“فرانسيس فورد كوبولا”.. مسيرة متوجة بالجوائز وأحلام مغامرة

في نهاية عام 2024، دعت قناة “كريتريون” المخرج الأمريكي الكبير “فرانسيس فورد كوبولا”، بعد عرض فيلمه الأحدث “ميغالوبوليس”، فنراه وقد شاخ مستندا على أرفف خزانته، خوف أن يسقط.
ثم يقول: أنا منجذب الآن لأعمال “جاك تاتي” الكاملة، فهو صانع أفلام عظيم، ولطالما آمن بالأفلام التي أراد صنعها، ووضع في إنتاجها كل ثروته، لأنه ما من أحد أراد تمويل أفلامه. لكن، حين رأى آخر أفلامه النور كان إخفاقا كبيرا، ومات مفلسا وهو غير مدرك أن فيلمه “وقت اللعب” (Play Time)، الذي وضع فيه كل ثروته، سيصبح فيما بعد تحفة فنية.
اقرأ أيضا
list of 3 items- list 1 of 3“جولييت بينوش”.. لقطة مقربة لأجمل امرأة في السينما
- list 2 of 3فيلم “طوفان”.. مأساة مفعمة بالأمل عن قطة تواجه فناء العالم
- list 3 of 3المخرج الايطالي “باولو سورينتينو” يتأمل مدينته وذاته والوجود الإنساني..في فيلمه” الجمال العظيم”
قناة “كريتريون” (Criterion) شركة توزيع فيديو منزلي، مقرها نيويورك، تهتم بترميم كلاسيكيات السينما العالمية، وتدعو شخصيات بارزة في صناعة الأفلام لزيارة خزانتها، واختيار أهم الأفلام التي أثرت على إبداعهم.

حين أسمع “كوبولا” يتحدث عن “تاتي”، يخيل لي أنه يتحدث عن نفسه، فقد وضع من حر ماله 120 مليون دولار في إنتاج فيلمه “ميغالوبوليس” (Megalopolis)، وكان مشروع شغف قديم منذ 4 عقود، رفضت كل شركات الإنتاج تمويله.
ومع أن فيلمه أخفق إخفاقا كارثيا في شباك التذاكر، وكان عائده النقدي متواضعا، فإن “كوبولا” يؤمن أنه في المستقبل سيحقق ما حققه فيلم “تاتي”. ولا يقتصر التمويل على هذا الفيلم، فكثيرا ما وضع “كوبولا” ماله في إنتاج أفلامه التي لم يرغب أحد في تمويلها.
حين يذكر “فرانسيس فورد كوبولا”، فعادة ما تستعاد من الذاكرة تحفه السينمائية وملاحمه الكلاسيكية، مثل ثلاثية “العراب” (The Godfather)، و”المحادثة” (The Conversation)، و”القيامة الآن” (Apocalypse Now)، أو اقتباسه الأجمل لتحفة “دراكولا” (Dracula) للكاتب “برام ستوكر”.

لكن مسيرة “كوبولا” من أكثر المسيرات تقلبا في تاريخ السينما الأمريكية، ففيها إحباطات كثيرة، كان أغلبها مشاريع شغف وأحلام لمخرج ذي رؤية شديدة الخصوصية للسينما والعالم، كان آخرها “ميغالوبوليس”.
ففيها نرصد الوجه الآخر أو الجانب المظلم في مسيرة واحد من أكثر المخرجين السينمائيين مغامرة، في صناعة لا تتقبل أقل مخاطرة.
ملك متوج في السبعينيات المجيدة
نال “فرانسيس فورد كوبولا” في عقد السبعينات كل ما يحلم به مخرج سينمائي في مسيرة مكتملة، فقد افتتحه بفوزه بأوسكار أفضل نص أصلي عن فيلم “باتون” (Patton)، الذي أخرجه “فرانكلين جي شافنر” (1970)، وكان ذلك في وقت تصوير فيلم “العراب”، ولم تكن الأوضاع جيدة مع إستوديو “باراماونت”.
كان “كوبولا” يشاهد حفل توزيع جوائز الأوسكار على التلفزيون مع صديقه “مارتن سكورسيزى”، وكان يشكو له توجسه من اختيار مخرج آخر بديلا له في أي وقت، فلما أعلن فوزه بالجائزة، نظر إليه “سكورسيزي” وقال له: قل لي الآن كيف سيستبدلونك؟

