السينما الأفغانية.. نهضة ابنة الحروب من تحت الركام

منذ قرابة ثلاثين عاما اقترن اسم أفغانستان بقصص الدمار والخوف التي حبكت سيناريوهاتها الحروب المتعاقبة، وتناقلتها نشرات الأخبار. هناك تردد النساء البشتونيات قصائد الشعر ويتناقلنها بحذر كبير، فهنّ يتغنين بالحب بحزن بالغ، ويرثين وطنهن وأحبتهن.

ومن تلك القصائد قصيدة أفغانية مهربة جمعها الشاعر سيد بهاء الدين مجروح في كتابه “أغاني الحبّ والحرب: شعر النساء الأفغانيّات”. تقول إحدى الشاعرات البشتونيات وكأنها تنعى أفغانستان:

أفغانستان يا أرض العبودية والجمال

من أهانك لتكوني غنيمة، وما ذنبك وأنت تسعين للحرية

أحالوك رمادا بالنار، النار التي أحرقت الحياة

أحرقت الجمال والكرامة، وصار الموت أرخص من أي شيء بسبب طالبان.

لقد أصابت الشاعرة الأفغانية “نيشا” في كلماتها بوصف أفغانستان بأرض العبودية، مثلما أصابت الجغرافيا في تصنيف ذلك البلد بأنه دولة حبيسة، نظرا لغياب أي واجهة بحرية لها.

وفي العام 1988 اغتيل سيد بهاء الدين مجروح الذي كان مهرّب قصائد الحب والحرب من أرض بلده في منفاه بباكستان، وبعد مقتله بسنوات قليلة راوغ الموت ثلاثة موظفين في شركة الأفلام الأفغانية بعد أن قاموا بمغامرة خطيرة، حيث كانت مهمتهم تهريب وترميم الأفلام التي يحتفظ بها أرشيف الشركة، متحدّين بذلك فتاوى حركة طالبان بشأن السينما والسينمائيين.

“الحب والصداقة”.. فاتحة أفلام السينما الأفغانية

لم يعرف الأفغان السينما قبل العام 1923، وهو تاريخ عرض الصندوق السحري لأول فيلم صامت للجمهور في مدينة باغمان، لكن قبل ذلك بسنوات أدخل الأمير حبيب الله خان الذي كانت فترة حكمه بين العامين (1901-1919) السينما إلى أفغانستان، لكن العروض كانت مقتصرة على البلاط الملكي، ثم كان أول عرض لفيلم بإنتاج أفغاني سنة 1946، وهو فيلم بعنوان “الحب والصداقة”.

تجني أفغانستان ثمارا مُرّة بسبب موقعها الجغرافي المتاخم لمناطق نفوذ الأقطاب الاستعمارية، فقد كانت حزاما حاولت الدول الكبرى شد الطرف الأكبر منه منذ القرن التاسع عشر، وهو ما اضطرها إلى خوض حروب الوكالة إلى غاية هذا التاريخ، وقد أثر ذلك المناخ السياسي المتقلب في حركة الإنتاج الثقافي والسينمائي في أفغانستان، فكان نسق الإنتاج السينمائي ضعيفا.

منذ العام 1968 دخلت أفغانستان في حركة إنتاج سمعي بصري، وذلك حين تأسست شركة الفيلم الأفغاني التابعة للدولة، وقد كان الإنتاج بطيئا، لكن الشركة بدأت بإنتاج أفلام وثائقية قصيرة وتقارير إخبارية عن الاجتماعات الرسمية ثم عُرضت في دور السينما، في الوقت الذي كانت تُعرض فيه أفلام روائية هندية.

في تلك الفترة كانت رياح الاتحاد السوفياتي قد بدأت تهب على أفغانستان، إذ لم يكن استعمارا أو تدخلا مباشرا في شؤون تلك الدولة، لكن الاتحاد السوفياتي شجّع الحركة الثقافية باستقبال طلبة للتخصص في مجال السينما، ووفر تدريبات للهواة، وقدّم منحا دراسية للطلاب المهتمين بدراسة السينما.

وفي بداية الثمانينيات -أي خلال فترة الاحتلال السوفياتي لأفغانستان- أنتجت أفلام تصوّر حياة المجتمع الأفغاني في حلّته الشيوعية، وقد كانت تلك الحقبة شبه مغيّبة، لكن المخرجة الأفغانية مريم غاني أزاحت بعض الغموض في فيلمها الوثائقي “مهمة لم تكتمل”، فقد أخرجت إلى النور خمسة أفلام أفغانية أنتجت خلال فترة الهيمنة السوفياتية على أفغانستان، وهي أفلام لم تُعرض من قبل.

