“عسكرة الشرطة الأمريكية”.. جبهات حربية في مسرح المدنيين

“هوزي غارينا” و”تونيا بيت” و”ريتا سيراتو”، مواطنون أمريكيون يعيشون في أحياء هادئة، ولم يتوقعوا يوما أن تتحول منازلهم إلى ساحات حرب تحاصرها المدرعات العسكرية مثلما يحصل في أفغانستان والعراق. لكن ذلك حدث، فقد باتت الشرطة الأمريكية تمتلك معدات وآليات الجيش وتنفذ مداهمات وعمليات مثل تلك التي تقوم بها قوات المارينز في ساحات القتال.
هذا التحول تثيره الجزيرة في فيلم بعنوان “عسكرة الشرطة الأميركية” ضمن سلسلة “عالم الجزيرة”، ويتحدث فيه ضحايا المداهمات الخاطئة ونخبة من الضباط والمحامين.
وفي طول أمريكا وعرضها تشن الشرطة كل يوم عمليات دهم ذات طابع عسكري، وتطلق خلالها الرصاص وتحطم أبواب المنازل في بحثها عن المخدرات. هذا الإجراء ينطوي على مبالغة كبيرة وليس هو ما يتوقعه المواطنون من الشرطة في مجتمع ديمقراطي، ففي الماضي كانت فرق نخبة الشرطة تُستخدم فقط في حالات الضرورة القصوى، أما الآن فيتزايد تكليفها بمهام اعتيادية يوما بعد يوم.
يستعرض الفيلم الاستخدام المتزايد لصفوة الشرطة، مما يعيد تعريف مفهوم الشرطة في أمريكا، ويتساءل عمن يدفع ثمن هذه الممارسات.
يوم الفزع.. حرب في الريف
في بلدة ريفية في شمال لوس أنجلس تتحدث “تونيا بيت” عن محنتها مع عسكرة الشرطة، قائلة: لقد أفزعوني بمظهرهم العسكري وبنادقهم وعتادهم الكامل وستراتهم المنتفخة الهائلة، وقد بدوا وكأنهم ذاهبون إلى حرب.
كان ذلك في صباح السابع والعشرين من يونيو/حزيران 2014، عندما تقاطرت شرطة مسلحة من جميع أنحاء المقاطعة إلى عقار “يوجين مالروي” وزوجته “تونيا بيت”.
تروي “تونيا” أنها كانت داخل مقطورة وابنها نائم في مقطورة أخرى “وقد روعوني ببشاعة وطلب الشرطي من زميلته إلقاء القبض علي ودفعتني للسيارة وقيدتني”.
أبلغتهم “تونيا” أن ابنها موجود داخل القاطرة، ورغم توسلها لمعرفة ما يجري، فإن الشرطة لم تخبرها حينذاك عن الغرض من التفتيش.
تقول: كلما سألت الشرطية ردت علي: اصمتي، رئيسي سيأتي كي يتحدث إليك، أنا أحمي رؤسائي.

فسألتها: ممن تحمينهم، وكل هذه البنادق بأيديهم.
اقتِيدت “تونيا” إلى مركز الشرطة وأطلق سراحها دون توجيه تهمة إليها، ولم تدرك طبيعة ما حدث إلا بعد أن عادت لمنزلها، ليتضح لاحقا أن الشرطة داهمت المنزل للاشتباه في أنه يستخدم مختبرا لتحضير مادة مخدرة، أما الأساس الذي استند إليه أمر التفتيش فهو استنشاق مواد كيماوية انبعثت من الرياح القادمة من جهة العقار.
دماء كهل ثمانيني.. رماد جريمة في مهب الرياح
لقد حصل في هذه العملية ما هو أسوأ من المداهمة والترويع، إذ دخل شرطيون مسلحون إلى المنزل، حيث كان يرقد زوجها ذو الثمانين عاما، واتجه ستة من أفراد الشرطة نحو غرفة نومه شاهرين أسلحتهم.
تقول: عدت إلى المنزل، وقد كان المنظر فظيعا. كان الدم يلطخ السرير، وكان غزيرا، وقد سال في الممرات بكميات كبيرة، فتملكتني الصدمة.