نجح الجزء الأول فيلم “العراب” (1970) نجاحا هائلا، فوضع “كوبولا” في الصدارة، ورسخ مكانته مخرجا، فقد أحدث ثورة في نوعية سينما العصابات، وجنى أرباحا هائلة في دور العرض، وفاز بثلاث جوائز أوسكار من أصل عشر ترشيحات، كما نال تقييمات نقدية شبه مثالية. وحصل على أوسكار أفضل فيلم، وأفضل سيناريو مقتبس لـ”كوبولا”، بالمشاركة مع “ماريو بوزو” صاحب الرواية، وأوسكار أفضل ممثل رئيسي لـ”مارلون براندو”.
أصبح الجزء الثاني من فيلم “العراب” (1974) أول تتمة تفوز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم، وقد حظي بتقدير كبير من النقاد، ونال “كوبولا” جائزتي أوسكار أخريين، عن أفضل سيناريو مقتبس، وأفضل مخرج، فأصبح ثاني مخرج يفوز بهذه الجوائز الثلاث عن فيلم واحد، أما الأول فهو “بيلي وايلدر” عن فيلم “الشقة” (The Apartment) الصادر عام 1961.
في نفس العام 1974، أصدر “كوبولا” فيلم الإثارة “المحادثة” (The Conversation)، الذي فاز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وتنافس مع “العراب2” على جائزة أفضل فيلم، وكأن “كوبولا” كان يتنافس مع نفسه هذا العام.

مع هذه النجاحات التي حققها “كوبولا” في النصف الأول من السبعينات، كان يمكن أن يذهب الى أي مكان آمن وستتبعه شركات الإنتاج، لكنه قصد غابات الفلبين ليشعل حربا أخرى هناك، فقد ذهب ليصنع فيلما عن الحرب، مستوحيا رواية “قلب الظلام” للكاتب “جوزيف كونراد”، وهي رواية قصيرة صدرت عام 1889، وتتناول أهوال الاستعمار في الكونغو البلجيكية.
لم ترغب الإستوديوهات الكبرى بتمويل الفيلم، بل أرادت أن ينتج “كوبولا” فيلما آخر عن العصابات فرفض، وكان عليه أن يتبع قلبه، حتى لو ذهب إلى قلب الظلمات. يقول “كوبولا”: إذا ما صنعتَ أفلاما لا تعرف صنعها، فستتعلم الكثير. أما إذا صنعتَ أفلاما تعرف صنعها، فقد تجني مزيدا من المال، لكنك لن تتعلم شيئا.
بلغت تكلفة الجزء الثاني من فيلم “العراب” 14 مليون دولار، وقدّر “كوبولا” أن فيلم “القيامة الآن” (Apocalypse Now) سيتطلب ميزانية مماثلة، فجمع 7 ملايين دولار (معظمها من أرباح فيلم العراب)، وجمع 7 ملايين أخرى من شركة “يونايتد آرتيستس” بعودته إلى حيلة قديمة، فقد باع الإستوديو حقوق توزيع الفيلم محليا على مدى 7 سنوات.

