“عرّافو العصر الرقمي”.. خوارزميات تتنبأ بمستقبل الأفراد والأمم والأوبئة

تستطيع الحواسيب قياس معدل ذكائنا وضغط دمنا ودقات قلوبنا، ولكن هل يمكنها التنبؤ بمستقبلنا؟

إننا نعيش ثورة البيانات الكبيرة، سواء أعجبنا ذلك أم لا، ففي سنة 2013 وحدها أنتج البشر بياناتٍ تفوق ما أنتجوه في التاريخ البشري بأكمله، بلغ حجمها 4.4 مليار تيرابايت، ومنذ ذلك الوقت يزداد إنتاجنا من البيانات بمعدل 2.5 مليار تيرايابت يوميا.

نستخدم هواتفنا الذكية يوميا، ونولد بيانات عن أنفسنا وبيئتنا، وتعمل المجسات والكاميرات على تسجيل أماكننا وما نقوم به، وهذا الانفجار المعلوماتي يغيّر الطريقة التي نعيش بها حياتنا.

يمكننا تحويل كل شيء إلى أرقام: النصوص والصور والأصوات وحتى الروائح، فهل أصبحت حياتنا بأكملها محوسبة؟

يبحث العلماء عن أنماط في البيانات التي ننتجها للتنبؤ بالمستقبل بناء على الماضي، وهو ما يسمى التحليل التنبؤي، فهل يمكنهم معرفة مستقبلنا بناء على بياناتنا؟

سيحاول “بينا” و”جاكوب” مُخرجا هذا البرنامج الإجابة عن ذلك، من خلال هذا الفيلم الذي عرضته قناة الجزيرة الوثائقية تحت عنوان: “عرّافو العصر الرقمي”.

“دعوني أخبركم إلى أين سيوجهني البرنامج”.. تقنية مكافحة الجريمة

المحطة الأولى من ألمانيا، حيث يلتقي المخرجان مع “غيورغ فوكس” و”ألكسندر ماركوفيتز” لإجراء تجربة فريدة، فيسمحان لهما بالوصول إلى بيانات هاتفيهما، ويرتديان نظارة غوغل على مدى شهرين، إن بياناتٍ مثل تحديد المكان والزمان والاتصالات والرسائل ومستقبليها والتطبيقات التي تستخدمها؛ هي بيانات ترسم أنماطا عن سلوكك اليومي، وتتنبأ بسلوكك المستقبلي.

واستكمالا للمشروع يسافر “جاكوب” إلى أميركا، وتحديدا إلى كاليفورنيا، وهناك سيكون قريبا من وادي السيليكون، وهو موطن التحليل التنبؤي الذي تستخدمه الشرطة أيضا للتنبؤ بمكان وزمان وقوع الجرائم المحتملة، فمنذ 2011 تستخدم شرطة سانتا كروز برنامج “بريدبول” (BredPol) الأمني التنبؤي، وكثيرا ما تصدق نبوءته.

يمكن لخوارزمية “بريدبول” البوليسية أن تتوقع الجرائم المحتمل حدوثها وتحدد أماكنها

طُور هذا البرنامج في جامعة “سانتا كلارا” جنوب سان فرانسسكو، فتنبؤات الخوارزميات أدق من التنبؤات البشرية بمرتين أو ثلاثة، وتستخدم هذه الخوارزمياتُ بياناتِ الجرائم السابقة، بما في ذلك زمانها ومكانها وأنواعها والأسلحة التي استخدمت فيها، وتعمل الخوارزمية على إرشاد قوات الشرطة إلى حيث يوجهون دورياتهم في اليوم التالي.

يقول أحد الضباط: دعوني أخبركم إلى أين سيوجهني البرنامج، هذه نقطة ساخنة في هارفي ويست، وأخرى في منطقة الشاطئ. إن بعض نقاط الجريمة تصبح معدية مثل الفيروسات، وتتمثل هذه النقاط في نشاطات عصابات الجريمة المختلفة وأماكن وجودها ومتى ستضرب، وهذه النقاط الساخنة يسهل على الخوارزمية تحديدها والتنبؤ بزمانها أكثر من غيرها.

