مهرجان وهران…عودة إلى الصفر نقطة إلى السطر
ضاوية خليفة – وهران
لا يزال مهرجان وهران للفيلم العربي الذي لم يستقر بعد على تاريخ محدد وثابت ولا لجنة تنظيم دائمة يصنع الحدث لكن ليس بالمعنى الطيب والجيد والايجابي بل بكثرة السلبيات والمشاكل التي باتت تتكرر لدرجة أن الجميع تعوّد عليها رغم الميزانية المحترمة جدا التي يتمتع بها هذا الأخير والتي تكفي لتنظيم أكثر من مهرجان، مع العلم أن إدارة المهرجان على تعاقبها تتحفظ دوما عنها (الميزانية) تتهرب وترفض دوما الكشف عنها…
مهرجان وهران لا جديد يذكر ولا تحسين في التنظيم
مرت ست سنوات وانقضت ست طبعات كاملة ولا تزال هذه التظاهرة في عامها السابع تبحث عن فرص لفرض نفسها وإيجاد مكانا وموقعا في خارطة المهرجانات السينمائية، مع العلم أن “فوفا” التظاهرة الوحيدة التي تحتفي بالسينما العربية على مستواها، لكن لا أحد يحسن استغلال هذا المكسب كيف لا ومن يشرف على التنظيم لا علاقة لهم لا من بعيد ولا من قريب بالسينما إلا القلة القليلة التي تسعى في كل مرة لحفظ ماء الوجه والتي يستعان ويستنجد بها لتلميع صورة المهرجان في الوقت المستقطع وليس بدل الضائع، ومع ذلك لم يفلح المنظمون في مهامهم بل وفي كل مرة يتفوقون في استفزاز المتابعين له خاصة الصحافة الوطنية التي تنتقده بموضوعية غير مبالغ فيها بل تكون قريبة كل القرب لما نراه يوميا من هفوات وثغرات لا تتداركها لا خلية الإعلام ولا المحافظة ولا يمكن لأي إعلامي التغاضي عنها.

بل كل مرة يجد الإعلاميون الجزائريون خاصة وحتى العرب الذين ينتظرون ردا محترما على طلب الاعتماد صعوبة في التواصل مع المحافظة -تعامل لا نجده إلا في هذا المهرجان بل وأن أكبر المهرجانات التي تحترم نفسها وجمهورها تتكرم بالرد إما بالرفض أو بالقبول والإيجاب- والمؤسف حقا هو عندما يتصل هؤلاء الصحفيون بالمكلف بالإعلام الجديد “سيد أحمد سهلة” فيطلب منهم عدم الاتصال به واعدا إياهم بمعاودة الاتصال لكن دون جدوى فبمن نتصل يا ترى، أي مهرجان هذا وأي خلية اتصال يملك، فلا غرابة في ذلك مادام رد المحافظة على اتصالنا بها لطلب الاعتماد كان بطريقة لا تعكس مقام راعية الثقافة بالولاية ومديرتها، لا لشيء إلا للظفر بالدعوة لتغطية المهرجان لحساب الجزيرة الوثائقية المعروف لدى العام والخاص أنه متخصص في السينما ومن أكبر المنابر العربية التي يتمنى كل سينمائي وكل مهرجان أن تخصص له بها مساحة للحديث عن فعالياته إلا مهرجان وهران السينمائي الذي يتجرد شيئا فشيئا من هويته التي انطلق منها ذات يوم، فهل من مجيب وهل من مدرك لما أقول ولأهمية الإعلام ودوره، والنتيجة في الأخير أن يجد بعض الإعلاميين ونحن منهم يتوجهون إلى وهران بإمكانياتهم الخاصة انطلاقا من مبدأ المهنية، في حين يتم استدعاء أقلام صديقة لبعض من أوكلت لهم مهام في التنظيم تأتي لغرض التنزه في الباهية والتمتع بالهواء الجميل ونسيم الأندلس والمنظر الرائع للباهية من قمة سانتا كروز الشهيرة، والسبب في ذلك طبعا بعض الدخلاء الذين جيء بهم من بعيد وتم إقحامهم في مناصب لم يكونوا بالغيها يوما، مثل هذه المعاملات لم تقابل بها الصحافة الوطنية فحسب بل حتى بعض وسائل الإعلام العربية التي وصلت صحفييها دعوات للمشاركة في التغطية الإعلامية للحدث لكن تسرع إدارة المهرجان في إرسال دعوات دون دراسة مسبقة جعلها تتراجع عن قرارها كون الطلبات فاقت قدرة الاستيعاب وما أثار غضب واستياء الكثيرين منهم هو أن لا أحد من القائمين على المهرجان أخبرهم بهذا القرار لولا بعض التسريبات التي أخبرتهم بالواقع، بل لم يعتذروا لهم حتى وطبعا مثل هذه التصرفات لا نجدها سوى في هذا المهرجان، وفي سياق أخر تجدر الإشارة إلى أن مشكل قاعات السينما لا يزال قائما رغم الوعود المتكررة للسلطات المحلية أو الوزارة الوصية أي وزارة الثقافة، فالمشكل لم ولن يعرف أي جديد رغم التطمينات المتكررة والوعود التي قدمت خلال الندوة التقيمية عشية اختتام الدورة السادسة العام الماضي، مما اضطر المنظمين هذا العام لاستئجار قاعات أخرى كحل بديل ومؤقت.
