“الدراما الليبية”.. ثورة فنية تكسر أغلال الاستبداد والحرب والإرهاب

بلال المازني

حين يحل شهر رمضان تدخل أغلب القنوات التلفزيونية العربية في سباق محموم، من أجل جذب أكبر عدد من الجمهور المحلي والعربي، عن طريق حزمة من الأعمال الدرامية التلفزيونية، لكن في المقابل سارت القنوات الليبية طيلة سنوات كثيرة خارج هذا السباق، لتدخله منذ ما يقارب أربع سنوات وتصبح محط اهتمام الجمهور الليبي والعربي وحديث النقاد هنا وهناك.

يرجع احتفاء الجمهور والمختصين بصناعة الدراما التلفزيونية الليبية لسببين أساسين؛ الأول عودة بعد فقر الإنتاج الدرامي الليبي طيلة عقود من زمن حكم الرئيس الراحل معمر القذافي الذي انتهج سياسة تهميش القطاع الفني والثقافي عموما، أما السبب الثاني فهو أن ليبيا تعيش منذ ثورة السابع عشر من فبراير من العام 2011 مواجهات مسلّحة على أرضها، وبالتالي فإن هذين السببين كافيان لتفقير المشهد الدرامي في ليبيا من جهة، وجعل الضوء مسلطا على أي عمل فني جدي يخرج من كومة الفوضى الأمنية التي تعيشها ليبيا من جهة أخرى.

طريق صناعة الدراما التلفزيونية في ليبيا قصير، كما أنه شائك ومليء بالعقبات، فكيف سار منتجو المسلسلات التلفزيونية الليبية على هذا الطريق؟ وهل أثر الظرف السياسي والأمني الذي تعيشه ليبيا منذ عشر سنوات في مضامين الدراما التلفزية؟

من كواليس تصوير مسلسل غسق لأسامة رزق

دراما الزمن الجميل.. إنتاج شحيح وأرشيف ضائع

يستحضر الليبيون بشيء من الحنين مسلسلات بثها في منتصف سبعينيات القرن الماضي التلفزيون الليبي الرسمي الذي انطلق بثه في العام 1968، ورغم شح الإنتاج الدرامي الليبي في تلك الفترة، فإن مسار الدراما التلفزيونية خلال أقل من عقد من الزمن، كان يبشر بعصر ذهبي.

يحصي المهتمون بالإنتاج الدرامي في ليبيا بضع مسلسلات أنتجت بين منتصف السبعينيات والنصف الأول من الثمانينيات، ولا يمكن لجيلين على الأقل من الليبيين أن يتعرفوا على تلك الأعمال، أو يكتشفوا مضامين المسلسلات في تلك الحقبة نتيجة لعدم توثيقها.

يقول المخرج الليبي أسامة رزق في اتصال مع الجزيرة الوثائقية: لا يوجد سوى بعض المعلومات الشحيحة بخصوص الإنتاج الدرامي التلفزيوني في ليبيا في فترة بداية حكم القذافي حتى سقوطه، وذلك بسبب عدم وجود صحافة مختصة في الفن، إضافة إلى ذلك كان الإنتاج الدرامي التلفزيوني طيلة تلك الحقبة هزيلا، ولم يكن هناك سوى بعض تجارب الإنتاج المحتشمة.

يستدرك أسامة موضحا أن ضعف الإنتاج الدرامي لا يرجع سببه إلى نفور الليبيين من مشاهدة المسلسلات والأفلام والفن عموما، إذ يقول: كان اهتمام الليبيين بالسينما والمسرح قد بدأ مبكرا في بداية القرن العشرين، لكن بعد صعود الرئيس معمر القذافي إلى الحكم بدا أنه قصد إضعاف أي إنتاج فني.

يرجّح أن أول قاعة عروض للأفلام في ليبيا ترجع إلى العام 1908، وكانت تسمى “سينماتوغراف باب بحر”، وتقع بالعاصمة طرابلس، وقد هدمها الإيطاليون خلال فترة احتلالهم لليبيا حتى لا تحجب “قوس ماركوس أورليوس” الروماني.