تضيف: كانت أغطية الفراش والوسائد مخضبة بالدماء، أظن أنه كان راقدا هناك ونزف حتى فارق الحياة.
لقد أطلقوا ست رصاصات على الكهل الثمانيني “يوجين مالروي”، خمس منها أصابته في صدره.
كان يوجين يحتفظ بمسدسين بجانب سريره في صندوقين مغلقين، وتقول الشرطة في تقريرها الأوَّلي إن مشتبها مسلحا واجهها أثناء عملية المداهمة. ووفق هذه الرواية فإنه كان في طريقه إلى خارج حجرة النوم حاملا مسدسا بكلتا يديه، وهذا يعني أنه قُتل بينما كان بصدد مواجهة أفراد الشرطة.
لكن هذه الرواية تدحضها “تونيا” بقولها: كانت هناك دماء في حجرة النوم فلو أنه مشى من هذا الاتجاه أو ذاك لما كانت هناك دماء في هذا الممر أو على السجادة.
وقد حركت الشرطة جثة الرجل ومسدسه قبل وصول المحققين إلى مسرح العملية.

وتتساءل أرملته: لماذا تم تحريك الجثة ونقل المسدسين من مكانيهما، إذا كان أطلق النار عليك فمن المفترض أن يسقط في الموضع الذي كان فيه وأن يكون السلاح في يده، فلمَ تم تحريك كل شيء؟ لا أصدق أن سلاح يوجين كان في يده.
الشيء الثانوي في القصة هو أن الشرطة حصلت أثناء المداهمة على حشيش في العقار فاعتقلت “أدريان” ابن “تونيا”، ولكن كان لديه ترخيص باستعمال الماريغوانا لأغراض طبية، وقد اتُهم بحيازة مادة مخدرة وعزمه الاتجار به، وهو ما تنفيه أسرته.
أما يوجين فقد نقلت جثته إلى مكتب الطبيب الشرعي في مقاطعة لوس أنجلوس، وبعيْد ذلك أُحرقت دون إذن من “تونيا”، وقبل أن تعرف نتيجة التشريح.
فيديو غنائي.. لا أريد له أن يرحل
تناضل “تونيا” الآن من أجل رد الاعتبار لأسرتها، وتفسير مقتل يوجين، وفي مشهد بالفيلم التحقيقي، تمسك بصورة زوجها القتيل وتقول: ليس في ملامحه خطورة المجرمين، كان يكن الكثير من الاحترام لرجال الشرطة والإطفاء، ويعبر عن امتنانه لهم. وأثناء حديثها لفريق الفيلم شغّلت فيديو لزوجها وهو يغني ويبدو سعيدا، وما لبثت أن أجهشت بالبكاء فما تزال تشم رائحته في ملابسه، وترفض التخلص منها قائلة: لا أريد أن أحركها من مكانها، لا أريد له أن يرحل.
رفعت “تونيا” دعوى على مقاطعة لوس أنجلوس تتهمها فيها بقتل زوجها دون مسوغ قانوني، ويقول محاموها إن تقرير الشرطة غير مقنع. وقد طلب فريق الفيلم نسخة من تقرير المحقق لمعرفة طبيعة ما حدث أثناء عملية المداهمة.
دماء في غير موقع الجريمة.. العبث بالأدلة
جاء في تقرير الشرطة: خرج الرجل من حجرة نومه يمسك مسدسا من عيار 22 وصوبه وهو يحمله بكلتا يديه، فأطلقت الشرطة ست رصاصات أوقعته في حجرة النوم.
ويقول المحامي “مارك” إن كل الطلقات اتجهت للأسفل عندما اخترقت جسد يوجين، فطول قامته 1.92 سم، وهذا يدل على أنه لم يكن واقفا بل ربما كان في سريره.
ويوضح المحامي “بيتر” أنه لا بد من أن يكون طول قامة مطلق النار 2.44 سم، كي يتمكن من إطلاق النار من تلك الزاوية إلى الأسفل.

ويذكّر “مارك” بأن الشرطة نقلت السلاح قبل أن يصل المحقق إلى هناك “ومرة أخرى لا يفترض العبث بالأدلة”.
