الرئيس الروسي والبطولات الأولمبية المزيفة
عدنان حسين أحمد

يجمع فيلم”إيكاروس” للمُخرج الأميركي براين فوغل بين التوثيق، والرياضة الأولمبية، والإثارة، وربما يذهب أبعد من ذلك إذا ما ركّزنا على الجانب الاستقصائي الذي يتمحور على استعمال المنشّطات في الألعاب الأولمبية من قِبل الرياضيين الروس وحصولهم على الميداليات الذهبية بالغش، والتآمر، والخداع الذي يمتد منذ أواسط الثمانينات من القرن الماضي وحتى الوقت الراهن. ومن دواعي الإثارة في هذا الفيلم الوثائقي هو كَشْفهُ للحلقة الضيّقة التي تتبنى هذا البرنامج وترعاه بدءًا من غريغوري رودتشينكوف، المدير السابق لمختبر لمكافحة المنشطّات في موسكو، مرورًا بيوري ناغورنوخ، وكيل وزير الرياضة، وفيتالي موتكو، وزير الرياضة، وانتهاءً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين من دون أن ننسى الحضور الغامض لبعض شخصيات الـ FSB،أي جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، الذي كان يُعرَف سابقًا بالـ KGB.
لم يشأ فوغل أن يزجّ المشاهدين في قلب الحدث مباشرة وإنما تعمّد التمهيد التدريجي له فقدّم نفسه بوصفه هاويًا لسباق الدراجات الهوائية. وبما أنه موقن تمامًا بأن بعض الرياضيين في مختلف أرجاء العالم يتعاطون المنشّطات لمضاعفة قوّتهم، وتحسين أدائهم، وخاصة بعد أن تكشّفت للملأ قصة لانس آرمسترونغ الذي ثبت بالدليل القاطع تعاطيه للمنشّطات وقد تمّ سحب سبعة ألقاب منه لأنه خدع مشاهديه ومحبّيه وادعى لنفسه بطولة زائفة تطعن في صميم ميثاق الشرف الرياضي، فإنه من الممكن جدًا أن يتعاطى هو الآخر المنشّطات ويجتاز الاختبارات المشدّدة إن توفرت له نفس الظروف التي أُتيحت لأقرانه من قبل.
يرصد القسم الأول من الفيلم براين فوغل بعد أن تعرّف بواسطة السكايب على غريغوري رودتشينكوف الذي بدأ يرشده على كيفية زرق نفسه بالمنشّطات، وحفظ الإدرار في عبوات محكمة الإغلاق في الثلاجة كي يتسنى له فحصها، ومراقبة التطور الذي يطرأ هذا المتسابق الهاوي الذي يريد أن يفوز في سباق الدراجات الهوائية التي تجري في بعض المدن الأوروبية. ولكي لا تأخذنا شخصية فوغل إلى ولعها العميق بسباق الدراجات نقول إن قوته قد تضاعفت بعد تناول المنشّطات عشرين مرة عمّا كانت عليه قبل التعاطي لكنه لم يفز بأي ميدالية لأنه جاء ضمن المجموعة التي أعقبت العشرة الأوائل. ومن خلال التواصل المستمر بمدير المختبر الروسي غريغوري رودتشينكوف تنشأ بينهما علاقة إنسانية حميمة سوف يضطر فوغل لأن يسافر إلى روسيا، ويتعرّف على محتويات المختبر في موسكو، والأهمّ من ذلك كله سوف يغوص عميقًا في شخصية رودتشينكوف، ويسترجعها في فيلمه عبر الاستعادات الذهنية التي تكشف لنا حقيقة هذا الإنسان الذي يتحرك في المساحة الرمادية بين الصمت وكشف المحجوب، وبين حُب الوطن والمروق على ثوابته وأعرافه المتّبعة لكنه يُنهي الصراع في خاتمة المطاف، وينتصر للحقيقة التي تُعّري طبيعة النظام الاستبدادي المراوغ الذي يؤمن بنظرية المؤمراة ولا يجد ضيرًا في تطبيقها كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

يُعيدنا فوغل إلى ماضي رودتشينكوف لنكتشف أنه درس الكيمياء بجامعة موسكو، وأحبّ الرياضة، ومراقبة المنشطات، وعمل منذ عام 1985 في أهمّ المختبرات في العالم، وحينما بدأ بعض القائمين على مختبر موسكو باقتراف أخطاء كثيرة قال المسؤولون بأنهم بحاجة ماسة إلى مدير جديد ويجب أن يكون مُجازًا من “وادا”، الوكالة العالمية لمكافحة المنشّطات، فوقع الاختيار عليه على الرغم من أن تاريخه الصحي ليس جيدًا، فقد حاول الانتحار ذات مرة حيث طعن قلبه بسكين حادة ثم أُدخل إلى سجنٍ في قسم الأمراض النفسية، وتعرّض للتعذيب الجسدي لكن بوتين أخرجه كي يكفّر عن ذنوبه ومع ذلك فقد قرّر الانشقاق عن الدولة واللجوء إلى أميركا.
