“المتزلجة الصغيرة”.. ثورة التزلج في راجستان تعبر من خيال السينما إلى الواقع

عدنان حسين أحمد

الآن تحررت قدماي وصارتا كجناحَين

لِمَ لا أنسج الأحلام التي رأيتها؟

سألمس السماء وأنغمس في البهجة

لم يخطر ببال “بريرنا” ذات يوم أنها ستصبح اسما معروفا  في رياضة التزلّج، فقد نشأت وترعرت في عائلة فقيرة لا تكاد تؤمِّن قوتها اليومي، فهي تساعد أُسرتها في الأعمال المنزلية، وتبيع الفول السوداني في سوق القرية، وتعمل في الحقول المجاورة للقرية كلما أُتيحت لها فرصة العمل، فلا غرابة أن تتغيّب عن دراستها لبعض الأيام، فهي لا تمتلك زيا مدرسيا مقبولا، ولم تشترِ الكتاب المقرّر الذي يبلغ ثمنه عشرين روبية، وتتعرض دائما إلى اللوم والتوبيخ من قِبل معلميها الذين يعاقبونها بتنظيف ممرات المدرسة، حتى يجعلوها هزؤا أمام غالبية أقرانها الطلبة.

غير أن المصادفات تلعب دورها أيضا، فذات يوم تأتي “جيسيكا” (الممثلة “إيمي ماغيرا”) السائحة البريطانية ذات الأصل الهندي في زيارة خاصة إلى قرية كمبور التابعة لولاية راجستان، وتقيم في دار ضيافة آشيرفاد لصاحبها “فيكرام” الذي يروّج لنزله المتواضع وكأنه فندق كبير.

وما أن تخرج من الفندق حتى تذهب لدكان صغير تقتني منه عبوة ماء، وتبدأ جولتها في القرية، لكن أحد الطفلين المتصارعين يضربها من دون قصد بحفنة من روث الماشية، ويلوّث شعرها وقميصها الأبيض، فتعتذر لها “بريرنا” عن ما فعله شقيقها “أنكوش”، وتأخذها إلى مضخة الماء المخصصة للناس العاديين، ويدور بينهما حوار حميم نتعرف من خلاله على “جيسيكا” البالغة من العمر 34 سنة، والقادمة من لندن للتعرف على القرية التي ولد فيها أبوها. كما نتعرّف أكثر على “بريرنا” التي أحبت “جيسيكا” وانجذبت إليها سريعا، واستغربت لأنها ترّش العطر على يدها بعد أن تلمس أي حاجة تقتنيها.

يقع نظر “جيسيكا” على عربة “أنكوش” البدائية التي صنعها بنفسه، وهي تشبه لوح التزلّج، فتصورّها وترسلها إلى صديقها الأمريكي القديم “إيريك” الذي يسألها عن مكانها، فتخبره بأنها تقيم الآن في قرية كمبور التابعة لمدينة أودايبور في ولاية راجستان.

 

ظلال المهاتما وأشواك الطبقية.. ألوان المجتمع الهندي

تنفتح القصة السينمائية لفيلم “المتزلجة الصغيرة” (Skater Girl) إلى مسارات سردية متعددة، وحيثيات كثيرة تغطّي هواجس الشخصيات الرئيسية في هذا الفيلم الذي يجمع بين الدراما والرياضة والهموم العائلية في المجتمع الهندي، في حبكة قدّمته لنا كاتبة السيناريو “فيناتي ماكيجاني” بالتعاون مع شقيقتها المخرجة “مانجاري ماكيجاني”.

فقد أرادتا تناول موضوعات متعددة في هذا الفيلم، من بينها الشغف برياضة التزلج التي تُعدّ جديدة في قرية صغيرة ونائية مثل كَمبور، والفقر شبه المدقع لشريحة واسعة من المجتمع الهندي، والنظام الطبقي الذي لا يسمح لأبناء الطبقات الأربع أن تختلط فيما بينهما، ودور “المهاتما غاندي” الذي قاوم الاستبداد بحركات العصيان المدني الشامل بعيدا عن كل أشكال العنف، وكان يعتبر عدم العنف أقوى من أي سلاح صنعته براعة الإنسان.

وبالمقابل يرصد الفيلم قصصا موازية للآخر الذي يتمثل في “جيسيكا” القادمة من لندن، وصديقها “إيريك” المُعلِّم الأمريكي الذي يعمل في إحدى المدارس الهندية.