في النصف الأول من 2013 ارتفعت معدلات جرائم سرقة السيارات بنسبة 42%، وبعد استخدام “بريدبول” انخفض معدل هذه الجرائم بنسبة 15% في نهاية العام. يقول أحد الضباط: تقع معظم صدامات عصابات الجريمة في سانتا كروز، وقد نجح برنامج “بريدبول” في التنبؤ بأحدها، فهذا أحد أعضاء عصابة يتعرض لمراقبة لصيقة من عصابات أخرى، سنراقبه لأيام معدودة قادمة.

خيارات الاستهلاك.. ثورة رقمية تتحكم بمفاصل حياتنا

ننتقل إلى معهد التكنولوجيا في ماساتشوستس، حيث يقوم علماء الرياضيات بمقاربة مختلفة عن برنامج “بريدبول” الذي في كاليفورنيا، إنه برنامج “سايرس فانس” (Cyrus Vance) الذي يعتمد أنماطا للتنبؤ بالجرائم، إنه استمرار للجهود البشرية، ولكن الميزة أن البرنامج لا يكلّ ولا يملّ، ويمكنه العمل باستمرار في الخلفية، وإظهار النتائج حالما نريدها.

هناك من ينتقد أعمال البرامج التنبؤية هذه، ولا يقبلون فكرة أن البيئة الحالية مثالية، سواء كانت بيئة صحية أو اجتماعية أو أمنية، وبالتالي لا يقبلون أن يكون مستقبل البيئة مستمرا على نفس تلك المثالية باطّراد.

تطوع كل من “بينا” و”جاكوب” لتقديم بياناتهما بشكل مفتوح لمبرمجين سيتنبأون بسلوكهما خلال 6 أشهر

نعود إلى بيانات هاتفَيْ “جاكوب” و”بينا”، فعلى الرغم من قلّتها وعشوائيتها في الوقت الحاضر، فإن عليهما أن يتوقفا من الآن فصاعدا عن فكرة كونهما مستقلين منعزلين، وعن فكرة كونهما متفردين أيضا، فهما يتشاركان كثيرا من العادات والسلوكيات مع الناس الآخرين.

هنالك أيضا خوارزميات باعة التجزئة، إن البيانات التي نزودها للخوارزمية التي تبحث في البضائع التي يشتريها الزبائن في أوقات محددة، تساعد على التنبؤ بنمط استهلاكي معين في وقت محدد، وبالتالي تستهدف هذا الزبون بالإعلانات المناسبة لنمط استهلاكه.

كشف الأمراض.. وأد الأوبئة في أوكارها قبل الانتشار

من بين كل جامعي البيانات نجد أن غوغل هي أكثر من يراقبنا عن كثب، فمنذ نشأتها عام 1998 تعدّ خوارزمياتها الأشمل والأمثل، وهي الكيان الذي يعرف عنا أكثر مما نعرف عنه. هنالك مثلا أنماط غوغل لمرض الزكام “غوغل فلو ترندز” (Google Flu Trends)، وهو أحد التطبيقات المستخدمة في التحليل التنبؤي، حيث يحسب غوغل تواتر مصطلحات بحث معينة، وعليها يتنبأ بمكان وزمان انتشار أوبئة مثل الزكام.

“دريك بروكمان” هي خوارزمية متطورة تدرس نمط انتشار وباء معين في العالم

وفي زيورخ يستخدم الباحثون في المعهد السويسري للتكنولوجيا مقاربة مختلفة تماما للتنبؤ بالأوبئة، تبدأ العدوى في إحدى المدن، ثم تنتقل إلى أخرى، وهذا يسمح بتخزين المؤن الطبية في هذه الأماكن ومكافحة انتشار الأمراض بنجاح.

في الماضي كانت أنماط انتشار الأوبئة بطيئة وعلى شكل موجات دائرية، أما اليوم فهي سريعة وعشوائية وعابرة للقارات، نتيجة السفر عبر الجو. وهنا تتبنى خوارزمية “ديرك” (Derek) مفهوم “المسافة الفعالة” بين المطارات، فالمسافة بين المطارين الكبيرين فرانكفورت ونيويورك، أقل في نظر الخوارزمية من المسافة بين نيويورك وبنسلفانيا.