وللحفاظ على السيطرة الإبداعية وحقوق الفيلم، رهن منزله في سان فرانسيسكو، واقترض أموالا بضمان ملكيته لفيلم “العراب”، وكاد مصنعه للنبيذ “إنغلينوك” أن يعرض للبيع أيضا. لذا قال إن إنتاج هذا الفيلم غيّر شخصيته للأبد، لقد أراد السيطرة الكاملة، وكاد أن يكلفه ذلك كل شيء.
يختتم “كوبولا” عقده الاستثنائي بعمله الملحمي “القيامة الآن” (1979)، الذي نجح نجاحا كبيرا في شباك التذاكر، ومنحه سعفة ذهبية أخرى. لا شيء يدل على تقلبات مسيرة “كوبولا” أكثر من حقيقة أنه أعقب نجاح فيلم “نهاية العالم الآن” بأكبر إخفاق في مسيرته.
إفلاس وإحباطات متتالية في الثمانينيات
يعد “فرانسيس فورد كوبولا” ملك قصص الإنتاج الفوضوية، كما عرف دائما باستعداده للمخاطرة، وتجربة أشكال سينمائية شتى، وإن بدت محفوفة بالخطر. لقد فضل “كوبولا” دائما التجريب على كل شيء آخر.
وبعد تجربة إنتاج طويلة ومضنية مثل “القيامة الآن”، لم يرد الركون إلى الحلول الآمنة، بل أراد في فيلمه “واحد من القلب” (One from the Heart) أن يعيد خلق مدينة سان فرانسيسكو في الإستوديو، لتكون خلفية لحكاية حب قديمة عن عاشقين، يخون كل منهما الآخر ثم يعودان مرة أخرى في نهاية سعيدة معتادة.
كان هذا الفيلم موسيقي الطابع، وقد ركز فيه “كوبولا” على الجانب الخيالي في السينما، فاتخذه عنصرا يعيد به إنشاء واقع مختلق، ويتلاعب بالواقع، ليصبح أحيانا سرياليا وضد الواقع.

قفزت ميزانية الفيلم إلى 26 مليون دولار، ولم يكسب في شباك التذاكر سوى 630 ألف دولار فقط، فغرق “كوبولا” في ديونه، وأعلن إفلاسه عدة مرات في الثمانينيات.
وبعد كارثة ذلك الفيلم، أنتج عددا من الأفلام، لم يحالفها النجاح أيضا، فمنها:
- “الغرباء” (The Outsiders) عام 1983.
- “سمكة رامبل” (Rumble Fish) عام 1983.
- “نادي القطن” (The Cotton Club) عام 1984.
- “بيغي سو قد تزوجت” (Peggy Sue Got Married) عام 1986.
- “حدائق الحجر” (Gardens of Stone) عام 1987.
- “تاكر.. الرجل وحلمه” (Tucker: The Man and His Dream) عام 1988.
لقد كانت الثمانينات عقدا قاحلا في حياة “كوبولا”، ومع نهايته صار أكثر غرقا في ديونه، ولم ينقذه منها إلا فيلم “دراكولا” عام 1992، الذي أنهى مشاكله المالية، فقد جنى عوائد قدرت بـ83 مليون دولار، مقابل ميزانية إنتاج قدرها 40 مليون دولار.
حلم فردوس المخرجين الناشئين
أغرقت كارثة “واحد من القلب” المخرج “فرانسيس فورد كوبولا” في الديون، وأجبرته على خسارة إستوديوهات “زوتروب” التي كان يحبها، وذلك بعد عجزه عن سداد ديونه، وكان قد أنشأها عام 1969 مع صديقيه “جورج لوكاس” و”والتر ميرش”، وهي شركة إنتاج سينمائي تحمل اسم “أمريكان زوتروب”. كما استطاع إقناع “وارنر بروس” بتمويل الأفلام السبعة الأولى التي ستنتجها الشركة.
كان يحلم أن تكون شركته منافسة لهوليود، وفردوسا للمخرجين الناشئين، لكنّ فشل باكورة إنتاجها “تي اتش اكس 1138” (THX 1138) الذي أخرجه “جورج لوكاس” أجهض الحلم في بدايته.
فقد سحبت “وارنر” دعمها المالي، وغرقت الشركة في الديون، فاضطر “كوبولا” للتخلى عن المشاريع الخاصة، والعمل مرة مع الإستوديوهات لتسديد ديونه، وقد جاء مشروع “العراب” ضمن هذه السياق، لكن ما صنعه من هذا المشروع كان أمرا آخر.