امرأة أفغانية تلبس البرقع في فيلم “طفل من كابول” للمخرج الأفغاني الفرنسي بارماك أكرم

خارج البرقع والعمامة.. أفغانستان السوفياتية التي لا تعرفها

يروي فيلم “الماسة السوداء” -وهو أحد الأفلام الخمسة غير المعروضة التي قدمتها غاني في فيلمها- قصة مهربي الماس الذين تخصصوا في تزوير جوازات سفر للأشخاص الفارين من البلاد، وقد أخرج الفيلم عبد الخالق عليل في العام 1984.

أما الفيلم الثاني فهو بعنوان “ثورة أبريل”، وقد أخرجه مخرج مجهول في العام 1978، ويسرد تفاصيل الانقلاب الذي قاده الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني على يد أحمد داود خان.

ويروي الفيلم الثالث “السقوط” -الذي أخرجه فقير نبي في العام 1986-تفاصيل الرقابة الشديدة التي تقوم بها وكالة أمن الدولة عبر زرعها مُخبرا في كل حي من خلال قصص مطاردات اللصوص.

أما الفيلم الرابع فهو “طريق خاطئ” الذي أخرجه جوانشير حيدري في العام 1990، وينقل هذا الفيلم الصراعات داخل قرية حدودية، وهي صورة مُصغّرة للصراعات والحرب بين النظام والمجاهدين، والعلاقات الخاصة بين المقاتلين من كلا الجانبين.

ويصور الفيلم الأخير “العميل” -الذي أخرجه لطيف أحمدي في العام 1992- المد والزجر بين عصابات تهريب المخدرات عبر ممرات جبلية وبين رجال الشرطة خلال فترة الحكم الشيوعي في أفغانستان.

لقد صوّرت تلك الأفلام الخمسة غير المكتملة نمط حياة الأفغان خارج البرقع والعمامة فترة ثمانينيات القرن الماضي، وهي في الواقع صورة تثير انبهار الجمهور الأجنبي، فرغم أن أفغانستان كانت على صفيح ساخن في آخر فترة الحرب الباردة وكانت تثير رعب سكانها وزائريها على حد سواء، فإن صورة الأفغان في فترة الحكم الشيوعي كانت تُعد مادة دسمة ومغرية للمخرجين الأفغان رغم خطورتها، فهي صورة غير كاملة، أو ربما مضلّلة كما تصفها المخرجة الأفغانية مريم غاني.

لم تكن السينما في تلك الفترة مرآة ذات أبعاد تسع كل المجتمع الأفغاني ذي التعقيدات الكبيرة، بل قد تكون هدية مسمومة قدمها الاتحاد السوفياتي للسينمائيين من أجل الدعاية، فسينما تلك الحقبة -بحسب مريم غاني- “أرادت تصميم نموذج مقولب يتبعه الناس بتسليط الضوء على نخبة أفغانية ضيقة”.

هذا ما تريد أن تلخصه المخرجة مريم غاني للرد على انبهار الجمهور الذي لا يعرف وجه أفغانستان إلا من خلال اللحاف الأزرق الذي يلف الأفغانيات، ولباس مقاتلي طالبان الذي أصبح بمثابة العلامة الخاصة بهم.

الشاعرة الأفغانية رابعة بنت كعب بطلة فيلم “رابعة بلخي” الذي يُعتبر أول فيلم أفغاني يُنتج في أستوديوهات أفغانية

“رابعة بلخي”.. أول فيلم أفغاني في أستوديوهات أفغانية

كانت السينما في أفغانستان هدفا حربيا تنافسيا للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي في أوج الحرب الباردة، ففي أواخر الستينيات ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في إنشاء مركز سينمائي في أفغانستان، وارتبطت عملية إنتاج الأفلام بمنظمة الفيلم الأفغاني الحكومية التي تأسست عام 1968، وواصلت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها للسينما الأفغانية الناشئة، وأنتج فيلم “يوم بيوم” في العام 1968، وأخرج عبد الخالق عليل فيلمه “الدعوة” في العام 1969، وفيلم “نصيحة الأم” في العام 1972.

