“روني”.. مسيرة الفتى الذهبي هدّاف إنجلترا الساحر

عدنان حسين أحمد

كثيرة هي الأفلام الوثائقية التي تتابع نجوم ومشاهير كرة القدم البريطانيين وتستقصي حياتهم الشخصية، وتبحث عن كل شاردة وواردة فيها علّهم يمسكون بفضيحة ما تلطّخ التاريخ الشخصي لهذا النجم الرياضي أو ذاك، فيؤلفون عنها الكتب، ويصعنون عنها الأفلام التي يشاهدها جمهور عريض من مشجعي كرة القدم وعامة الناس الذين يحبون أن يروا نجومهم وأبطالهم بعدسة مُكبِّرة.

هذه الفرصة النادرة يقدِّمها المخرج البريطاني “مات سميث” الذي سبق له أن أتحفنا بفيلم “ديفيد بيكهام” ولفت إليه الأنظار من زوايا مختلفة لم تخطر على بال العديد من المخرجين المحترفين، تماما كما فعل مع نجم كرة القدم العالمي “واين روني” الذي صدرت عنه العديد من الكتب والأفلام والتقارير الصحفية. لكن ثمة قصص وقضايا ظلت طيّ الكتمان، من بينها عصبيته المفرطة على أرضية الملاعب وخارجها، ومرضه النفسي، وعزلته، ومزاجه المتقلّب، وعلاقته بزوجته “كولين” التي أحبها منذ يفاعته وصباه، وتعلّقه بجدته التي كان يلوذ بها كلما ضيّقت الأسرةُ عليه الخناق.

يتوقف المخرج في هذا الفيلم عند مراحل متعددة من حياة روني، تبدأ من طفولته الشقيّة في حي كروكستث في ميرسيسايد التابعة لمدينة ليفربول، والنوادي الرياضية المتعددة التي مرّ بها، من بينها “إيفرتون” و”مانشستر يونايتد” و”ديربي كاونتي”، وعلاقته العاطفية مع كولين ابنة الحي الذي عاش وتترعرع فيه، واقترانه بها وإنجاب أربعة أولاد، وتألقه في دوري كرة القدم الإنجليزي وكأس الأمم الأوروبية، وبطولات كأس العالم في الأعوام 2006 و2010 و2014، وغيرها من المشاركات التي كان يعوِّل عليها جمهوره ومشجعوه.

 

لهذا لم يكن روني شخصا طارئا على المجتمع البريطاني، فهو النجم الكروي الأول الذي سجّل 253 هدفا لمانشستر يونايتد في جميع المسابقات، ليجعله أفضل هدّاف لهم على الإطلاق. فلا غرابة أن تلاحقه عدسات المصوريين والإعلاميين في كل مكان، وترصد كل صغيرة وكبيرة في حياته الشخصية والعامة.

هدّاف إنجلترا.. “أحب هذه اللعبة ولا أعرف شيئا غيرها”

في بعض الأفلام الوثائقية ثمة لقطات ومَشاهد قصيرة مهمة يركِّز عليها المخرج والمونتير معا، ويضعانها مثل التوطئة في مقدمة الفيلم لتغري المشاهدين بالمتابعة، ومن بين هذه الجمل المفتاحية أن روني سجّل الهدف الـ50 لإنجلترا، وهو مُحطِّم الرقم القياسي.

ثم تنقلنا هذه التوطئة إلى تصريحات روني التي يقول فيها “لستُ مُتعبا من كرة القدم، أنا أحب هذه اللعبة، ولا أعرف شيئا آخر غيرها”، ثم يُذكِّر المشاهدين بأنه لن يستطيع المضي قُدما خلال السنوات العشر القادمة، وسوف ينتقل من لاعب إلى مدرّب ومدير لأحد الأندية.

كلنا يعرف بأن روني لا يُحسن الكلام، وإذا تكلم فإنه يقول جُملا متقطعة لا تُوصل إلا القليل من المعاني، أو أنّ الإجابة لا تلامس جوهر السؤال، وغالبا ما تشذّ عنه، وهو يريد من “أقرانه اللاعبين والأصدقاء والمدرّبين وأفراد عائلته أن يتذكروه بما هو عليه، وليس لما فعل في حياته”، وهو يقصد بالتأكيد المواقف السخيفة التي حدثت في الماضي واعتذر عن حدوثها وكأنها خارجة عن إرادته الشخصية، وبحسب زعمه فإن هذه الحوادث لطّخت سمعته وجعلت الناس ينظرون إليه بطريقة مختلفة.

