خمسة أفلام ينبغي أن تشاهدها.. جسّدت الثورة السوريّة

زاهر زيادة

 

بين حاكم عميل وأمير أرعن وجنرال مستبد، فإن الأنظمة العربية اعتادت التعامل مع ثورات الربيع العربي كتهديد وجودي لا مفر منه، ولا بدّ من شيطنته بكل وسيلة وحيلة، فواجهت تلك الثورات بلا رحمة، وقارعتها بلا هوادة مستنفرة كلّ قوّتها في تزييف براءتها من المهد الأول. وكما في النموذج السوري؛ تتحول الثورة بمفهوم الأنظمة إلى أزمة حيناً ومؤامرة حيناً آخر، وفي أحسن الأحوال تُختزل في حرب أهليّة.

إن أردتَ أن تعرف الثورة السورية من خلال السينما وتجارب السينمائيين، فإليك الأفلام الخمسة المميّزة التالية؛ تساعدك على الإحاطة بثماني سنوات موثّقة مرّت على اندلاعها، وتختزل لك جوانب معرفيّة لا بأس بها تجيب عن بعض أسئلتك وفضولك، دون تدخّل من غرف الأخبار أو عناوين الصحف.

فيلم “درب الحريّة” يروي يوميّات معاشة من واقع عاصمة الثورة السوريّة “حمص”

 

درب الحريّة.. بوصلة الثورة

المخرج: محمود الكنّ

المنتج: قناة الجزيرة

تاريخ العرض: 03/2016

الكاتب: طارق الرفاعي – خالد الدغيم – جلال أبو سليمان

طول الفيلم: 00:27:00

نوع الفيلم: وثائقي

 

يروي هذا الفيلم يوميّات معاشة من واقع عاصمة الثورة السوريّة “حمص” المدينة التي برزت كأنها اختزلت مسار الثورة إلى يومنا هذا، وحملت بين شوارعها وأزقّتها تاريخاً كتبه أبناؤها الأبطال، لتعبّر رمزياً عمّا حدث في سوريا خلال السنوات الماضية.

يبرّر الفيلم بشكل سلس وأمين حمل ثوّار حمص السلاح في وجه آلة القتل التي كان يسلّطها النظام السوريّ على مظاهراتهم السلميّة المطالبة بالحريّة والكرامة وإسقاط النظام، ويجلّي نيّتهم التي حملوا من أجلها السلاح دون أن يسيطر السلاح عليهم فيخرجهم عن مسار ثورتهم الأمّ.

أبطال هذا الفيلم هم أبطال حقيقيّون، منهم من استشهد ومنهم من هُجّر، والبقيّة إمّا في المعتقلات وإمّا على خطوط القتال ضد قوّات نظام بشّار الأسد والقوات الموالية له. يسير الفيلم مع صراعاتهم التي عاشوها وحاكتها أفئدتهم وعقولهم، ويشهد الفيلم من داخل واقعهم على الأحداث التي غيّرت المسارات والتوجّهات في هذه المدينة.

حبكة الفيلم خرجت عن الواقعيّة أحيانًا لكن دون أن تحرف الإطار العام لرسالته الجليّة

 

من أجل أخي.. درعا

المخرج: مراد أونبول (Murat Onbul)

المنتج: خالص جاهد كورتلو – مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركيّة (TRT)

تاريخ العرض: 04/2018

الكاتب: خالص جاهد كورتلو، فاهيت طه، فاتح موتلو

طول الفيلم: 01:53:00

نوع الفيلم: دراما – أكشن

 

 

عندما تسأل أيّ سوريّ عن أسباب انتشار روح الثورة في جميع مناطق سوريا بداية من عام 2011 فحتماً سيحكي لك أغرب القصص وأكثرها فجاعة ومأساة حتّى يومنا هذا.. قصّة أطفال درعا الذين تمّ تعذيبهم حتّى الموت لأنّهم أرادوا أن يتنفّسوا هواء الحريّة، ثمّ الإجرام الذي واجه به عاطف نجيب -ابن خالة بشّار الأسد- أهالي هؤلاء الأطفال.

قصّة حمزة الخطيب وأطفال درعا هي التي بنى عليها أبطال الفيلم التركي حبكتهم، ثمّ انطلقوا منها ليرووا العهد الجديد الذي دخلت فيه المواجهات بين أهالي “درعا” مهد الثورة السوريّة مع قوّات الأمن والجيش السوريّ النظاميّ، ثمّ ليُظهر الفيلم بنجاح الأسباب التي دعت هؤلاء الثوّار إلى حمل السلاح والدفاع عن أهليهم وعن ثورتهم الوليدة، وأظهر الحيثيّات التي جعلت عشرات الآلاف من عناصر الجيش السوري النظامي يرفضون قتل الأبرياء وظلمهم؛ لينشقّوا وينضمّوا إلى صفوف الثوّار.

قصّة الفيلم مستوحاة من أحداث حقيقيّة لعب دور البطولة فيها أشهر الممثّلين على الساحة التركيّة الفنيّة. وقد نجح هذ الفيلم بالميزانيّة الكبيرة والإمكانيّات المستخدمة في تقنيّات الإخراج؛ نجح في إيصال تفاصيل كثيرة غابت في أغلب الأعمال السينمائيّة والتلفزيونيّة والإخباريّة التي أُنتجت عن الثورة السوريّة.

