أيام سطيف السينمائية تكرم “زير” و”بوقرموح”
ضـاوية خليفة – الجزائر
أطلقت ولاية سطيف إحدى محافظات الشرق الجزائري والتي تبعد عن عاصمة البلاد بحوالي 300 كلم الأيام السينمائية الأولى التي تدوم ثلاثة أيام، وتسعى هذه التظاهرة التي بادرت إلى تنظيمها مديرية الثقافة وجمعية الشباب للثقافة والإعلام إلى تفعيل المشهد الثقافي والسينمائي بهذه المنطقة التي اتخذها الكثير من المخرجين محورا لتصوير أعمالهم التلفزيونية والسينمائية، نظرا لتاريخ المنطقة العريق ورمزيتها ولأماكنها الطبيعية التي تمنح الصورة جمالا أكثر، ولأنها شكلت نجاح أحد أبرز أعماله وبمناسبة مرور سنة على رحيله تم تكريم فقيد السينما الأمازيغية صاحب رائعة “الربوة المنسية” المخرج “عبد الرحمن بوقرموح” بعرض فيلم يوثق لمسيرته الفنية المشرفة والتي قضاها مدافعا عن فنه وثقافته ولغته، كما شمل التكريم أيضا كل من الفنان القدير “أحمد بن عيسى” والمنتج والمخرج المستقل”أحمد زير” الذي سعى لدعم السينما الجزائرية ضمن سينما الهواة التي فضّل البقاء والعمل في إطارها، ففي رصيد الرجل 45 فيلما وأزيد من 25 جائزة دولية.

عروض الدورة الأولى التي يسعى المنظمون لتطويرها مستقبلا وإعطاءها أبعادا عربية أو دولية في حال توفير الدعم اللازم تقتصر على أفلام جزائرية قصيرة ووثائقية تصل إلى 12 فيلماً، ومنها نذكر فيلم “الجزيرة” لأمين سيدي بومدين المتوج بالعديد من الجوائز الدولية منها جائزتي أحسن فيلم قصير وأفضل منتج من العالم العربي في الطبعة السادسة من مهرجان أبوظبي السينمائي، “العابر الأخير” لمؤنس خمار 2010، “قبل الأيام” لكريم موساوي 2013، “سكتو” لخالد بن عيسى 2009، “الأب” لوليد بن يحي 2014، “قراقوز” لعبد النور زحزاح 2010، “يوم في الجزائر” لرؤوف بنية 2011، هذه الأعمال وأخرى شاركت في أكبر المهرجانات ولم تخرج خالية الوفاض بل توجت في أكثر من مرة وعاد بفضلها اسم الجزائر لمنصة التشريف حاملا التتويج، وبالتالي اختار المنظمون “الفيلم القصير” كمحور للندوات والورشات التي تقام على هامش الأيام التي تسعى لتثمين وتنمية النشاط السينماتوغرافي وفقا للإستراتيجية المنتهجة من قبل الدولة للنهوض بالقطاع، ولتجديد اللقاء بين صناع العرض والفرجة السينمائية والجمهور الذي بدأ يهتم اليوم أكثر بسابع الفنون بعد القطيعة التي خلقتها الظروف الداخلية للبلد، كما ستمنح هذه الفعالية الفرصة للمهنيين لبحث فرص تعاون أكثر خاصة على مستوى الإنتاج ووضع خارطة مستقبلية لتثمين الجهود المبذولة منذ سنوات والتأسيس لصناعة سينمائية برؤية شبابية مع تقييم مسيرة خمس إلى ست سنوات من العمل، وعرض أو دراسة مقترحات جديدة.
الفيلم القصير يعيد الحياة للسينما الجزائرية

لو حدث وقارنا بين أفلام قصيرة لشباب جزائريين بنو فكرتهم واستجمعوا القليل من الإمكانيات المتاحة أمامهم واعتمدوا على مالهم الخاص لتجسيد مشاريعهم وطرح رؤيتهم لموضوع ما وبعد تجسيدها فعليا تجد أن الجماهير تقف لتصفق لهم بكثير من التأثر الحماسة والإعجاب، وبين مخرجين كبار ومخضرمين قرروا بعد سنوات عجاف انجاز فيلم أو اثنين وأعدت لهم الوزارة الوصية وصناديق الدعم العدة لانجاز أعمالهم وصاحبتهم في ذلك ضجة إعلامية وإعلانية كبيرة وبعد طول انتظار تصاب بالدهشة والصدمة من أعمال قريبة لسينما الهواة لا تستحق كل تلك الأموال التي رصدت لها باسم الاحتراف، واقع لا يستدعي دراسة أو تحليل لمعرفة سبب تراجع السينما الجزائرية، والتنبؤ بمستقبلها في ظل التباين الموجود بين أشخاص عشقوا السينما فأبدعوا لأجلها وللارتقاء بها وبين أناس لا هدف لهم سوى الاستفادة من حصص الدولة متناسين مهامهم كفنانين، فأضحى حينها الفن السابع مهنة من لا مهنة له وأصبح السينمائي وقتها كالتاجر لا يفكر إلا في المال الذي سيأتيه ويجنيه، فكلما زاد الدعم ازدادت أعمالهم سوءا، وما زاد الطين بله هو أن المعنيين بهذا الكلام هم مخرجون لهم باع طويل وخبرة تتعدى العشرين عاما خلفوا فيها روائع سينمائية أنجزت بقليل من الإمكانيات وفي فترة ما بعد الاستقلال مباشرة، مما جعل السينما الجزائرية تكسب سمعة طيبة وتقف في مصاف الكبار، واليوم انقلبت الموازين وأصبحت السينما لدى هؤلاء مجرد طريق يسلكونه للظفر بميزانيات يمكنها ما لم يساء استغلالها انجاز أفلام ذات جودة ونوعية عالية تشرف الجزائر وتعيدها إلى مكانتها التي كانت عليها سابقا، ولعل تخصيص هذه الأيام للفيلم القصير في عامها الأول وفي حال استمرارها يؤكد ما أقول، في انتظار مبادرات أخرى تتبنى أفكار الشباب و تهتم بالفيلم القصير على غرار مهرجان “تاغيت الدولي للفيلم القصير” الذي كان يعول عليه كثيرا كمكسب ثقافي وسياحي لولا اختفاءه من الساحة تاركا مكانه شاغرا في انتظار البديل.