“مارتن سكورسيزي”.. أسطورة “بابا” السينما الأمريكية وعراب سينما العصابات

دخل السياسي الأمريكي “بوس تويد” إلى معقل “أمستردام فالون” رجل العصابات الصاعد بسرعة الصاروخ، وسط أنهار من دماء خصومه، وجلس بانتظاره متأملا خرائط مدينة نيويورك وفخامة المكان، مع ما فيه من أرفف وألواح خشبية تتراص خلف الجدران. ثم تصاعد الدخان من سيجار الضيف، وقد لاحظ دخول “أمستردام” المتوتر دائما.

قدم “تويد” إلى “فالون” عرضا محددا، وهو التحول من صراع العصابات على مستوى الشارع إلى أروقة السلطة السياسية، ثم أثنى على نفوذه المتصاعد في منطقة “النقاط الخمس” (Five Points) في مانهاتن بنيويورك، وأنهى العرض قائلا: أستطيع أن أضمن لك مقعدا في مجلس الشيوخ، وعليك أن تعلم أن الدماء تبقى في الشوارع، ولكن السلطة تمارس هنا.

يكاد يكون المشهد السابق من فيلم “عصابات نيويورك” (Gangs of New York) الذي أُنتج عام 2002 تلخيصا مركّزا لرؤية المخرج الأمريكي “مارتن سكورسيزي”، التي تتكرر بأشكال مختلفة في أغلب أفلامه.

فهو يرى أن النظام السياسي بالولايات المتحدة الأمريكية ليس إلا معادلة، أطرافها قوة العصابات ونفوذ السياسيين، وهي الأطراف التي أبادت السكان الأصليين، في أحدث أفلامه “قتلَة قمر الزهور” (Killers of the Flower Moon)، الذي يوثق فيه قصة شرطي وسياسي مجرم، انشغل نهارا بمظهر الشرطي، وليلا بقتل السكان الأصليين.

يرسم “سكورسيزي” في أفلامه ملامح علاقة دقيقة بين العصابات والسلطة السياسية، مؤكدا أنهما كيانان متشابكان في صراع السيطرة واكتساب الشرعية، ويعكس هذا الربط استكشافه لكيفية تأثير العنف والسلطة والفساد في تشكيل الهياكل والهويات المجتمعية، مؤكدا حقيقة مفادها أن العنف والسيطرة هما أساس الهوية الأمريكية.

يعد “سكورسيزي” من أهم رموز السينما الأمريكية، مخرجا ومنتجا وكاتبا، وقد أخرج 26 فيلما روائيا، ثم أنتج وأخرج أكثر من 100 فيلم وثائقي، ورُشح لجائزة الأوسكار تسع مرات، نال منها جائزة واحدة من فئة أحسن مخرج، وذلك عن فيلم “الراحلون” (The Depart) الذي عُرض عام 2006.

كما فاز بالسعفة الذهبية بمهرجان “كان” الفرنسي عام 1976 عن فيلم “سائق التاكسي” (Taxi Driver)، وفاز بأكثر من 45 جائزة أمريكية وعالمية أخرى.

ابن حي إيطاليا الصغيرة.. نشأة بين هويتين

ولد “مارتن سكورسيزي” في نوفمبر/ تشرين الثاني 1942 في نيويورك، وهو ابن “كاثرين” و”تشارلز سكورسيزي”، وكلاهما إيطاليان مهاجران، ثم أمضى طفولته في حي إيطاليا الصغيرة “ليتل إيتالي” النابض بالحياة والمضطرب في مانهاتن، بمدينة نيويورك.

نشأ “مارتن” في هذه البيئة الغنية ثقافيا، وعاش التقاليد والعواطف وتعقيدات الحياة الإيطالية الأمريكية، ودفعه تمسك الأسرة الكاثوليكية إلى الشغف بالعمل في الكنيسة، لكنه طُرد سريعا من المدرسة الكهنوتية ” لأنه غير منضبط”، فتحول من مشروع “قسيس” إلى “بابا” السينما الأمريكية بلا منازع.