روني مُحطِّم الرقم القياسي بتسجيله الهدف الـ50 لإنجلترا

 

اعتمد المخرج مات سميث على بعض اللقطات والمَشاهد الأرشيفية، من بينها مشاهد عقد القران، فهو تابع للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وحينما تزوج عام 2008 ذهب إلى مدينة يوتوفينو الإيطالية وشاهدنا العروسين وهما يستمعان إلى كلمات القس عن الرباط المقدس وقَسَم الإخلاص والحُب، وتحمُّل الحياة المستقبلية بكل أفراحها وأتراحها. وعلى الرغم من اعتراض أحد القساوسة في الكنيسة البريطانية على إجراءات حفل الزواج في إيطاليا، فإن العروسين لم يعيرا هذا الأمر أدنى اهتمام، وليس هناك ما يشير إلى التزامهما الديني أو المذهبي.

“وقح مليء بالثقة”.. كولين عن روني ابن الحي الشعبي

يسلِّط هذا الفيلم الضوء على كولين التي كانت تسكن في الحي ذاته، حيث وصفت روني حينما كان في سن الـ13 أو الـ14 بأنه “وقح ومليء بالثقة، وكان يحوم حول المنطقة التي أسكن فيها”. فالعلاقة مع كولين تعود إلى سنوات الصبا، وفي حيّ شعبي لا يخلو من عنف، ويكشف عن الخلفية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للناس الذين يقطنون في هذا المكان المتواضع الذي كان يلعب فيه روني كرة القدم في الشوارع، وهي اللعبة التي يحبها ويجد ضالته فيها.

يذكِّرنا المخرج بأنّ روني يحب الملاكمة أيضا، ويتدرب عليها كلما شعر بالحاجة إلى التنفيس عن غضبه، والتسرية عن أوضاعه النفسية المتوترة، الأمر الذي سيكشف لنا لاحقا جانبا من سلوكه العصبي، والعنف الذي يبديه سواء في أرضية الملاعب أو خارجها.

أراد المخرج في فيلمه الاستقصائي أن يتابع التفاصيل الصغيرة في حياة روني العاطفية، فقد حاول هذا الشاب اليافع أن يواعد كولين ويخرج معها، وقد وعدها بالزواج حينما يكبر، وإنجاب العديد من الأطفال.

وبما أنه شاب “ساحر” فقد فاز بقلبها، ولهذا الفوز قصة أحب المخرج أن يركز عليها، إذ كشفت قصة الفيلم أن روني كان رومانسيا من وجهة نظره على الأقل، فقد كتب لها العديد من القصائد التي يُعبّر بها عن حقيقة مشاعره الداخلية وتعلّقه بفارسة أحلامه.

كولين التي تصف قصائد روني بالمضحكة ولا تحتفظ إلاّ بالقليل منها

 

لا يفرّط المخرج بخفة الظل، فيسأل كولين إن كانت تحتفظ ببعض القصائد التي كتبها العاشق المدنّف، فتجيب بأنها تحتفظ بالبعض منها، وتصفها بالرسائل المضحكة، وتعترف بأنها لم تقرأ البعض منها. فعن أية رومانسية يتحدث هذا الفتى الساحر؟

مشاكس لا يطيع الأوامر.. يلوذ بجدته عندما يغضب والده

وُلد “واين مارك روني” في 24 أكتوبر/تشرين الأول عام 1985 في كروكستث في ليفربول، وكانت الأسرة تسكن في شارع أرميل، وهو الشارع نفسه الذي تعيش فيه جدته التي يحبها ويلوذ إليها عندما يتعرض لغضب الوالد الذي ينحدر من أصول إيرلندية. وحينما يسأل المخرج والدة روني عن سلوكه العام لا تجد حرجا في القول بأنه “غير مطيع”، أو مشاكس بالنسبه لها، لكن الآخرين كانوا ينظرون إلى موهبته الكروية مثل قطعة من الذهب التي يجب أن يُعتنى بها وتُحفَظ في مكان أمين.

كان روني منذ الصغر مُدمنا على لعبة كرة القدم التي يلعبها في غرف المنزل، ويحطم الكثير من الأشياء، الأمر الذي يدفع أمه “جانيت” لأن تمنع عنه الكرة لبضعة أيام، لكنه كان يستعيض عنها بكرة قماشية يصنعها من الجوارب.

