دراما رمضان.. السورية تنقذ الموسم
أسماء الغول
استطاعت الدراما السورية هذا العام أن تسد فجوة كبيرة في خارطة الدراما العربية، بعد المستوى الضعيف والصادم والمكرر الذي تم عرضه في المسلسلات المصرية والخليجية والعربية المشتركة التي تم تقديمها على الشاشة في الموسم الرمضاني هذا العام.
لقد رفعت الدراما السورية بالإخراج الجيد والكتابة الذكية والمتماسكة والواقعية من مستوى الأعمال هذا العام التي تدهورت إلى حد غير مسبوق سواء البوليسية أو الاجتماعية أو الكوميدية منها.
الدراما السورية.. لعب في المناطق الآمنة
ومن الملاحظ أن أغلب المسلسلات السورية ذات طابع اجتماعي تناقش الزمن الحالي في سوريا، وتأثيرات الثورة والحرب على نسيج المجتمع السوري.
واكتسبت جسارتها هذه في طرح المواضيع من مسلسل “فوضى” الذي عُرض في رمضان العام الماضي ولقي نجاحاً كبيراً ومتابعة خاصة بين اللاجئين السوريين في أوروبا، مما جعل شركات الإنتاج السورية والعربية تتسابق لإنتاج مسلسلات جديدة داخل سوريا هذا الموسم.
ومع ذلك نرى أن “اللعب” في هذه المسلسلات بقي في الأماكن الآمنة، أي أنه لم يتم التطرق لنقد النظام أو نقاش الثورة بعمق، لكن ذلك لا يمنع أن بعض هذه المسلسلات كسرت قاعدة المحظورات كما فعل “ترجمان الأشواق” في قليل من حواراته.
ومن المواضيع الآمنة التي تكرر التركيز عليها في المسلسلات السورية؛ المنظمات والجماعات الدينية، والمعارضين اليساريين، فإذا كان لا بد من ذكر المعارضة فلا خروج عن المعارض اليساري بما أنه النموذج الآمن لتكرره العالمي في جميع الدول، وكما يبدو هو بالنسبة إلى الرقابة الرسمية السورية إرث من الماضي، لا مانع منه طالما لا يتم تقديمه في إطار الثورة والتحرك الجماهيري.
كما أن أبرز مسلسلات هذا العام قدمت الشخصيات ثلاثية النماذج؛ اليساري والليبرالي والشيخ، وبالتأكيد هو مسار درامي أُشبع سرداً في الأدب والسينما والتلفزيون، ومع ذلك يبقى الأقوى والأكثر ترابطا والأقل جدلا حين يتم عرضه في مسلسل رمضاني جميع العيون تركز عليه.
“دقيقة صمت”.. مغامرة التصوير في سوريا
نبدأ استعراض هذه المسلسلات بالمسلسل السوري الذي حقق رواجاً واسعاً لم يتوقعه أحد؛ مسلسل “دقيقة صمت” للمخرج التونسي شوقي الماجري والكاتب سامر رضوان.
ويبدأ المسلسل بأغنية التتر بعنوان “يا دني” (يا دنيا) لمعين شريف والتي لقيت رواجاً واسعاً، وقد وصفها شريف في تصريح إعلامي بالعمل السريع الذي لم يتوقع له هذا النجاح، كذلك القائمين على المسلسل لم يتوقعوا نجاحه إلى هذه الدرجة التي وصل إليها.
وغامر بطل المسلسل عابد فهد بأن يعود إلى سوريا ليصور مسلسلا بإنتاج ليس مرتفعاً، وفي حكاية تفاصيلها محلية، ورغم ذلك جاءت مغامرته بمحلها خاصة أنه يمثل مسلسل “عندما تشيخ الذئاب” في الوقت ذاته.
وعلق على الأمر “أردت أن أقدم مسلسلات حقيقية وليس دراما نظيفة” مشيراً إلى الدراما التي تستنسخ المسلسلات الأجنبية ولا تنتمي لواقعها كما وضح في أحد برامج المنوعات.
وتدور قصة المسلسل حول “أمير ناصر” الذي أدى دوره فهد و”أدهم منصور” الذي مثل دوره الممثل اللبناني فادي أبو سمرا، وقد حكما بالإعدام، ولكن في تواطؤ من مديري الأمن يتم تهريب المحكومين ويُعدم سجينان آخران عوضا عنهما، وهنا تبدأ رحلتهما في النجاة وابتزاز رجال الأمن وعلى رأسهم الممثل خالد القيش في دور العميد “عصام شاهين”.
ويتميز المسلسل بتشويق عال، فبساطة المسلسل والتركيز على تماسك الحبكة الدرامية كانت سبب نجاحه، كما لا ننسى صورة البطل الشعبي الذي يهب لمساعدة الفقراء وهي الشخصية الأثيرة لدى الجماهير.
ومن المتابعة يسهل أن تعرف أنه ليس هناك علاقة بين المسلسل وما يحدث في سوريا على المستوى السياسي على الرغم من أن الكاتب رضوان حاول أن يُحمل مسلسله أكثر مما يحتمل ويستعرض بطولات معارضة للنظام هي في الحقيقة غير موجودة، فالمسلسل يتحدث عن قضايا جنائية، وذلك حين صرح للإعلام “مسلسل دقيقة صمت، صرخة احتجاج في وجه سلطة لا تستحق الشارع”.