كان الليبيون يزورون المسارح ودور السينما، رغم أن الإنتاج المحلي كان ضعيفا جدا، وفتح لهم تأسيس التلفزيون الليبي في العام 1968 نافذة جديدة لاكتشاف الدراما التلفزيونية، كما أعطى للمخرجين الليبيين فرصة لإنتاج أعمال محلية.

المخرج الليبي أسامة رزق

 

حقبة السبعينيات.. بريق بدايات العصر الذهبي

تناقلت بعض الصفحات على موقع فيسبوك مقاطع فيديو تتضمن بعض مشاهد مسلسلات عرضها التلفزيون الليبي في فترة السبعينيات، أحدها يحمل عنوان “منزل للبيع”، وتؤدي فيه الممثلة الليبية حميدة الخوجة دور البطولة، ويروي هذا المسلسل قصة عائلة تعاني من تصرفات منحرفة لدى أحد أبنائها، وتصل معاناتها حد إعلانه عن بيع المنزل العائلي.

ولكن أشهر تلك المسلسلات وأولها أيضا هو مسلسل “الهاربة” الذي تقوم بدور البطولة فيه الممثلة حميدة الخوجة، وهو مسلسل للمخرج الليبي حسن التركي، وقد بث في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وجاء هذا العمل عن قصة للكاتب الفرنسي “غزافييه دي مونتبان” بعنوان “بائعة الخبز”، حيث تألقت الممثلة حميدة الخوجة في دور الأم التي تجاهد وتكدح وتهرب من المكائد التي تحاك لها وتتصدى لها بشجاعة. حقق مسلسل “الهاربة” نجاحا في ليبيا فكان بمثابة بارقة أمل في طريق تأسيس دراما تلفزيونية ليبية متميزة.

في السبعينيات بث التلفزيون الليبي مسلسلا بعنوان “عيلة دردنو”، وهي سلسلة فكاهية وغنائية تروي قصة فلاح يعمل بصحبة زوجته ويجني ما تنتجه أرضه، في حين يعيش معه أبناؤه الثلاثة، ولكنهم منغمسون في هواياتهم ولا يهتمون بأرضهم، ثم انقلب ذلك الإهمال إلى اهتمام بالغ بالأرض بعد أن شرب أحد الأبناء من ماء بئرهم وتبيّن له أن به رائحة النفط، انهالت العروض على الأب من قبل شركات بترولية لشراء الأرض.

الممثلة الليبية حميدة الخوجة في مهرجان “كان” سنة 1979

 

خطاب زوارة.. ثورة ثقافية تحت ظلال القائد الأوحد

في الخامس عشر من شهر أبريل من العام 1973، أعلن العقيد معمر القذافي عن بداية الثورة الثقافية في ليبيا خلال خطاب ألقاه في زوارة، وأطلق ما سماه الثورة الثقافية، ليصبح منذ ذلك الحين القائد الأوحد الذي يسجن الأجساد والأفكار أيضا. ويقول المخرج أسامة رزق للوثائقية إن نظام القذافي بدأ منذ توليه الحكم بتجفيف روافد الثقافة والفن.

في منتصف ثمانينات القرن الماضي، كان قد مضى على تأسيس التلفزيون الليبي وصعود العقيد معمر القذافي إلى الحكم قرابة عقدين من الزمن، حينها بث التلفزيون الليبي مسلسلا فكاهيا بعنوان “السوس”، وأخرجه المخرج السوري ممدوح مراد وأنتجته شركة الفجر الجديد الليبية.

حصد هذا المسلسل الجائزة الثانية في مهرجان التلفزيون العربي بالقاهرة في العام 1993، بينما توج بالجائزة الأولى حينها المسلسل المصري الشهير “ليالي الحلمية”، لكن لا يوحي هذا التتويج بإنتاج درامي غزير. يقول المخرج أسامة رزق للوثائقية: رصيدنا من الإنتاج الدرامي في ليبيا ضعيف من ناحية العدد والجودة أيضا، فهناك عدد ضخم من المنوعات القصيرة و”السكتشات”، لكنها أعمال خفيفة وبسيطة، ولا تصح تسميتها بالمسلسلات.