ففي نهاية السبعينات، وبعد نجاح “القيامة الآن”، استعاد “كوبولا” الحلم مرة أخرى، وأراد أن تصبح شركته مجتمعا طوباويا، يسعى له المخرجون من كل العالم.
فتح “كوبولا” بيته لاستقبال مخرجين، منهم “فيرنر هيرتزوغ” و”فيم فيندرز”، كما التقى “كوروساوا” و”جان لوك غودار”، لتوزيع أفلامهم في أمريكا، وكان أول عمل ينتجه مصنع الأحلام هو “واحد من القلب”، وقد أطاح فشله الذريع بحلم “كوبولا” القديم.
لم يستعد “كوبولا” قط بريق السبعينات المجيدة، بل ظلت أغلب أفلامه خلال العقود التالية بعيدة تماما عن البصمة العبقرية، التي تركها على فن السينما، باستثناء لحظة سطوع عابرة مطلع التسعينات، حين قرر العودة لتميمة حظه، بإخراج جزء ثالث من ملحمة “العراب”، وحين أخرج أجمل اقتباسات الرعب “دراكولا” (Dracula) عام 1992.
الأصداء الذاتية في إخفاقاته السينمائية
كل فيلم صنعه “فرانسيس فورد كوبولا” كان فيلما يرغب في صنعه، ونجح كثيرا في أن يمرر به جزء من ذاته، ولطالما رغب في صنع أفلام ذاتية على غرار السينما الأوروبية التي أحبها، والحق أن هذه الأفلام الصغيرة التي أخفق أغلبها تجاريا، تبرز ذاته أكثر من أفلامه الأوفر حظا في النجاح.
فأفضل أفلامه في مرحلة ما قبل “العراب” هو فيلم “أناس المطر” (The Rain People) عام 1969. وفيه يظهر مدى تأثره بالسينما الأوروبية الحديثة، فقد أصر على التصوير خارج الإستوديو بلغة سينمائية حداثية.
وقد استوحى الفيلم من بعض أحداث طفولته، عندما اختفت أمه عدة أيام، بعيدا عن البيت والعائلة. ويأتي الفيلم محاولة منه لحل هذا اللغز، وتبرز سمة العزلة هنا، التي ستتكرر كثيرا في كثير من أفلامه، وأبرزها “المحادثة”.

مرة أخرى، يستوحي “كوبولا” في “واحد من القلب” قصة الحب في فيلمه الكارثي من حياته الشخصية، وتحديدا من علاقته التي تطورت مع مساعدته “ميليسا ماثيسون” خلال تصوير “القيامة الآن” في الفلبين، وعلى إثرها أوشك زواجه على الانهيار.
أما فيلمه “سمك الدمدمة” (Rumble Fish) عام 1983، فهو من أفلام هذه المرحلة التي يشعر “كوبولا” بالرضا عنها، نحن أمام حكاية عن الافتتان بين “رستي جيمس” (الممثل مات ديلون) بطل الحكاية وبين أخيه الأكبر. يحكى “كوبولا” هنا عن مشاعر الاغتراب، ثم المصالحة بين شقيقين متمردين.
هذا الفيلم هو ثاني اقتباس له في نفس السنة من أعمال الروائي الشاب “إس. إي. هينتون”، بعد فيلم “الغرباء” (The Outsiders) ذي الطابع الكلاسيكي.
تأتى هذا الحكاية انعكاسا لافتتان “كوبولا” بأخيه الأكبر الذي يهدى له الفيلم، وقد كتب على الخاتمة: أهدي هذا الفيلم إلى أخي “أوغست كوبولا”، الذي كان معلمي الأول والأفضل.
على نحو غامض يتحول “سمكة الدمدمة” بعد سنوات من إنتاجه إلى ما يشبه الـ”كالت” (Cult)، وهي أفلام لا تحقق إيرادات كبيرة وقت نزولها في السينما، وتقابل بآراء ناقدة من النقاد، لكنها تشتهر وتقابل بآراء إيجابية في وقت لاحق.
وقد نشأت طائفة من الفنانين يبجلون بإفراط هذا الفيلم المنسي “كوبولا”. وسنجد أيضا أصداء هذا الافتتان في علاقة الأخوين في الفيلم السيري المصور بالأبيض والأسود “تيترو” (Tetro) عام 2009.