كان “مارتن” طفلا مريضا وضعيفا، فلم يشارك أقرانه الرياضة، ورأى والداه أن يخففا عنه باصطحابه إلى السينما. ثم تخرج من الثانوية والتحق بجامعة نيويورك في عام 1960، وهناك درس السينما، ونال الماجستير عام 1966. وأصبح أستاذا في هذه الجامعة ما بين 1968-1970.

كان أثر الثقافة الإيطالية على “مارتن” معادلا تماما للثقافة الأمريكية، لكن ما جعله ساردا قصصيا عظيما هو ذلك العنف الذي ساد شوارع الحي، والعصابات التي أصبحت جزءا رئيسا من حكايات أفلامه وأدواته للتعبير عن سرديته.

شعلة السينما.. شغف بدأ بين أحضان الأب

كان الأب “تشارلز سكورسيزي” ممثلا مخضرما، فأشعل شغف ابنه “مارتن” عبر مشاركته قصصا عن تجاربه في الصناعة، وحبه للأفلام، لذلك بدأ الصغير يصنع أفلامه القصيرة بكاميرا 8 مم مستعارة، ويجرب سرد القصص والتقنيات البصرية.

وقد تشكلت ملامح تجاربه السينمائية المبكرة من خلال أفلام الواقعية الجديدة الإيطالية، لمخرجين مثل “فيتوريو دي سيكا” و”روبرتو روسيليني”. وقد أحدثت هذه الأفلام بواقعيتها الجريئة وتعليقاتها الاجتماعية، صدى عميقا في وجدان “مارتن”، وأثرت على أسلوبه ونهجه في صناعة الأفلام.

بعض أفلام المخرج “مارتن سكورسيزي”

يعكس “سكورسيزي” في أفلامه انشغاله الدائم بموضوعات الهوية والذنب والخلاص، وهي تجلٍّ واضح لصراعاته الخاصة مع تراثه المزدوج، وقد تحدث بصراحة عن التحديات التي لقيها في التعامل مع توقعات مجتمعه الإيطالي الأمريكي، بينما كان يسعى في الوقت نفسه إلى شق طريقه.

صراع الهوية في الفن السابع.. رجل بين وطنين

يتجلى توتر “مارتن سكورسيزي” في بعض شخصياته، مثل “ترافيس بيكل” (الممثل روبرت دي نيرو) في فيلم” سائق التاكسي”، وكذلك “جاك لاموتا” (الممثل روبرت دي نيرو أيضا) في فيلم “الثور الهائج” (Raging Bull)، وهما شخصيتان دخيلتان على بيئتيهما، لكنهما ناتجان عنها أيضا.

ولم ينسحب من صراع الهوية الذي واجهه، بل قرر أن يخوضه على طريقته، فهو راهب سينمائي لا يعرف في الحياة من طرائق التعبير إلا لغة الفن السابع، ولا ينافسه مخرج درامي سوى نفسه حين يكون مخرجا وثائقيا.

لذلك أبحر في تاريخ السينما الأمريكية بسلسلة وثائقية هي “قَرن من السينما” (Century of Cinema)، ثم في تاريخ السينما الإيطالية بوثائقي آخر هو “رحلتي إلى إيطاليا” (My Voyage to Italy)، ولم يكن الفيلمان إلا محاولة للتوفيق بين هويتيه، في محاولة للوصول إلى ما تعنيه الدولتان له.

الأصدقاء والعائلة في قلب السينما

اكتسب “مارتن سكورسيزي” من ميراثه الإيطالي قدرة على تكوين الصداقات والمحافظة عليها، لذا لم يكن غريبا عليه أن يصبح القاسم المشترك بين كثير من صناع الفن ونجومه، ومنهم:

“ستيفن سبيلبرغ”

ينتمي “سكورسيزي” و”سبيلبرغ” إلى ما يسمى جيل “أطفال الأفلام” (Movie Brats)، وهم مخرجون أحدثوا ثورة سينمائية في السبعينيات. وقد أدى الاحترام المتبادل بينهما إلى تعاونهما، مثل عملهما في الحفاظ على تاريخ السينما من خلال “مؤسسة الفيلم”.