المسلسل محايد تماماً، يتحدث عن محكوم بالإعدام بعد قتله شقيقين انتقاماً لوالدته، وهي حكاية من الممكن أن تحدث في أي مكان وزمان، بل قصة متخيلة بشكل كامل لتناسب السرد الدرامي المتصاعد، حتى الإشارة لفساد الأمن والشرطة يأتي في سياق الحكاية البوليسية والاتهام الجنائي وليس المعارضة السياسية، مما يجعلها لا تشكل أي حساسية.
ومع كل هذا “المشي بجوار الحائط” الذي حرص عليه صانعو المسلسل، ثم تنصلهم من تصريحات رضوان وشخصه، فإن وزارة الإعلام السورية أصدرت بيانا وضحت فيه أنها تعرضت لما وصفته بالخديعة بعد أن منحت هذا المسلسل إذن تصوير وموافقة على النص.
ويبدو أن هذه ليست أزمة المسلسل الوحيدة، فقد كان أداء عابد فهد أقل من المتوقع أمام خالد القيش واللبنانية ستيفاني صليبا التي تثبت عاماً بعد آخر أنها ممثلة موهوبة وتلقائية في أدائها.
وهذا الأداء الضعيف لفهد لا تستطيع معه إلا تذكر دوره المبدع في موسم رمضان الماضي في مسلسل “طريقي”، إذ كان في كامل ألقه حين مثل دور التاجر الغني الطيب غير المتعلم الذي يتزوج امرأة متعلمة طموحة.
ونراه في ذات الأداء المتذبذب أيضا في مسلسل “عندما تشيخ الذئاب” أمام عمالقة مثل سلوم حداد وسمر سامي، وربما هذا يعود إلى أنه يمثل في مكان يشبهه تماماً حين عاد إلى حارات بلده، فكان صعبا عليه تقمص شخصيات فيها منه ومن ماضيه الكثير.
“مسافة أمان”.. الأشد إتقانا والأقل جذبا
مسلسل “مسافة أمان” الذي أخرجه الليث حجو شديد الإتقان، الصورة فيه قريبة إلى السينما ربما لشغف المخرج بها، وهو شغف دائم الإعلان عنه، ومن الواضح أن الإنتاج عالٍ في المسلسل، ومع ذلك هو الأقل جذباً، فهناك مبالغات في الأحداث والتمثيل أيضاً تجعله ثقيلاً على المتابع خلال رمضان.
ويجمع بين فريق مهم من الممثلين والممثلات؛ سلافة معمار وكاريس بشار وقيس الشيخ نجيب، متحدثاً عن تمزق العلاقات الاجتماعية بعد الصراع الأخير في سوريا، وحاجة كل شخص إلى مسافة أمان بينه وبين الآخرين، فالحرب حطمت الثقة بين أفراد المجتمع، وهي ذاتها فكرة أغنية التتر المميزة التي غناها كل من إياد الريماوي ولينا شاماميان.
كذلك هناك خط بوليسي متكلف ودخيل على المسلسل الذي كتبته إيمان سعيد، وهي ذاتها كاتبة مسلسل “خمسة ونص”، وتم استخدام أزمة سوريا في هذا الخط البوليسي بما يخدم النظام بشكل واضح، رغم أن المخرج حاول التخفيف من مباشرة ذلك بخلطة مبتكرة من الأحداث الاجتماعية والعاطفية التي لم تنقذه تماماً لأنها وقعت هي أيضاً بمبالغات غير الواقعية.
“عندما تشيخ الذئاب”.. أفضل سيناريو
من الممكن القول إن مسلسل “عندما تشيخ الذئاب” من أقوى السيناريوهات المكتوبة، بل هو الأفضل، فيوجد عمق وتطور وعدم تكرار وأصالة في الشخصيات ورسم العمل، ولكن هذا ليس معناه أنه المسلسل الأفضل؛ ويعود ذلك إلى الأحداث البطيئة والهادئة نوعا ما، فلا يوجد به تشويق وتصاعد دراماتيكي مثل “دقيقة صمت” على سبيل المثال، لكن هذا بالتأكيد ليس مطلوبا في مسلسل اجتماعي يصور الصراعات المجتمعية في الشارع السوري، واستخدام الدين للسيطرة عليه.
والمسلسل مقتبس عن رواية الكاتب الأردني من أصل فلسطيني جمال ناجي تحمل العنوان ذاته، وأعده كحوار وسيناريو الكاتب حازم سليمان.
وبالتأكيد لا يوجد مسلسل يتم تصوره في سوريا اليوم ينجو من رقابة النظام السوري، لذلك من غير المتوقع لأي مسلسل تم تصويره هناك أن يثور ويقدم مصداقية كاملة.
لذلك نجد رجال الأمن في هذا المسلسل يحتلون دورا كبيراً ومباشرا باعتبار الدولة وأمنها الوصي على الناس والخائفة عليهم، ونجد ذلك في حوارات متكررة بين الشيخ “عبد الجليل” الذي يؤدي دوره بإبداع سلوم حداد وبين ضباط الأمن، وهي رسالة ليست أكثر من “بروبوغندا” حكومية أعادتنا بالذاكرة إلى الدراما السورية ما قبل الثورة.