وعندما أثار فريق الفيلم فرضية أن تكون الشرطة حركت السلاح خوفا من أن يكون الرجل ما يزال يمثل مصدر خطر، رد المحامي مارك “ما كان له أن يتحرك بعد أن استقرت ست رصاصات قاتلة في جسده”.
ويقول التقرير إنهم عثروا على: أضواء نيون، ضوآن يعززان نمو النباتات، وقناع غاز أسود، وبعض الموازين، وقوارير عقار بها ماريغوانا، وأكياس بلاستيك فارغة، وميزان إلكتروني.
ويستغرب المحامي من مقتل رجل بريء من أجل مقدار ضئيل من الماريغوانا، قائلا “هذه هي حجتهم على ما أظن”.
درع المدن.. رجال الحالات القصوى
يوضح المحامي “مارك” أن هذا السلوك يحدث في مختلف أرجاء البلاد قائلا: لقد رأيت العسكرة المتزايدة لقوات الشرطة، إنها أشبه بوحدة من قوات البحرية الأمريكية الخاصة حين تداهم منزلا، لا يوجد سند قانوني يسوّغ لهم الطريقة التي نفذوا بها هذه العملية.
في مدينة أوكلاند بكاليفورنيا استولى مسلحون على قطار ركاب، وعلى الفور هرع فريق من صفوة شرطة مكافحة الجريمة لتصفيتهم، فهذه الوحدات المدربة تدريبا رفيعا تعد حاسمة في مواقف من هذا القبيل. ويظهر في الفيلم مشهد من تدريبات عسكرية تسمى “درع المدن”.
يقول “ستيفن داونينغ” وهو قائد شرطة متقاعد: هكذا تكونت فرق مكافحة الجريمة على أساس تلك الفلسفة، وهي فلسفة حماية الأرواح. إن الغرض من تشكيل هذه الوحدات كان استخدامها في أخطر الحالات فقط، أما الآن فتقوم بعمليات عسكرية في نمطها وطابعها وأسلوبها، وتستخدم فيها أسلحة تشكل خطرا جسيما على المدنيين.
وعندما سأل فريق الفيلم شرطيا من الصفوة: هل تواجهون الكثير من هذه المواقف؟
رد: بل نادرا، وفي فترات متباعدة، ولكن من الأفضل أن نكون مستعدين.
ويقول شرطي آخر من فريق الصفوة إنهم ينقذون أكبر عدد من الأرواح، ويكلفون بمهام في العديد من المناطق التي تكثر فيها الجرائم “الإدارة توجه هذه العمليات ونحن نعمل على الحد من الجريمة”.
إنهم يتدربون على المواقف التي تصنف على أنها الأسوأ، ولكنهم يكلفون بمهمات من نوع آخر من قبيل التفتيش والاعتقال ونطاق العمل واسع جدا.
فِرق الصفوة.. 50 ألف عملية سنويا
يقول أستاذ العلم الجنائي “بيتر كراسكا”: هذه الفرق دُربت لمواجهة مشاكل كبرى لا تحدث إلا كل 15 سنة، ولكن قادتها قرروا توظيفها في عمليات دهم تتعلق بحيازة المخدرات أو في مناطق الجرائم الخطيرة أو القيام بدوريات في الشوارع، وهنا يصبح استخدامها خطرا.
وعلى مدى عقدين عكف “بيتر كراسكا” على دراسة استخدام فرق مكافحة الجريمة أو ما يسميها وحدات الشرطة شبه العسكرية.

ويقول: في ثمانينيات القرن الماضي كانت فرق الصفوة تمثل خُمس دوائر الشرطة، وفجأة ارتفعت النسبة إلى حوالي 80% بحلول عام 1998 أو 1999، بغض النظر عن حجم دائرة الشرطة.
ويخلص في دراسته إلى ازدياد عمليات الدهم التي تقوم بها الشرطة بنسبة 1400% مقارنة بفترة الثمانينيات، وتقدر هذه الزيادة بـ50 ألف عملية سنويا، و80% من هذه الوحدات تنفِّذ أوامر تفتيش واعتقال يتعلق معظمها بقضايا مخدرات.
