العمال والسياسة سلسلة جديدة على الجزيرة الوثائقية

تعرض السلسلة والتي أنتجتها الجزيرة الوثائقية خصيصا لمشاهديها وشملت ست دول عربية جذور الدور الذي لعبته الطبقة العاملة في ميدان السياسة، فمنذ أن قامت الثورة الصناعية في العالم كانت تجمعات العمال في المصانع والمعامل والورش دوماً طليعة لكفاح من نوع خاص، كفاح ضد المستعمرين والمحتلين، وكفاح في وجه الاستغلال والرأسمالية الجشعة.
ولم يغب العمال العرب لحظة عن هذا المشهد، بل كانوا في طليعته يقاومون الاستعمار في أزمنته ويقاومون الاستبداد في أزمنته كذلك.لنشوء ما بات يعرف اليوم بطبقة العمال وتناقش ظروف تلك المرحلة وأسباب قيامها وطريقة تكونها وأهم الظروف التي احيطت بها سواء من صنع البشر أم من صنع الطبيعة كالخام والجغرافيا وتاريخ وأنواع المهن.
وتروي لنا السلسلة كيف أنه عندما بدأت الثورة الصناعية في العالم بدأت معها تجمعات العمال في المصانع والمعامل والورش ، وحاولت هذه التجمعات من وقت مبكر أن تجد الطرق الأكثر نجاعة لتنظيم تكويناتها ودفعها لأن تكون أكثر نفعا لمن تمثلهم، وكيف أن تلك المكونات كانت دوماً طليعة لكفاح من نوع خاص، كفاح ضد المستعمرين والمحتلين والإقطاع ، وكفاح في وجه الاستغلال والرأسمالية الجشعة.
ثم تفرد هذه السلسلة مساحة وافية لحركة وتاريخ العمال في الأوطان العربية وظروف نشأة الهياكل العمالية النقابية في العالم العربي، حيث لم يغب العمال العرب عن ذلك المشهد الذي كان يسود في العالم ، وحيث كان العمال العرب وعبر نقاباتهم وتنظيماتهم المهنية المختصة في مقدمة الطليعة العربية في النضال ومقاومة المستعمر وأيضا في حركة البناء الداخلي لهذه الأوطان وهي مهمة لاتقل أبدا عن دفع العدوان الخارجي، فلكل مهمة طبيعتها واشتراطاتها ومطالبها وكان دائما على العمال أن يكونوا في الموعد تلبية لتلك المطالب والاشتراطات كل حسب ظروف بيئته وعمله ومراحل نضاله التي تفرضها أحيانا الظروف المحلية التي تختلف من بلد عربي لآخر.

ويسلط هذا العمل التوثيقي الضوء على الكيفية التي كان بها العمال العرب في طليعة من يقاوم الاستعمار في أزمنته ويقاومون الاستبداد في أزمنته أيضا، ويرصد نضال العمال السياسي في عدد من أقطار الوطن العربي.
ويؤكد هذا العمل ان العمال والسياسة، تاريخ مشترك لا يمكن فصله عن بعضه البعض، فهو قصة اشتباك طويلة بدأت بعيداً عن أوطاننا في أوربا وانتشرت في أنحاء العالم حتى وصلت إلى العامل العربي فسطر بعرقه وأيضا بدمائه فصولاً جديدة من فصول النضال السياسي في وجه الاستعمار الخارجي الذي كان يكبل الوطن بتواجده المباشر ثم في وجه استبداد السلطة المحلية فيما بعد عندما تحررت أوطان العرب من الاستعمار وبدأت تخوض معارك من نوع مختلف تعتمد أساسا على بناء واقع بسيط يتحكم به الجهل والفقر والأمراض الفتاكة وخلو الدول المستقلة حديثا من أي مؤسسات حقيقية تستطيع أن تعبر بها إلى المستقبل بشكل لائق..
كما تفرد السلسلة مساحة أخرى هامة وضرورية تختص بالحركة العمالية في فلسطين، وهي حركة بها الكثير من الخصوصية والتفرد بسبب تفرد وخصوصية القطر الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال منذ فترة مبكرة من القرن الماضي مما ساهم بشكل أكبر في تعقيد نشوء الطبقة العمالية في البلد وزاد من تحديات تشكلها في ظل ظروف عصيبة ووسط شعب آخر ينازع شعبها حق الوجود في الحياة ، استعمار بريطاني يمرر الصهيونية ، ودولة جديدة تنشأ على أرضهم لتجعل الحركة العمالية الفلسطينية مسلوبة حتى من أبسط الحقوق في الحياة.
وهكذا من تاريخ نشوء الحركات العمالية بهياكلها البدائية أولا في العالم الغربي الذي ارتبط بقيام الثورة الصناعية التي استلزمت وجود العمال كمصطلح له دلالات مهنية وسياسية متنوعة إلى وصول تلك الحركات إلى العالم العربي وتماهيها مع قضايا أوطانها وتحملها مهمة مزدوجة تجمع بين المساهمة في تحرير تلك الأوطان من الاستعمار من جهة والعمل الشاق على تكوين هيئات ونقابات ومكونات تناسب الظروف المحلية من أجل تنظيم الجسد العمالي ودفعه للمطالبة بحقوقه النقابية وجعله نافعا لمحيطه، بين هذا وذاك تنتقل بنا السلسلة الجديدة في تتبع تاريخي وسياسي واجتماعي لظاهرة العمال التي ارتبطت أساسا بالعالم الحديث بعد عصر النهضة.