ومن المهم الإشارة إلى أن دور سمر سامي “الجليلة” شقيقة “جبران” عابد فهد، دور سحب البساط من تحت الجميع ما عدا الممثل سلوم حداد والممثل علي كريم الذي يؤدي دور زوجها “أبو عزمي”، فقد تمتعا بمستوى عال من الأداء المبدع هما أيضاً، في حين يأتي عابد فهد في الخلفية، فقد خسر معركة تحدي تمثيل دورين مختلفين في الوقت ذاته.
“ترجمان الأشواق”.. الأفضل رغم قلة المتابعين
حتى الآن ليس هناك أجرأ وأفضل من مسلسل “ترجمان الأشواق” رغم أن القصة تقليدية نوعا ما، حيث يدور حول رجل “عباس النوري” يعود من الغربة ليلتقي بأصدقائه بعد عشرين عاماً، ويراقب تبدل مصائر عائلته ومدينته دمشق، ولا يحرك الأحداث سوى اختطاف ابنته خلال تطوعها لتقديم مساعدات إنسانية في واحدة من المدن السورية.
والمسلسل -الذي كان من المفترض عرضه خلال موسمي رمضان 2017 و2018، لكنه منع من الرقابة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري- يصور الحياة في دمشق بجرأة حتى داخل علب الليل و”الكباريهات”، فقد قدم قصة شديدة الواقعية، بحوار عميق وإخراج جيد لكل من الكاتب بشار عباس والمخرج محمد عبد العزيز.
وأهم ما يميز المسلسل أنه لم يستهن بعقل المتلقي ويقدم المبالغات الدرامية والإخراجية التي لا يمكن أن تحدث والتي وقع فيها كل من “مسافة أمان” و”دقيقة صمت”، فمن المفترض أن نصدق في “مسافة أمان” أن الإرهابيين لديهم سيارات “آخر موديل” لتوجيه ونقل طبيبة (سلاف معمار) كي تنشر الغاز السام عبر حقيبة عمل تتركها في قاعة الاجتماعات بالمستشفى، أو أن “أمير ناصر” نجح في إقناع أهل قريته أنه خرج من القبر بعد شهور بكفن نظيف شديد البياض وعاد إلى الحياة بكرامات ومعجزات.
لذلك وسط هذا التهويل يأتي مسلسل “ترجمان الأشواق” ليكون الملجأ الدرامي المنطقي للمتلقي في مشاهد قوية لفريق تمثيل قوي أيضاً؛ عباس النوري وغسان مسعود وشكران مرتجى وسلمى المصري وثناء دبسي.
وتلعب الأخيرة دور أم غير تقليدية لرجل خمسيني مثقل بسنوات الاعتقال وذكريات طلاق صعبة وغربة مريرة، فكانت ردة فعلها حين قابلته في ساحة المسجد الأموي بدمشق يرتدي معطفاً أوروبيا بلون البيج جارّاً حقيبة سفره التي تعكر صفو طائر الحمام خلال التقاطه رزقه من على بلاط الساحة؛ بأن صفعته على وجهه قبل أن يحتضنها ويبكيان معاً.
والمسلسل لم ينل ما ناله غيره من متابعة كبيرة؛ فلم يساعده وقت عرضه الرمضاني بين عشرات المسلسلات السورية الأخرى، وربما يكون اسمه الذي يحمل اسم ديوان شعري للصوفي محيي الدين بن عربي قد أعطى انطباعاً تاريخيا أو ليس جذاباً للمتلقين.
والصوفية في المسلسل لها حضورها إذ يجد “نجيب” بعد وصوله من أوروبا أن صديقه زهير (غسان مسعود) اقترب من النهج الصوفي، في حين بقي صديقه الثالث كمال (فايز قزق) يساريا محافظا على نهجه كما يحافظ على مكتبته.
ومع تميز المسلسل فإنه لا يخلو من مَشاهد بهدف نيل رضا جهاز الأمن في سوريا والرقابة، فنرى ضابط الأمن (سعد مينا) الذي يناقش بذكاء في فكر الفيلسوف “ميشال فوكو”، وفي الوقت ذاته يقتل المتطرفين على الجبل في مشاهد إطلاق نار ليس لها علاقة بالسياق بل دخيلة تماماً، لكنها ربما تكون تذكرة عبور المسلسل إلى الناس ونيل الموافقة أخيراً بعد عامين على منعه.
كما أن هناك بعض الهنات؛ كالتدخين الشرس لشخصية نجيب داخل مؤسسته في بداية المسلسل حيث من المفترض أنه يعمل في الترجمة بأوروبا، وهناك يمنع التدخين إطلاقا في مكاتب العمل والأماكن العامة، لذلك من الصعب التغاضي عن هذا الخطأ الذي تكرر في الحلقات الأولى.