لم تكن فكرة الارتداد غريبة عن رودتشينكوف، ففي ثمانينات القرن الماضي كان كتاب 1984 للروائي الأميركي جورج أورويل ممنوعًا في الاتحاد السوفيتي ولكنه استطاع أن يقرأه عام 1989 وقد سبّب له صدمة كبيرة لأنه لم يعتدْ على قراءة مثل هذه الأفكار الجريئة والغريبة في آنٍ معًا من قبيل “الحرب سلم، والحرية عبودية، والجهل قوة” وقد اعتبر في حينه أن عبارة “الجهل قوة” هي أقوى فكرة تطرقُ سمعه. لقد حاول رودتشينكوف أن يطبِّق هذه الأفكار في حياته العملية وأن يتخذ منها خارطة طريق تهديه في حياته المليئة بالصعوبات.
وبما أنه قرر الانشقاق عن الحكومة التي كان جزءًا منها وخاصة بعد أن سرّب المعلومات إلى وزارة العدل الأميركية وصحيفة “النيويورك تايمز” فقد أصبحت حياته في خطر حتى في الولايات المتحدة الأميركية نفسها وعلى الجهات الأمنية أن تجد له ملاذًا يحميه من المواطنين الروس الذين يقيمون في أميركا أو يعملون لمصلحة النظام الروسي.

يتعالق هذا الفيلم مع فيلم وثائقي آخر لم يُذكر اسمه لكنهم اكتفوا بالإشارة إلى قناة “أي آر دي” التلفزيونية الألمانية التي عرضتهُ قبل سنة، وقد اشتمل على مزاعم بتعاطي المنشطات من قِبل بعض الرياضيين الأولمبيين الروس، كما تبيّن أن أكثر من 1400 اختبار للإدرار قد تمّ إتلافها على يد رودتشينكوف فلا غرابة أن تطالب الوكالة العالمية لمكافحة المنشّطات بإزاحة مدير المختبر عن منصبه، وتعليق عضوية الاتحاد الروسي، ومنعهم من المشاركة في بعض المسابقات الأولمبية العالمية وخاصة في ألعاب القوى، والساحة والميدان إلى أن يثبوا العكس أو تتبرأ ساحتهم كليًا. وكالعادة فقد نفى وزير الرياضة، ووكيله، والزعيم بوتين هذه المزاعم وفنّدوها جملة وتفصيلاً ولم يعترفوا بتبني هذه السياسة من قِبل الدولة، بل أن بوتين نفسه قد صرّح على الملأ قائلاً: “أحث وزير الرياضة، وزملائي الرياضيين على إعطاء الأولوية للأحداث المتعلقة بفريق الساحة والميدان. وأن نجري تحقيقنا الداخلي الخاص بنا، وينبغي أن تكون الرياضة عادلة، وأن تكون المسؤولية شخصية ومُطلقة”.