وبتحليل أنماط المطارات بشكل فردي تتحول تلك الفوضى الظاهرية إلى أنماط انتشار منتظمة تثير الدهشة، وهذا يدل على أصل انتشار المرض، وبالتالي إمكانية وضع الحلول الملائمة للحد من الانتشار.

كشف الحالة النفسية والجسدية.. طبيب في هواتفنا

يسافر “جاكوب” إلى سان فرانسيسكو لمتابعة آخر التطورات في مجال الصحة، حيث تُطوِّر الباحثة “ريتشل كالمار” المزيد من المجسات وأجهزة التتبع لمراقبة الحالة الصحية للأفراد، وللتحكم بالأمراض ومحاولة منعها. وتحاول العثور على طرق لمنع الاكتئاب، مثل تطوير مجس لشدة الإضاءة، والتحكم بها بما يتناسب مع الحالة المزاجية للفرد.

لكن ماذا لو أصبح استخدام أجهزة التتبع الصحية شرطا للخصول على التأمين الصحي؟ فكلما راقبت نفسك تقل زياراتك للطبيب، وهذا يؤدي إلى النتيجة التي تحبها شركات التأمين، إذا لم تراقب نفسك بشكل جيد فلديك مشكلة كمواطن مستحق لخدمات التأمين.

يطمح الباحثون بتطوير مجسات تتتبع الحالات النفسية للإنسان من خلال أنماط التواصل والحركة ونبرة الصوت

حتى اليوم فإن أجهزة التتبع تقيس العوامل الفيزيائية مثل النبض وضغط الدم ومسافة المشي وحرق الدهون، لكنّ ما يطمح له الباحثون هو مجسات تتبع الحالات النفسية مثل الاكتئاب: فأنماط التواصل، نمط الحركة ونبرة الصوت كلها مؤشرات على الحالة النفسية للفرد، وقياس هذه العوامل يساعد في الكشف عن حالات الاكتئاب.

إنه نظام إنذار مبكر للمريض والطبيب معا، بالنسبة للناس الطبيعيين فلهم آلية معينة للتعامل مع التوتر، ولكن إذا زادت معدلات هذا التوتر فقد يتغير سلوكهم. ستجرب “بينا” التطبيق لمدة شهرين، وبدراسة أنماط حركتها وتواصلها يريد الدكتور “توماس” دراسة حالتها النفسية واحتمال تعرضها للاكتئاب.

يطرح الواقع الافتراضي مجموعة من الأسئلة: ما هي المعلومات التي يسمح للجهات المشغلة للتطبيقات معرفتها عنك؟ إذا كان التطبيق يعطي نتيجة بنسبة معينة أقل من المثالية فهل هذا يكفي؟ وهل يحق أن نتشاركه مع الآخرين؟ وما حدود الخصوصية للأفراد؟

“كاغل”.. منصة صناعة الحلول الخوارزمية الكبرى

في سان فرانسيسكو يسعى “جاكوب” لمقابلة “أنتوني غولدبلوم” نجم البرمجة في شركة “كاغل”، ويقول: أنا أعشق البيانات، فهي موضوعية جدا ولا تكذب، فقد استطعنا تطوير خوارزميات لحل مشاكل لم أكن أحلم بحلها على المستوى البشري، مثل تصحيح مقالات طلاب الثانوية، والتنبؤ بالأدوية المفيدة لمرض ما، واكتشاف الصور، وقطاع النفط والغاز.

“كاغل” هي منصة عبر الإنترنت تستخدمها شركات مثل غوغل ومايكروسوفت وحتى ناسا، ويطلبون من المبرمجين حول العالم تقديم حلول لمشاكل معينة، وقد شارك أكثر من 200 ألف حول العالم في مسابقة “كاغل” لتقديم حلول تنبؤية، منهم الطلاب ونخبة النخبة من أساتذة الجامعات.