وبما أن الفيلم مؤلف من طبقات متعددة، فلا غرابة أن يأخذ بُعدا ميتاسرديا، خاصة فيما يتعلق بقصة والد “جيسيكا” الذي جرى تبنيه في سن السابعة من العمر، وقصة الملكة التي ستتبرع بمساحة واسعة من أرضها لبناء ملعب تزلج يُحدث تغييرا جذريا في حياة هذه القرية المنسية التي سوف ترفد الوطن بأبطال جُدد في رياضة التزلج الحديثة نسبيا في مضارب شبه القارة الهندية.

 

ألواح التزلج.. صخب يملأ شوارع القرية ويزعج مدير المدرسة

لا بد من الإشارة إلى أنّ المخرجة “مانجاري ماكيجاني” مولعة بشخصيات الأطفال والمراهقين، وقد قدّمت في فيلم “الرخامة الأخيرة” (The Last Marble) صبيا في عامه التاسع يصنع أشياء جميلة من الخردة المعدنية، بعد أن حطّم الأطفال منحوتته الرخامية الملفتة للانتباه.

وفي هذا الفيلم تركّز المخرجة على “بريرنا” التي لم تجتز سن المراهقة، وشقيقها “أنكوش”، وعدد من أقرانه التلاميذ الذين أحبّوا رياضة التزلج وبرعوا فيها.

تنتبه “جيسيكا” إلى ولع أطفال القرية بالعربات البدائية التي تُشبه ألواح التزلج، وخاصة عربة “أنكوش” التي أحبتها واستعملتها لبعض الوقت، وأرسلت صورة منها إلى صديقها “إيريك”، ثم رسمتها له على الآيباد والورق.

فعلى الرغم من حرمان هؤلاء الأطفال من الألعاب الحديثة، فإنهم يصنعون منها أشكالا بدائية تحفز “جيسيكا” على شراء عشرة ألواح تزلج دفعة واحدة، يملؤون بها سوق القرية وشوارعها صخبا وضجيجا، والأخطر من ذلك هو تغيّبهم عن الدراسة ليوم كامل، مما أثار حفيظة مدير المدرسة، فهو ينتمي إلى طبقة البراهمة الدينية التي لا تُحبّذ الاختلاط بشريحة الحرفيين الفقراء.

بريرنا المتزلجة تخوض سباق التزلج لأول مرة في قريتها كمبور

 

“التزلج ليس جريمة”.. احتجاج سلمي على نهج غاندي

يركز الفيلم في جانب منه على طبيعة الدراسة في المجتمع الهندي، حيث يشتمل المنهج على حصص دراسية عن مشاكل المياه الرئيسية في الهند، وعن زعيم الأمة “مهاتما غاندي” الذي قاد كفاح الشعب الهندي من أجل الاستقلال من دون عنف، وحركة “اتركوا الهند”، وعصيان ضرائب الملح، وغيرها من أوجه النضال السلمي.

وقد ربطت المخرجة بذكاء شديد بين الاحتجاجات السلمية التي كان يقودها “غاندي” وبين تلاميذ قرية كمبورا الذين تظاهروا ضد سلطات القرية التي قرّرت منع التزلج ومعاقبة المتزلجين بمبلغ 500 روبية، وهو مبلغ كبير جدا بالنسبة لهؤلاء القرويين، لذلك نظّموا مظاهرة في سوق القرية رافعين شعار “التزلّج ليس جريمة”، معربين فيها عن رغبتهم في تحقيق ذواتهم من خلال التألق في هذه الرياضة التي تمنح أصحابها الإحساس الكامل بالحرية، ويذهب بعضهم -وخاصة “بريرنا”- إلى أن التزلج يساعدهم على التحليق إلى السماء من دون أجنحة، لكنهم ما إن يروا مدير المدرسة حتى يتفرقوا أيدي سبأ.

تتطور الأحداث حين يشتكي مدير المدرسة من “جيسيكا”، ويصادر ألواح التزلج من الأطفال لأنهم يسببون إزعاجا يوميا لسكان القرية، والأهم من ذلك أنهم يتغيبون عن المدرسة، ولم يحضر منهم إلا طالبان فقط، كما يؤثرون على ابنه “سابوده” الذي بدأ يميل إلى “بريرنا” بعد أن قدّم لها الكتاب المدرسي، وسهّل عليها مشاهد برامج التزلج في الحاسوب.