في العام 1974 أخرج “صدق براماك” فيلم “رابعة بلخي”، وهو أول فيلم أفغاني في أستوديوهات أفغانية خاصة، ويروي قصة شاعرة أفغانية اسمها رابعة بنت كعب من منطقة بلخ عاشت في القرن العاشر الميلادي، وقيل إنها كانت أول شاعرة باللغة الفارسية الحديثة، وإنها كانت بارعة في نظم الشعر الصوفي، ويروي الفيلم قصة هيامها بعبدها التي تسبب في قتلها على يد أخيها. ورغم أن رابعة لم تنج من القتل في الروايات التي تناقلتها بعض المصادر التاريخية، فإن الفيلم الذي روى سيرتها قد نجا بأعجوبة من حكم طالبان بإعدام كل الأرشيف السينمائي بعد تسلمهم الحكم في العام 1996.

شخصية “صابور طوخان” في فيلم “طريق خاطئ” للمخرج جوانشير حيدري، والذي ينقل الصراعات داخل قرية حدودية

“صيف حار في كابول”.. اصطفاف السينما بجانب الاشتراكيين

بدأ البساط يسحب من أيدي الولايات المتحدة الأمريكية التي رفعت يدها عن دعم السينما في أفغانستان بعد الإطاحة بحكم محمد داود خان في شهر أبريل/ نيسان عام 1978. كانت الأجواء مشحونة بالحماس للثورة، وشجّع ذلك صنّاع السينما الشباب ليحملوا الكاميرا لتصوير أفلام وثائقية بنفَس ثوري كبير، ومن هناك فُتح الطريق أمام السوفيات ليوجهوا عدسات الكاميرا التي تحملها أكتاف الأفغان، لتكون بنادقهم الناعمة بعد الانقلاب.

في فيلمه “صيف حار في كابول” عام 1983، اصطف المخرج “علي خمراييف” إلى جانب الحكومة الاشتراكية من خلال قصة الفيلم عن طبيب روسي دعي للعمل في مستشفى أفغانستان، ليشاهد عن كثب  دموية المجاهدين، والمذبحة التي قاموا بها خلال محاولتهم الإطاحة بالحكومة الاشتراكية.

كان السينمائيون الأفغان منحازين لفترة الحكم الشيوعي في أفغانستان، فرغم الهزّات السياسية خلال فترة حكم محمد داود خان، فإنهم كانوا يملكون التجهيزات الخاصة لإنتاج أفلامهم، لكن في منتصف تسعينيات القرن الماضي عصفت الحرب الأهلية من جديد في أفغانستان، وبدا أن أفغانستان لن تكون أرضا للإنتاج السينمائي لمدة غير معلومة، فهرب عدد من العاملين في صناعة السينما من أفغانستان إلى إيران أو باكستان، وذلك بعد استيلاء طالبان على الحكم.

فتوى تحريم الصورة المتحركة.. بطولات إنقاذ الأرشيف السينمائي

في بداية عام 1996 بارك المُلا عمر تدمير مقاتليه تمثالي بوذا العملاقين المنتصبين في تلال أفغانستان، كانت تلك المباركة إعلانا للحرب على كل إرث ديني أو ثقافي مخالف ومختلف، خاصة بعد أن أصدرت حركة طالبان التي استولت على الحكم مرسوما ينص على أن الصور المتحركة هي بدعة ويجب إتلافها. لم تكن تلك الرسالة مطمئنة لصُنّاع السينما، ولمنظمة الفيلم الأفغاني بالتحديد التي كانت المحرك الأساس للإنتاج السينمائي في أفغانستان، وضمت أرشيف السينما والأعمال التلفزيونية.

حين توجه مقاتلو طالبان نحو مقر المنظمة في كابول لأداء مهمتهم المقدسة، لم يكن هناك سوى موظفين قد قررا البقاء في مقر الشركة بعد أن هرب 118 موظفا خوفا من بطش طالبان. قرر خواجه أحمد شاه وهو فني المختبر البقاء صحبة زميله، رغم ما يحمله ذلك من خطر على حياتهما، وكانت مهمتهما المستحيلة هي إخفاء بكرات مئات الساعات من الأفلام. لقد كانت حياتهما على المحك، ولكن ذلك لم يكن مهمّا أمام الكارثة التي ستواجهها السينما الأفغانية بإتلاف كل أرشيفها.

