“الملك”.. الذي تفادى الحرب ووقع في براثنها

عدنان حسين أحمد

يجمع فيلم “الملك” بين السيرة الذاتية والدراما والتاريخ، ويعود بنا إلى حقبة هنري الرابع ملك إنجلترا في أوائل القرن الخامس عشر، والذي كان منهمكا في الحروب والمناوشات مع الممالك المجاورة.

لا تخلو شخصية الملك من نَفَس عدائي قد يصل إلى درجة التوحش في بعض الأحيان، وقد تلمّست حاشيته هذه القسوة والفظاظة أثناء قمعه لحركات التمرد والاضطرابات الداخلية، وحين دهمه المرض على حين غرّة لم يُنصّب مكانه ابنه الأكبر “هنري الخامس”، والذي يُطلق عليه المقربون منه اسم “هال” اختصارا ونأيا عن الألقاب الرسمية التي لا يحبذها.

ثمة أسباب عديدة منعت الملك من توريثه، من بينها أنه كان متبطلا وعنيدا ومنصرفا لملذاته الشخصية، كما أن علاقاته الاجتماعية غير متوازنة، فبعض أصدقائه ثمل على الدوام يتنقّل من حانة إلى أخرى من دون أن يسدد الديون المتراكمة عليه، مثل “جون فالستاف” الذي يَعدّه “هال” الصديق الوفي الوحيد الذي تعرّف إليه خلال سنوات التسكع والضياع، فلا غرابة أن يُنصّب الملك ابنه الثاني “توماس” على العرش رغم قلّة خبرته ومحدودية تجربته الحياتية، ويكلّفه مباشرة بقمع التمرد الذي قام به بعض الخارجين عليه، لكن أخاه الأكبر هال تدارك الأمر عندما حضر إلى ساحة المعركة، وطلب من هوتسبر (هو السير هنري بيرسي أحد النبلاء المعارضين للملك والمناوئين له يختصرونه بهوتسبر) أن ينازله منازلة رجل لرجل، ويجنِّب الجيشين شرّ القتال، وقد أسفرت المنازلة العنيفة عن مقتل “هوتسبر” طعنا بخنجر هال بعد أن طار سيفه بعيدا عنه، غير أن توماس شعر بأن أخاه هال قد سرق منه هذه الفرصة الذهبية والمجد المُنتظَر.

وبعد مدة قصيرة جدا قُتل “توماس” في معركة بإقليم “ويلز”، فلم يجد الملك بُدّا من إسناد العرش إلى ابنه البكر “هال” الذي يناهض الحرب، ويسعى إلى تحقيق السلام مع خصوم والده الذي كان يخوض حروبا لا مُسوّغ لها، وقد خلق له الكثير من الأعداء.

 

“هال” وهداياه.. مشهد تتويج الملك

يُعدّ مشهد التتويج من المشاهد الجميلة في هذا الفيلم التاريخي الدرامي، والذي يعود بنا إلى الوراء أكثر من خمسة قرون، ليرصد السيرة الذاتية للملك هنري الخامس، رغم أنه لا يتفادى الشخصيات الأخرى في العائلة، مثل الأب “هنري الرابع” والأخ “توماس”، والأخت “فيليبا” التي أصبحت ملكة الدنمارك، لكن القصة السينمائية التي كتبها المخرج “ديفيد ميشود” بالاشتراك مع “جويل أجيرتون” تتتبع شخصية “هال” (هنري الخامس)، وترصد المعارك التي يخوضها في الداخل والخارج، وخاصة احتلال فرنسا، والزواج من “كاثرين” ابنة الملك الفرنسي “شارل السادس”، والدليل أن قصة هذا الفيلم برمتها مستوحاة من رباعية شكسبير الملحمية التي انطوت على نبرة تهكمية ساخرة من التهور الإنجليزي.