“هوا أصفر”.. مضيعة وقت
مشاهدة مسلسل “هوا أصفر” الذي أخرجه أحمد إبراهيم أحمد ما هو إلا مضيعة للوقت، وتدور أحداث المسلسل حول الشابة شغف (سلاف فواخرجي) زوجة جلال (فادي إبراهيم) صاحب صالة للقمار، حيث يقع جلال في غيبوبة تضطر معها شغف للإشراف على صالة القمار في الوقت الذي يحاول قريب زوجها (يوسف الخال) الزواج منها والسيطرة على كل شيء، لكنها وقعت في حب سوار (وائل شرف) العبقري في الرياضيات ولا يخسر على طاولات القمار، ويبدأ في مساعدتها للحصول على أموال المقامرين.
ناهيك عن أن هذه الدراما ليست ابنة بيئتها وضياعا لجهود مبذولة، فهي ليست سوى فرصة تستعرض سلاف فواخرجي فيها أزياءها وجمالها وموهبتها التي لم تكن في مكانها الصحيح خلال هذا العمل الذي يعتبر أيضاً خسارة كبيرة للممثل اللبناني يوسف الخال.
وكان من المفترض عرض المسلسل في موسم رمضان 2018، ولكن سحبه صانعوه من المنافسة بسبب ما وصفوه وقتها بأنها “معطيات السوق الحالية”.
الدراما المصرية.. كارثة
لا يمكن تصديق حجم الكارثة التي أصابت الدراما المصرية هذا العام، وليس معروفا بدقة السبب بعد؛ هل هو احتكار الحكومة المصرية لسوق الدراما الحالي عن طريق مؤسسة “إعلام المصريين”، أم أن الأمر له علاقة باستنساخ قصص مسلسلات أجنبية وعالمية ليس لها علاقة بالمجتمع المصري المليء بالمواضيع الأصيلة والجذابة غير المهجنة.
وأغلب مواضيع هذه المسلسلات المصرية ذات منحى بوليسي إما يبحث في جريمة قتل غامضة أو جرائم متسلسلة أو يحارب العصابات الشريرة، كأننا نشاهد قائمة مسلسلات أجنبية على موقع “نتفليكس”، وكي تشبه هذه المسلسلات يجب أن يكون ضابط الشرطة إنساني وأنيق وبيته جميل، ولا مانع من أن يتحدث للأشباح أحياناً، مما يجعل مقارنته بضابط الشرطة المصري الحقيقي ليس إلا ضرباً من فكاهة.
ويبدو أن لجنة الرقابة الرسمية في مصر وضعت شروطاً أو محددات عامة جعلت هذه الأعمال متشابهة إلى حد كبير، فأغلبها لا يمكن ربطه بالواقع، كما لا تناقش المشاكل الاجتماعية الحقيقية، وذكوريتها طافحة أيضاً، مما يجعلنا نشعر بافتقاد حقيقي هذا العام لأعمال إياد نصار وهند صبري وأحمد عز وعادل إمام أحيانا، وقد طرح جميعهم مشاكل حقيقية في دراما رمضان في آخر عامين، منها فساد الحكومة، لكن اليوم لا أحد يقترب من الحكومة، بل هي عظيمة والعيب في الناس.
“زي الشمس”.. كان صرحاً فهوى
البداية مع أفضل هذه المسلسلات على مستوى عدد المتابعين، وهو مسلسل “زي الشمس”، إلا أن هذا العدد سرعان ما تهاوى، وهو مثل كل شيء يخص بطلته دينا الشربيني؛ يبدأ جيداً لكن سرعان ما ينتكس.
وقد حدث ذلك بعد انسحاب المخرجة كاملة أبو ذكرى من المسلسل بسبب خلافات إنتاجية وتابع إخراجه سامح عبد العزيز، مما يذكر بأزمة مسلسل “ذات” عام 2013 والتغيير الكبير الذي طرأ عليه بعد انسحاب المخرجة نفسها.
وقد كانت الحلقات الأولى من المسلسل شديدة الجاذبية، وحقق الثلاثي أحمد السعدني ودينا الشربيني ورهام عبد الغفور صراعاً عاطفيا حاداً سرعان ما انتقل إلى “مواقع التواصل الاجتماعي” في نقاش قصة جريئة، إذ تسرق شقيقة خطيب شقيقتها معترفة بأنها حامل منه، وبعد 13 عاماً تتعرض للقتل.
بيد أن هذه الجاذبية في المسلسل سرعان ما تخمد شعلتها ومعها متابعة الجمهور، وتبدأ شكواه تتصاعد بعد أن كان يمدحه قبل قليل، وذلك بسبب بطء الأحداث وقلتها.
ويُثبت هذا المسلسل أنه أحياناً ليس عيباً أن تقتبس قصة مسلسل آخر -فهذا المسلسل مأخوذ عن المسلسل الإيطالي “الشقيقات”- لكن الأمر يعتمد بشكل كلي على تعامل المخرج مع الحكاية ونقلها إلى بيئة مغايرة ومجتمع مختلف، وبالتأكيد يلعب الكاتب دوراً كبيراً أيضاً، وربما مريم نعوم تعثرت هذه المرة في فعل ذلك.
فنرى مشاهد كثيرة تضيع في المونولوجات (مخاطبة ذاتية) والتذكر، ولا تخدم أغلب هذه المشاهد الحبكة أو تشعل الأحداث، بل تتكرر المواقف والحوارات مما جعل جمهور المسلسل ينصرف عنه بعد أن اعتقد أنه سيكون الخلاص في هذا الموسم الدرامي الضعيف.
