حوار مع المنتج المغربي محمد واكلو
Published On 19/5/2014
حاورته في الرباط : زبيدة الخواتري
محمد واكلو هو مدي إنتاج لمجموعة من الشركات المغربية والأجنبية المهتمة بالإنتاج السينمائي والتلفزيوني ، لها مسيرة طويلة في المجال بدأها عبر الفن الدرامي حيث شارك في أعمال فنية مع الممثل المغربي الطيب الصديقي وأيضا المخرج الأمريكي مارتن سكورزي ، وشارك مؤخرا في انتاج الفيلم الوثائقي باريس دكار ، تدرج طيلة مسيرته عبر مجموعة من الرتب في مجال الانتاج السمعي البصري فعمل في بدايته في المحافظة والتوثيق والكاستينغ وغير ذلك الى أن أصبح دليل كثير من المخرجين العالميين الراغبين في اكتشاف المغرب من شماله لحدود أطراف صحرائه وصولا الى موريتانيا في تجربة تمزج بين متعة الاكتشاف سحر الطبيعة وقوة المغامرة

واكلو ممثلا
تدرجت عبر عدة مهام في مجال الإنتاج السمعي البصري ولعل أهمها هو التمثيل لكن ما هو السبب الذي جعلك تهتم بالإنتاج ولا تقتصر فقط على التمثيل الذي بدأت فيه خاصة وأنك شاركت في أفلام مهمة وتحت ادارة مخرجين عالميين؟
كانت بداياتي الأولى مع الأستاذ الطيب الصديقي وحين يذكر هذا الاسم بدون شك يتبادر للذهن المسرح الذي يعد بمثابة القاعدة المركزية للفن الدرامي وأتذكر أنني وقتها حفظت حوالي 380 بيتا شعريا للمشاركة في عمل أقيم بمناسبة ألفية ابن زيدون ، وبعد ذلك شاركت في أفلام أجنبية ايطالية وأمريكية لكن التمثيل برأيي وخاصة في تلك الفترة كان مناساباتيا فالمسرحيات مثلا كانت تعرض بمناسبة الاحتفاء بعيد العرش أو أعياد أخرى لذلك فاختيار الاعتماد على التمثيل كمهنة لم يكن صائبا لأنه ببساطة “لايفتح بيتا” لذلك كان يجب التفكير في حلول أخرى موازية وهكذا عملت في الكاستينغ والديكور وعدة مهام مما منحني خبرة وتجربة طويلة أهلتني لأكون مستشارا في مجال الانتاج .
يعد المغرب قبلة سياحية بامتياز تجذب عدسة أي كاميرا للتصوير فيها لأنها تتوفر على عدة خصائص للجدب السياحي أهمها الغنى والتنوع واتساع الفضاءات وهو ما جعل ورزازات مثلا محطة مهمة لتصوير أفلام ضخمة حازت جوائز أوسكار عالمية فما هي الأعمال التي شاركت في انتاجها ؟
شاركت في عدة أعمال صورت بالمغرب منها أفلام حول الأنبياء وهي سلسلة من انتاج شركة ايطالية تحكي عن أنبياء كسيدنا ابراهيم ويوسف ، وأيضا فيلم حول السيدة مريم العذراء تعاملت كذلك مع المخرج العالمي” مارتن سكورسيزي ” .
وأيضا مع الفكاهي المغربي جمال الدبوز والمخرج نبيل عيوش ، وكان لدي أيضا اهتمام بالانتاج التلفزيوني من خلال السلسلة التلفزيونية الفرقة.
أصبحت المهرجانات العربية وحتى الدولية والوطنية التي تقام في المغرب في السنوات الأخيرة تخصص حصصا لعرض أفلام وثائقية والتباري حولها وهي فرصة لتشجيع هذا النوع الذي يصور أيضا في المغرب فماذا عن مشاركتك في الأعمال الوثائقية وما هي القيمة المضافة التي يمكن أن يحملها هذا الصنف ؟
شاركت في فيلم وثائقي أجنبي اسمه باريس دكار باريس وكما يدل على ذلك عنوانه فهو عبارة عن تتبع مسار الوصول من باريس الى دكار وطريق الوصول في المغرب انطلق من الناظور في اتجاه موريتانيا ومعلوم أن الطبيعة الصحراوية ستميز كثير من نقط العبور وبالتالي فضاءات التصوير الذي احتلت الصحراء فيه حصة الأسد وينطلق هذا الفيلم للبحث عن أي شيء يمكن أن يلفت الانتباه في هذا الطريق كأنواع الدقيق السبعة والخبز كذلك والتي لا يشبه بعضها بعضا ، وعلى العموم فهو عمل يستحق المتابعة وفيه أشياء لم يسبق استغلالها من قبل وقد كنت في هذا العمل بمثابة الدليل الذي يعرف القيمين على هذا الوثائقي بالأماكن التي يمكن التصوير فيها والمواضيع التي يمكن التطرق اليها لأنها تستحق الاكتشاف في رحلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر أيضا.