تُقدَّم في مشهد التتويج ثلاث هدايا إلى الملك هنري الخامس، الأولى مزهرية من “وينسيسلاوس” ملك بوهيميا، وقد أهداها “هال” في الحال لشقيقته “فيليبا” التي قطعت كل هذه المسافة من الدانمارك لتحضر حفل التتويج، والثانية طائر سحري من القسطنطينية من “دوق البندقية”، وقد أهداه “هال” لابن عمه “كيمبريدج” الذي يعدّه الأخ الكبير له، أما الثالثة فهي كرة من “دوفين” ولي العهد الفرنسي التي احتفظ بها لنفسه، فهي تذكّره بالفتى الذي كان عليه، لكن رئيس القضاة “وليام غاسكوين” أخبره بأنّ هذه الكرة تمثل إهانة له ولمملكته، ويتوجب عليه أن يردّ بأي شكلٍ من الأشكال. وفي السياق ذاته تحذّره شقيقته “فيليبا” من طبقة النبلاء في القصر، لأنهم يدافعون دائما عن مصالحهم الخاصة، ولن يكشفوا عن سرائرهم وطواياهم الداخلية التي تضمر الكثير من الأحقاد.

يروي رئيس الأساقفة لـ”هال” بأن فرنسا كانت طموح الملك هنري الرابع، ولولا انغماسه بالحرب الأهلية لقاتل من أجلها ثم انتقل إلى القدس، لكن “هال” يقاطعه مُذكِّرًا إياه بأنه ليس كأبيه، فهو لا يحارب من أجل ضمّ فرنسا استنادا إلى قصيدة قديمة الأسلوب يصعب فهمها.

“هال” يستجوب أحد الأشخاص الذين أرسلهم ملك فرنسا لاغتياله

 

اغتيال الملك.. خطوط المؤامرة

يستجوب “هال” أحد الأشخاص الذين أرسلهم ملك فرنسا لاغتياله، الأمر الذي اعتبره “هال” عملاً من أعمال الحرب، ودفعه إلى أن يكتب رسالة إلى الملك الفرنسي يقول فيها “إرسال القاتل ما هو إلاّ عمل حرب طفولي. إن كانت هذه نيتك فمن رأيي أن تُفصح عنها بوضوح، وأن تكفّ عن مساعيك الخبيثة والمخجلة، والتي أنت بصددها الآن. إن كنت تسعى للحرب فأرسل جيشك بكل ثقله، لأنه لن يسع قاتلا جبانا أن يهزم الملك هنري الخامس، ملك إنجلترا الذي استهنت به كثيرا”.

يأمر الملك حاشيته بأن يَملؤوا صندوق الهدية ذاته بقنابل المدفعية ويُرسلوه إلى فرنسا، وذلك في إشارة واضحة للحرب. وفي اللحظة ذاتها يصل رجل فرنسي يروم التحدث مع الملك على انفراد فيخبره بخيوط المؤامرة الفرنسية التي جنّدوا من أجلها اثنين من النبلاء، وهما “كيمبريدج” و”غراي” اللذين يقطع رأسيهما قبل أن ينطلق بحملته البحرية على فرنسا، ويعيّن فيها صديقه الحميم “فالستاف” قائدا للجيش، مع أنّ الآخرين ينظرون إليه كمتشرّد سكّير من مجارير إيستشيب (ضاحية من ضواحي لندن في القرن الرابع عشر والخامس عشر).

“فالستاف” يبدو المشرّد ممتلئا بالحكمة التي لا يقدّرها إلاّ شخص مثل “هال”

 

“فالستاف”.. المُشرّد الحكيم

يبدو “فالستاف” المشرّد ممتلئا بالحكمة التي لا يقدّرها إلاّ شخص مثل “هال”، فهو يصغي إليه جيدا ويفهم ما يقوله أو يتوقع حدوثه، ولذلك فهو ينعته بالصديق، بينما يقول فالستاف “ليس للملك أصدقاء، للملك أتباع وأعداء فقط”.

وعلى الرغم من رجاحة عقول غالبية أفراد الحاشية الملكية، إلاّ أنّ الملك كان يشعر بالعزلة ولا يستشير أحدا إلاّ نادرا، وإذا ما اضطر للاستشارة فإنه يأخذ برأي صديقه الأقرب الذي تشرّد مثله ونام في الأماكن العامة، حيث شهد “فالستاف” أبشع أنواع الحروب وأصبحت لديه خبرة عميقة في هذا الجانب، ولذلك يصف الحرب دائما بأنها “دامية وقاسية”.

يجتمع الجيشان في منطقة واحدة لا تفصلهما سوى تموجات الأرض، بعضها أجرد، وبعضها الآخر مُغطى بأشجار كثيفة، وربما تكون مشاهد التحضيرات للمعركة الكبيرة هي الأكثر إغراءً في هذا الفيلم التاريخي الذي تتصاعد فيه الإثارة والتشويق، لأن كلا الطرفين يبذلان قصارى جهدهما لتقديم الأفضل والأمثل في الخداع والأداء القتالي، سواء أكانوا راجلين أم ممتطين صهوات خيولهم.

