مهرجان الدار البيضاء.. حضر النجوم وغابت السينما
زبيدة الخواتري
تم بمدينة الدار البيضاء المغربية تنظيم الدورة التاسعة لمهرجان الفيلم القصير والوثائقي وذلك من 14الى19يونيو، وقد عرف هذا المهرجان تكريم كل من الفنانة المصرية داليا البحيري والفنانة سمية الخشاب و المخرج المغربي داوود أولاد السيد والفنان المصري حسن مصطفى..

وقد تميز برنامج هذا الملتقى السينمائي الدولي، لهذه الدورة، بعقد لقاءات ما بين مدينتي الدار البيضاء والمحمدية، عبر قافلة سينمائية بالإضافة إلى ورشات تكوينية في مجال تقنيات السمعي البصري وندوات وعروض فنية مختلفة… إلا ان ما ميز هذا المهرجان هو الحضور الضعيف الذي تمثل في الكراسي الفارغة التي اكتسحت كل العروض باستثناء يوم الافتتاح، برغم قيمة الأعمال المعروضة في هذه الدورة والحضور اللافت لبعض الفنانين المصريين… وقد خلف هذا الوضع استياء في صفوف من حضر، وقد فسر هذا العزوف على أن دورات هذا المهرجان بدأت تفقد بريقها مما يطرح عدة علامات استفهام من بينها: هل المشكل يكمن في التغطية الإعلامية أو الإشهارية لهذا الملتقى السينمائي أم أن الأمر يعود الى غياب استراتيجية واضحة لدى الجهات المنظمة؟؟ لكن أيقونة هذا اللقاء تمثلت في فكرة إدراج الدبلوماسية الموازية، بهذه الدورة، إسهاما من المنظمين في خدمة القضايا الوطنية… لكن ما أثار حفيظة البعض هو غياب ذوي الاختصاص، بل هناك من أطر بعض الندوات التي لا تدخل ضمن تخصصه مما خلق نوعا من الخلط داخل القاعة، وفي هذا السياق وبالرغم من أن الفيلم الوثائقي والأفلام القصيرة كانت حاضرة إلا أن ما كان جليا هو مقاطعة المتتبع والناقد السينمائي لمثل هذه المهرجانات التي تفتقد إلى رؤية متبصرة واستراتيجية عمل حكيمة تزيد من إنعاش الحقل السينمائي المغربي مقارنة بالمهرجانات السينمائية الأخرى التي سار بعضها في طريق الإشعاع واشتغل بطريقة أكاديمية محضة بعيدا عن الارتجال التنظيمي، مما مكنها من مراكمة رصيد ذي مصداقية ساهم في نجاحها سنة بعد سنة. لكن ما أصبح ملاحظا هو هذا التناسل لمهرجانات سينمائية تفتقد إلى الحس الاحترافي وتعتمد الهواية تنظيما وعروضا، وهي ممارسات وإن بدا ظاهريا مساهمتها في خلق نوع من الحراك الثقافي في المشهد السينمائي المغربي بكل أصنافه، إلا أن الأمر أصبح لا يطاق أمام تنامي ظاهرة عمقها الاستنساخ وعنوانها قاعات بكراس فارغة. طبعا هذا لن يحجب النجاحات التي تحققها مهرجانات أخرى يحج إليها العديد من المتتبعين والمهتمين بالحقل السينمائي وتعرف انتعاشا مهما بسبب قيمة أعمالها المعروضة أو طريقة تنظيمها المحترفة البعيدة عن الارتجال.

وقد اعتبر البعض أن ظاهرة استنساخ المهرجانات، من هذا النوع، وتفريخها لا يعدو أن يكون موجة صرع انتابت هذا المشهد، خصوصا وأن البعض يهيمن على هذا القطاع ولا يترك المجال لمهرجانات أخرى تشق طريقها بجدية ووعي باتجاه التألق والنجاح… إن ما يجب التنبيه إليه هو ميل الوضع، في المغرب، باتجاه كارثي لأن هناك أموالا كثيرة تنفق على بعض المهرجانات التي لا تحقق الأهداف المرجوة في إنعاش الحقل السينمائي، وإن كان المثل العربي يقرّ” بأن أهل مكة أدرى بشعابها”، إلا أن واقع الحال يقول بأن هذه الشعاب أصبح يدخلها كل من هب ودب محاولا رسم خريطة طريق لأهدافه البعيدة عن السينما، سلوك تطبعه الهواية في سماء نجوم آفلة وأمام كراس عامرة بالفراغ… السؤال الذي أصبح يطرح نفسه بحدة هو متى يخرج المشهد السينمائي المغربي من هذا الشرود ويأخذ مساره الصحيح لأجل عالمية السينما وعالمها؟
إن المراقب والمتتبع المختص لا بد وأن يخرج بقناعة مفادها أن بعض الانتهازيين ممن لهم أهداف مقيتة يتربصون بهذا المجال وغيره من مجالات الفن والثقافة لأجل خدمة أجندات بعيدة عن نجوم الفن السابع باتجاه خدمة نجوم المجال السياسي مما أثر على مردودية العديد من مثل هذه المهرجانات حيث وفي الأغلب تنعدم الجودة والمهنية في الاشتغال فتضيع الفرجة ويعم الارتجال وتسود ثقافة صاحبي صاحب صاحبي كل هذا أثر على السينما ونزل بها إلى حضيض الأهداف الذاتية والسياسوية الرخيصة، في وقت كان من الأجدر بالمتعاطين مع هذا المجال استغلال هذا الحراك الثقافي والسينمائي المغربي بالإيجاب، لقطع الطريق على كل متطفل يركب على تعب المبدعين لأهداف بعيدة عن مصالح البلد السينمائية والثقافية.