الدراما المصرية في رمضان 2020.. نجوم لامعة في عتمة الجيل الجديد

إسراء إمام

تمر خريطة التمثيل المصرية سواء التلفزيونية أو السينمائية حاليا بسنوات عِجاف، وهذا لا يعني بالضرورة أن معظم ممثلي الجيل الجديد يفتقرون إلى الموهبة، ولكنهم بغض النظر عن اختلاف نسب أفضليتهم على بعضهم يقدمون أداء متشابِها، وكأن مرجعيتهم في فن التمثيل هي الفُرجة على أنفسهم.

فلا يهتم الممثل شابا كان أو كبير السن بأن يُطور من حال أدائه، ليس عن طريق مذاكرة الشخصية، وغيرها من الجمل الكيليشيه المحفوظة التي تثير الأعصاب، وتجعلك تشعر أنهم يتداولون كل شيء حتى كلمات بعضهم، ولكن عن طريق التماهي في البحث عن معنى فن التمثيل نفسه، وبأن يعتبر كل واحد منهم ذاته مجرد تلميذ وجب عليه -مهما أثنى عليه الجميع أو سيقت إليه عدد من الأدوار المهمة- أن يعرف أكثر عن هذا الفن، ويعي أنه علم قائم بحد ذاته، ويظل الإلمام به والتفوق فيه تطلعا يشبه التطلع إلى الكمال.

لكن هذا لم ينف وجود بعض الأداءات المشرقة التي تشي بميلاد ممثل واعد، أو حتى لإعادة اكتشاف ممثل اعتدنا ألا ننبهر به، وفي السطور القادمة حاولت أن أقدم تحليلا بسيطا بشأن تلك الأداءات، في ما يتعلق بملابساتها، وما يمكن أن تقدمه لخريطة التمثيل المصرية عموما.

الممثلة روجينا بدور “فدوى” في مسلسل البرنس، حيث ظهرت بأنها امرآة ذات جبروت وشخصيتها مُلفتة

 

روجينا.. حرباء الأدوار المتناقضة

ثمة ممثلون لا تجود عليهم كاريزما القبول إلا في الأدوار التي تُقدِم شخصيات ملحوظة يطغى عليها القالب الشكلي من نبرة صوت ولغة جسد، وما يتبع ذلك من تصفيف الشعر وهيئة الملابس، وقد أحدثت “روجينا”، وهي من هؤلاء الممثلين أثرا لا بأس به هذا العام مع الجمهور في شخصية “فدوى” من مسلسل “البرنس”، تلك الشخصية التي يعود فضل تصورها للمخرج محمد سامي، “فدوى” شخصية مُلفِتة، امرأة ذات جبروت، وأنثى جميلة، وسيدة قوية.

تجمع هذه الإنسانة من المتناقضات الكثير، فهي تدين بالفضل للرجل الذي اختطفته من زوجته وورثت عنه أمواله، فتتذكره دوما وتنسب إليه نعمته التي تهنأ بها الآن، ولكنها في الوقت ذاته تشارك زوجها الحالي خطة قتل وانتقام من أجل المال، كما أنها أحيانا لا تأخذ كل هذا الشر الذي تقوم به، أو حتى مشاعر الهم التي تكدرها -بسبب عدم قدرتها الإنجابية- على محمل الجد، وإنما تسخر وتلقي بالنكات في معظم الأحيان.

إنها شخصية جديرة باهتمام وحب المتفرج، والحقيقة أن “روجينا” كانت على قدر مسؤولية تجسيدها كما ينبغي، فكل ما يجب أن تشعر به من خلال وجود “فدوى” في أي مشهد يصلك وأكثر، بفضل خفة دم “روجينا” وقدرتها على التنقل بين حالة الشِدة واللين والغضب والهزل في حوار واحد، وبحركة جسد ملائمة للشخصية، وملامح مرنة تلقائية يمكنك تصديقها والتماهي معها.

 

رُقي الأداء.. أعطِ القوس باريها

قد نتساءل كيف يكون شعور المشاهد حينما تلعب روجينا أدوارا لشخصيات عادية؟ تكمن الإجابة في تأمل عدد من الأدوار التي لمعت فيها على مدار حياتها الفنية، وهي الأدوار التي أحبها الجمهور وتعلق بها، وقام بإدراجها في مخزون ذاكرته، وهذه الأدوار في تاريخ روجينا الفني نادرة، بدليل أنك لو حاولت الآن تذكر أكثر من ثلاثة أدوار قامت بها منذ فترة ظهورها كممثلة وحتى الآن، فإنك بالطبع ستخفِق.