يعتمد نجاح الأفلام الوثائقية على كمية المعلومات المهمة التي يحصل عليها المُخرج ويزجّها في فيلمه. وبما أن رودتشينكوف هو الشخص الوحيد المتاح أمام براين فوغل فقد لجأ إلى استنطاقه بعد أن بيّن له كيفية الاندماج في المجتمع الأميركي عبر ثلاثية “التعلّم، والفهم، والقبول” واشترط عليه أن تكون الإجابة بنعم أو لا كي يقدِّم للمُشاهد أكبر قدر ممكن من المعلومات اليقينية التي لا يرقى إليها الشك.
لنمعن النظر في أسئلة فوغل الذكية والمكثفة التي تصيب هدفها مباشرة من دون لفّ أو دوران: “هل تمتلك روسيا نظام منشّطات تديره الدولة للغش في الأولمبياد؟ “نعم”. هل كنت العقل المدبر لهذه العملية على مستوى البلاد؟ “نعم”. فازت روسيا بإجمالي 73 ميدالية في أولمبياد بكين عام 2008. كم رياضيًا من الذين فازوا كانوا يتعاطون المنشّطات والعقاقير؟ “30”. فازت روسيا بإجمالي بإجمالي 81 ميدالية في لندن، كم واحدًا من هؤلاء الرياضيين كان يتعاطى المنشطات؟ “50”. هل كان بوتين على علم بوجود برنامج روسي لتعاطي المنشطات؟ “نعم”. متى تمّ أول تحقيق جنائي معك، وماذا جرى فيه؟ هنا يكسر رودتشينكوف القاعدة ليجيب بالتفصيل عمّا جرى في أول تحقيق معه وما تلاه من استجوابات حيث قال إن الصين كانت أكبر مُنتج للستيرويد الابتنائي في منشآت صناعية مجهزة بشكل جيد، وكان بجودة عالية، وخاليًا من الشوائب، وهو نفس الستيرويد الذي يأتي إلى أوروبا وأميركا. أما في روسيا فقد كان هناك ثلاثة أو أربعة أطباء مختصين بالمنشطّات ولكنه لم يذكر منهم سوى بورتوغالوف الذي كان يزوّد الفريق الوطني بالسيترويد الابتنائي وقد حقق نجاحًا كبيرًا في حقبة الاتحاد السوفياتي السابق، لكن المشكلة الحقيقية بدأت عام 2008 حينما جاء جاك روغ، رئيس اللجنة الأولمبية الذي خاطب الحكومة الصينية قائلاً: “أنتم دولة أولمبية لكنكم تنتجون السيترويد الابتنائي بكميات كبيرة، وعليكم أن تتوقفوا” فتوقفوا فعلاً.

أما في روسيا فقد كنا نشتري عقار الـ “ستانوزولول” وهو نوعية جيدة لكنه كان يحتوي على شوائب الأمر الذي يجعلها قابلة للاكتشاف. وهنا يأتي دور رودتشينكوف الذي ابتكر اختبار المستقبلات الطويلة الأمد التي وسّعت هامش الكشف من أسبوعين أو ثلاثة إلى 6 أشهر. ثم تقع حادثة الانتحار التي أشرنا إليها سلفًا، واعتقاله في مستشفى الأمراض النفسية، وإجباره على تناول أدوية خطيرة مخصصة لأعتى المجرمين فاقمت من اضطرابته النفسية، وجعلته يعيش في واقع افتراضي مُتخيل لكن الدعوة التي تلقاها من اللجنة الأولمبية هي التي أنقذته من محنته حيث أصرّت الجهة الداعية أنها لا ترى مرشحًا آخر في روسيا سوى رودتشينكوف فأدرك الوزير موتكو الأمر وأخبر روتشينكوف بأن التُهم قد أُسقطت عنه بأمر من الزعيم فلاديمير بوتين نفسه.