الملك “هنري” يلتقي بوليّ العهد الفرنسي “دوفين”

 

تكهنات وحرب على الأبواب

يلتقي الملك “هنري” بوليّ العهد الفرنسي “دوفين”، ويطلب منه كالعادة أن يقاتله قتال رجل لرجل كي يُجنّب الجيشين فواجع الحرب ومآسيها، لكن ولي العهد “دوفين” يُصرّ على الحرب الشاملة، مع أنّ اشتراطات الملك “هنري” كانت مُغرية، فإن خسر سيترك رجاله هذا المكان إلى الأبد، وسيحظى برأس الملك، أما إذا انتصر هنري فإنه سيتولى حكم فرنسا بعد وفاة والد دوفين.

تتضارب آراء الخبراء في طبيعة المعركة، خصوصا وأنّ الفرنسيين أكثر عددا، لكن عُدة الجيش البريطاني أكثر تأثيرا، ذلك لأن أقواسهم طويلة وتدفع بالسهام لمسافة أبعد من سهام الفرنسيين. يفاجئنا “فالستاف” بآرائه التي تعتمد على تكهنات شخصية، مثل أن السماء ستمطر غدا، وأن الأرض ستكون مُوحلة، لذلك فهو يشجع على القتال بلا أحصنة. كما أنّ الملك قد وزع جيشه في الغابة كي يباغت به الأعداء المنشغلين في معركة جبهوية.

الملك هنري يخطب في جيشه خطبة مؤثرة يبدأها بالتمني بأن يرى المملكة متحدة تحت حكم العرش الإنجليزي

 

هنري وخطبته الحماسية

يخطب الملك هنري في جيشه خطبة مؤثرة يبدأها بالتمني بأن يرى المملكة متحدة تحت حكم العرش الإنجليزي، ثم يمضي إلى القول إن “كل الرجال قد وُلدوا ليموتوا يوما ما، فإن كان هذا اليوم هو يوم حتفكم فليكن كذلك، وقد يكون يوم حتفي هذا اليوم أو غدا، ما يهم هو أنكم تعرفون في أعماق قلوبكم أنكم تُمثّلون المملكة المتحدة، وكل واحد منكم يُمثّل إنجلترا، وهي تمثل ما بينكم من متسع، فلا تقاتلوا من أجل أنفسكم، بل من أجل هذا المتسع، املؤوه ليكون منكم نسيجا وحشدا منيعا”.

الجيشان يشتبكان لمدة 16 دقيقة، ورغم قسوة المعركة ودمويتها إلاّ أنها تزدان باللقطات والمشاهد السينمائية المبهرة

 

مشاهد سينمائية مُبهرة

يشتبك الجيشان لمدة 16 دقيقة، ورغم قسوة المعركة ودمويتها إلاّ أنها تزدان باللقطات والمشاهد السينمائية المبهرة، وخاصة تلك المشاهد التي تركز على قتال “جون فالستاف” الذي يلقى مصرعه في هذه المعركة بعد أن أبلى بلاء حسنا، ولقطات القتال المتعددة التي يقاتل فيها الملك “هنري الخامس” بشجاعة نادرة وهو ملطّخ بأوحال المعركة ودمائها.

أما ذروة تجلّيه فتتمثل بقدوم ولي العهد الفرنسي “دوفين” الذي كنّا نتوقعه فارسا مغوارا، لكن تبيّن لنا أنه أضعف من غصن هشّ يتقصّف في مهب الريح، فما أن استلّ سيفه حتى بدأ يتزحلق على الأرض الموحلة وسقط لأربع مرات، الأمر الذي دعا الملك هنري لأن يوعز لرجاله بالانقضاض عليه، لأنه لا يستحق حتى المبارزة. وخشية من أن يُعيد العدو تنظيم صفوفه من جديد أوعز الملك هنري بقتل الأسرى جميعا.