“قابيل”.. تشويق يضيع وسط كثير من الحشو
بدأ مسلسل “قابيل” قبل أن يبدأ رمضان بيومين، في خطوة جريئة من صانعيه، ولكنها لم تكن في محلها، فحين بدأ رمضان لم ينتبه إليه أحد إلا بعد حين.
وأحداثه مشوقة تتناول جرائم قتل يحاول الضابط الذي يقوم بدوره “محمد ممدوح” اكتشاف فاعلها، فهي مجهولة تماماً تصلهم بعد بثها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هذا التشويق سرعان ما يضيع وسط كثير من الحشو، وبالتأكيد تقليد الدراما الأجنبية البوليسية وضعف في تنفيذ حوادث “الأكشن”.
ورغم جاذبية “محمد ممدوح” الكبيرة على الشاشة، فإنه لم يستطع إنقاذ المسلسل المتهاوي من نواح ومشدود من نواح أخرى، كذلك لم يفعل ظهور الممثل المتميز محمد فراج، بل تشعر أن مشاهده معزولة عن سير المسلسل في دور المدمن الذي يذكّر بدوره في مسلسل “تحت السيطرة” عام 2015.
والشيء ذاته لم يفعله ظهور الممثلة أمينة خليل، مما يجعل هناك تساؤلا كبيرا؛ كيف لم ينجح المخرج كريم يوسف باستغلال كل هذه العناصر الكثيرة الناجحة لجعل مسلسله يتربع على القمة؟!
“حكايتي”.. الأسوأ
إذا كان هناك مسلسل من الممكن أن نطلق عليه “الكارثة” فهو مسلسل “حكايتي” للممثلة ياسمين صبري، الذي أثبت صحة انتقاد الممثلة حورية فرغلي لها قبل نحو العام حين قالت “النجومية مش جسم حلو لأنك مش موديل، أنت ممثلة”. ويبدو أن صبري أرادت أن تثبت أنها ممثلة قديرة كجمالها، لكنها للأسف فشلت.
وتدور أحداث المسلسل حول فتاة صعيدية تتعرض لمواقف متراكبة من الظلم بعد وفاة والدتها بالسرطان والتي كانت موهوبة بتصميم الأزياء ولكن عائلة زوجها لم تسمح لها بالعمل، ثم تدخل الفتاة في خلافات مع والدها لبحثها عن حريتها التي بحثت عنها والدتها قبلها، مما يدفعها للفرار إلى مدينة الإسكندرية، والهرب من ثأر أعمامها.
وتبتعد كي تنجو من القتل وتواجه المصاعب، غير أن هذه الصعيدية الجميلة لا تتحدث باللكنة الصعيدية على الإطلاق، وتقريباً لا يفعل أحد ذلك أيضاً مما يجعلك تتساءل “أيّ صعيد هذا في مصر يا ترى؟”.
وفجأة تتغير حياتها حين تلتقي بأحد أغنياء الإسكندرية الذي يقع في حبها ويدافع عنها بشراسة، وهنا يبرز اسمها في عالم الأزياء والتصميم بعد أن كانت مجرد منظفة في “أتيليه” للأزياء، في مواقف تشبه حكاية سندريلا مع غياب قصة الحذاء فقط.
الحبكة لا تمت للواقع أو المنطق بصلة، كذلك أداء الممثلين وأولهم عمها الذي يلعب دوره الممثل أحمد بدير، أما ياسمين نفسها فمن الصعب وصف ما تقوم به بأنه مبالغة، لأنها في الحقيقة لا تمثل كي تبالغ، فملامحها متجمدة سواء في الحزن أو الفرح.
والمشكلة الأكبر أن هناك راوٍ للأحداث بصوت ياسمين نفسها، والذي يبدو كوميدياً لا يليق بكل هذه التراجيديا، بل من الممكن أن يكون جيدا لشخصية رسوم متحركة، ومن الغريب أن المخرج أحمد فرج لم يلحظ ذلك، أم أن الأمر يهون أمام جعل النجمة تقوم بكل ما تريد وكل ظهور ممكن على حساب الحرفية والمتلقي؟!
ويبقى من المهم الإشارة إلى أن أغنية تتر المسلسل من أجمل أغاني مسلسلات رمضان في الموسم الحالي بصوت كارمن سليمان وكلمات نادر عبد الله وألحان خالد عز.
“أبو جبل” و”ابن أصول” و”هوجان” و”زلزال” و”كلبش 3″
خلطة من المسلسلات الذكورية التي تعتبر فيها المرأة سبب الفتنة وأصل المشاكل، أما الممثل فهو البطل الذي يريد إنقاذ الجميع، “الابن البار” من ناحية، و”الحمش” من ناحية أخرى، فهو بالتأكيد يخاف على امرأته سواء أكانت زوجته أو أخته أو ابنته أو والدته.
وهذه الشخصيات فيها كثير من شخصية “جبل شيخ الجبل” بطل مسلسل الهيبة، مع فارق أن جبل شيخ الجبل النسخة الأفضل لأنه الشخصية الأصلية الأولى فقط، وليس لأنه يعكس أخلاقا أعلى مع النساء أو موضوعه أفضل.