70 رصاصة.. جندي البحرية السابق
يشير الصحفي “رادلي بولكو” من صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن هذه الفرق نفذت مداهمات لحانات تقدم الكحول للقصّر، وأماكن المقامرة بلعبة البوكر ومزارع الأميش (طائفة مسيحية متشددة تعيش نمط حياة محافظ) وجمعيات تعاونية تبيع منتجات ألبان غير مبسترة.
ويضيف: إذا ما ألبست رجلا لباس جندي وأعطيته سلاحا ودربته كما تدرب جنديا ودفعت به للشارع وقلت له إنه يخوض حربا، فأنا أعتقد جازما أن ذلك سيغير في عقليته.
ومع توسع استخدام صفوة الشرطة يتضرر المزيد من الأبرياء بعمليات الدهم التي تقوم بها. ففي مدينة كولومبيا بولاية ميزوري داهمت الشرطة منزل رجل اعتقدت خطأ أنه تاجر مخدرات، وما زالت أسرته تعيش الصدمة بعد أن أُعدم كلبها أمامها فور اقتحام البيت.
وفي مقاطعة أوغدين بولاية يوتاه قتلت الشرطة رجلا لأنه كان يمسك بيده مضرب غولف، بينما كانت تبحث عن شريكه في السكن.
وفي مقاطعة بيما بآريزونا، كان جندي البحرية السابق “هوزي غارينا” في انتظار بندقية للدفاع عن أسرته أمام ما ظنها عملية سطو، لكنها الشرطة هي التي كانت تداهم المنزل، وقد أطلقت عليه سبعين طلقة فأصابته في 22 موضعا بينما لم يطلق واحدة في اتجاهها.
ويرى كثيرون أن ازدياد الأساليب العسكرية بدأ يغير فكرة الناس عن الشرطة في الولايات المتحدة.
يقول أحد المواطنين: لقد غيروا كل مفاهيمي عنهم. ما رأيته كان أشبه بإلقاء قنبلة، لا يأبهون بما يفعلون، حقا لا يأبهون.
مصالح الشركات.. الصناعة الموحدة
فرضت عسكرة الشرطة في الآونة الأخيرة على الشعب الأمريكي واقعا مغايرا لما كان يألفه، لكن هذا الواقع تغذيه مصالح الشركات التجارية، إذ يكلف تجهير فرق الشرطة ملايين الدولارات، وبعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 أصبحت السلطات تغدق أموالا كثيرة على دوائر الشرطة.
في معرض “درع المدن”، تعرض شركات خاصة أحدث ما تصنعه من معدات عسكرية. وتصرف وزارة الأمن القومي 34 مليار دولار على مراكز الشرطة المحلية، وذلك من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة والمخدرات.

وفي زيارته للمعرض، يقول الصحفي الذي أجرى التحقيق إن إحدى العربات المعروضة تذكره بعربات عسكرية ركبها خلال زيارته للعراق وأفغانستان: عربات مصفحة يعلوها رشاش، يدهشني استعمالها من قِبل الشرطة.
عندما يزور المرء هذه المعارض سيلاحظ أن الشركات لا تحاول التفريق بين عمليات الجيش والشرطة. وليست هذه مسؤولية الشركات الخاصة وحدها، فهناك برنامج حكومي يقضي بتحويل الفائض من المعدات العسكرية إلى الأجهزة الأمنية المدنية، وبالطبع فإن لدى القوات المسلحة الأمريكية فائض هائل من مخلفات الحروب السابقة في العالم.
مخلفات الحروب.. معدات الجيش في أيادي الشرطة
بمقتضى البرنامج الحكومي الذي تطبقه الحكومة الأمريكية؛ حُولت إلى الشرطة معدات عسكرية تزيد قيمتها عن 4 مليارات دولار ومن بينها عربات هامفي ورشاشات وقاذفات. ويشرف على البرنامج الأدميرال “مارك هارنيتشيك” الذي ظهر في الفيلم وهو يقول: المجال رحب جدا فلدينا الآلاف من أجهزة الأمن في 49 من أصل 50 ولاية، وثلاث مناطق تابعة للولايات المتحدة.
ويضيف: نحبذ الاستفادة من هذه المعدات في حماية أرواح المدنيين والشرطة بدل أن تتحول إلى مخلفات تتكدس في مكان ما.