 

حقبة الثنائيات.. كوميديا الواقع الاجتماعي

في فترة التسعينيات إلى غاية العقد الأول من الألفية، تميزت الدراما الليبية بما يسمى الثنائيات، وهي نوع من السكتشات الحوارية التي لا يمكن في أي حال أن تحسب على المسلسلات، واشتهرت في تلك الفترة سلسلة “قالوها” التي عرضت على أجزاء كثيرة، وسلسلة “اللمة والشاهي واللوز”، وقد شدت تلك التجارب الجمهور الليبي، لكنها بقيت بسيطة ومحلية.

يشترك أغلب الأعمال التلفزيونية الليبية غالبا في المضامين، وفي النص والسيناريو غير المعقد، أما الجانب التقني فهو متواضع، وتدور قصص تلك المسلسلات غالبا حول مواضيع اجتماعية مثل علاقة الحماة بزوجة ابنها، وهو موضوع مسلسل “الكنة” (1998)، أو علاقات الجيران التي تكون متوترة حينا ومستقرة أحيانا أخرى كما هو الحال في مسلسل “العمارة” (1990)، لكن رغم بساطة تلك المضامين عاشت ليبيا نوعا من الانفتاح في مجال الفنون الدرامية.

 

مسلسل الكنة بطولة خدوجة صبري، حميدة الخوجو وهدى عبد اللطيف

الشركة العالمية للخيالة.. عباءة القذافي تحجب نور الحرية

يقول المخرج أسامة رزق: في مدينة بنغازي الواقعة شرق البلاد مثلا، كانت هناك تجارب مسرحية كوميدية، وقدمت عروض ساخرة تنتقد الأوضاع في ليبيا مثل مسرحية “المستشفى” ومسرحية “خرف يا شاعر”، لكن استقطب العقيد معمر القذافي فنانين كثيرين ودفع لهم، والفنان يحتاج إلى العيش، لذلك كان من الطبيعي أن يجذب نظام القذافي ممثلين وفنانين كثيرين، خاصة أن الإنتاج التلفزيوني يخضع أساسا للدولة.

في العام 1973 أنشئت المؤسسة العامة للخيالة، وهي هيئة عمومية تهدف إلى الإشراف على الإنتاج الفني، ثم في العام 1979 صدر قرار اللجنة الشعبية العامة للجماهيرية بإنشاء الشركة العالمية للخيالة، لتصبح الجهة الحكومية المسؤولة عن كل نشاط يتعلق بالإنتاج والعروض واستيراد وتوزيع وتسويق الأعمال الفنية، وبذلك وضع نظام القذافي يده على كل إنتاج فني تلفزيوني أو سينمائي.

كشفت صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ مايو 2013 عن محتوى حزمة من المراسلات الاستخباراتية الليبية في فترة حكم القذافي، وكان من ضمنها برقيات تتحدث عن إنتاج مسلسل، “تقول برقية تحمل سياقا فنيا، وسط كل تلك القلاقل السياسية، من شخص يدعى عبد الكريم: تحياتي.. لقد اجتمعت أمس صباحا اجتماعا مطولا تم فيه بحث عدة مواضيع، وتم التركيز على موضوعين (طبعا طلبوا عدة استفسارات عن إنتاج المسلسل)، واستمر الاجتماع نحو ساعتين، وبعد ذهابي عاودوا الاتصال معي لنجتمع مرة أخرى في المساء، وخلال اجتماع جرى مساء تم التركيز أيضا على الموضوعين بشكل مكثف (طبعا عن الأسعار وعن الممثلين المشاركين واسم المخرج)، استمر الاجتماع الثاني نحو ساعة ونصف. غدا عندي اجتماع آخر”.

 

 

 

موارد الإنتاج.. سخاء خارجي وتصحر محلي

دارت أغلب المسلسلات التلفزيونية الليبية في فلك نظام القذافي وفكر الكتاب الأخضر، رغم أن السنوات الخمس الأخيرة التي سبقت إسقاط نظامه شهدت شيئا من الانفتاح، لكنه لم يكن لخدمة الفن بحسب المخرج أسامة رزق في تصريحه للوثائقية.