تهدف المؤسسة إلى الحفاظ على السينما وترميمها، وضمان بقائها للأجيال القادمة، وقد رممت أكثر من 1000 فيلم حتى الآن، منها الفيلم المصري “المومياء” (1969)، للمخرج الراحل شادي عبد السلام.

“ستيفن سبيلبرغ”

“فرانسيس فورد كوبولا”

بصفته زميله في صناعة الأفلام في حقبة السبعينيات، لطالما تقاسم المخرج “كوبولا” مع “سكورسيزي” حب السينما ورواية القصص، وقد لعب “كوبولا” دورا حاسما في مسيرة “سكورسيزي” المهنية.

“فرانسيس فورد كوبولا”

وقد أسهم دعم “كوبولا” المبكر له إسهاما كبيرا في مساره المهني، وعزز مكانته حتى أصبح من أعظم صناع الأفلام في التاريخ.

“جورج لوكاس”

يشترك المخرج “جورج لوكاس” مع “سكورسيزي” في صداقة حميمة مهنية، نابعة من أيامهما الأولى في صناعة الأفلام، وكان كلاهما جزءا من موجة “هوليود الجديدة” (New Hollywood Era) من صناع الأفلام في السبعينيات، وقد تجاوزا الحدود وتحديا معايير صناعة الأفلام التقليدية.

“جورج لوكاس”

“براين دي بالما”

كان المخرج “براين دي بالما” هو من قدّم الممثل “روبرت دي نيرو” إلى “سكورسيزي”، فأشعل شرارة واحدة من أعظم علاقات التعاون بين المخرج والممثل في تاريخ السينما. وتمتد صداقتهما عقودا من الزمن.

“براين دي بالما”

“روبرت دي نيرو”

تجمع بين “سكورسيزي” والممثل “روبرت دي نيرو” واحدة من أكثر الشراكات شهرة بين المخرجين والممثلين، فقد تعاونا في أفلام أيقونية، منها:

  • “سائق التاكسي” (Taxi Driver) عام 1976.
  • “الثور الهائج” (Raging Bull) عام 1980.
  • “رفاق طيبون” (GoodFellas) عام 1990.

كما تجمعهما صداقة شخصية وثيقة.

“روبرت دي نيرو”

“ليوناردو دي كابريو”

في السنوات الماضية، طوّر “سكورسيزي” علاقة مماثلة مع الممثل “ليوناردو دي كابريو”، وتعاونا في عدد من الأفلام، منها:

  • “ذئب وول ستريت” (The Wolf of Wall Street) عام 2013.
  • “قتلَة قمر الزهور” (Killers of the Flower Moon) عام 2023.
“ليوناردو دي كابريو”

“هارفي كيتل”

ظهر الممثل “هارفي كيتل” في أفلام “سكورسيزي” المبكرة، مثل:

  • “مَن ذا الذي يطرق بابي؟” (Who’s That Knocking at My Door) عام 1967.
  • “شوارع لئيمة” (Mean Streets) عام 1973.
  • “سائق التاكسي” (Taxi Driver).
  • “أليس لم تعد تعيش هنا” (Alice Doesn’t Live Here Anymore) عام 1974.
“هارفي كيتل”

عازف الغيتار “روبي روبرتسون”

تعاون عازف الغيتار في فرقة “ذا باند” (The Band) مع “سكورسيزي” في فيلم “الفالتس الأخير” (The Last Waltz) عام 1978، وعمل مستشارا موسيقيا في عدد من أفلامه.

“روبي روبرتسون”

“بوب ديلان”

أخرج “سكورسيزي” الفيلم الوثائقي “لا طريق للمنزل” (No Direction Home) عام 2005، ويدور حول “بوب ديلان” الحاصل على جائزة نوبل، وقد أظهر حبهما المشترك لسرد القصص من خلال الموسيقى.

“بوب ديلان”

أثر العائلة

وقد أثرت عائلة “سكورسيزي” أثرا عميقا على صناعة أفلامه، فقد ظهر والداه في عدد من أفلامه، كما ألهمت بناته مشاريعه أيضا.

فعلى سبيل المثال، أدى اهتمام ابنته “فرانشيسكا” بكتاب اختراع “هوغو كابريت” إلى دفع “سكورسيزي” لتكييفه في فيلم “هوغو” (Hugo) عام 2011.