تسلل الموظفان طيلة أسبوعين من باب الشركة الخلفي هربا من دوريات طالبان المرابطة أمام المدخل الرئيسي للمقر، حيث خلع أحمد شاه وزميله حذاءيهما، وكان عليهما أن يتسللا كلصين أو كعميلين في أفلام هوليود، إما أن ينجحا أو يموتا.

كانت مهمة الموظفين هي تهريب بكرات الأفلام إلى أستوديو المعالجة في الطابق الثاني من المبنى، لم تكن مهمتهما يسيرة، فإضافة إلى خطر الموت الذي يطوق مبنى الشركة، كان لا بدّ لهما أن يتخذا قرارات حاسمة وسريعة بشأن الأفلام التي ستنجو وتلك التي ستتلف.

كان أحمد شاه وزميله يقيّمان الأفلام التي ستنجو لاعتبارات واضحة، وهي أن وجه أفغانستان لا بد أن ينجو من نيران طالبان، لذلك كان من المهم بالنسبة إليهما أن ينجو فيلم “الخاطب” للمخرج عبد الخالق عليل، حيث تظهر فيه النساء الأفغانيات بتنورات قصيرة.

تمكن أحمد شاه والموظف الآخر من إنقاذ آلاف الساعة من الأفلام، وساعدتهما ظلمة المبنى وغياب الكهرباء في حماية ذلك الأرشيف عند قدوم مقاتلي طالبان لإعدام الأفلام، لكنهم تمكنوا من إحراق قرابة 2500 فيلم معظمها أفلام هندية وروسية.

وثق فيلمان للمخرج الأفغاني أرييل نصر والمخرجة النيوزلندية “بييترا بريتكيلي” القصص البطولية لإنقاذ الأرشيف السينمائي الأفغاني، ففي فيلمه “البكرة المحرمة” (2019)، روى نصر تاريخ شركة الفيلم الأفغاني، وقدّم فيه العمل البطولي الذي قام به سينمائيون لإنقاذ الأرشيف من الإتلاف بعد


فتوى طالبان بتحريم الصور المتحركة، وهو ما وثقته أيضا المخرجة النيوزلندية في فيلم “الحقيقة الخافقة” (2015).

“أسامة”.. تحليق عنقاء الصناعة بعد احتراقها

حين تخلّص الأفغان من كابوس حكم طالبان الذي دام قرابة خمس سنوات، أراد صُنّاع السينما أن يديروا العجلة من جديد، لكن لا شيء بقي كما كان، فقد قضت الحركة المتطرفة على وسائل الإنتاج السينمائي، وكان الأمل معقودا على المساعدات الخارجية، وقد أُنجز أول فيلم في أفغانستان بعد سقوط حكم طالبان بعنوان “أسامة” للمخرج “صديق بارماك”، وقد عُرض عام 2003، وكان بتمويل ياباني هولندي مشترك.

حصد الفيلم سبع جوائز عالمية، وحصل في سنة عرضه على أربع جوائز، وهي جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان الدولي، وجائزة السنبلة الذهبية بإسبانيا، ونال تنويها خاصا في مهرجان بوسان في كوريا الجنوبية، وجائزة أحسن فيلم روائي طويل في مهرجان “مولوديست” الأوكراني.

لقد كانت مهمة صُنّاع السينما الأفغان هي العودة إلى حقبة الحكم الشيوعي وتحريك العجلة من جديد، لكن لم يكن ذلك بالأمر الهيّن، غير أن فيلم “أسامة” كان قد فتح الباب على مصراعيه لتحلق السينما الأفغانية بشيء من الحرية.

كانت أفغانستان أرضا تزخر بالقصص والحكايات، وحمل المخرجون شيئا من قصصهم ومواقفهم من الفترات السياسية المختلفة التي عاشتها أفغانستان، فبعد سقوط حكم طالبان عام 2001 كان أغلب قصص الأفلام الأفغانية تروي هول القيود التي فرضتها الحركة المتطرفة على المجتمع الأفغاني، لكن بعض المخرجين كانوا لا يزالون يحملون شيئا من الضغينة على فترة الحكم الشيوعي في بلدهم، وكان أحدهم المخرج عتيق رحيمي الذي لجأ إلى باكستان عام 1984، وقُتل أخوه في العام 1989 في أفغانستان.