لا يستوعب الفنانون الليبيون معادلة غريبة كان يعتمدها القذافي خلال حكمه، فمن جهة لم يدعم التلفزيون الليبي العمومي الإنتاج الدرامي، ولم يدعم أي هيكل ينظم العمل الثقافي في ليبيا الإنتاج الفني عموميا، ومن جهة أخرى كان القذافي وأبناؤه مهتمين بالإنتاج السينمائي، فقد مول العقيد معمر القذافي الفيلمين الضخمين “الرسالة” و”عمر المختار” للمخرج الكبير مصطفى العقاد، واستثمر ابنه الساعدي القذافي 100 مليون دولار في العام 2010، لإنتاج فيلم عن “ريتشارد كوكلينسكي” القاتل المأجور.

في المقابل عاش الإنتاج الدرامي التلفزيوني في ليبيا تصحرا طيلة أربعة عقود من حكم القذافي، لكن يبدو أن ربيع الدراما التلفزيونية في ليبيا قد حل بإنتاج أعمال مجّدتها صحف عالمية.

“دراجنوف”.. الدراما الليبية التي أينعت تحت الرصاص

في السابع عشر من فبراير من العام 2011، اندلعت الثورة الليبية التي تطورت إلى ثورة مسلحة، ومنذ ذلك الحين أصبحت ليبيا بركانا لا تخمد ناره، لكن من صور ركام المباني التي قصفت والمعارك التي اندلعت بين الليبيين، ولدت مشاهد أعمال فنية تلفزيونية، وبدت ملامح طريق جديد خطه المخرج الشاب أسامة رزق إضافة إلى مخرجين آخرين مثل مؤيد زابطية.

في العام 2014، فاجأ المخرج أسامة رزق الجمهور الليبي بعمل تلفزيوني بعنوان “دراجنوف”، كان بمثابة إعلان عن عهد جديد للدراما التلفزيونية في ليبيا، وكان وقع تلك المفاجأة حسنا، ليس على الجمهور الليبي فحسب، بل على النقاد أيضا في دول عربية وغربية، فقد استحسنت صحيفة “إيكونوميست” البريطانية هذا العمل، وكتبت في مقال بعنوان “حياة حقيقية على التلفزيون”: هذا العام أثار مسلسل ليبي منتج محليا يتناول السؤال الشائك “من فعل ماذا وقبل وأثناء وبعد الثورة في العام 2011″؛ مزيدا من الجدل، وهو جدل أكبر مما تثيره الرومانسيات المعتادة المنتجة في تركيا.

استمد مسلسل “دراجنوف” عنوانه من اسم بندقية القنص الروسية، ويروي مسلسل قصة لم يألفها الليبيون، فهو يؤرخ لمرحلة حكم القذافي ولفترة الثورة والمرحلة التي تليها، ويصور حياة شخصيات ليبية تنتمي إلى طبقات اجتماعية مختلفة وإلى مستويات ثقافية متباينة، بعضها مقرب من نظام القذافي.

 

حصد المسلسل نجاحا بسبب حرفية الإخراج والصورة، إضافة إلى مضمون لم يعتد عليه الليبيون، وقد منع التلفزيون الليبي الرسمي عرض المسلسل بتعلة أنه لا يتماشى مع تقاليد المجتمع الليبي، لكن ذلك لم يمنع المخرج أسامة رزق من خوض تجربة الأعمال الدرامية مجددا، وفي العام 2017 أخرج مسلسل “روبيك”، فكان سيناريو هذا العمل متقنا، واستخدم تقنيات ومؤثرات بصرية وصوتية محترفة، كما كان أداء الممثلين مقنعا إلى حد كبير.

أما قصة المسلسل فلم تنفصل عن واقع الليبيين الذين اختبروا كل المشاكل المتعلقة بالتهريب والهجرة غير النظامية والإرهاب وجرائم الدولة وتجارة السلاح والممنوعات التي تكون أحيانا تحت حماية شخصيات من الدولة.

واصل المخرج أسامة رزق قيادة التغيير الذي تشهده الدراما التلفزيونية الليبية بعد الثورة، وفي العام 2020 أخرج مسلسل “الزعيمان” الذي تناول السيرة البطولية للمقاومين سليمان الباروني والبشير السعداوي، بين العامين 1887-1923، وشارك 250 ممثلا من دول عربية في هذا العمل.