لم ينجُ رودتشينكوف من التحقيقات المتواصلة حتى في أميركا البلد المضيّف له فثمة شخصيات مهمة تتعرض للاغتيالات في روسيا ولابد أن تكون الـ FSB ضالعة فيها فنيكيتا كاماييف لم يمت بالسكتة القلبية كما زعم الروس لأنه لم يكن يعاني من مشاكل في القلب طوال حياته ومن المرجح جدًا أنه أُغتيل في عملية مُدبرة.
تتمحور المرحلة الثانية من الاندماج وهي مرحلة “الفهم” على حوادث كثيرة ساهمت في إحكام بنية الفيلم خاصة بعد أن أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية عن سوتشي بوصفها المدينة المضيفة للدورة الثانية والعشرين من الألعاب الشتوية الأولمبية لعام 2014، وهذاالحلم الكبير سوف يوحّد الملايين من مواطني روسيا وعليهم أن يحققوا أفضل النتائج كما ذهب بوتين ومع ذلك فقد استعمل الرياضيون الروس المنشطات من جديد بعد أن استبدلوا عبوات الإدرار الملوث بأخرى نظيفة كما دأبوا في السنوات السابقة حتى أنّ ميدالية ذهبية قد أسندت إلى ألكسندر زوبوكوف وهو الرجل الأكبر سنا في سباق العربات لأربعة رجال! ثم تبين أن عدد عناصر الـ FSB الذين كانوا يعملون في دورة سوتشي هم 100 عنصرًا مخابراتيًا. ونتيجة لهذا المستوى العالي من الغش لم تستطع “وادا” أن تمسك بالرياضيين الروس الذين يتعاطون المنشّطات والعقاقير الطبية المُحسِّنة للأداء. وبفضل هذا التعاون بين الأطباء ورجال الأمن تمكنت روسيا من الفوز بـ 13 ميدالية ذهبية من إجمالي 33 ميدالية.
يتضمن هذا الفيلم الوثائقي خليطًا من الأجناس السينمائية، ففضلاً عن الرياضة، والتشويق، هناك سينما الطريق خاصة في المشاهد الطويلة لسباقا الدراجات في عدة مدن فرنسية وسويسرية حيث يتمتع المشاهد برؤية الطبيعة بجبالها الشاهقة، ومناظرها الخلابة الآسرة، كما يوفر الفيلم مشاهد حربية ساهمت في تنويع إيقاع الفيلم، فرودتشينكوف يعتقد أن حصول روسيا على هذا العدد الكبير من الميداليات شجع بوتين على شنّ الحرب على أوكرايينا، ولولا هذه الميداليات الذهبية لما كان الزعيم الروسي عدائيًا لهذه الدرجة.

يسلط الفيلم بعض الضوء على عائلة رودتشينكوف وشقيقته التي امتنعت عن الإدلاء بأي رأي، بينما كان الروس قلقين بشأن مشاركتهم في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في ريو دي جانيرو في البرازيل.
لا تقتصر التهم على الرياضيين الروس في دورات بكين وسوتشي وما سبقهما من ألعاب أولمبية بل تمتد إلى دورة لندن ورويو دي جانيرو وسواها من الدورات المعروفة. ورغم أن اللجان التي شكلت للتأكد من التهم المسندة إلى الروس قد توصلت إلى نتائج دامغة تؤكد على وجود خدوش داخل أغطية عيّنات الإدرار إلا أن الروس رفضوا هذه المزاعم جملة وتفصيلا.
رغم الأدلة الجنائية الكثيرة التي تشير بشكل قاطع إلى وجود غش وفساد وتآمر ترعاه الدولة إلا أن اللجنة الأولمبية الدولية رفضت توصيات “وادا” ولم تستجب إلى فرض حظر شامل على الاتحاد الرياضي الروسي الأمر الذي جعل المسؤولين على مكافحة المنشّطات يتميزون غيظًا على هذا الإجراء الذي يتيح لـ 291 رياضيًا روسيًا من أصل 389 رياضيًا أن يشتركوا في المنافسات.أما الرئيس بوتين فقد رأيناه غير مرة وهو ينكر هذه التهم ويتنصل منها بيقين ثابت نافيًا أن يكون لروسيا أي برنامج لتعاطي المنشطات، والغريب أنه ادعى بأنه لا يعرف حتى اسم مدير المختبر الذي انشقّ عن بلده. وعودة على شخصية رودتشينكوف المزدوجة التي تجمع بين الفكرة ونقيضها في آنٍ واحد فهو يكافح المنشطات بوصفه مديرًا للمختبر، ويعطي المنشطات للرياضيين الروس بوصفه عالمًا كيميائيًا مختصًا وكان يردّد دائمًا: “أن حريتي كانت عبوديتي دائمًا”.