تزوج “سكورسيزي” 5 مرات، ولديه 3 بنات، أكبرهن “كاثرين” التي عملت في صناعة الأفلام، في المقام الأول في قسم الدعائم، وأسهمت في بعض الأعمال، منها فيلم “كازينو” (Casino) عام 1995، وهو من إخراج أبيها، كما ظهرت ممثلةً في بعض المسلسلات.

محطات سينمائية صنعت الأسطورة

من بين 26 فيلما روائيا، تبرز عشرة أعمال، استطاع “سكورسيزي” أن يصنع بها اسما يصعب أن يتكرر في عالم الإبداع السينمائي، ذلك أنه ذو قدرة عظيمة على اختيار قصص ذات صدى عاطفي وشخصيات مركبة، ويقدمها مصحوبة بسحر بصري مذهل.

في عام 1973، أخرج فيلمه “شوارع لئيمة”، وقدم فيه موضوعات وأساليب حددت مسيرته المهنية فيما بعد.

تدور أحداث الفيلم في حي إيطاليا الصغيرة في نيويورك، ويحكي قصة مجرمين صغار يكافحون الشعور بالذنب والطموح، وهو من بطولة “هارفي كيتل” و”روبرت دي نيرو”، وقد جعل هذا الفيلم “سكورسيزي” مخرجا تجب متابعته.

سكورسيزي ممثلا في فيلم هوغو

ويعد فيلم “سائق التاكسي” أبرز أعماله، فهو فيلم إثارة نفسية يتعمق في عقل “ترافيس بيكل”، وهو محارب مضطرب في حرب فيتنام، ويؤدي دوره “روبرت دي نيرو”.

تدور أحداث الفيلم في شوارع مدينة نيويورك المتدهورة في السبعينيات، ويتناول موضوعات الاغتراب والانحلال الحضري والغموض الأخلاقي.

وقد أصبحت جملته الشهيرة “هل تتحدث معي؟” حجر أساس ثقافي، وأصبح الفيلم من أيقونات السينما الأمريكية، ونال جائزة السعفة الذهبية في مهرجان “كان”، بالإضافة إلى ترشيحات متعددة لجوائز الأوسكار.

وفي عام 1980، أخرج “سكورسيزي” فيلم” الثور الهائج”، وهو دراما سيرة ذاتية عن الملاكم “جيك لاموتا”. وقد اشتهر بتصويره بالأبيض والأسود، وأداء “دي نيرو” المتحول.

يتناول الفيلم موضوعات الرجولة والغضب وتدمير الذات. وكثيرا ما يُستشهد به بوصفه أحد أعظم الأفلام على الإطلاق، وقد نال عنه “دي نيرو” جائزة أوسكار لأفضل ممثل، كما عزز سمعة “سكورسيزي”، بوصفه راويا ماهرا للقصص.

ويعد فيلم “رفاق طيبون” من أشهر أعمال “سكورسيزي”، وهو ملحمة جريمة آسرة، تروي حياة رجل العصابات “هنري هيل” (الممثل راي ليوتا). وقد أعاد الفيلم تعريف نوع العصابات، بالسرد الحركي، والكوميديا السوداء، والاستخدام الرائع للموسيقى.

وقد نال الممثل “جو بيشي” جائزة أوسكار لأفضل ممثل مساعد في الفيلم، وغالبا ما يصنف من أعظم الأفلام على الإطلاق، وقد أشيد به لنظرته الجريئة إلى جاذبية الجريمة المنظمة ووحشيتها.

“روبرت دي نيرو”، و”مارتن سكورسيزي”، و”راي ليوتا”، و”جو بيشي”، و”بول سورفينو” بعد تصوير فيلم “رفاق طيبون”

وفي عام 2006، أخرج “سكورسيزي” فيلم “الراحلون” (The Departed)، وهو فيلم إثارة وجريمة مشوق، عن ثنائية ضابط شرطة سري (الممثل ليوناردو دي كابريو) وجاسوس (الممثل مات دايمون)، بداخل شرطة بوسطن والعصابات الأيرلندية.