تحتج “جيسيكا” على تصرفات مدير المدرسة، وتؤكد له بأن آخر ما تتمناه هو أن يتغيّب التلاميذ عن المدرسة، وأن كل ما تريده هو أن يمارس الأطفال هذه الرياضة الجديدة التي تُشعِرهم بالحرية، وتحقق لهم نشوة داخلية لم يعرفوها من قبل.

تشتبك “جيسيكا” مع ضابط الشرطة الذي يدّعي بأنّ التلاميذ يدمِّرون الممتلكات العامة، وأن قرية كَمبور ليست متنزها للتزلج، وإذا تلقّى شكوى ثانية من المواطنين فإنه سيتخذ إجراءات جدية في المرة القادمة.

بريرنا تجلس إلى جوار جيسيكا في مكان لا يسمح بالاختلاط بين الطبقات الهندية

 

لقاء تحت الشجرة.. حنين الماضي وهموم المستقبل

على الرغم من الإحباط الذي شعرت به “جيسيكا” إثر منع التلاميذ من التزلج، فإنها رأت الشجرة التي كان والدها يجلس تحتها وهو صبي صغير، بدأت تتحسس المكان بيديها، وتجلس هي الأخرى متأملة في الماضي البعيد، لكن مرور “بريرنا” يقطع عليها سلسلة تفكيرها عندما تسألها “بيبي، ماذا تفعلين هنا في منطقة الطبقة الراقية؟”

وهي تقصد إحدى الطبقات الثلاث الأولى في المجتمع الهندي، وهي البراهمة والنبلاء والبرجوازيين، أما الطبقة الرابعة فهي طبقة الحرفيين التي تنتمي إليها عائلة “بريرنا” وسائر الطبقة الشعبية في الهند، علما بأن كل طبقة منغلقة على نفسها، ولا تسمح بأن تختلط دماؤها بدماء طبقة أخرى.

تجلس “بريرنا” نزولا عند طلب “جيسيكا”، وتتجاذب معها أطراف الحديث، وتخبرها بأن التزلج هو أفضل شيء حدث لها في حياتها الآن، وأنه يُشعرها بالحرية، ويجعلها تحلق إلى الأعالي، ويمنحها فرصة الإحساس بأنها تتخلص ولو مؤقتا من ضغوطات الواقع المزري الذي تعيشه في عائلة فقيرة ومحرومة من أبسط مقومات الحياة اليومية.

جيسيكا مع الملكة “ماهراني” التي حضرت لتكريم الفائزين

 

“لم يجرؤ أحد من قبل على طلب أرضي بهذه الطريقة”

لم يبقَ من فترة وجود “جيسيكا” إلا يوم واحد فقط، لكنها كانت تشعر بأن الأطفال والصبايا هم بحاجة ماسّة لها، ورغم أن رب العمل في لندن قد رقّاها إلى درجة مخرجة إبداعية رئيسية لحملة بيتشميست الدعائية، فإنها اعتذرت له وقررت البقاء من أجل تشييد متنزه للتزلج في قرية كَمبور، على الرغم من قلة مصادرها المالية التي تكفي لإنشاء ساحة تزلج كبيرة، فكان عليها أن تطرق كل الأبواب المتاحة أمامها، لكنها فشلت في الحصول على الدعم المادي بسبب ذرائع شتى، من بينها أن هذه الرياضية لا قواعد لها، وبالتالي لا يمكن تمويلها.

عندها فقط تتوجه إلى سيدة ثرية ومثقفة يطلقون عليها لقب الملكة، واسمها “ماهراني”، وقد جسّدت دورها بإتقان شديد الفنانة المشهورة “وحيدة رحمن” التي قالت: لم يجرؤ أحد من قبل على طلب أرضي بهذه الطريقة.

وسألتها عن السبب الذي دفعها لبناء ساحة التزلج في هذه القرية النائية، فأجابت: نشأتُ في لندن، وكنتُ أعرف ما أريد بينما كنت طالبة في المدرسة، لكنني عندما سألت إحدى الفتيات في القرية ماذا تريدين أن تصبحي حين تكبرين؟ لم يكن لديها جواب، لأنها لم يطرح عليها أحد ذاك السؤال من قبل. لقد أزعجني ذلك جدا، إنهم أطفال رائعون للغاية ومبدعون مع قلة ما يمتلكون من موارد، أنظر إليهم وأتساءل إن كنّا سنكتشف عالما أو موسيقيا، أو ربما المتزلج المحترف التالي سيكون من هذه القرية إن أعطيناهم منصة وشخصا يؤمن بهم، ولا أعرف سبب شغفهم الشديد بالتزلج. أعرف فتاة تقول إنها تشعر بالحرية عندما تتزلج. لأول مرة سمحت لنفسها بأن تحلم وهذا يلهمني. الفتيات والفتيان من مختلف الطبقات الذين لا يختلطون في العادة يتزلجون الآن معا، إن لم نمنح هؤلاء الفتيات الفرصة فمن سيفعل؟