وفي الوقت الذي كانت تقوم به الأجهزة الأمنية بالتحقيق مع زوجته وابنته وشقيقته، وتفتيش منازلهم، ومصادرة جوازات سفرهم، كان غريغوري رودتشينكوف يقبع في مكان مجهول تحت الحماية الأميركية وكأن حريته قد تحولت إلى نوع آخر من العبودية. وحينما ينتهي هذا الفيلم الاستقصائي نفهم أن بوتين قام بترقية فيتالي موتكو إلى منصب نائب رئيس الوزراء في روسيا وهو ينكر أي دور له في برنامج منشّطات ترعاه الدولة بينما تؤكد نتائج التحقيقات بأن أكثر من 1000 رياضي روسي كانوا ضالعين في المؤامرة التي لم نعرف، على حد ريتشارد ماكلارين، إلى أي مدى أو أي زمن تعود هذه المؤامرة. ورغم أن ماكلارين قد نشر 1666 مستندًا كأدلة دامغة إلاّ أن بوتين لا يزال ينكر هذه التهم الموجهة لروسيا ولأبطالها في مختلف أنواع الرياضات.

ينتهي الفيلم بما يشبه الضربة الصاعقة التي تهزّ المتلقين حينما نقرأ قبل نهاية الفيلم بأنه من المتوقع مشاركة الاتحاد الرياضي الروسي في أولمبياد بيونغ تشانغ الشتوي في كوريا الجنوبية عام 2018، وأن روسيا سوف تستضيف كأس العالم لكرة القدم في العام ذاته.
بقي أن نقول إن براين فوغل هو مخرج ومنتج أميركي من مواليد دنفر، عاصمة ولاية كولورادو، درس في “إيست هاي سكول” وتخرّج في جامعة مولورادو بولد، وهو مؤلف وكاتب مسرحي أيضًا، وحري بنا الإشارة إلى مسرحيته الكوميدي “جوتوبيا” التي حولها إلى فيلم من إخراجه وبطولة جينيفر لوف هيويت، وإيفان سيرجي بالاشتراك مع جويل ديفيد مور، والممثلة البريطانية نيكوليت شريدان وويندي ماليك وآخرين. أما فيلم “إيكاروس” فقد اشترك به المخرج نفسه براين فوغل، وغريغوري رودتشينكوف، وتوماس باخ، ونيكيتا كاماييف، وفلاديمير بوتين إضافة إلى مسؤولين وشخصيات رياضية معروفة على نطاق عالمي.
لا يمكن تحليل هذا الفيلم الوثائقي وقراءته قراءة نقدية من دون المرور على عنوانه المعبِّر، فإيكاروس، كما هو معروف، ابن المهندس، والنحات الأسطوري اليوناني ديدالوس الذي بنى متاهة لمينوس، ملك كريت، ليحبس فيها الوحش مينوتور، ولكي يهربا من عقوبة الملك تبّثا بالشمع ريشا على أياديهما وطارا ولكن إيكاروس حلّق قريبًا عاليًا فذاب الشمع، وسقط في البحر، وفارق الحياة. إما إيكاروسنا المعاصر فهو غريغوري رودتشينكوف الذي تخلص من متاهة بوتين لكنه ظل مسكونًا بهاجس الخوف والمتابعة من قِبل عناصر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي التي قد تصل إليه رغم نأي المسافة، واشتطاط المزار.