يتميز الفيلم بالدراما المعقدة، والأداء المكثف، والضبابية الأخلاقية، وقد فاز بأربع جوائز أوسكار، منها أفضل فيلم وأفضل مخرج، وأكسب “سكورسيزي” جائزة الأوسكار التي طال انتظارها عن الإخراج.

كما حقق “سكورسيزي” معادلة الكوميديا السوداء بنجاح في فيلم “ذئب وول ستريت” عام 2013، وهو مستوحى من مذكرات سمسار البورصة “جوردان بيلفورت” (الممثل ليوناردو دي كابريو).

نال الفيلم إشادة وانتقادا على حد سواء، وقد أصبح ظاهرة ثقافية، وحصل على ترشيحات متعددة لجوائز الأوسكار، وعزز قدرة “سكورسيزي” على صياغة قصص مقنعة عبر شتى الأنواع.

الملصق الدعائي لفيلم “ذئب وول ستريت”

في عام 2010، استكشف “سكورسيزي” الرعب النفسي بفيلم “جزيرة شاتر” (Shutter Island)، وهو فيلم يتناول الصدمات وهشاشة العقل، وقد حقق نجاحا تجاريا، وشارك في بطولته “ليوناردو دي كابريو”، وأظهر موهبة “سكورسيزي” في ابتكار سرديات مليئة بالأحداث والتقلبات.

وهو ما حققه فيلم” هوغو” عام 2011، الذي نال خمس جوائز أوسكار، وهو تكريم مذهل بصريا للسينما المبكرة، ولا سميا للمخرج “جورج ميلييس”، فضلا عن تكريم الفيلم له برواية سيرة حياته، كما احتُفي به لاستخدامه الرائد لتقنية الأبعاد الثلاثية.

وقد أخرج “سكورسيزي” أيضا فيلم “الرجل الأيرلندي” (The Irishman) عام 2019، وهو ملحمة تأملية حول الجريمة المنظمة، وتأثيرها على الشيخوخة والأخلاق.

يشارك في بطولة الفيلم “روبرت دي نيرو” و”آل باتشينو” و”جو بيشي”، وهو فيلم يتميز بتأملات لافتة في مكافحة الشيخوخة، وتأمل عاطفي في الموت. وقد حصل على 10 ترشيحات لجوائز الأوسكار.

“عصابات نيويورك”.. محطة فارقة في مسيرة ثرية

أخرج “سكورسيزي” فيلم “عصابات نيويورك” (Gangs of New York) عام 2002، وقد أدى دورا محوريا في مسيرته، فكان نقطة تحول على المستويين الفني والتجاري.

كان هذا الفيلم الدرامي التاريخي مشروعا شغوفا لدى “سكورسيزي”، وقد سمح له بالتعمق في تاريخ مسقط رأسه الغني مدينة نيويورك، مع استكشاف الموضوعات التي فتنته طوال حياته المهنية؛ ألا وهي القوة والعنف والهوية الثقافية.

مارتن سكورسيزي وفرحة الأوسكار

تدور أحداث الفيلم في منتصف القرن التاسع عشر، خلال السنوات المضطربة التي عاشها حي “فايف بوينتس” في نيويورك، ويروي حرب عصابات وحشية بين الأمريكيين المولودين في أمريكا، بقيادة “بيل كاتنغ” (الممثل دانيال داي لويس)، والمهاجرين الأيرلنديين، ممثلين في شخصية “أمستردام فالون” (الممثل ليوناردو دي كابريو).

لم يُظهر الفيلم قدرة “سكورسيزي” على إعادة تشكيل ملامح منطقة محددة في زمن فات فقط، بل عزز أيضا تعاونه مع “ليوناردو دي كابريو”، الذي أصبح شخصية محورية في عدد من أعمال “سكورسيزي” اللاحقة.

فتح هذا التعاون عصرا جديدا لدى “سكورسيزي”، فسد الفجوات بين الأجيال في جمهوره، وضمن أهميته في السينما الحديثة. وكان الإنتاج نفسه مشروعا ضخما، تضمن مجموعات متقنة، وأزياء معقدة، وسردا مترامي الأطراف، سلط الضوء على التوترات الاجتماعية والسياسية في ذلك العصر.


إعلان