لقطة من فيلم “أرض ورماد” للمخرج عتيق رحمي، والذي يحكي قصة رجل عجوز وحفيده الذي فقد سمعه بسبب الحرب

“16 يوما في أفغانستان”.. عودة السينما الأفغانية إلى المحافل

في العام 2004 أخرج عتيق رحيمي فيلم “أرض ورماد”، وهو مقتبس عن روايته التي كتبها في العام 2000، ويروي الفيلم رحلة رجل عجوز وحفيده الذي فقد سمعه بسبب القصف خلال الحرب التي شهدتها البلاد بعد سيطرة الشيوعيين على الحكم في أفغانستان. وحصل الفيلم على جائزتين في العام 2004، وهما جائزة نظرة نحو المستقبل في مهرجان “كان” الدولي، وجائزة أفضل مخرج في مهرجان “سان جان دولوز” السينمائي الدولي في العام ذاته.

بعد قضائه أكثر من عشرين عاما في منفاه إثر لجوئه إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال ما يُسمى بانقلاب أبريل/نيسان 1978؛ عاد المخرج الأفغاني أنور هاجهير إلى بلاده بعد سقوط حكم طالبان، ووثّق رحلة الستة عشر يوما التي قضاها لتحسس ملامح بلاده بعد الحروب التي عصفت بها، وذلك في فيلم وثائقي أخرجه في العام 2007، وقد جاب العالم واحتفظت به المكتبات باعتباره مرجعا في مجال الأفلام الوثائقية ودليلا لفهم الثقافة الأفغانية، وقد حمل هذا الفيلم عنوان “16 يوما في أفغانستان”.

حصد فيلم “طفل من كابول” للمخرج الأفغاني الفرنسي “بارماك أكرم” الذي عُرض عام 2008، تقدير النقاد وإشادتهم بالحبكة القصصية وببراعة أداء الممثلة الأفغانية لينا علم.

في العام 2012 رُشح  فيلم “صِبية بوزكاشي” الذي أنتجه المخرج الأفغاني أرييل نصر لنيل جائزة الأوسكار لأفضل فيلم  قصير. ويروي هذا الفيلم الذي صور في كابول قصة صديقين مراهقين، أحدهما مشرد والآخر ابن حدّاد، كلاهما يحلم بحياة أفضل وقدر أجمل.

رؤيا سادات.. أول شركة إنتاج نسائية في أفغانستان

في العام 2018 رُشّح فيلم “رسالة إلى الرئيس” -الذي أخرجته رؤيا سادات وأنتج في العام 2016- لجائزة “غولدن غلوب” في مختلف الفئات لعام 2018، وصورت سادات في فيلمها تناقضات المجتمع الأفغاني والصراعات التي تبدأ داخل العائلة، لتتشابك وتصبح صراعات مجتمع بأكمله.

وتتحدى مخرجة الفيلم هيمنة المجتمع الذكوري الذي يقصي كل دور للمرأة خارج ما يسطره لها الرجل والمجتمع. وقد كانت المخرجة رؤيا سادات أول مخرجة أفغانية تُصوّر فيلما في أفغانستان إبان سقوط حكم حركة طالبان، كما أسست صحبة شقيقتها أول شركة إنتاج سينمائي نسائية في أفغانستان.

المخرجة الأفغانية صحراء كريم التي كانت أول امرأة تتولى منصب مدير شركة “الفيلم الأفغاني” منذ التأسيس

صحراء كريمي.. مخرجة تنفض الغبار عن شركة الفيلم الأفغاني

في الواقع لم تكن رؤيا سادات الأفغانية الوحيدة التي نفخت الروح في السينما في بلدها، فمنذ العام 2019 تُدير المخرجة صحراء كريمي شركة “الفيلم الأفغاني”، وهي أول امرأة تتولى ذلك المنصب منذ تأسيس الشركة عام 1968.

تسلمت صحراء كريمي مهمتها في مكتب خاو محاطة بـ77 موظفا جميعهم رجال، وهو مشهد محبط للمخرجة، لكنها تخطط لتكون الشركة صانعة أمجاد السينما الأفغانية.

ففي العام الذي فازت به بمنصبها، أخرجت فيلمها “حواء وعائشة ومريم”، رغم أن مشهد بكرات الأفلام الناجية من نيران طالبان التي كانت تحيط بها لم يكن ملهما. كما رُشح فيلم كريمي لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، ونجحت في أن تكون بصمة السينما الأفغانية محفورة في معاقل السينما العالمية، في الوقت الذي تعمل فيه كريمي على التخلص من آثار جروح خلّفتها حركة طالبان في ذاكرة السينما الأفغانية.