ويوضح أنه ليست هناك أي توجيهات من طرف البرنامج حول كيفية استخدام هذه المعدات “وإنما نترك للأجهزة الأمنية مطلق الحرية للتصرف بها”.
مركبات مضادة للألغام.. عتاد حرب العراق
وفي مقاطعة سامنر بولاية تينيسي يقل عدد السكان عن 200 ألف نسمة، وهي منطقة تفتخر بأنها من أفضل المناطق للسكن والعمل والترفيه في الولاية.
في هذه المقاطعة فريق خاص بها من شرطة الصفوة، يتكون من 18 عنصرا، وفي الصيف الماضي زودته الحكومة بمركبات مضادة للألغام، ومن اللافت أن هذه المركبات صُمّمت في الأصل لحماية الجنود الأميركيين من الألغام التي تزرع على جوانب الطرق في العراق.
لكن رئيس فريق الصفوة “كريس شكولي” يبرر استخدام الشرطة لهذه المركبة العسكرية بالقول: يمكن أن تطلق علينا النار في أي وقت، ونحن نستعد لذلك.
وعند هذه النقطة يعود مخرج الفيلم لقائد الشرطة المتقاعد “ستيفن داونينغ” ليؤكد على أنه في المجتمع المدني “ينبغي لرجل الشرطة معالجة الموقف باستخدام القوة الضرورية فقط لتحقيق الأمن، يُطلق النار عندما تستدعي الضرورة القصوى منع شخص من أن يكون مصدر خطر، وهذا هو الفرق بين التفكير العسكري والتفكير الشرطي، وقد بدأنا نفقد ذلك في مجتمعنا”.
جيش في منزلي.. تسوية دون اعتراف
هناك قصة مأساوية أخرى ضحيتها الثلاثيني “روجر سيراتو” الذي لا تعرف عائلته لماذا تسببت الشرطة في مقتله، وكتبت على صغاره اليتم والحزن.
يروي صديقه “رافائيل هيرنانديز”: في ذلك اليوم وصلتني رسالة نصية تقول: هناك عدد كبير من أفراد شرطة الصفوة في منزل رفيقك، ربما عليك مهاتفته، فبعثت إليه برسالة نصية لكنني لم أتلق ردا أبدا.
في الخامس من يناير/كانون الثاني عام 2011 عادت عائلة سيراتو إلى منزلها فوجدت متاريس في الشارع، والشرطة تطوق المكان ولديها معدات حربية. حينها كان روجر في المنزل وظنت الشرطة أنه ضالع في حادث إطلاق نار حصل حديثا.
تقول والدته ريتا: بدا كما لو أن ثمة جيشا في منزلي. لم يكن في المنزل سوى شخص واحد أعزل من السلاح.

تبكي أخته وتقول: لا أستطيع أن أنسى الخامس من يناير/كانون الثاني.
وقد رابطت في الحديقة الأمامية عربة عسكرية من طراز “بير كات”، وأطلق فريق شرطة الصفوة قنبلة يدوية لحمل روجر على الخروج، وعلى مدى ساعات أبقوا أسلحتهم مصوبة نحو المنزل.
تقول أخته ديانا: بدا الوضع بلا نهاية وشعرت بأنه مكث هناك دهرا.
وتروي أنها شاهدت المنزل يحترق، وعندما توسلت أمه السماح لها بدخول المنزل، رفضوا بشكل قاطع وهددوها بالاعتقال.
لقد أحرقت القنبلة المنزل، وحسب الشهود فإن الشرطة لم تبذل جهدا لإنقاذ الرجل، وعندما أُخرج لاحقا بدا أنه فارق الحياة بفعل استنشاق الدخان، ثم صدر بيان فيما بعد يوضح أنه لم تكن له علاقة بحادث إطلاق النار، ومع ذلك فإن المقاطعة رفضت الاعتراف بارتكاب مخالفة، ولكنها دفعت للعائلة ملايين الدولارات لتسوية القضية خارج نطاق القضاء.
ومن مشهد النسوة يبكين عند قبر روجر سيراتو، يعود مخرج الفيلم إلى “تونيا بيت” وهي غارقة في حزنها وتستمع لفيديو زوجها وهو يغني، وتتشبث بأشيائه رافضة تصديق أنه رحل إلى الأبد.