“كاثرين” والملك “هنري”

 

استسلام فرنسا.. العودة بالنصر وابنة الملك

يذهب “هنري” لمقابلة الملك الفرنسي “شارل السادس” الذي أعلن استسلامه، وقدّم ابنته “كاثرين” للملك “هنري”، شرط أن يتزوج منها فيعود إلى دياره ويطلب منها أن تتعلم اللغة الإنجليزية. ثم يبدأ بالانفتاح على “كاثرين” التي لا يعرف عنها إلاّ القليل، خصوصا بعد أن صرّحت له أنها لن تستسلم له من دون أن يكسب ودّها واحترامها.

يتحاوران في موضوعات عديدة فتكشف له ما كان خافيا عنه، فليس هناك قاتل، وما من خطة لقتله، ثم تتهمه بسفك دماء المواطنين من دون مبرر معقول، وأنّ من يقف أمامها ما هو إلاّ شاب مغرور وأخرق يسهل استفزازه وخداعه.

يتركها على عجل ليلتقي برئيس القضاة الذي كذب عليه بشأن القاتل الفرنسي، لكنه يفقد أعصابه أثناء حديثه معه فيطعنه بالخنجر على رقبته ويرديه قتيلاً في الحال، ثم يعود إلى “كاثرين” ويخاطبها باقتضاب شديد قائلا لها “لا أريد منك شيئا سوى التحدث معي بصراحة وصدق دائما”، فتعدُه بذلك وتضع يديها بين يديه، وذلك في إشارة واضحة على أن الحُب قد تمكّن منها الآن، ولن تجد أحنّ من قلب هذا الفارس الشجاع الذي صار يبحث عن السلام في المملكة المتحدة التي كانت تؤرقها النزاعات الداخلية والحروب الخارجية.

الفيلم يتميز عن غيره من الأفلام التاريخية هو اكتظاظه بالرسائل والعِبَر

 

مدرسة الحياة.. رسائل وعِبر

ما يميز هذا الفيلم عن غيره من الأفلام التاريخية هو اكتظاظه بالرسائل والعِبَر، ويبدو أن المخرج “ديفيد ميشود” أراد القول بأنّ مدرسة الحياة تعلّم أبناءها الكثير، وهي مثلها مثل المعاهد والجامعات التي تضخّ العلوم والمعارف إلى الناس، وتزوّدهم بالمعطيات الثقافية بشكل متواصل.

ولو أخذنا “جون فالستاف” نموذجا وهو ابن الحانات والأسواق والأماكن العامة؛ لوجدناه ينطق بالحكمة والأقوال المأثورة، فحين يتحدث عن الحروب التي خاضها فإنه لا يمجدّها أبدا، لأنه يعرف قسوتها ومرارتها، فلا غرابة أن يتحدث عنها كأحد علماء النفس المتعمقين في هذا المضمار.

ولكي نبرهن على صحة ما نذهب إليه نختار جانبا من الحوار الذي دار بينه وبين الملك “هنري” عن لذة النصر في هذه المعركة أو تلك، حيث يقول “على الرغم من بهجة الانتصار إلاّ أنّ أثر القتل لا يُمحى، ما من شيء يُشعرني بالوضاعة أكثر من الوقوف منتصرا في ساحة المعركة”، ثم يمضي إلى القول “إن لذّة النصر تتلاشى سريعا، وما يبقى منها فغالبا ما يكون قبيحا”.

هذه الأفكار والصور البليغة ليست كلام رجل متشرد يتعرض للمضايقات والإهانات في حانات لندن وشوارعها، وإنما هو كلام أناس مثقفين يتأملون بشكل عميق، ويجترحون الرؤى والأفكار العميقة التي تعْلق بذاكرة الناس الجمعية. وثمة تقارب كبير بينه وبين الملك “هنري” الذي كان يفضّل كلامه وأحاديثه على كلام رئيس الأساقفة أو قاضي القضاة أو بعض أولاد عمومته من النبلاء، ويصف كلامه غالبا بالكلام الغامض الذي يستعصي على الآخرين فهمه أو استساغته في أقل تقدير. هذه الحكمة يمكن أن نجدها عن شقيقته فيليبا، أو حتى عند والده الراحل الذي كانت تفلت من شفتيه حِكم وأقوال مأثورة.

