“ديفيد بيكهام.. سيئ السمعة”.. مطبات قوية في مسيرة أسطورة كرة القدم الإنجليزية

كان في وقت مضى أغنى لاعب في العالم، وعقدت في عهده أكبر صفقة مالية في تاريخ كرة القدم، كما كان أكثر النجوم حضورا في وسائل الإعلام، خاصة بعد أن تزوج نجمة موسيقى “بوب” مشهورة، وامتد نشاطه لفضاءات العروض الإشهارية، من خلال تمثيله لعدد من العلامات التجارية المهمة، لتجتمع فيه جميع منطلقات النجاح، ويصبح اسمه على طرف كل لسان، فما هي أبرز هذه المحطات التي مر عبرها هذا اللاعب الأسطورة؟
“بن سمبي”.. أيقونة رياضية تحت عدسات مخرج محترف
اختار المخرج “بن سمبي” المختص في السير الذاتية للأفلام الوثائقية لاعب كرة قدم إنجليزي غير عادي، بعد أن لمع اسمه لسنوات، وصار من أكثر الشخصيات الرياضية تداولا واهتماما وحضورا وشهرة وثراء، أي بعبارة أخرى أصبح أيقونة كرة قدم.
وقد جاء الفيلم تحت عنوان “ديفيد بيكهام.. سيئ السمعة” (David Beckham: Infamous)، وهو من إنتاج سنة 2022، وقد أظهر “بن سمبي” أبرز المحطات التي مر بيها “بيكهام”، دون أن يتورط في نقل العموميات على عادة الأفلام الوثائقية، وهذا انطلاقا من الخبرة التي يملكها في هذا اللون السينمائي، إذ يرتكز على مرجعية مهنية وتجربة محترمة انعكست في الأفلام التي أنجزها، من بينها تناوله لسيرة الممثل السينمائي “جيمي فوكس” تحت عنوان “جيمي فوكس.. سر النجاح” (2022)، إضافة إلى فيلم عن الرياضي في الفنون القتالية “بروس لي”، وغيرهم من الشخصيات الأخرى.
ورغم المدة الزمنية القصيرة نسبيا التي اعتمد عليها المخرج في فيلم “ديفيد بيكهام” (يبلغ 69 دقيقة)، فقد نقل كل الجوانب المهمة في حياة هذا اللاعب، من بينها علاقته بمنتخبه الإنجليزي، ولقد قدّم في هذا الجانب لمحات سريعة عن هذا المنتخب، حتى يظهر الدور المحوري الذي لعبه “ديفيد بيكهام” عندما كان في الفريق، إضافة إلى حياته الشخصية ومشواره الكروي والنكسات الكثيرة التي مر بها.
منتخب الإنجليز.. سوء حظ يلازم رائد اللعبة في كأس العالم
نقل المخرج “بن سمبي” في فيلمه “ديفيد بيكهام.. سيئ السمعة” جانبا من التاريخ الكروي للمنتخب الإنجليزي، انطلاقا من لعبه أول مباراة رسمية في العالم سنة 1872، عندما واجه منتخب أسكتلندا، من هنا اعتُبر أن هذا البلد مهد لكرة القدم الحديثة، غير أن الحظ كان عاثرا مع إنجلترا في كثير من دورات كأس العالم، إذ تسجل مشكلة معه في كل دورة انطلاقا من لاعبيه، أو المنتخب الخصم، أو مشاكل تنظيمية أخرى، لتصبح تلك المشكلة أو الحادث علامة بارزة في تلك الدورة من كأس العالم.
ورغم هذا التاريخ العريق فإنه لم يحصل على كأس العالم سوى مرة واحدة سنة 1966، وهي المرة الوحيدة التي حمل فيها الإنجليز الكأس الحلم، لكنهم اعتبروا هذا الأمر غير كافٍ، وفي كثير من المرات رأوه أمرا مخزيا، لكن بالرجوع لأبرز المحطات التي مر عليها هذا المنتخب في كأس العالم سنجد بأنه شارك في جميع نهائيات كأس العالم لكرة القدم باستثناء الأعوام 1930-1934-1938-1974-1978-1994، ووصل إلى مرحلة ربع النهائي في الأعوام 1954-1962-1970-1986-2002، ومرحلة نصف النهائي في عامي 1990-2018، ورغم هذا يبقى الأمر غير كاف نظرا لتاريخه العريق.