كما أنك لن تستعيد سوى أدوارها مع المخرج محمد سامي، وخصوصا في مسلسل “حكاية حياة”، لأنها قامت فيه بأداء شخصية لها هالتها أيضا، وإن اختلفت عن شخصية “فدوى” في أوجه كثيرة، لكنها احتفظت بتفاصيلها المادية الملحوظة، مثل صوتها الحاد وصراخها ونوبات غضبها، حيث إنها كانت تؤدي دور امرأة مفرطة العصبية.

وهنا إن كان يسعنا أن نسأل سؤالا آخر، هل تلمع روجينا مع محمد سامي لأنه يخلق شخصيات تليق بنوعية أدائها الذي لا يتلون إلا في توفر ظروف شكلية معينة، أم تلمع معه لأنه مخرج جيد يستطيع أن يضع الممثلة التي بداخلها على أول السطر الذي لا بد وأن تبدأ منه تجسيد الشخصية؟

 

آسر ياسين.. إمساك الشخصية من العنق

ينطبق نفس حال روجينا على جودة أداء الممثل آسر ياسين هذا العام في مسلسل “بـ100 وش”، هذه الخفة والحرفية الذي امتلكها في تجسيد دور “عمر”، الشاب الثري الذي أوقعه حظه في معاشرة حفنة من فقراء بولاق.

جاءت ردات فعل آسر في مكانها بالضبط، سواء في ظرافتها أو إتقانها، وهذا إلى جانب قدرته المذهلة على التنقل بين أداء الشخصيات التي يلعبها في عمليات النصب، وخاصة شخصية الرجل المتدين التي قام بها في عملية مكتب الزواج.

أمسك الممثل آسر هذه الشخصية من عنقها، ونجح في تلبسها بطريقة عالقة في الذهن، فتقمص هيئتها الجسدية والحركية، بانحناءاتها وإيقاعها وطريقة تنغيمها لجُمل الحديث، ولكن سيقفز السؤال ذاته، هل استطاع آسر فعل كل ذلك لأن مخرجة المسلسل كاملة أبو ذكري هي من وضعته على أول الطريق، أم أنه قد نضج فنيا وسيظل على تلك الحالة فيما بعد؟

محمد جمعة يُعتبر من الممثلين المصريين الدسمين، حيث أثبت جدارته في مسلسل “هذا المساء”

 

محمد جمعة.. عصا سحرية في انتظار الساحر

سبق لمحمد جمعة أن أثبت جدارته في مسلسل “هذا المساء”، وقد أشاد بموهبته الجميع واستقبلها استقبالا حافلا، لكنه لم يمتلك فرصة تفرد أخرى لقدراته التمثيلية منذ ذلك الحين، كما أنه يقع في فخ الأداء الاعتيادي أحيانا، نظرا لطبيعة الأدوار التي تأتيه، وهذه النقطة قد تحمل بعضا من التساؤلات وشيئا من اللوم.

خصوصا وأن طلته هذا العام في مسلسل “البرنس” لا يمكن مقارنتها بحجم مساحة دور “هذا المساء”، لكن من الممكن مقارنتها في مدى التأثير، فشخصية سائق الميكروباص الذي يتطوع لتربية ابنة البطل التي يلقيها أهلها في الشارع لم تكن بهذه الجاذبية، لأن طبيعة الموقف تفرض حبها والتعاطي معها على المتفرج، وإنما أداء محمد جمعة كان من الأسباب الرئيسية.

فهنا عاد إليه تألق حضوره في اللقطة، حتى وإن كانت تعبيراته صامتة في مشهد عابر، ويكفينا تأمل أدائه في المشهد الذي يخبر فيه زوجته أن والد الطفلة التي رباها وأحبها مثل ابنته عاد الآن باحثا عنها، تلك الثواني التي سكت فيها بين سؤال زوجته عن سبب همه وبين إخباره لها بعودة والد الفتاة، كانت تحمل في طياتها معاني جديدة في فن الإحساس بالموقف ومعايشته، في مفهوم أن يُغرق الممثل ذاته في المشاعر التي سيتحدث بشأنها قبل أن يتكلمها، ويمكنك أن تراقب حركات عينيه وشفتيه ورعشتهما في تلك الثواني لتبرهن لك ما أقول.