يسارا في احد المناشط
هل ترى أن الفيلم الوثائقي في المغرب أخذ حقه ونصيبه من النجاح و ما الذي قد يعيق وصوله وانتشاره؟
يمثل الفيلم الوثائقي مظهرا من مظاهر تلاقح الأفكار وتجربة فريدة ومفيدة ومن أهم الأعمال التي تنتج حاليا بتطوان فيلم حول “الحراكة ” يرصد تفاصيل حول معاناة المهاجرين السريين مغاربة وأفارقة قادمين من ربوع المعمور بهموم وآلام وآمال قد تنجح في العبور للضفة الأخرى وبالتالي النجاة وقد تسقط في مياه البحر أو تنقض عليها يد العدالة ويكون مآلها السجن أو الترحيل وأعطيك هذا النموذج فقط كمثال لمعرفة المخاطر التي يمكن أن يلقاها العاكف على إنجاز وثائقي فهو يجب أن يكشف التفاصيل التي قد لايقف عندها الناس وترصد عدسة كاميراته كل ملامح الحزن أو السعادة وتجعل المشاهد يحلق في عالم لايمكن أن يكتشفه بمفرده وحتى إن اكتشفه قد لا تكون الصورة ذاتها لأن البصمة التي يتركها الوثائقي قد تصل حد المغامرة في بعض الأحيان لكن في المغرب يوجد غياب للمصادر المالية لإنتاج هذا النوع من الأفلام التي تبقى قليلة لأن إنتاجه في حد ذاته يعتبر مغامرة خاصة من حيث التصوير إذا صور في أماكن كالصحراء والأدغال والغابات لأنه يتطلب استعدادا وطاقة بدنية وأيضا حسن التوزيع .
ما هي أسس إنجاز فيلم وثائقي في المغرب؟
أولا إيجاد سيناريو مناسب والبحث عن ممولين ولكن قبل ذلك يجب وضع دراسة لميزانية هذا المشروع وبالتالي الوقوف على كل تكاليف الإنتاج واجتناب كل العوائق التي قد تؤدي للإخفاق وكلها مرتبطة بمدى خبرة المنتج بدءا باختيار مكان التصوير، والموسيقى والديكور.
هل يمكن لشركات الإنتاج المغربية بإمكاناتها الحالية إنجاز أعمال وثائقية يمكن أن تنافس وتحوز جوائز أم أن هيمنة أعمال تجارية قد تعوق هذا الأمر؟
هناك شركات ماهرة تعرف أن منتجها لن يرفض لأن خبرتها واسعة ويمكن أن يظهر ذلك حتى على مستوى الصورة والديكور وقد لا تبقى أسيرة وجود دعم أو غيابه لأن مصادرها المالية كافية للإنتاج ولأن هناك أيضا احتراما للفنان ووظائفه وكذلك الوظائف الأخرى كالديكور وكل ما يتطلبه إنجاز هذا الديكور الذي يجب أن يعبر عن الهوية المغربية وهو أمر يجب الانتباه إليه جيدا ، وكذلك احترام ��لحوار لأنه الأساس والاختصاص في هذا الإطار هو أمر ضروري .

جمال الدبوز
العمل الوثائقي هو توثيق لتاريخ أي بلد وتعبير عن أصالته وهويته لكن هذه الصورة لم تتوضح بالشكل المطلوب على مستوى الإنتاج الوطني ، بالمقابل هناك إنتاجات أجنبية صورت في المغرب وحول مواضيع مختلفة استطاعت أن تحقق نجاحا فأين يكمن الخلل ؟
أعتقد أن أي عمل سينمائي سواء شريط روائي أو فيلم تسجيلي يحتاج لمقومات لا يمكن أن يستقيم دونها واختصارا سأربطها بالجانب المالي فوحدها الدقة في تحديد الميزانية المناسبة تقود لعدم المفاجأة فالتجهيز المسبق يجب أن يسبق الانجاز بمدة طويلة ففي الأعمال الأجنبية التي تصور في المغرب يكون هناك عدة دراسات لما سيتم عمله ويتم الوقوف أيضا عند كل التفاصيل من حيث اختيار الممثلين والديكور والأكسسوار والاستعانة بذوي الخبرة لجمع المعلومات الكافية قبل أن يبدأ التصوير في مرحلة لاحقة وكل المراحل موزعة بشكل مناسب وحتى الأدوار فكل مهمة ولو بسيطة تستدعي من يشرف عليها وتتطلب من المشرف على فريق العمل أن يتعامل مع هذا الأخير بشكل جيد حتى يكون المردود أفضل ، لكن المشكلة في الأفلام الوطنية هي سوء توزيع الأدوار فتجد المخرج هو نفسه الممثل والذي يقوم بالكاستينغ والمنتج في الآن ذاته طلبا للتوفير لكنهم لا يضعون في عين الاعتبار أهمية تحديد الوظائف وبالتالي فحتى اختيار الديكور قد يصور في ممتلكاته الخاصة من منزل وسيارة أو ما شابه وحتى اختيار الأسماء اللامعة أو المهنية التي يفترض وجودها أداء راتبا أعلى قد يتم التغاضي عنها وهو باختصار ما يؤكد فرضيات وجود شركات للإنتاج السينمائي لم تلج المجال حبا بالفن ولكن طلبا للربح المادي والنتيجة واضحة حين المقارنة بين الإنتاج المحلي والعالمي وهي لا قياس مع وجود الفارق.