مفاجأة المرمى اليوناني.. صلح مع الجماهير بعد حادثة الضرب
أورد المخرج “بن سمبي” الدور التاريخي الذي لعبه “ديفيد بيكهام” في صنع هذه المعطيات، خاصة بعد أن تسبب في خروج منتخب بلاده من كأس العالم التي نظمتها فرنسا سنة 1998، بعد أن ضرب اللاعب الأرجنتيني “دييغو سيميوني” في الدور الـ16، مما تسبب بطرده ببطاقة حمراء، وعقّد مهمة فريق بلاده الذي لعب بعشرة لاعبين، ليخرج منهزما بضربات الترجيح، وقد جلب له ذلك كره ملايين من عشاق الفريق الإنجليزي، وحتى من اللاعبين.
وقد أورد زميله اللاعب “مايكل أوين” في كتابه “إعادة انطلاقة حياتي” هذه الحادثة بشيء من الحسرة، إذ كتب: سأكذب عليكم إن قلت إن ما فعله “ديفيد بيكهام” في ذاك اليوم لم يخيب أمل كل لاعب في المنتخب الإنجليزي وقتها. “ديفيد” خذلنا، وما زلت أشعر بالاستياء لهذا الأمر حتى اليوم.
بعد تلك الحادثة كرهت جماهير كرة القدم “بيكهام”، لكنه عاد بعد أربع سنوات وصحّح خطأه الفادح، إذ ساهم في ترشح منتخبه لبطولة كأس العالم سنة 2002، بل يعود له الفضل في هذا الترشح حين سجل هدفا في الدقائق الأخيرة على الفريق اليوناني الخصم، وهذا في المباراة الفاصلة المؤهلة لكأس العالم سنة 2001، عندما سدّد ركلة حرة ناجحة فاجأ بها حارس المرمى اليوناني، وقد ساهمت هذه الحادثة في المصالحة بينه وبين الجماهير.

مدرسة كرة القدم للمواهب الشابة.. ميلاد موهبة عظيمة
بعد النكسات المتتالية للمنتخب الإنجليزي -التي أوردنا بعضها في الفقرة أعلاه- قرر وقتها اللاعب السابق للمنتخب السير “بوبي تشارلتون” الذي شهد تتويج بلاده بكأس العالم؛ تأسيس مدرسة لكرة القدم لتدريب المواهب الشابة وتطويرهم، وتزويدهم بمهارات عالية الجودة.
ومن بين الاكتشافات المهمة التي حققتها المدرسة اكتشافها للصبي “ديفيد بيكهام” الذي حقق نجاحا كبيرا سنة 1986، بعد فوزه في مسابقة المهارات الوطنية لمدرسة كرة القدم وهو ابن 11 سنة، لتفتح أمامه أبواب المجد في عوالم كرة القدم، فقد وقّع عقدا مع أهم العالمية “مانشتر يونايتد”.
وحين بلغ 16 عاما بدأت موهبة “بيكهام” بالظهور، ففاز بكأس اتحاد الشباب سنة 1992، وبالبطولات الاحتياطية سنة 1994، وقد انضم في خطوات احترافه الاولى مع فريق “ليتونستون”، لكن هذه البداية كانت متواضعة، فقد اجتهد فيما بعد وطوّر كثيرا من قدراته، ليتألق في فرق عريقة وعالمية، مثل “مانشستر يونايتد” و”ريال مدريد” و”باريس سان جرمان” و”ميلان” و”لوس أنجلس كالكسي”.
“فيكتوريا آدامز”.. علاقة سرّية استغلتها الصحافة الصفراء
تزوج “ديفيد بيكهام” عام 1999 من مغنية البوب “فيكتوريا آدامز” التي كانت عضوا بارزا في فرقة “سبايس غيرلز” الموسيقية، وهذا بعد علاقة سرية بينهما.
وقد وجد الإعلام العالمي والصحافة الصفراء مادة دسمة في هذه العلاقة، لهذا ركزوا عليهما بشكل خاص، وأصبح “بيكهام” الرجل الذي لا يغيب عن الصحافة مطلقا، وقد استغلت العلامات التجارية العالمية هذه الشهرة الكبيرة لصالحها، فوقعت العشرات من عقود الدعاية والإشهار لمنتجاتهم معهما، خاصة شركة الألبسة “أديداس” التي كان ممثلها ووجهها الإعلامي، حتى إن فريق “لوس أنجلوس كالاكسي” استغل هذه الشهرة ووقع معه عقدا خياليا بقيمة ربع مليار دولار لمدة خمس سنوات، وقد أعاد هذا العقد الفريق إلى واجهته الاقتصادية والرياضية، ووسع من شريحة متتبعيه، إلا أنه في المقابل وضع عددا من الفرق الرياضية في حرج مادي بسبب العقد المرتفع.