“كاغل” هي منصة عبر الإنترنت تقدم حلولا لمشاكل شركات كبرى أمثال غوغل ومايكروسوفت وناسا

وقد التقت “بينا” أحدهم في هامبورغ، إنه “يوزيف فايغل”، أحد أفضل 10 مبرمجين شاركوا في مسابقة “كاغل”. يقول “يوزيف فايغل”: لم أتعامل مع بيانات حقيقية خلال دراسة الجامعة، ولكن خلال هذه المسابقة، وباستخدام بيانات حقيقية، تعلمت أكثر مما حصلت عليه طيلة دراستي.

مثلا، إن أرادت شركة أدوية التنبؤ بنوعية الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالسكري، فإنها تعلن عن مسابقة على “كاغل”، وتقوم بتزويد المبرمجين ببيانات أولية مجهولة لمرضى مصابين فعليا بالسكري، ويستغرق إدخال هذه البيانات 80% من مجموع العمل في المسابقة، ويجب أن تكون محقَّقة حتى نحصل على أنماط مناسبة.

بعد إعلام الخوارزمية بهذه البيانات المحققة عن المصابين، تزود ببيانات أشخاص عاديين من أجل التنبؤ بفرصة إصابة بعضهم بالمرض، ليكون مستهدفا لاحقا بالإعلانات التجارية من شركة الأدوية.

أخلاقيات البيانات.. سلاح ذو حدين يكشف السلوك الجماعي

هنالك فرق بين الاحتمال والواقع، والإحصائيات غير مجدية تماما في الحالات الفردية، أي أن الباحثين لا يمكنهم التنبؤ على وجه الحقيقة بما سيكون عليه سلوك فرد معين، ولكن مع ازدياد العينة الخاضعة للتجارب وازدياد البيانات المدخلة، فإن التنبؤ عن السلوك العام يكون مجديا.

الأمر يتعلق بالأخلاق، فاحتمال أن يقوم أحدهم بجريمة قد يصل إلى 99%، ولكنه ليس 100% بأي حال، وفي أمريكا يمكنهم اعتقال مئة شخص لأنهم يشكون أن 99 منهم ينوون فعلا القيام بجريمة، والواحد يمكن اعتباره خطأ طبيعيا، أما في أوروبا وتحديدا ألمانيا فلا يمكنهم القيام بذلك، فهنالك شخص واحد بريء حتما، ولا يجوز اعتقاله بحالٍ.

ثمة خوارزميات يمكنها التنبؤ بالجريمة قبل حدوثها، ويتم تفادي وقوعها فعلا بنسبة لا تقل عن 20%

على مدار شهرين تمكنّا من جمع بيانات هائلة عن “جاكوب” و”بينا”، بيانات عشوائية لم تعط نمطا معينا، لأنهما يتنقلان كثيرا، ليسا بتلك الرتابة التي يتمتع بها موظفو المكاتب، فهما لا يستخدمان هواتفهما كثيرا، ليسا مثل الشباب المراهقين، مما يجعل التنبؤ بأنماط محددة عن سلوكهما صعبا.

رهانات الرياضة.. اشتراك يمنحك النتيجة على طبق من ذهب

“جاكوب” في الولايات المتحدة، بلد العجائب والمفاجآت في التحليل التنبؤي، سيقابل المبرمج “بول بيسيري” الذي يطور خوارزمية للتنبؤ بنتائج المباريات الرياضية، ويقول: أتنبأ بنتائج 10 آلاف مباراة كل عام، وتصدق تنبؤاتي بواقع 5600 مباراة في العام، وكلما حصلت على بيانات أكثر، فإنني أعلمها لخوارزميتي، من أجل تحقيق نتيجة أفضل.

لكنه يعتبر إحدى الرياضات تحديا أمام خوارزميته، بسبب سرعتها وتقلبها، ويقول: الهوكي أكثر الرياضات صعوبة، إذ يصعب تحديد الأثر الفردي للاعب على المباراة، فهي لعبة سريعة وتتبدل المواقع من فريق لآخر بسرعة وتكرار.