وفي هذه المسلسلات دائما ما تجد امرأة تخرج عن العادات والتقاليد لمجرد أنها امرأة، وتحب الانحراف قليلاً حتى لو كانت جيدة، وبالتأكيد هذا البطل مستعد كي يقوّم ويعدل سلوكها وبكل عضلاته، فالجميع لهم عضلات وقادرين ما عدا حمادة هلال ومصطفى شعبان فبنيتهما الجسدية لا تساعدهما كثيرا.
بالتأكيد هناك تفاوت بين مستويات هذه المسلسلات، فنجد مسلسليّ “زلزال وهوجان” أفضل من البقية من حيث رسم الشخصيات وخط السير الدرامي، رغم أن التكرار وتقليد الأجنبي من أوضح ما يمكن تمييزه فيهما.
“زلزال”.. تألق شيحة و”أنا” متورّمة لرمضان
أجمل ما في مسلسل “زلزال” الذي أخرجه إبراهيم فخر؛ جمال وموهبة حلا شيحة الطبيعية التي تشعر معها أن غياب عقد من الزمان عن الوسط الفني لم يغير منها شيئاً بل زادها نضجاً.
أما محمد رمضان، فلا يستطيع الخروج عن دور الشاب الفقير المظلوم الذي يستدر العطف بمأساته. وبالطبع في كل موسم رمضاني ينجح في الرهان على هذه الشخصية فهو ينتصر لـ”الغلابة” في مصر، و”الغلابة” ينتصرون إليه، لأنه يلمس جراحهم العميقة ويسلط الضوء عليها، ويعطيهم ما يتمنون من حلول وأحلام مُشتهاة.
وفي هذا الموسم يستعيد أداء نور الشريف بعض الشيء في فيلم “سكة سفر” عام 1987، إذ يبدأ المسلسل وهو قادم بسيارة من السفر تماماً كمشهد نور الشريف في الفيلم، مع فارق كبير بالطبع لصالح الشريف الذي أدى دوراً لا يمكن نسيانه إلى جانب عايدة عبد العزيز ونورا وأحمد بدير ببساطة وتلقائية دون تكلف، و”أنا” كبيرة متورّمة عند محمد رمضان تقف بينه وبين البراعة.
“كلبش 3”.. مهزلة تمثل الحكومة
أما “كلبش3” الذي يدّعي أصحابه أنه الأعلى مشاهدة، وأخرجه بيتر ميمي، لم يطرأ عليه أي جديد، ذات الشخصية لضابط الأمن المصري الذي يحمي مصر من الإرهاب والمافيات، ويدفع ثمن ذلك من حياته وأفراد عائلته، ولا يتغير سوى الممثل الذي يلعب دور عدوه، وبالتـأكيد المرأة التي تنجذب إليه.
ولا تجد أمامك سوى الضحك حين يُسمي سليم الأنصاري البطل الذي يؤدي دوره أمير كرارة خط غاز إسرائيل في سيناء بخط غاز الأردن، كذلك حين يأمره مسؤوله في العمل “أحمد عبد العزيز” أن يتابع موضوع الهجرة غير الشرعية لسبب لا يدريه أحد، فنجد الضابط الأنصاري فجأة في أحد مراكب الهجرة غير شرعية وسط البحر معرضا نفسه للخطر، وبالتأكيد يدافع عن الضعفاء ويضرب الأِشرار، دون أن تعرف علاقة المشهد بالمسلسل.
مسلسل بخلطة تعتبر الأمثل للحكومة المصرية ورقابتها، وما هي إلا “مهزلة”، كل من اشترك بها لوث اسمه خاصة الممثل هشام سليم الذي تشعر أن عروق رقبته ستنفجر وهو يصرخ ويبالغ ليتقن دوره.
“ولد الغلابة”.. سطحي وغير مقنع
هل يمكن تصديق أن أحمد السقا وتامر حسني “أولاد غلابة” بمعنى فقراء ومغلوب على أمرهم؟! إنه أمر شديد السخرية والتناقض، فمن المهم تصديق دور الممثل وملاءمته لتاريخه الفني على الأقل، لذلك فإن المشهد الذي جمع بينهما في الحلقة الأولى فقط؛ حيث تامر حسني ضيف شرف هو أقرب للكوميديا منه إلى التراجيديا، وهذا الترجيح أسهل من تصديقهما.
وعلى ذات النهج يستمر المسلسل هزيلاً غير قابل للتصديق، أدوار سطحية، وتمثيل جماعي سيء خاصة من قبل الممثلة مي عمر التي تحصل على أهم الأدوار النسائية في كل مسلسل يخرجه زوجها المخرج محمد سامي.
ويواجه الأخير حالياً اتهامات الجمهور بسرقة قصة مسلسل “بريكنغ باد” الأمريكي الذي يدور حول مدرس مادة كيمياء يعمل بإحدى مدارس الثانوية العامة مُصاب بمرض السرطان، ويتجه إلى عالم الجريمة، وكل ما فعله سامي المخرج أنه أسقط القصة على بيئة الصعيد بذات التفاصيل إلى درجة تطابق بعض المشاهد.
وقد صمد المسلسل بعض الشيء في بداية رمضان، لكن المسلسل السوري “دقيقة صمت” الذي يصور بمهارة قصة “ابن غلابة” أفضل من قصة السقا، واستطاع أن يحصل على جميع الأضواء حتى في مصر بحسب التقارير الصحفية.
