لا نقف عند الهتاف والتنديد بقلة الدعم، بل بحثنا عن حلول لقينا فيها من يدعم اهتماماتنا، وما زلنا نترقب بعض المؤسسات العمومية لعلها تقرأ الدستور وتحترم على الأقل إرادة الملك في جعل الأمازيغية ملكا لجميع المغاربة.
هل هذا التهميش الذي تتكلمون عنه يتضرر منه بالدرجة الأولى المهرجان أم الأفلام الأمازيغية، بمعنى أخر هل التقصير في التمويل امتد حتى الأفلام والمشاريع السينمائية الأمازيغية أم لحق بالمهرجان فقط ؟
التهميش الذي أتحدث عنه هو “مفرد بصيغة الجمع” على حد قول أدونيس، فمهرجاننا هو الشجرة التي تخفي غابة التهميش، والمشكل أن المسألة تتعدى حدود التهميش وتقترب أكثر من الظلم الذي يأتي على الأخضر واليابس فيما تعلق بالسينما الأمازيغية وبهرجانا سني ن زوغ، وبالتالي المسألة متروكة للقضاء والقدر مادامت ليست هناك إستراتيجية قطاعية للنهوض بها فهي مغيبة تماما من الهاجس الثقافي لدى وزارة الثقافة، كما أن الأمر يطال وزارة الاتصال والمركز المغربي للسينما وأحصر كلامي على هذه القطاعات التي أعتبر تدخلاتها “مباشرة” ولا يعني هذا أن باقي القطاعات معفية من التدخل، نأسف اليوم للوضع الذي آل إليه الفيلم الأمازيغي، ولم نجد بديلا سوى دخول مغامرة أخرى مليئة بالمخاطر ونراها إلزامية ، إذ عملنا على تأسيس صندوق دعم الفيلم الأمازيغي بإمكانياتنا الخاصة والمحدودة جدا، لكن هذا الأمر لم يحرك ساكنا ولا ضمير مؤسساتنا الوطنية التي أسعدها أن تقف وقفة المتفرج لا شريك وداعم لنا، بل لم تكلف نفسها عناء الاتصال بنا أو تبني أو تشجيع التجربة من جانبها بما يلزم.
هددتم برفع دعوى ضد وزارة الاتصال والمركز السينمائي المغربي هل باعتقادكم أن الحل سيكون أفضل بهذه الطريقة؟
نحن نعتقد أننا متضررون ومظلومون والحيف طالنا، وما سعينا إلى التحكيم القضائي إلا تطبيقا لمقولة “لن نكتفي بدعاء نوح”، فعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء لاسترجاع حقوقه المسلوبة والشرعية في نفس الوقت، بل سنعمل وفقا لإستراتيجية دفاعية واضحة المعالم تليق بوزارة الثقافة والمركز السينمائي المغربي، أظن أننا اليوم وأكثر من أي وقت مضى مدعومون بقوى حية على نطاق واسع، على المستويين الوطني والدولي أيضا، وكل هذا لأجل السينما الأمازيغية فانتصارنا سيكون استثمار للغة والثقافة الأمازيغيتين.

رغم كل هذه الظروف سينعقد المهرجان، والأكيد سيكون برنامجه استثنائي أيضا، طيب ماهي ملامح الدورة السابعة؟
يلهمني سؤالك الإجابة، حقا سينعقد مهرجان “اسني ن ورغ” الدولي للسينما الأمازيغية في دورته السابعة بمدينة أغادير كما قال الشابي “رغم الداء و الأعداء…”، ولعل أهم ما ستتميز به سابع دورة هو تشريف السينما الكاطلانية للمهرجان ونزولها ضيفا على جمهور مدينة أغادير الذي بات ينتظر هذا الموعد السينمائي ويتابعه باهتمام كبير، أما بالنسبة لعدد الأفلام فيبلغ ستة عروض ستتوزع على مناطق عدة وليس بأغادير فحسب بل ستصل إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير، فمثلا سيحض جمهور مدينة تيزنيت التي تبعد عن أغادير ب 100 كلم بمتابعة لتلك العروض، جديد الدورة أيضا يتمثل في تعزيز بلاطوهات الندوات والورشات بالعديد من المواضيع الهامة، فقد برمجت إدارة المهرجان “سامبوزيوم السينما … السياسة والثقافة”، والتي ستتفرع إلى مواضيع ثانوية أخرى في مقدمتها “السينما والأدب”، “السينما والسياسة”، وأهمها “الفيلم الأمازيغي في الإستراتيجية الثقافية لجهة سوس، ماسة، درعة”، وكذا موضوع “خدمة اللغة والهوية الكاطلانية”، أما بالنسبة للورشات فقد برمجنا ورشات عدة من بينها ورشة النقد السينمائي من تنشيط السينمائي الجزائري “الطاهر حوشي”، ورشة إعادة كتابة السيناريو مع”الحسين مرابيح”، ورشة الإواليات في اللغة السينمائية وينشطها “أرماندو رابيلو” و”مارتا فييرا”، كما خصصنا أيضا ورشة للأنفوغرافيا من تنشيط “لويزا لحسن” وورشة أخرى للإنتاج المشترك والبحث عن التمويل الخارجي من تنشيط كل من “كيهي جساري” و “إيزابيل مارسينارو”.
قررتم حجب الأفلام المغربية والاكتفاء بالأفلام الكاطلانية باعتبارها ضيف شرف الدورة، فهل يعني هذا أن السينما الجزائرية التي اعتادت المشاركة في المهرجان ستغيب هي الأخرى هذا العام أم أن المقاطعة ستشمل فقط الأفلام المغربية ؟
قرارنا كان حجب كل الأفلام الأمازيغية سواء من المغرب أو من دول أخرى اعتادت المشاركة بمهرجان “اسني ن ورغ” فلا نستثني أفلام بلد دون أخر، وبالفعل اكتفينا بعرض أفلام البلد الضيف أي السينما الكاطلانية من خلال ستة أفلام، وردا على الشق الثاني من سؤالك أقول للأسف لن نحض هذا العام بمشاركة ومشاهدة الأفلام الجزائرية والتي تلقى قبولا كبيرا، وفي الأخير قرارنا ليس عقابي للأفلام بل رد على سلوكيات وتصرفات وزارة الاتصال والمركز السينمائي المغربي وكذا لجنة دعم المهرجانات السينمائية، شخصيا أعتبر أن القرار مدرج في إطار إستراتيجية الجمعية التي تشرف على تنظيم المسابقة الرسمية للمهرجان الذي يعيش ظروف استثنائية هذا العام، وسنختار الوقت المناسب للإفصاح والإعلان عن أشياء كثيرة ، وستكون ردا قويا على كل من يمارس التهميش والإقصاء ضدنا، وسوف لن نتهرب من مسؤولياتنا تجاه شركائنا وكذلك تجاه الفنانين الذين وضعوا ثقتهم فينا وفي مهرجان “اسني ن ورغ” الدولي للفيلم الأمازيغي بأغادير.