ومن حسن حظه أن ناد رياضي تلقفه منذ وقت مبكر، فقد كان يذهب مع أخويه “غراهام” و”جون” بالحافلة إلى نادي إيفرتون ليتدرب هناك لوقت طويل، ويُشبع نهمهُ من هذا النوع من الرياضة. لم يكن والده “توماس واين روني” رقيقا مع ابنه، بل كان يصفعه أحيانا أثناء المناقشة.

 

لم تكن عائلة روني غنية، بل كان الوالد يعمل بمشقة كي يؤمِّن للأسرة حياة كريمة، ولهذا كان يدقق على الكيفية التي يصرف بها روني النقود القليلة.

نادي “إيفرتون”.. قتال الوغد الصغير لزيادة رصيده الكروي

حينما عُيّن “ديفيد مويس” مدربا لفريق إيفرتون التفت إلى موهبة روني الذي كان يلعب في الشوارع والمتنزهات مع الأولاد الأكبر سنا منه، ثم تبعه المدرب “كولن هارفي” الذي رآه وهو يعبر الشارع ذات مرة، وفي اليوم الثاني دعاه للتدريب مباشرة، مُذكرا إياه بأنه يمتلك أكبر موهبة لم يرها عند أي شخص من جيله، طالبا منه عدم التفريط بهذه الموهبة الفريدة.

لم يكن روني الإنسان الألطف في حيّه في ذلك العمر، فقد ارتكب الكثير من الأخطاء والحماقات، وتشاجر مع الكثير من أقرانه وأبناء محلّته، لكنه لم يكن “بلطجيا”، وإنما فعل أشياء محددة ما كان عليه أن يفعلها.

وفي مقابل هذه المشاكسات اعتاد روني أن يذهب إلى بعض الحفلات الموسيقية، مثل “ترافس” و”ستريوفونك” و”فرقة ليفربول”، لكن هذه الحفلات تنتهي غالبا بمشادات ومعارك بين المراهقين، وكان يعود إلى المنزل ببعض الغرزات في وجهه، الأمر الذي يزعج أمه كثيرا لبعض الوقت، قبل أن تنسى الأمر بمرور الأيام.

يشهد الكثير من اللاعبين بأن روني كان “وغدا” صغيرا يلعب كابن شارع منذ اللحظة التي جاء فيها إلى نادي إيفرتون، وكان يقاتل للحصول على الكرة، ويقفز لأي ضربة رأس، ويراوغ بقوة، ويدافع بضراوة، ويهاجم بعنف شديد من أجل رفع رصيده الذي يكتنز يوميا بالأهداف.

ليس مُفوّهًا.. يقف مثل أرنب أمام الأضواء

“تييري هنري” مدرب منتخب بلجيكا لكرة القدم له رأي آخر يُضاف إلى الآراء المهمة التي قيلت بحق روني، حيث يقول “إن الناس يتحدثون عن ولد شاب في إيفرتون يسجل أهدافا جميلة، لديه بنية رجل، وحينما تلتقي عيناك بعينيه تعرف أنه يريد أن ينجح ويحطّم كل ما يصادفه في طريقه”.

الهدّاف الإنجليزي الساحر روني الذي عُرف بموهبته الكروية الكبيرة

 

أما “أرسين فينغر” مدرب فريق أرسينال لربع قرن تقريبا فهو يعبّر عن إعجابه بمهارة روني حينما يصفه بـ”الموهبة الإنجليزية الأكبر التي رأيتها في حياتي في إنجلترا، وآمل ألا يتعرّض لإصابة الآن، أو خلال السنتين أو الثلاث القادمة، إنه موهبة كبيرة”. في حين يقول روني نفسه “أنا مسرور جدا لأن حلمي أصبح حقيقة”.

الصحافة لها رأي أيضا بهذه الموهبة، فـ”جوناثان نوثكروفت” من صنداي تايمز يقول “سينتقل روني إلى سن الـ17، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها للصحافة، وكما هو معروف فإنه ليس مُفوّها وغير قادر على الكلام بطلاقة، ولا غرابة أن يغمغم بجُمل متقطعة”.

أما القول بأنه لا يعرف القراءة والكتابة فهذه إشاعة كبيرة فيها الكثير من التجني على روني الذي درس مع أخويه غراهام وجون في مدرسة “سانت سويثن” الابتدائية، ومدرسة “دو لا سال” في ليفربول، لكنه ظل يعاني من التشوش وعدم القدرة على توضيح آرائه الشخصية، ولعل تشبيه أحدهم له كان دقيقا حينما قال عنه “هذا الفتى يقف مثل أرنب أمام الأضواء”.