محمد جمعة ممثل دسم، لكن عليه أن ينتقي أدواره التي تمس المبدع فيه، على الرغم من أن عتبنا الفني عليه ليس كبيرا، لأنه في النهاية ما زال في مرحلة الانتشار.

لقطة تجمع بيومي فؤاد مع يسرا في المشرحة لتوديع ابنها “هشام” في مسلسل “خيانة عهد”

 

بيومي فؤاد.. كوميديان وممثل من طينة الكبار

يعتبر الكوميديان الحقيقي في معظم الأحيان من أقوى الممثلين المتلونين، فهو ممثل بحق، يجيد أداء كافة الأدوار، ويتفوق على نظيره الذي طالما عهدته في أدوار الدراما الدسمة، فيلعبها من منطقة مغايرة ثقيلة الوطأة في تأثيرها، لكنها مدهشة وتظل عالقة في ذهنك كمتفرج دوما.

لكن أغلب الكوميديين في هذا الجيل، بالرغم من كونهم يمتلكون تلك الهِبة القيمة، فإنهم لم يجازفوا ويستخدموها لصالحهم، بل على العكس يتخوفون منها على الدوام، ويتجاهلونها في داخلهم، ويتعمدون إخمادها بالقوة. الغريب الذي لم يستطع أن يعيه أي كوميديان برغم وضوحه كالشمس، أن فترة صلاحية خفة الدم مهما بلغت ذروتها عند أي ممثل كوميدي، إنما هي فترة قصيرة الأمد لا يتجاوز عمرها أكثر من 15 عاما في أقصى تقدير بغض النظر عن الاستثناءات، وبعدها تبهت قدرة الكوميديان على الإضحاك، فيبدو كمن فقد نضارة فكرة النكتة من ذهنه، ويتخبط كثيرا معتمدا على رصيده الماضي عند الجمهور الذي لا يشفع له إلى الأبد.

بيومي فؤاد كوميديان حقيقي، وممثل بالغ الموهبة، لا يخشى ذلك التحول المفاجئ في ما يقدمه من أدوار، وسبق له أن أطل على الناس بشخصيات خارج التصنيف الكوميدي، كدوره في مسلسل “موجة حارة” وفيلم “تراب الماس”، وقد لعب دوره فيهما بجدارة تشهد له، وهي الوحيدة التي ستبقى كدليل على بصمته الحقيقية كممثل، حتى وإن كنا نسعد به ككوميديان.

كرر بيومي التجربة هذا العام في مسلسل “خيانة عهد”، وبرغم أن مساحة دوره مقتضبة، فإنه بدا قادرا على أن يخلق ملحمة أداء مميزة من كل مشهد يظهر فيه، حتى وإن لم يكن بطله، بل مجرد عنصر من عناصره المكملة.

وقد اتضح ذلك في مشهد التعرف على جثة “هشام” في المشرحة، وبالرغم من أنه كان بجانب الفنانة يسرا التي اختارت أن يكون أدائها مؤثرا بطريقتها الخاصة، مما يشي بخبرتها كممثلة مخضرمة واثقة من قوة إحساسها بدون بكاء أو عويل، كان بيومي أيضا حاضرا مبرهِنا على وجوده مُلفِتا بأدائه الهادئ الذي اعتمد فيه كليا على ملامحه المُعبرة ونظراته، والطريقة التي يستجيب بها وجهه للحدث دون أن يحرك ساكنا آخر.

كما جاء مثل ذلك تماما في مشاهد أخرى، أبرزها المشهد الذي يطلب فيه من بعض العاملين لديه أن يقيموا مبردات مياه أمام مصنعه، لكي يبقى كصدقة جارية على روح “هشام” ابن المرأة التي يُغرم بها ويقدرها، فنراه يتحدث بطريقة عادية، وحينما يأتي ذكِر اسم “هشام” كروح عادت، تحتقن في ذلك الحين نبرة صوته، ويظل يغالب نحيبه حتى يهزمه، ثم يعود ليتكلم بطريقة تبدو متماسكة، هنا ممثل يجد صراعه في التغلب على نوبة بكاء، في وقت بتنا نعتاد فيه على الممثلين وصراعهم الذي يكمن في مدى قدرتهم على استحضار نوبة بكاء يتحدث عنها الجميع.