“الهيبة”.. تكرار رغم إتقان التمثيل
من المسلسلات التي نالت نسب مشاهدة كبيرة إضافة إلى “دقيقة صمت”؛ مسلسل “الهيبة.. الحصاد 3” للمخرج سامر البرقاوي، ومسلسل “خمسة ونص” للمخرج فيليب أسمر.
وهذا لا يعني بأنهما الأفضل، لكن الإقبال عليهما جعلهما يبدوان كذلك، إضافة إلى التنافس الشديد إلى درجة أن مسلسل “خمسة ونص” مرر مشهداً هامشياً لإحدى الممثلات وهي تشاهد مسلسل “الهيبة” واصفة إياه بالسخيف.
ولا يمكن إنكار أن مسلسل “خمسة ونص” أفضل على مستوى الحبكة والإخراج، مع أن مستوى التمثيل في مسلسل “الهيبة.. الحصاد 3” أعلى بكثير؛ فأداء سيرين عبد النور وتيم حسن وعبدو شاهين كان الأفضل، لكن زميلهم الممثل المميز أويس مخللاتي قضى مشاهدهُ بالصراخ والنواح، مما غطى على موهبته الأصيلة.
ومن الواضح أن تتر مسلسل “الهيبة الحصاد 3″؛ في مقدمته أغنية “مجبور” وفي خاتمته أغنية “أزمة ثقة” لناصيف زيتون أفضل بكثير من تتر مسلسل “خمسة ونص” أغنية “يا بتفكر يا بتحس” التي تغنيها شيرين بلهجة لبنانية ثقيلة جعلت من الصعب فهم كلمات الأغنية، والمفارقة أن الأغنيات الثلاث من كتابة علي المولى.
ويعتبر هذا الجزء من مسلسل الهيبة الأضعف، وما هو إلا مطّ وتكرار للأحداث، فلا تشعر بجديد، بل كل شيء تعرف مآله وشاهدته من قبل، فالتمثيل الجيد والممثلون الكبار كمنى واصف لا يضيفون جديداً.
وأغلب المَشاهد تدور في الغرف المغلقة بالمستشفى أو المنزل أو أمام الدرج والمصعد، والصراع في المسلسل أغلبه يقع في الحوار فقط، فنموذج البطل الذي ينقذ الناس وينشر الخير ويتخلص من المجرمين بمخالفة القوانين وتهريب السلاح، “المجرم الحنون” جبل شيخ الجبل، استنفد نفسه كشخصية وممثل، ولم يعد له جاذبية الأجزاء الأولى.
“خمسة ونص”.. تفصيل على مقاس البطلة
أما مسلسل “خمسة ونص” فيدل على أن الممثلة نادين نجيم تعلمت الآن أن تراهن على المسلسلات التي تحقق نجاحاً جماهيرياً، لكنها مع ذلك لم تتعلم تطوير أدائها الذي يشبه أداء دمية بلاستيكية، في تكرار لذات التعبيرات التمثيلية، وأحيانا ردود الفعل التي تقلد المسلسلات الأمريكية في بعض المشاهد خاصة في عملها كطبيبة في المستشفى، أو حين تكون بصحبة صديقاتها في الحلقات الأولى، دون أن تعطي هذه المشاهد روحا حقيقية ومصداقية.
ومن السهل ملاحظة أن المبالغة في أدائها مردها إلى أن الممثلة نادين سعت لأن يكون تمثيلها بسيطاً وتلقائياً لكنه جاء متكلفاً وثقيلاً، لأن هذه التلقائية التي تحاول نادين اتباعها تحتاج موهبة أولاً ثم حرفية في التمثيل.
والمسلسل كما اتضح حلقة بعد حلقة ما هو إلا دراما تم تفصيلها على مقاس نادين نجيم، فكل شيء فيه من كتابة وتصوير وإخراج وأزياء وديكور تم تطويعها من أجل نجمة جميلة حتى لو كان يثير كثيرا من الأسئلة الأخلاقية؛ كتصويرها بعض المشاهد في مخيمات اللاجئين بين الأطفال لتظهر كالأميرات صاحبات القلب الإنساني الكبير في سبيل خدمة الشخصية والدور، وهو ما اختصرته نادين في لقاء تلفزيوني حين صرحت بأن القصة تصور نوعاً ما حياة الأميرة ديانا الراحلة.
لكن هناك من له رأي مخالف تماما في المسلسل كالصحفي السوري المقيم في هولندا جورج كدر الذي كتب أن المسلسل ليس سوى قصة حياة “آل الأسد، فقد بدأ منذ مقتل ابن الأسد الكبير بحادث سيارة واستدعاء ابنه الآخر غمار (قصي خولي)، ثم الصراع العائلي بين النساء والأبناء على السلطة والمال والحزب.
وقد لعب خولي في أسوأ أداء تمثيلي له، أما الممثل السوري معتصم النهار فلم يتطلب دوره الكثير سوى النظر حوله لتأمين المنطقة باعتباره يلعب دور حارس شخصي، لذلك لا يمكن الحكم على موهبته من تمثيل هذا الدور غير الموجود تقريباً.