خوارزمية “بول” الرياضية، تشغل 50 ألف محاكاة على جميع المتغيرات الموجودة للعثور على نتيجة متوقعة للمباراة

تتوقع خوارزمية “بول” نتيجة اللعبة من خلال تشغيل 50 ألف محاكاة على جميع المتغيرات الموجودة، وتقوم بذلك في الوقت الفعلي أثناء المباراة.

هنالك مقامرون حول العالم مهتمون بتطبيق “بول”، ومنهم 10 آلاف مشترك يدفعون رسوما للموقع، للاستفادة من 56% هي نسبة نجاح هذه المقامرة، ليست نسبة كبيرة، ولكنه التطبيق الأفضل في هذا المجال.

تجنيد الجواسيس.. ثورة تتنبأ بمصائر الأفراد والأمم

“جاكوب” على يقين من أن البشر هم أقوى الآلات، ولكنه عثر في بوسطن على شركة تدّعي أنها تستطيع التنبؤ بمصير الأفراد والفرق، بل والأمم أيضا. تستثمر فيها غوغل والاستخبارات المركزية الأمريكية، وهنالك شركة مشابهة في السويد تسمى “ريكورديد فيوتشر” تنبأت بسقوط الرئيس المصري محمد مرسي قبل حدوث ذلك.

تجوب الشركة الإنترنت وتقوم بترجمة عشرات آلاف المنشورات بأكثر من 7 لغات، وتستعمل الكلمات المفتاحية المتكررة في رسم أنماط رقمية معينة، وتقوم ببيع هذه التنبؤات للشركات الكبرى ووكالات الاستخبارات. تنبؤات عن أوكرانيا وروسيا، وخط الغاز، وعصابات الدراجات النارية “ذئاب الليل” في شبه جزيرة القرم.

خوارزميات تتنبأ بوقوع أحداث مهمة في العالم يتم بيع نتائجها لوكالات استخبارات وأشخاص ذوي نفوذ

يقوم محللو البيانات بتجنيد الجواسيس حول العالم، فهل يهدفون إلى إحلال السلام العالمي، أم السيطرة على العالم؟ شركات كبيرة تعمل برعاية، وتحت إشراف الدولة، هذه تحصل على الأموال الطائلة، وتلك تحصل على النفوذ والسيطرة على المقدرات والموارد. مع أن الفرصة متاحة أكثر لوجوهٍ أكثر إفادة مثل مكافحة الأمراض والجهل والتطرف، وتوفير فرص التعليم والعيش الرغيد.

بيانات “جاكوب”.. شخص متفرد يعجز الخوارزميات

نعود إلى بيانات “بينا” عند الطبيب النفسي، ويبدو أن النتائج مطمئنة، فهي لا تعاني من حالات اكتئاب، كما أنها تسيطر على توترها بشكل جيد، أما فيما يتعلق بدراسة “فوكس” و”ماركوفيتز” فتفيد بأن “بينا” أيضا منتظمة في عملها ومواعيد نومها واستيقاظها، وطبيعة حياتها جعلت من السهل على الدراسة أن ترسم لها أنماطا تنبؤية معقولة إلى حد ما.

أما “جاكوب” فنستطيع القول بثقة كبيرة إن “فوكس” و”ماركوفيتز” قد فشلا تماما في رسم أنماط تنبؤية عن سلوكه اليومي، إنه يتنقل كثيرا بين القارات، غير مستقر جغرافيا، غير منتظم في عاداته اليومية، سلوكه لا يمكن التنبؤ به، إنه ببساطة من أولئك الأشخاص المتفرّدين.

لستة أشهر، استمرت مراقبة نمط حياة كل من “بينا” و”جاكوب”، لكن المراقبين الخوارزميين وجدوهما صعبي الاقتفاء والتنبؤ

في نهاية المطاف ليس المهم صحة تنبؤات الخوارزميات من عدمها، ولكن الأهم هو مدى إيماننا بهذه النتائج ومحاولة الاستفادة منها، فهذه التطورات لا يمكن إيقافها، ولكن الأمر يتوقف علينا في كمية الفائدة التي يمكن أن نجنيها منها.


إعلان