ما إن وقّع روني عقده مع نادي إيفرتون لمدة ثلاث سنوات ونصف وهو في الـ17 من عمره حتى تبدلت حياته كليا، وانتقل إلى مستوى آخر من الحياة، وصار بإمكانه أن يتعاقد على بناء منزل جديد ببضعة ملايين من الجنيهات الإسترلينية؛ بيت فيه غرفة خاصة للملاكمة، وأخرى للبلياردو، إضافة إلى غرف النوم والمعيشة وما إلى ذلك.

ماسة غير مصقولة.. أصغر هدّاف في تاريخ إنجلترا

ويقول “ديفيد بيكهام” كابتن الفريق الإنجليزي لمدة ست سنوات عن روني “لم أرَ العديد من اللاعبين مثله، بقوته وقابليته وثقته وقدرته على تسجيل الأهداف”.

 

وعلى الرغم من أهمية المباريات الدولية، فإن روني حينما مثّل بلده أول مرة شعر بأنه كان مستعدا، لكنه لم ينسَ أبدا بأن يمتّع نفسه، فاللعب مقرون بالمتعة الذاتية، وهذا ما فعله روني حينما فاز المنتخب الإنجليزي على تركيا اثنين مقابل صفر، ليصبح روني أصغر هدّاف في تاريخ إنجلترا العالمي.

ربما يكون وصف “أوليفر هولت” من ديلي ميرور دقيقا عندما شبّهت ظهور روني السحري بـ”ماسة غير مصقولة”، وهذا ما كان يحتاجه الجيل الذهبي.

وعودة إلى بيكهام الذي قال عنه “لم أشك للحظة واحدة بأن روني سيكون أحد الأسماء التي نتوقع لها مستقبلا كبيرا”.

عقد مجز مع مانشستر يونايتد.. وحياة أسرية مستقرة

ربما يكون الاسترخاء على أشده، فالمنتخبات الراقية تختار غالبا أفضل الفنادق التي توفر للاعبين أعلى درجات الراحة والمتعة، فقد اختارت إنجلترا للاعبيها أحسن فندق في لشبونة، وهو فندق حصين على رابية جميلة، وسيمكثون فيه لمدة كافية تؤهلهم لخوض المباراة، إنه فندق فخم يتخلصون فيه من كل الضغوط النفسية التي يواجهها اللاعبون قبل خوض المباراة، حيث المسابح الجميلة وأحواض الماء الباردة جدا التي تقترب من درجة الانجماد.

الناس في الأعم الأغلب يحبون “ميسي” و”كريستيانو رونالدو”، وبذات القدر يحبون روني الذي كان في سن الـ18 أفضل لاعب في العالم، بل إنه في مباراة إنجلترا وسويسرا أصبح أصغر لاعب يسجّل هدفا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية، وكل أوروبا تتذكر هذا الاسم  بعد فوز إنجلترا على سويسرا بثلاثة مقابل صفر.

يستذكر روني جدته كثيرا، فهي الوحيدة التي كانت تحب أن تراه يلعب كرة القدم من دون أن تتذمر، وحينما يتحدث عنها الآن يشعر بنوع من الحماية، ويتغلّب على ضعفه في بيئة لم تكن مؤازرة له بالكامل، فزوجته كولين تعرف أنه يرتاد بعض الأماكن المشبوهة، ويرافق أصدقاء مدمنين على الكحول كانت تتحملهم على مضض، ومع ذلك فهي لم تطلب منه أن يقطع علاقته بهم، وإنما لم تكن تريده أن يتورط في بعض المواقف السيئة، ولهذا كانت تراقبه وتضيّق عليه الخناق، رغم أن البعض كان يتساءل: لماذا لم تتخلص منه منذ سنوات؟ لكنها كانت تتأنى كثيرا، ولا تتخذ مواقف سريعة قد تندم عليها لاحقا، خاصة وأنها تستمع إلى أبويها اللذين يقدّمان لها آراء إيجابية في موضوعات كثيرة تساعدها في أن تتعايش مع العديد من المواقف الصعبة.

صورة تجمع روني بزوجته كولين التي كان يحثها البعض على الانفصال عنه نظرا لأصدقائه المدمنين وارتياده الأماكن المشبوهة

 

يوقّع روني عقدا مهما مع مانشستر يونايتد بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني، فيعود الهدوء إلى حياته الأسرية، ويكسب المشجعين بسهولة في ظاهرة غير مسبوقة، ويسجّل ثلاثية ضد “فينيرباخ”، ويبدأ بتعزيز موقفه في البيت وعلى أرضية الملاعب، ولا غرابة في أن نراه منغمسا في اللعب مع أطفاله معوّضا ما فاته من مُتَع الطفولة.