من كواليس تصوير مسلسل الزعيمان

“تخاريف”.. رعب حكايات الجدات في الأساطير الشعبية

لم يسر المخرج الليبي أسامة رزق وحيدا في طريق ثورة الدراما التلفزيونية الليبية، فقد حصد مسلسل “تخاريف” (2021) للمخرج مؤيد زابطية نجاحا متوقعا، فقد استغرق التحضير لهذا المسلسل قرابة سنة ونصف، واعتمدت الشركة المنتجة على مواصفات عالية الدقة في التصوير وتسجيل الصوت، واستعان المخرج بشركة أمريكية للمؤثرات البصرية كما لجأ إلى خدمات شركة “أنجل” البريطانية المتخصصة في الملابس والإكسسوارات السينمائية.

يبدو مضمون مسلسل “تخاريف” طريفا، فهو نابع من قصص الجدات الليبيات، وبه خليط من الحركة والرعب، كما ينتقد المجتمع الليبي ومأزق الأخلاق في العلاقات مع الآخر، إضافة إلى الفكر الخرافي الذي يحكم جزءا منه.

صور هذا المسلسل في درنة، واعتمد على ممثلين من هذه المدينة التي كانت معقلا لتنظيم داعش، وكأن المخرج أراد أن يطهر المدينة وأبناءها من أسوار الرعب التي ظلت تحيط بها حتى بعد تحريرها من التنظيم الإرهابي.

 

 

“غسق”.. معركة التطهير من داعش وأخواتها

في العام 2021 عرض مسلسل “غسق” للمخرج أسامة رزق، وكان هذا العمل أشبه بمسلسل “وثائقي”، فهو يوثق لعملية البنيان المرصوص التي قادها الجيش لتحرير المناطق الليبية من تنظيم داعش وحلفائه في العام 2016.

يقول مخرج هذا العمل للوثائقية: قبل كتابة سيناريو المسلسل، قمنا بعملية توثيق وبحث كامل بخصوص تفاصيل عملية البنيان المرصوص، واستعنا بالمركز الإعلامي للعملية الذي يملك كل الوثائق والأرشيف.

كانت شخصيات المسلسل خيالية، لكن كل الأحداث كانت حقيقية، واستخدم المخرج أسامة رزق تقنيات تصوير محترفة بدأت تمحو الصورة المتواضعة التي كانت سمة المسلسلات الليبية قبل الثورة، والتي طبعت في أذهان الليبيين.

ملصق مسلسل غسق للمخرج أسامة رزق

تعقيدات البيروقراطية والحرب.. تحديات الصناعة

ما يزال طريق المخرجين في ليبيا طويلا، فهم يواجهون عقبات كثيرة، وقد تؤدي مغامرة التحليق عاليا إلى الموت أحيانا، فالمخرج أسامة رزق مثلا اعتمد في تصوير مسلسل “دراغنوف” على تقنيين من تونس تنقلوا معه إلى ليبيا، ومنذ العام 2015 أصبح التصوير في ليبيا غير محمود العواقب إضافة إلى التعقيدات الرسمية وتعدد الجهات التي تصدر التراخيص.

يقول أسامة رزق للجزيرة الوثائقية: اخترنا الانتقال لتصوير أعمالنا في تونس، بسبب خوف التقنيين التونسيين من السفر إلى ليبيا، وفي الواقع توفرت لنا كل ظروف العمل المناسبة في تونس، فلا وجود لتعقيدات إدارية هنا، كما أن الضوء والعمارة والطبيعة لا تختلف عن ليبيا، ولا نجد صعوبة في إيجاد كومبارس أيضا.

يواجه صانعو الدراما التلفزيونية في ليبيا مأزقا آخر، وهو إيجاد مصادر تمويل لأعمالهم، فسوق الإعلانات ضيقة، كما أن المعلنين لا يقتنعون بمبدأ دعم الأعمال التلفزيونية، لذلك يضطر المخرجون إلى القيام بدور من المفترض أن تضطلع به الدولة.

ولكن رغم كل الصعاب التي تلاحق الدراما الليبية، فهناك قبس نور يلوح ليجعل الدراما الليبية اليوم تخرج من المحلية لتنافس أكبر الإنتاجات العربية وربما العالمية يوما ما.