وبالتأكيد الإبهار البصري الكبير في المنازل والأزياء والمكياج والصراع معادلة كافية لجذب المتلقي، إضافة إلى الحكاية الخيالية التي تسير فيها أحادية الشر من ناحية وأحادية الخير من ناحية أخرى دون أن تنجح كاتبة العمل إيمان سعيد والمخرج بتقديم توليفة درامية تعيش مع الناس، بل فقط للاستهلاك الرمضاني.
“بروفا”.. الكوميديا الأفضل هذا الموسم
يعتبر مسلسل “بروفا” من إخراج رشا شربتجي من أفضل هذه المسلسلات الكوميدية في إطار يجمع بين الكوميديا وقليل من التراجيديا. أما الناحية الأولى فنجدها في حياة اثنين من الأصدقاء “ماجي أبو غصن” و”وسام صباغ” اللذين يفشلا بأن يجدا عملاً في مجال الموسيقى والتمثيل في مواقف طريفة وخفيفة ونص جميل وإخراج متقن، والجانب التراجيدي منه يصور تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على حياة المراهقين بطريقة مبتكرة، من الممكن وصفها بالسهل الممتنع.
وسرعان ما تقابل هذه الموسيقية الفاشلة شاباً مصرياً غنياً على وشك الطلاق يؤدي دوره الممثل أحمد فهمي الذي من الواضح عليه عدم الاندماج في دور كوميدي، فنجده متجمدا في كثير من المواقف أمام حيوية غصن الجارفة وقدرتها على سحب الضحكة من المُشاهد منذ نجاح مسلسلها “كراميل” مع التونسي ظافر عابدين.
وكان من السهل تمييز مسلسل “بروفا” وسط مسلسلات كوميدية ثقيلة الظل، ولا يوجد فيها ما يضحك، بل من الممكن وصف الـ”أفيهات” (نكتة أو مزحة) بأنها قديمة وغير رشيقة ولا تتمتع بأي روح دعابة، وأبرزها مسلسل “الواد سيد الشحات” فالممثل أحمد فهمي لا يثبت عاما بعد عام إلا أنه دخل المجال الخاطئ، ولم يساعده وجود خطيبته معه “هنا الزاهد” لجذب الجمهور.
“فكرة بمليون دولار”.. أداء متواضع
أما مسلسل “فكرة بمليون دولار”، فكما هي عادة الممثل الموهوب علي ربيع؛ يضيّع على نفسه فرصة تقديم أداء جيد، ومن الصعب معرفة سبب عدم اكتمال نجاحه في كل موسم رمضاني مع أن أفكاره “وأفيهاته” جذابة، وغالباً يصحبه ممثلون وممثلات على مستوى جيد، لكن يبدو أن هناك شيئا ينقص هذا الممثل الموهوب يجعلك سرعان ما تمل وتتحول عن مسلسله.
وقد حدث ذات الشيء في موسم رمضان العام الماضي في مسلسل “سك على خواتك”، والمرجح أن الممثل علي ربيع غير جيد بالدراما الكوميدية، ولكنه الأفضل في تقديم عروض كوميدية حية على المسرح.
“بدل الحدوتة 3”.. محاولة فاشلة لتقليد فوازير نيلّي
ويتبقى مسلسل “بدل الحدوتة 3″، وهو مكون من ثلاث حواديت مختلفة، فقد بدأ شديد الضعف والملل رغم أن تتر المسلسل جميل، ويُذكر بفوازير نيلّي من رقص واستعراض وغناء، وربما هذا ما تحلم به دنيا سمير غانم؛ تقديم فوزاير حقيقية، لكنها هنا حَرفتها عن مسارها بأثقال من السرد الدرامي الكثيف والأداء الآلي أحياناً.
لكن الحدوتة الثانية أفضل خاصة أن الممثل أحمد رزق الذي لا يظهر بدور كوميدي في مسلسل كوميدي، قدم خلطة جذابة من الجدية والأداء الخفيف، ورفع من المسلسل في مظهر جديد بعد أن خسر كثيرا من وزنه.
“سوبر ميرو” و”الزوجة 18″ و”البرنسيسة بيسة”.. كوميديا ثقيلة
أما بقية عائلة سمير غانم؛ أي إيمي سمير غانم فقدمت مسلسل “سوبر ميرو” الذي لم يترك أي أثر يذكر، وكذلك مسلسل زوجها الممثل حسن الرداد “الزوجة 18″، الذي من المفترض أنه مسلسل كوميدي لكنه كل شيء إلا أن يكون كذلك، ويبدو أن الرداد وزوجته سواء افترقا أو اجتمعا في عمل كوميدي فالنتيجة واحدة؛ أعمال سمجة، وعبء على الموسم وكتابة ثقيلة.
ولا تبتعد عنهما الممثلة مي عز الدين هذا الموسم في مسلسل “البرنسيسة بيسة” الذي يفترض أنه كوميدي أيضاً، فمن الواضح أنها بذلت جهدا في ازدواجية الأدوار التي تلعبها، ولكن النتائج جاءت عكسية تماما، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالشكوى من “أفيهات” المسلسل الطويلة وغير المضحكة، واتهموها بتقليد شخصية أطاطا التي قدمها الممثل محمد سعد (اللمبي) في فيلم عوكل بكثير من “ثقل الدم”.