لم تستغرق الملكة طويلا في التفكير لتجيب قائلة: الناس يقاومون التغيير هنا، خاصة إذا كانت المرأة هي التي تقود عملية التغيير. هناك قواعد غير معلنة للنساء هنا وأنتِ انتهكتِ بعضها بالفعل. إن رفضتُ طلبكِ اليوم فسوف تستمر الحياة على وتيرتها المعتادة، ولكن إذا وافقت فربما سنرى غدا أفضل، وقد يمنح ذلك لبعض الفتيات الشجاعة لتحقيق أحلامهن. ابدئي بعملكِ وأتمنى لكِ التوفيق.

الفتيان والفتيات المشتركون في مسابقة التزلج الوطنية

 

بطولة الهند للتزلج.. مفاجأة التدريب تحت عباءة الليل

يكتمل تشييد ساحة التزلج خلال مدة قياسية، ويجلب “إيريك” فريقه العالمي المؤلف من “جاكوب” و”كيفن” و”إيتيا” و”ميكيل” الذين يساعدون الفتيان والفتيات للاشتراك في بطولة الهند للتزلج المفتوحة للجميع لأول مرة في الهند، ولم يبقَ أمامهم سوى ثلاثة أشهر فقط للتدريب.

وعلى كل مشترك أن يبقى 45 ثانية على لوح التزلج، وأن يستعرض أكبر قدر ممكن من الحِيل والحركات البهلوانية، مثل حركة “أولي” (Ollie) التي يضغط فيها المتزلج لوحه بقوة إلى الأسفل، ثم يحرره ويندفع إلى الأمام، وحركة “فيرت” (Vert) التي تنطوي على الدوران والشقلبات، كما يؤخذ بعين الاعتبار الأسلوب الذي يتبعه المتزلج والقوة التي يُظهرها أثناء الأداء.

ومن فرط شوقها لخوض المسابقة، تسللت “بريرنا” مع شقيقها “أنكوش” إلى ملعب التزلج ليلا، لكنها فشلت في تنفيذ حركة “أُولي”، وأصيبت ساقها اليمنى ببعض الرضوض القوية التي سبّبت لها في اليوم الثاني سقوط جرّة الماء وتهشّمها، وهو ما دفعها إلى الاعتراف لأمها بأنها تعثّرت أثناء التزلج.

جيسيكا وإيريك أمام ضابط مخفر القرية بتهمة خرق القوانين الهندية

 

“من سيتزوجها إذا تكسّرت عظامها؟”

انفعل والد “بريرنا” بشدة بعد إصابتها أثناء التدريب، فذهب مباشرة إلى “جيسيكا”، واتهمها بأنها أصبحت مصدر إزعاج في القرية، وطلب منها أن لا تُقحم ابنته في هذا الأمر، وذهب أبعد من ذلك حينما قال إنها أصبحت تكذب وتسرق وتتصرف كصبي، كما أنها توقفت عن القيام بالأعمال المنزلية بسبب الإصابة. تُرى، من سيتزوجها إذا تكسّرت عظامها؟ وطلب منها في خاتمة المطاف أن تبتعد عن “بريرنا” و”أنكوش” لأنها مثال سيء للمرأة التي تقبل بالعيش مع صديق لها قبل الزواج.

ومثل أي أم تحب ابنتها وتحاول أن تصطف معها دائما، سألتها باستغراب “لماذا تحبين التزلّج كثيرا؟”، وكانت الإجابة كالعادة بأنّ التزلّج هو قدرها، وأنها تشعر بالانتماء لهذه الرياضة التي تحلّق بواسطتها إلى السماء.

لم تجد الأم حلا آخرَ سوى اصطحابها إلى الملعب ثانية والتعرف على “جيسيكا” عن قرب، وكانت “بريرنا” مترددة في تنفيذ حركة “أُولي”، فنصحتها “جيسيكا” بأنّ الطريقة الوحيدة للتخلص من الخوف هي الخوض فيه ومهاجمته، ومع ذلك فهي تؤجل هذه المغامرة إلى وقت آخر.