 

دنيا ماهر.. معادلة البساطة والتلقائية

تمتلك دنيا ماهر موهبة متفردة، ونوعا من الأداء المتكامل الذي افتقرنا إليه طويلا، فهي ممثلة قديمة العهد في مجالها، خريجة فرقة الورشة المسرحية، وبطلة فيلم من أهم أفلام السينما المستقلة وهو “الخروج إلى النهار”، ولكن الجميع لم يعرفها حق المعرفة إلا هذا العام في دور “نجلاء” في مسلسل “بـ 100 وش”، تلك الممرضة الفقيرة الساذجة الثرثارة التي تميل دوما إلى البؤس.

لعبت دنيا دور “نجلاء” بانسيابية مبهرة لم تختر فيها قناع البساطة والتلقائية فحسب، وإنما مزجت طلة روح “نجلاء” الطبيعية ببعض اللزمات الحركية، كحركة الكفيّن، ووضع الإصبع فوق الشفاه، والتحدث أثناء امتلاء الفم بالطعام، وملامح الوجه البارزة الموحية بالضيق أو الحزن أو التلذذ بالكلام أو “الغُلب” أو الطمع أو الراحة أو الخوف الشديد.

لقد حققت دنيا في هذا الدور معادلة صعبة للغاية، جمعت فيها بين القدرة على توظيف الأدوات المادية للممثل من لغة جسد وطبقة صوت، وبين التعبير عن روح الشخصية بأصالة وحقيقة، دون أن تُقلل شيئا من تلك المواصفات الحسية، بل تضيف وتفيض وتعمق الإحساس بها.

والحق أن قلة نادرة من الممثلين يستطيعون فعل ذلك، حيث إن أغلبهم يغالي في استخدام هذه اللزمات فيأخذ من حقيقية الشخصية، بل ويطمسها ويُنفِر الناس منها مثل ما يحدث دوما مع الممثلة مي عز الدين.

بينما يتخلى البعض الآخر عن تلك اللزمات ويبقى في الجهة الآمنة، معتمدا بشكل كامل على المحاكاة الداخلية للشخصية -مع بعض التلون في طبقة الصوت وطريقة النطق فقط- التي تكون صادقة بما فيه الكفاية ليشعر بها الجمهور، ويصبغ عليها من مخيلته وقوة تأثيره على اللزمات التي تميز الشخصية في ذهنه، مثل أداء الممثلة أسماء أبو اليزيد في مسلسل “زودياك” العام الماضي.

ولن نبالغ في القول إن دنيا تفوقت في أداء “نجلاء” على مدرسة القديرة عبلة كامل، تلك الممثلة الفريدة من نوعها في التجسيد، لأن عبلة تعتمد ذات اللزمات الحركية التي طالما أحببناها فيها ومنها، أيَما كانت الشخصية التي تلعبها وخاصة إذا كانت بنت بلد مثل “لبيبة” في مسلسل “امرأة من زمن الحب”، أو “جليلة” في مسلسل “حديث الصباح والمساء”، وغيرها من الأدوار التي عشقناها وسنظل نعشقها من عبلة دوما، على العكس من دنيا التي إن راقبت أداءها في أدوارها الأخرى ستجدها في ثوب جسدي آخر، وفي تركيبة روحانية أخرى تختلف تماما، كما ينبغي للشخصية داخليا وخارجيا أن تكون.

 

الدسوقي وأبو العطا.. ثنائي الأدوار المميزة

لدينا ممثلان ملفتان هما يشكلان ثنائيا مميزا، وهما الممثل شريف الدسوقي وأسامة أبو العطا، الأول هدية وهبها لنا المخرج أحمد عبد الله السيد في فيلم “ليل خارجي”، والثاني يعيد الجمهور اكتشافه هذا العام مع المخرجة كاملة أبو ذكري.

يؤدي الاثنان أدوارا مميزة في مسلسل “بـ100 وش”، وقد خطف ظهورهما أنظار الجمهور، وجعله ينتظر طلتهما على الرغم من أن مساحة أدوارهما ليست كبيرة، وكلاهما يحمل سمات شكلية مميزة، فالأول (شريف الدسوقي) قصير تميل هيئته إلى الهزلية، والثاني (أسامة أبو العطا) يمتلك صوتا رفيعا حادا يمكنك التعرف عليه من بين ألف صوت، هذا إلى جانب مظهر أنفه اللائقة بتركيبة كوميديان متفوق.