كما أثر هذه التركيز الكبير على عائلته بشكل كبير، إذ وقعوا في هجومات شخصية عليه وعلى زوجته “فيكتوريا” وحتى أطفاله ووالديه، وقد أثر عليه الأمر بشكل ما، لكنه استطاع أن يتجاوزه في كثير من المرات بعد أن تعود على اجترار ضريبة النجاح والشهرة.

عنصر التشويق والإثارة.. مونتاج سريع يصنع جمالية الفيلم
صدرت عدة أفلام ومسلسلات مهمة تناولت سيرة “ديفيد بيكهام”، كما شارك هو أيضا كممثل في عدد منها، لكن يبقى فيلم “ديفيد بيكهام.. سيئ السمعة” من بين الأفلام المهمة التي تناولت سيرة هذا اللاعب، لأن المخرج “بن سمبي” استطاع أن يختصر هذه المسيرة الطويلة في أبرز المحطات، دون أن يقلل من إنجازات هذا اللاعب.
أما من الناحية الفنية فقد خلق فنيته عن طريق المونتاج السريع الذي يجعله ينتقل من مشهد إلى آخر بشكل سريع، حتى لا يقع العمل في الرتابة والملل، كما أنه أحسن اختياره وتوظيفه للأرشيف السمعي البصري المتعلق بهذا الموضوع، بل إنه خلق البديل في ظل غياب الوثائق البصرية أو عدم حصوله عليها بسبب أو بآخر، فوظّف الراوي في عملية تشكيل تلك الأحداث بطريقة مدروسة، وهو الأمر الذي خلق جمالية إضافية.
وقد تلاعب المخرج في عملية تقديم القصة، إذ اعتمد على تقنية “الفلاش باك”، وهو العنصر الذي ولّد عن طريق عنصري التشويق والإثارة، لتجتمع تلك العناصر كلها، وتولّد الجمالية الكلية التي تقدم الفيلم في صورته النهائية وبشكله الفني.
“بيكهام”.. تاريخ حافل بالأوسمة والألقاب والبطولات
حقق “ديفيد بيكهام” عددا من الإنجازات في كرة القدم والتجارة والإشهار والعروض وغيرها، وقد نقل عدد من المواقع المتخصصة هذه الإنجازات والنجاحات المهمة، وهي على الترتيب التالي:
· ترشيح الكرة الذهبية 1999.
· جائزة الفيفا لأفضل لاعب في العام: الجائزة الفضية 1999 و2001.
· لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي الممتاز أغسطس/آب 1996.
· أفضل صانع ألعاب في الدوري الإنجليزي مواسم (1997-1998) و(1999-2000) و(2000-2001).
· أفضل لاعب شاب وفقا لرابطة اللاعبين المحترفين موسم (1996-1997).
· جائزة “السير مات بوسبي” لأفضل لاعب في الموسم (1996-1997).
· جائزة التكريم من اتحاد كتاب كرة القدم عام 2008.
· أفضل لاعب في إنجلترا عام 2003.
· تشكيلة العام من وسائل الإعلام الرياضية الأوروبية موسم (1998-1999).
· أفضل لاعب في دوري أبطال أوروبا موسم (1998-1999).
· أفضل لاعب خط وسط في دوري أبطال أوروبا موسم (1990-1999).
· فريق الموسم في دوري أبطال أوروبا موسم عامي 2001 و2003.
· أفضل هدف في العقد عام 1996.
· أفضل تشكيلة في العقد (من موسم 1992-1993 وحتى موسم 2001-2002).
· شخصية العام من “بي بي سي سبورتس” عام 2001.
· شخصية العام للإنجاز مدى الحياة من “بي بي سي سبورتس” عام 2010.
· أفضل لاعب في ريال مدريد موسم 2005-2006.
· فريق العام من رابطة اللاعبين المحترفين في المواسم (1996-1997)، (1997-1998)، (1998-1999)، (1999-2000).
· أفضل 100 لاعب من الفيفا.
· جائزة إيسبي (ESPY) لأفضل لاعب كرة قدم 2004.
· جائزة إيسبي (ESPY) عام 2008.
· أفضل لاعب شاب في موسم 1996-1997.
· جائزة أفضل لاعب من الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم عام 2011.
· جائزة رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 2018.
· وسام المملكة البريطانية الشرفي برتبة ضابط عام 2003.
· أول لاعب إنجليزي يسجل في ثلاث بطولات من كأس العالم.
· أول لاعب إنجليزي يحقق أربعة ألقاب في 4 دوريات مختلفة (الفرنسي، الإنجليزي، الأمريكي، الإسباني).