بريرنا وأنكوش خارج المعبد الهندوسي

 

“إن أتيتِ معي فسأعرف أنكِ معجبة بي أيضا”.. صراع العار والهوى

تتناول قصة الفيلم العلاقة العاطفية البسيطة التي تنشأ بين “بريرنا” و”سابوده” الطالب الذي ينتمي إلى طبقة البراهمة، ويجد نفسه مُنشدّا إلى هذه الطالبة الفقيرة، فيقتني لها الكتاب المدرسي، ويجعلها تستعمل الحاسوب وتشاهد حركات المتزلجين، ويدعوها في اليوم الأخير من أحد المهرجانات الشعبية عبر ورقة مجعدة يقذفها من بعيد يقول فيها “إن أتيتِ معي فسأعرف أنكِ معجبة بي أيضا”، فتذهب معه، لكنها حين تعود تواجه غضب الوالد فيحرق لوح التزلج ويصرخ بوجهها “إن كنتِ لن تجعلينا نشعر بالفخر، فعلى الأقل لا تجلبي لنا العار”.

وفي فورة غضبه يقول الأب إنّ الوقت قد حان لكي يبحث لها عن عريس لأنه لم يعد يستطيع تحمّل مسؤوليتها، فيبيع كل ما يملك من أجل إتمام هذا الزواج، وتشتري لها الأم ملابس الزفاف، ويعدهم بأنها ستكون جاهزة بعد أسبوع لا غير، ومن سوء حظها أن المسابقة تقع في يوم الزفاف نفسه، فتبذل قصارى جهدها للهروب من المنزل بمساعدة شقيقها “أنكوش”، وتصل في الوقت المناسب، لأن الملكة صادفتها في الطريق واصطحبتها في السيارة إلى مكان ساحة التزلّج لكي تشارك في المسابقة.

المخرجة الهندية “نانجاري ماكيجاني” في أثناء تصوير مشاهد الفيلم

 

“إنها المرة الأولى التي أرى فيها هذا القدر من السعادة في هذه القرية”

تصل “بريرنا” إلى ساحة التزلج، وتقوم بالحركتين البهلوانيتين، فيصفق لها الجميع بمن فيهم الملكة نفسها التي طلبت الحديث، وقالت: قبل أن نعلن أسماء الفائزين أود أن أقول إنها المرة الأولى التي أرى فيها هذا القدر من السعادة في هذه القرية، إن أعطينا أطفالنا تلك الفرصة فحسب فربما نجد يوما ما بطل عالم من هذه القرية.

لكن البطل ليس شخصا يفوز فحسب، بل البطل الحقيقي هو شخص يُظهر الشجاعة والشغف والعزيمة عندما يواجه المحن، واليوم شهدتُ تلك الشجاعة والعزيمة في شخص ما، وأودّ أن أمنح ذلك الشخص جائزة خاصة.

ثم تنادي على “بريرنا بهيل” وتطلب منها الصعود إلى المنصة، وتمنحها وسط تصفيق الجميع -بمن فيهم الأب والأم- بروشها الخاص (دبوس زينة تزخرف به الثياب)، بينما يفرح شقيقها “أنكوش” بالحذاء الأحمر الذي تسلمه نظير مشاركته التي تميزت بالجرأة والقوة والمجازفة.

المخرجة “مانجاري ماكيجاني” أثناء تصوير فيلم “المتزلجة الصغيرة”

 

“دولفين الصحراء”.. هدية الفيلم إلى عشاق التزلج في راجستان

وسط فرح غامر يعمّ أبناء القرية والمتسابقين القادمين من مختلف أنحاء الهند نقرأ على الشاشة معلومة توثيقية تقول: شُيّدت ساحة تزلج “دولفين الصحراء” خلال 45 يوما من أجل هذا الفيلم، وهي الآن ساحة تزلّج عامة تشجّع الفتيات على تحقيق أحلامهن، هذه أول ساحة تزلّج في راجستان وإحدى أكبر الساحات في الهند.

بقي أن نقول إن المخرجة “مانجاري ماكيجاني” قد أنجزت ثلاثة أفلام، وهي “حجرة الرخام الأخيرة” (The Last Marble) عام 2012، و”طاولة الركن” (The Corner Table) عام 2014، وفيلم “المتزلجة الصغيرة” (Skater Girl) الذي عُرض في الحادي عشر من يونيو/حزيران الماضي، وقوبل بالاستحسان من قِبل النقّاد والمشاهدين على حدٍ سواء.