يمتلك هاذان الممثلان مقومات شكلية كوميدية مهمة، لكنهما في الحقيقة يجيدان فقط التركيز عليها واستخدامها بتلقائية ومهارة لإضحاكك، فهما في الواقع قادران على دفعك لنسيانها، والتعامل معها باعتبارها لم تكن من الأساس.

وهذا ما برهن عليه شريف الدسوقي في الشخصية التي أداها بفيلم “ليل خارجي”، تلك التركيبة التي تضحك معها لكنك لا تأمن مكرها، لدرجة أنك تهابها في لحظات، ومن منا نسي تقلب وجهه والقلم الذي هوى به على وجنة الفتاة في المسمط، فبدا هذا الرجل القصير الهزلي حينها شخصية مهيبة قادرة على إفزاعك.

أما “سباعي” وهي الشخصية التي يؤديها هذا العام، فهي شخصية يعرف كيف يلعبها بعيونه وطريقة مشيته وضحكاته وبحة صوته، فهو يؤدي من منطقة سلسة تجيد التطور والتحور بيسر بالغ. والتوصيف ذاته ينطبق على أسامة أبو العطا، وإن كان ما يزال ينتظر فرصته التي سيثبت بها ذلك وأكثر.

الممثل محمد علاء بدور ياسر في مسلسل “البرنس”، والذي كسر فيه نمطية البطل الأسمر

 

محمد علاء.. كسر نمطية البطل الأسمر

أصبحت الوسامة في السنوات الأخيرة عائقا بدلا من كونها ميزة في صالح الممثل، وهذا عائد لعدة أسباب أولها التنميط الذي يعد نتيجة حتمية ومتوقعة لظهور عدد من الممثلين الذين يتمتعون بالوسامة، لكنهم يملكون في المقابل قدرات تمثيلية محدودة تضعهم دوما في خانة أدوار حبيب البطلة.

انحصر على النقيض مفهوم البطل الأسمر داخل إطار التشبيه المجحف بالقدير أحمد زكي، والغريب أن عددا من الممثلين أصحاب الوجوه السمراء، كانت تجمعهم بالفعل بعض السمات الشكلية بأحمد زكي، مثل محمود عبد المغني ومحمد رمضان، ليظل أصحاب هذه الوجوه في صراع دائم مع المقارنة التي قد ظُلموا بها من أول وهلة، وأحيانا يحاولون التمرد فيخفت نجمهم تماما كمحمود عبد المغني، أو ينتهج أحدهم طريقا مغايرا يخصه متوجها وباحثا عن جمهور واحد يعنيه دوما، رغم اعتراض البقية مثل محمد رمضان.

الأسمر الذي خرج بعيدا عن نطاق تلك المحاصرة كان الممثل آسر ياسين، إلا أن مقومات هيئته واختياراته الفنية وطريقة تسويقه لنفسه كممثل حصرته في حيز آخر، فبات النجم الجذاب صاحب الطلة الأخاذة، وقد أثر هذا بدوره على طبيعة الأدوار التي تُعرض عليه.

أما محمد علاء فهو الممثل الذي اجتهد في كسر هذه المتاهة، فجاء بوجه أسمر قادر على التحول بتطرف، من دور الرجل المصري الشبيه بالموظف كدوره في فيلم “اشتباك”، إلى دور الفنان التشكيلي الوسيم الراقي المقيم بالزمالك في مسلسل “اختفاء”، ثم إلى دور الأخ الشعبي البسيط القاسي، الذي لا يمانع في أن يستعيد أموال والده بجثة أخيه وأولاده في هذا العام بمسلسل “البرنس”.

لعب علاء دور الشر بمنتهى العادية، فلم يلوِ ملامحه أو يعوج فمه أو يرفع حاجبه، بل كان مرآة تقويمية لأداء “أحمد زاهر” الذي يقابله في معظم المشاهد، وهو الذي يبذل كل ما يملكه من مجهود لكي يظهر بمظهر الشرير المعتاد صاحب الوجه الكرتوني والنظرات النارية والصرخات الاستعراضية.

محمد علاء إضافة قيّمة لصف نجوم البطولة، فهو ممثل يستحق بكل هباته الشكلية والتشخيصية أن يمنح أدوار البطولة المزيج الذي تفتقر إليه منذ أمد.