المخرج اختار أماكن مناسبة لتصوير الأحداث والدروب التي تسير فيها الجيوش، والمواقع التي اختارها القادة

 

دِقة تاريخية واستنطاق للمكان

ليس بالضرورة أن يتطابق هذا الفيلم مع تفاصيل الأحداث والوقائع التاريخية، فالمخرج ينتقي عادة ما ينفع بنيته الدرامية التي تُنجح خطابه البصري. وعلى الرغم من أنّ أوجه التطابق التاريخي كثيرة بين الفيلم والأحداث التاريخية التي وقعت في حينه، فإن اللافت للنظر هو قدرة المخرج “ميشود” على استنطاق المكان، وتوظيف غالبية التفاصيل التي تتعلق بالأزياء والأسلحة، والأثاث المنزلي الذي كان يتوفر لدى البلاط الملكي ولدى عامة الناس.

لقد اختار المخرج أماكن مناسبة لتصوير الأحداث والدروب التي تسير فيها الجيوش، والمواقع التي اختارها القادة كمناطق للتحشّد، والاستحضارات التي تسبق مرحلة الهجوم. ولعلنا نلفت نظر القارئ إلى أنّ أجمل مشاهد الفيلم من الناحية البصرية هو مشهد المنجنيقات وهي ترمي الأحجار المشتعلة على القلعة المعادية، خصوصا وأنّ اللقطات قد صُورت ليلاً، الأمر الذي منحها جمالاً فنيا مُبهرا يقرّبها كثيرا من إبهار المشهد الذي يتقاتل فيه الأعداء بالسيوف والخناجر والفؤوس وغيرها من الأسلحة التقليدية، بينما كانت الكاميرات تُصوِّر من مناطق مرتفعة لتحيط باللقطات الكبيرة التي تصور مشهد الالتحام.

الممثل البريطاني المبدع روبرت باتنسون الذي خطف الأنظار في تأديته لدور ولي العهد الفرنسي

 

براعة التمثيل

لم يكن جويل إيجرتون الذي تقمّص دور “جون فالستاف” هو الممثل الوحيد الذي يستحق الجائزة ونالها بجدارة، فثمة ممثلون آخرون كانوا بارعين أيضا، أبرزهم الفنان الأمريكي تيموثي شالماي الذي جسّد دور الملك “هنري الخامس”، وتألق فيه كمشرّد وضال وباحث عن الملذات، ثم كملك شاب، وأخيرا كمحب لزوجته “كاثرين” (ليلي روز ديب).

وبالمقابل هناك الممثل البريطاني المبدع روبرت باتنسون الذي خطف الأنظار في تأديته لدور ولي العهد الفرنسي، حيث تحدث الإنجليزية بلكنة فرنسية أقنعت الجمهور بأنه فرنسي فعلاً. وهذا الأمر ينسحب على مجمل شخصيات البلاط التي أدت أدوارا جميلة ومُتقنة تستحق الثناء والتقدير.

هذا الفيلم الدرامي لا يخلو من مشاهد مُروّعة حدثت خارج إطار الاقتتال، أبرزها مشهد إعدام الخونة

 

مشاهد مُروعة ودعوات للسلام

لا يخلو هذا الفيلم الدرامي من مشاهد مُروّعة حدثت خارج إطار الاقتتال، أبرزها مشهد إعدام الخونة، حيث توضع رقبة الخائن على دكّة خشبية يضربها الجلّاد ضربة واحدة فيفصل الرأس عن الجسد. وعلى الرغم من هذه القسوة المفرطة إلاّ أن إشارات الفيلم ورسائله الداخلية تُدين الحرب، وتدعو إلى السلام بين الشعوب، والوئام بين أبناء البلد الواحد الذي يضمّ قوميات وأديان ومذاهب متعددة.

عُرض فيلم “الملك” في الدورة الـ76 لمهرجان البندقية السينمائي، وفي أستراليا نال عددا من الجوائز منها جائزة “أفضل ممثل” بدور مُساند للممثل “جويل إيجرتون”، وجائزة “أفضل تصوير” التي أُسندت إلى “آدم أركابو”، وجائزة “أفضل تصميم أزياء” التي كانت من نصيب “جين بيتري”.

ولا بدّ من كلمة أخيرة عن المخرج الأسترالي “ديفيد ميشود” الذي تمكن من إدارة الممثلين بحرفية عالية يُغبَط عليها حقا، فقد أنجز ميشود عددا من الأفلام القصيرة، وأربعة أفلام روائية طويلة هي “مملكة الحيوان” و”القرصان” و”آلة حرب” و”الملك”، وقوبلت جميعها باستحسان النقّاد والمشاهدين، ونال عنها جوائز محلية وعالمية.