لقاءات “بجاية” السينمائية رؤية جديدة للواقع

ضاوية خليفة – الجزائر

حَالَ حرق دار الثقافة لولاية بجاية شهر أبريل المنصرم دون تنظيم الدورة 12 للقاءات بجاية السينمائية في أجالها المحددة والمعتادة (31 مايو – 06 يونيو)، الأمر الذي جعل المنظمين “جمعية بروجيكتور” تختار تاريخ أخر لها (07 – 13 ايلول)، بعدما كان يتردد أن التظاهرة السينمائية التي تخطت عامها العاشر وبدأت تكسب سمعة جيدة تعاني الأمرين وتواجه مستقبل غامض نوعا ما، فبعد الدعم المحتشم الذي كانت تقدمه الوزارة الوصية -وزارة الثقافة- قطعت هذه الأخيرة في وقت غير بعيد أيام الوزيرة السابقة “خليدة تومي” دعمها المادي لسنتين متتاليتين عنها متجاهلة الطلبات التي كان يتقدم بها المنظمون في كل مرة دون تقديم أي تفسير، غير أن الأمور سرعان ما تغيرت بقدوم وتعيين ابنة القطاع المنتجة والمخرجة “نادية لعبيدي” على رأس الوزارة، حيث قدمت هذه السنة غلافا

ملصق الدورة

ماليا وصل تقريبا إلى 3500 يورو أي ما يعادل 380 مليون دينار جزائري، وبدورها دعمت سفارة فرنسا بالجزائر التظاهرة بمليون دينار جزائري، بينما وضع بعض الشركاء والمؤسسات الثقافية قاعاتها وعتادها تحت تصرف المنظمين، هذه التفاصيل وأخرى كان قد كشف عنها مدير الجمعية واللقاءات السينمائية “عبد النور حوشيش” في ندوة صحفية عقدها بالعاصمة قبيل انطلاق الدورة ال12.

سينما اللقاءات تتعمق في التساؤل وتثير النقاش البناء

لم يكن هدف القائمين على جمعية “بروجكتور” إعطاء اللقاءات السينمائية لبجاية منذ تأسيسها سنة 2003 طابعا تنافسيا أو جعلها مهرجانا دوليا بل أرادوا من خلال هذه الفعالية السينمائية التي تضاف إلى نشاطات الجمعية السنوية منحها بصمة خاصة وتثمين العمل الذي تقوم به العديد من المؤسسات الثقافية والجهود المبذولة من طرف المهرجانات السينمائية المقامة بالجزائر وحتى تكون مستقبلا أرضية صلبة وفعالة قائمة على مبدأ احترام الرؤية السينمائية التي تدافع عنها الجمعية كخط افتتاحي تبنته منذ التأسيس وتسير عليه في كل نشاطاتها، وبشكل خاص اللقاءات التي تعتمد في الأساس على أعمال تطرح وتبنى مواضيعها على مجموعة من التساؤلات بهدف فتح نقاش جاد ومثمر بين المهنيين والسينمائيين والجمهور الذي يجد نفسه في احتكاك مباشر مع أهل الاختصاص وبذا تكون الصورة أكثر قربا ووضوحا له، يقول عبد النور حوشيش: “لكل هذه الأسباب المذكورة نكتفي بعرض الأفلام ونمنح الجمهور الجزائري فرصة متابعتها في هذا الإطار، وميزة اللقاءات أيضا هو أنها تفتح نقاشات متواصلة دون أية حواجز أو ضوابط، فلقاءات بجاية السينمائية ليست مهرجانا يحتفي بالنجوم بل بالسينما لا أكثر ولا أقل، مع إعطاء اهتمام خاص وحيز كبير للهواة والطلبة الذين لديهم ميولات تجاه سابع الفنون، ومن هنا يبدأ الاستثمار في هذه الطاقات التي يحب أن تحض بالمتابعة والاهتمام، ولهذا الغرض أردنا أن يكون الافتتاح بفيلم قصير أنجزه مجموعة من الطلاب ومدته عشر دقائق، طبعا إلى جانب فيلم “الوهراني” للجزائري “الياس سالم”.

جنسية العمل هي قيمته الفنية وحالته السينمائية

مدير الأيام السينمائية لبجاية عبد النور حوشيش

يرى “عبد النور حوشيش” أن السينما التي تدافع عنها الجمعية وتقدمها لقاءات بجاية السينمائية تعكس رؤيتهم للواقع ولبعض المواضيع التي يجب على الأخر احترامها، معتبرا أن اختيار الأفلام المشاركة لا يقاس بجنسية المخرج أو بالبلد المنتج للعمل ولا يضع ذلك ضمن الأولويات فلا فرق بين هذا الفيلم وذاك إلا بقيمته السينمائية، الإنسانية والفنية وكذا الانطباع الذي يتركه لدى المتلقي، يضيف :”منذ أسننا الجمعية ومن أول دورة للتظاهرة هدفنا هو أن يكون للسينما محلية كانت أم عالمية موعد سنوي ببجاية يلتقي فيه الإبداع، يرى هذا أفلام الأخر ليحدد موقعه في الخارطة السينمائية ويقيم مستواه، ونناقش أفكارنا ونبحث فرص تعاون مشترك بين المخرجين والمنتجين الحاضرين، وكذا السماح لأكبر عدد ممكن من الجمهور من متابعة هذه العروض التي قد لا تحض بعرض ثاني خاصة وأن مشكل قاعات السينما لا يزال قائم إلى غاية يومنا هذا، يقول حوشيش “لو كانت ببحاية مثلا صالات أخرى للعرض لضاعفنا عدد الأفلام حتى تعم الفائدة على الجميع ونساهم في تكوين بل تلقين المتفرج ثقافة سينمائية نقدية” وهو الجانب نعمل عليه والهدف الذي نسعى لبلوغه من خلال الأنشطة السنوية التي نقوم بها في نادي السينما الذي ننظمه مرتين في الشهر أو باقي الأنشطة”.
وبالعودة إلى رزنامة الدورة 12 من لقاءات بجاية السينمائية نجد أن الفيلم الوثائقي سيكون له حضور قوي ب: “الواد يا الواد” لعبد النور زحزاح، “رام الله” لفلافي بيناتال، “السيدة فرنسا” لسامية شالة، “الكترو شعبي” لهند مداب وأعمال أخرى، وتجدر الإشارة هنا إلى أن لجنة اختيار الأفلام انتقت هذا العام 36 عملا في الأصناف الثلاث من مجموع 165، وللسنة السابعة على التوالي تستمر اللقاءات في تنظيم ورشة “كتابة السيناريو” و”الفيلم القصير” التي تتخذ هذا العام طابعا مغاربيا، بينما سترصد إحدى الندوات نظرة السينمائي والمخرج للسينما والمجتمع، أما بالنسبة لملصق هذه الطبعة فقد جاء بالأبيض والأسود وبلمسة أثنوية جمعت في ملامحها وشكلها بين القوة، الرقص والصراع لضمان البقاء والاستمرارية، وربما تعكس هذه الرغبة في الاستقرار والاستمرار ما مرت به هذه التظاهرة منذ تأسيسها وما تريده أو تسعى إليه الجمعية التي تجاوزت وعلى فترات متقطعة الكثير من المشاكل والعراقيل لتحقيق أقصى قدر ممكن من الأهداف والمبادئ.


إعلان