موهبة متقدة.. لكن مع رعونة وغضب

يتعرض روني لإصابة في مشط القدم في أوقات حرجة مثل اقتراب بطولة كأس العالم عام 2006. ورغم حاجته الماسة لستة أسابيع من الراحة، فإنه يشارك في هذه المباراة المصيرية. وفي أثناء التدريب على الأراضي الألمانية أخبره الطبيب المختص بأنه سليم ومعافى وبإمكانه أن يلعب في المباراة القادمة، لكنه ما إن وجّه ضربة قوية إلى العارضة حتى شعر بتمزق في عضلة الأربطة.

وفي مباراة السويد ضد إنجلترا بقي روني يلعب لمدة 69 دقيقة، لكنه ضرب المدرب في النهاية لأنه كان يريد أن يلعب، الأمر الذي دفع الكثيرين لانتقاده وتوجيه اللوم لسلوكه المتوتر الذي يوحي وكأنه واقف على حافة الانهيار.

وفي مباراة إنجلترا ضد البرتغال في الربع النهائي يُطرد روني الموهبة المميزة للفريق البريطاني من كأس العالم، وقد قال عن هذه العقوبة القاسية “ما أزال حتى الآن لا أعرف كيف عاقبني الحكم، كان رأسي مشوشا، وقد كسّرت بعض الأشياء في غرفة الملابس التي دخلتها، حيث جلست هناك وشعرتُ بأنّ ذلك المكان هو الأكثر وحدة في حياتي”. فمن الممكن ألا يلعب في نصف النهائي، ومن المحتمل ألا يُشارك في المباراة النهائية بسبب أخطائه الجسيمة.

قناص الفرص وصانع الأهداف المذهلة الهدّاف الإنجليزي روني

 

ورغم ذلك يظل روني الفتى الذهبي لكرة القدم البريطاني، وعليهم أن يحافظوا عليه لأن الشعب البريطاني بحاجة إلى موهبتة المتوقدة.

اعتزال اللعب.. “لقد أغلقت فصلا من حياتي”

يلتحق “كريستيانو رونالدو” بنادي مانشستر يونايتد، وتتوثق علاقته بروني، وتتعاضد الموهبتان معا فيهزمان فريق فولهام. وحينما تُوج مانشستر ببطولة العالم سنة 2010 وجهت الصحافة سؤالا كبيرا لروني مفاده “هل هي مسؤولية كبيرة بأن تحمل آمال الأمة؟”، ليجيب جوابا بسيطا خاليا من العجرفة والغرور حينما قال “أنا لا أفكر بهذه الطريقة، أعتقد أن علينا أن نبذل كل ما بوسعنا كلاعبين في الفريق، لقد تدربنا جيدا للنهائي، ونأمل بأن نعيد الكأس لبلدنا”.

وفي خضم هذه الأحداث الرياضية التي تتأرجح بين الانتصارات والهزائم يُعيد المخرج التذكير بحادثة الخيانة الزوجية، ليتأكد من أن كولين قد غفرت له هذه الخطيئة الكبيرة التي اقترفها، لكنها ظلت تصر على أن هذه الخيانة غير مقبولة.

يحتاج المخرج إلى نهاية درامية لا تخلو من شدّ وترقّب، فاختار الخبر السيئ الذي يقول بأن روني لن يوقِّع العقد من جديد، وأنه يريد مغادرة نادي مانشستر يونايتد الذي سبق وأن قال عنه إنه أعظم نادٍ في العالم، وإنه يريد أن يبقى فيه طوال حياته. يُجدِّد العقد بقيمة 200 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا لخمس سنوات، ويعتذر لمدير النادي وللاعبين والمشجعين، مؤكدا أنه يفعل كل شيء من أجل أن يفوز.

يعتزل روني مهنته كلاعب عبقري عظيم، ويستلم منصبه الجديد مدربا لـ”ديربي كاونتي”، ويختم فيلمه بالقول “إنها بداية جديدة، لقد أغلقتُ فصلا من حياتي. هناك الكثير الذي يجب أن أتعلمه، وأن أقدّم الأفضل، وأن أُوصل النادي إلى الدوري الإنجليزي الممتاز”.