ملامح الدورة الجديدة من المهرجان
بعيدا عن السلبيات التي تطغى شيئا فشيئا والتي أخشى أن تصبح عادة لصيقة بهذا الحدث بعدما اعتدت أن استفتح بها مقالاتي السنوية عن مهرجان وهران والتي تنتظرها مفاجآت أخرى لا بد من العودة إلى برنامج طبعة هذا العام التي يمثل فيها 38 فيلما سينما 15 دول وهي الجزائر، سوريا، قطر، مصر، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، المملكة العربية السعودية، فلسطين، لبنان، المغرب، العراق، تونس، البحرين، موريتانيا والكويت، 14 فيلم طويل، 18 فيلم قصير، بينما سيدخل الوثائقي المنافسة بعدما برمج رسميا العام الماضي في المهرجان ب 6 عروض.

وللسنة الثالثة على التوالي شهد قصر المؤتمرات “أحمد بن محمد” بوهران ميلاد الطبعة السابعة وتكريم ثلاث قامات فنية كبيرة لها باع طويل ووزن ثقيل بداية من الفنان السوري “أسعد فضة”، الفنانة “ليلى طاهر” من مصر، والمخرج “أحمد راشدي” من الجزائر والذي سيكون في نفس الوقت رئيس لجنة تحكيم الأفلام الطويلة وترافقه فيها كل من الفنانة اللبنانية “كارمن لبس”، المنتج والمخرج المصري “شريف مندور”، وكذا الجزائرية “أمال بوشوشة” بطلة “أحلام مستغانمي” في رواية ذاكرة الجسد و”نجدت أنزور” في المسلسل الحامل لنفس العنوان والتي استغرب الكثير كيف لخريجة ستار أكاديمي -التي لم تخض بعد أي تجربة سينمائية- أن تقيّم أعمال سينمائية من هذا القبيل، الأمر الذي أثار نقاشا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي منذ انتشار الخبر رغم بعض الإشاعات التي روجت فكرة انسحابها مسبقا، في حين تأكد عدم حضور المخرج السوري “حاتم علي” كعضو في لجنة تحكيم الأفلام الطويلة فتم تعويضه بالفلسطيني الدكتور “نادر القنا”، بينما سيرأس لجنة تحكيم الفيلم القصير المخرج التونسي “رضا الباهي” وترافقه في مهامه كل من الجزائرية “سامية مزيان”، الناقدة الأردنية “آلاء يونس”، المصرية “دعاء طعيمة” والجزائري “كريم سرقوة”، وفي صنف الوثائقي نجد كل من الإعلامي الجزائري “نبيل حاجي” رئيسا، الناقد المصري “أحمد فايق”، والاسبانية “باولا بالاسيوس” أعضاءا -وقد تكون- سابقة تعد الأول من نوعها أن تشارك أجنبية أي اسبانية في لجنة تحكيم مهرجان وهران للفيلم العربي، وفي سياق أخر قال المدير الفني للمهرجان المخرج والمنتج “مؤنس خمار” خلال لقاء جمعه بالصحافة بوهران أن عدد الأفلام التي وصلتهم بلغت مئتي عمل اختير منها 38 إنتاجاً، مؤكدا أن التركيز هذا العام سيكون على الموجة الجديدة من السينمائيين الشباب، أما برنامج الورشات فجاء فقيرا مقارنة بالسنوات الماضية، إذ نجد في الرزنامة ثلاث ورشات أولها ورشة المخرج الصغير مع الممثل ومخرج برنامج قهوة القوسطو “عبد القادر جريو”، ورشة التصوير في مجال الصورة الفوتوغرافية بمشاركة جامعة مستغانم والمعهد العالي لفنون العرض والسمعي البصري، وأخرها ورشة التقاط الصورة مع الفرنسي “جان اسيلماير” والتي تأتي تكميلية للبرنامج الذي بدأه العام الماضي مع المستفيدين من تلك الورشات، كما استحدثت إدارة المهرجان فضاء خاص يحمل اسم مجسد رائعة “الربوة المنسية” السينمائي الراحل “عبد الرحمن بوقرموح” والذي سيكون ملتقى لصناع العرض السينمائي وأصحاب المهن ذات صلة وكذا الإعلاميين وضيوف المهرجان، والجديد أيضا هو جائزة الصحافة لكنها ليست لأحسن مقال صحفي أو أحسن مقال نقدي بل عبارة عن جائزة يمنحها مجموعة من الصحفيين لأحسن فيلم في الدورة، أما برنامج الندوات والمحاضرات فسيخصص للمواضيع التالية: “حقوق المؤلف”، “النقد السينمائي” و”الإنتاج السينمائي”.