تتشكل في فيلمه “حدائق الحجر” (Gardens of Stone) عام 1987 علاقة عميقة بين الرقيب “هازارد جيمس” الذي يعمل حارسا شرفيا بمقبرة “أرلينغتون” الوطنية مع ابن أحد رفاق السلاح القدامى، إنها علاقة أقرب لعلاقة أب بابنه.
يعود الفتى ميتا من فيتنام ليدفنه الرقيب في الحديقة الحجرية. يصعب على المشاهد تصور الفكرة هنا، حين نعلم بالمأساة التي ضربت حياة “كوبولا” بوفاة ابنه البكر “جيان كارلو” وهو ابن 23، حين تحطم زورق بخاري كان على متنه.
هل كانت وفاة الابن في الفيلم تردد صدى الحياة الواقعية للمخرج؟ هل كان هذا الصدى موجودا أيضا في صرخة “مايكل كورليوني” في الجزء الثالث من العراب بعد فقدان ابنته التي تؤديها ابنة المخرج صوفيا؟
أثر وارف الظلال على السينمائيين
كان النجاح الضخم الذي حققه “العراب” هو ما منح منتجي وأستوديوهات هوليود يومئذ الثقة في جيله، ثم صعود ما عرف آنذاك بموجة هوليود الجديدة، حين توالت أعمال رفاقه، “سكورسيزي”، و”سبيلبرغ”، “وجورج لوكاس” و”برايان دي بالما”، لتغير وجه الصناعة في هوليود شكلا وموضوعا.
ترك الفيلم أيضا بصمته على سينما العصابات. يتحدث كاتب الجريمة جاي غوتردج” عن ذلك قائلا: سواء كان “العراب” دقيقا أم لا، فهذه الصورة التي رسمها الفيلم عن عائلة “كورليوني”، صارت هي الصورة التي تحضر إلى مخيلة الجمهور، حين يفكر في عصابات المافيا.
امتد تأثير “عراب” إلى التلفزيون، عبر أهم أعمال هذا النوع مثل “آل سوبرانو” (the Sopranos) و” بيكي بلايندرز ” (Peaky Blinders).
أعاد “كوبولا” اكتشاف “مارلون براندو” من جديد عبر فيلميه “العراب”، و”القيامة الآن”.

دفع أيضا “كوبولا” أيضا باالنجمين “آل باتشينو” و”دي نيرو” إلى نجومية محققة، فأصبحا نجمين مسيطرين على شاشة السينما الأمريكية عقدين تاليين.
لكن الأثر الذي تركه “العراب” على سينما العصابات، تركه “القيامة الآن” على سينما الحرب. لكن ماذا عن سجلّ إخفاقاته الممتد، هل نجح بعض هذه الأفلام في خلق أثر على السينما التي أتت من بعدها؟
حين يتحدث “رالف إيغلستون” عن عمله مصمم إنتاج في فيلم “قلبا وقالبا” (Inside Out)، يؤكد أن افتتاحية الفيلم لم تكن لتخرج بهذه الصورة، لولا فيلم “واحد من القلب”. ويعترف المخرج بأن فيلم “كوبولا” هو الذي ألهمه المظهر العام لفيلمه الرسومي. إنه فيلم مسرحي على مستوى الديكور والإضاءة، وفيلم “كوبولا” هو أكبر مؤثر علي طريقة الإضاءة في فيلمي.
يظهر المشهد الافتتاحي في فيلم ” قلبا وقالبا” بطلة الفيلم وهي وليدة، وتدور أحداث الفيلم كلها داخل رأسها، وحيث البهجة هي أول شعور تشعر به، تحمل طريقة الانتقالات والإضاءة في هذه الافتتاحية أثر “كوبولا”. ومع فشل الفيلم الكبير، فإنه كان ملهما لمخرجين آخرين علي مستوى التصميم والإضاءة.

ففي عام 2013، صدر وثائقي “أبحث عن راستي جيميس” (Locations: Looking for Rusty James)، الذي أخرجه الكاتب والمخرج التشيلياني “ألبرتو فوجيه”، ويكشف فيه كيف أثر فيلم “كوبولا” سمكة الدمدمة وبطله وغيره على مسيرته الابداعية. ويعرض أيضا أن الفيلم كان ملهما ومؤثرا في مسيرة عدد من الشخصيات السينمائية من تشيلي والأرجنتين وأوروغواي.
أجاب “كوبولا” عندما سأله أحد الصحفيين عن سبب مخاطرته بهذا القدر من رأس ماله من أجل “ميغالوبوليس” فقال: لم أبالِ بالمال قط. يقول كثير من الناس بعد موتهم: “ليتني فعلت هذا، ليتني فعلت ذاك. أما أنا فعندما أموت، فسأقول: لقد صنعت كل الأفلام التي أردت صنعها.