وفيما يلي قائمة الأفلام الروائية الطويلة التي استقرت عليها لجنة اختيار الأعمال : “أيام الرماد” لعمر سي فوضيل، “في العلبة” لجميل بلوصيف من الجزائر، “لما ضحكت موناليزا” لفادي حداد، “على مد البصر” لأصيل منصور من الأردن، ومن لبنان “عصفوري” لفؤاد عليوان، و”دي فيلت” لكريم الكسندر بيتسترا، “خميس عشية” لمحمد دمق من تونس، “المغضوب عليهم” لمحسن البصري من المغرب، “ظل االبحر” لنواف الجناحي الإمارات العربية المتحدة، “سيناريو” لطارق الزامل من الكويت، “صدى” لسمير عارف من المملكة العربية السعودية، كما تأكد مشاركة الفيلم السوري “مريم” للمخرج باسل الخطيب، بينما ستكون السينما المصرية ممثلة بفيلمين اثنين وهما “هرج ومرج” لنادين خان و”عشم” لماجي مورغان، وفي فئة الأفلام القصيرة نجد كل من “ساحة بورسعيد” لفوزي بوجمعي، “قندورة بيضاء” لأكرم زغبة، “قبل الأيام” لكريم موساوي، و”المنفى” لمبارك مناد من الجزائر،”بوبي” لمهدي البرصاوي من تونس، “بليون 3” لرياض مقدسي من قطر، “عيد ميلاد سعيد” لمهند حيال من العراق، “أفق” لأحمد زين دريعي، “العشاء الأخير” لمحمد علوان و”أحلامنا الحلوة” لغادة سابا من الأردن، “قطن” للؤي فاضل من العراق، “صافي” لأحمد زين من الإمارات، “سكون” لعمار الكوهجي من البحرين، “ألوان الصمت” لأسماء المدير من المغرب، ومن مصر “سحر الفراشة” لسعد روماني و”شمعات 3 ” لأحمد فؤاد، “الحيلة” لهبة طوجي من لبنان، أما موريتانيا فستكون ممثلة بالفيلم الذي أخرجه التونسي وسيم القربي والموسوم ب”أزهار تويليت”، بينما سيكون الفيلم الوثائقي هذا العام ممثلا بالأفلام التالية “ليال بلا نوم” لاليان الراهب من لبنان، ومن فلسطين “عالم ليس لنا” لمهدي فليفل و”متران من هدا التراب” لأحمد النتشة، “الورشة” لسامي طارق من الجزائر، “تاء مربوطة” لإيهاب الخطيب من الأردن، “أركي” لوائل جزولي من مصر، وللسنة الثانية على التوالي سيضع المهرجان زووم على السينما الفلسطينية من خلال “عين على رام الله” والتي ستكون ممثلة ببعض الأعمال نذكر منها “صياد الملح” لزياد البكري، “قارئة الفنجان” لسهى الأعرج، “مقلوبة” لنيكولا داموني، “إسماعيل” لنورا الشريف، في حين ستعرف البانوراما عرض أعمال العديد من المخرجين الجزائريين الشباب والمخضرمين.
للإشارة فان طبعة العام الماضي عرفت مشاركة أكثر من عشرين فيلما في الأصناف الثلاث، وانتهت بتتويج الفيلم المصري “الخروج إلى النهار” لهالة لطفي بالوهر الذهبي كأحسن فيلم طويل، “الجزيرة ” للجزائري أمين سيدي بومدين كأحسن فيلم قصير، بينما تم تتويج وثائقي المخرج التونسي حمدي بن أحمد “تونس ما قبل الثورة” بالجائزة الأولى في هذا الصنف، في حين تمحورت محاضرات وندوات الطبعة السابقة حول موضوع الثورة بما أن كل التظاهرات العام الماضي احتفت بخمسينية استقلال الجزائر.