باختصار: حبكة الفيلم خرجت عن الواقعيّة أحيانًا لكن دون أن تحرف الإطار العام لرسالته الجليّة. يشرح هذه الرسالة منتج الفيلم فيقول: “لا يختار الناس العيش بلا أوطان، لكنّهم قد يضطرون إلى ذلك. نحن بحاجة إلى فهمٍ أفضل للظروف التي هرب منها السوريّون ولجؤوا إلى بلدنا”.

المخرج لم يرغب أن يروي قصّة مجتزأة، بل أراد أن يُري المشاهد حقيقة الظلم والاستعباد الذي يمارسه نظام عائلة الأسد

 

الملك لا يموت

المخرج: يامن المغربي

المنتج: المعهد العالي للسينما – أكاديمية الفنون – جمهورية مصر العربية

تاريخ العرض: 03/2014

الكاتب: يامن المغربي

طول الفيلم: 00:08:46

نوع الفيلم: قصير – دراما

 

لا شكّ في أنّ القصص الحقيقيّة هي أوثق وأصلب أساس يمكن أن يُبنى عليه سيناريو فيلم ناجح. وفي هذا الفيلم كانت القصّة حقيقيّة مئة بالمئة، وفوق ذلك كانت مؤثّرة بقوّة حيث إنّها تستطيع هزّ الضمير الإنساني الحي، وتعرّي الظلم والعدوان في كل مكان.

عندما ترتسم ملامح الصدمة على وجه الممثّل الذي يلعب دور المعارض السوريّ “ميشيل كيلو”، يبدأ الفيلم بصعق مشاعر المشاهد، هذه القصّة التي عاشها ميشيل في سجنه مع جلاده، وكان محور هذه القصّة ذلك الطفل المسكين الذي وُلد وترعرع داخل الزنزانة. كانت براءة الطفل كافية لجعل لسان ميشيل -الروائيّ الكاتب- يعجز عن الكلام بل ويهرب من زنزانة الطفل وأمّه لأنّه لم يعد يحتمل عجزه أمام براءته.

لم يرغب المخرج أن يروي قصّة مجتزأة، بل أراد أن يُري المشاهد حقيقة الظلم والاستعباد الذي يمارسه نظام عائلة الأسد على أفراد الشعب السوريّ، هذا الظلم الذي كان وقود الثورة التي سُجنَ ميشيل كيلو بسبب مشاركته فيها.

ليبقى جواب السؤال الذي طرحه الفيلم: “هل يموت الملك؟” منوطًا بالسوريين أنفسهم.

في فيلم “جندي مجهول” نعيش تجربة الناشط الثوريّ الذي قد لا يراه أغلب الناس، لكنّه يرى وطنه بعيون رفاقه

 

جنديّ مجهول

المخرج: عبد الرحمن النحاس

المنتج: مؤسسة يونغ كرييتفز (Young Creatives)

تاريخ العرض: 03/2013

الكاتب: عبد الرحمن النحاس

طول الفيلم: 00:47:28

نوع الفيلم: روائي

لا يمكن أن يكون كلّ الناس ثوّارًا، لكن في الحقيقة يمكن لنا اليوم أن نعيش في هذا الفيلم حياة شباب من ثوّار سوريا الذين كانوا يعملون بصمت خوفاً من آلة القتل والقمع الرسميّة للنظام السوريّ، كانت الظروف تفرض عليهم أن يكونوا أبطالًا صامتين، وقد يدفعهم كذلك إلى أن يكونوا في يوم من الأيّام شهداء بصمت.

نعيش في هذا الفيلم تجربة الناشط الثوريّ الذي قد لا يراه أغلب الناس، ولكنّه يرى وطنه بعيون رفاقه، ويرى الحريّة في عيون وطنه.. وهذا يكفيه.

الفيلم تمّ إنتاجه وإعداده وتمثيله من خلال ممثّلين غير مشهورين؛ لكنّهم جعلوا الشخصيّات الثائرة التي مثّلوها نجوماً لمعت في عين المشاهد أبطالاً في آخر الفيلم.. لهذا كان هذا العمل ضمن أكثر الأفلام تعبيرًا عن روح الثورة السوريّة.

لقطة من فيلم “العودة إلى حمص” الذي يرافق الحياة اليوميّة لشخصياته في حمص

 

العودة إلى حمص

المخرج: عبد الرحمن النحاس

المنتج: بروأكشن فيلم – فينتانا فيلمز

تاريخ العرض: 11/2013

الكاتب: طلال ديركي

طول الفيلم: 01:34:00

نوع الفيلم: وثائقي – سيرة – تاريخي

 

مع أنّ هذا الفيلم أُنتج في أواخر 2013 وليس من عهد قريب، ومع أنّ التغيّرات والتعقيدات قد جعلت من المشهد العام للثورة السورية أكثر تعقيدًا اليوم؛ فإنّه ما زال يعبّر عن روح الثورة التي ما زال يحملها ثوّار سوريا، ونجح في رواية التطوّر الذي مرّ به الثوّار في مدينة “حمص” التي جعلها نموذجًا معبّرًا عن هذه الروح.

فيلم “العودة إلى حمص” يرافق الحياة اليوميّة لشخصياته منذ وقوفهم بشجاعة وسلميّة ضد القمع والقهر، منذ بحثوا كلًا عن صوته وعن دوره وعن فكره وصولًا إلى اللحظة التي أكرهتهم فيها الظروف المحيطة، ببشاعتها الاستثنائيّة، على خيارات قاسية.

ابن “حيّ البيّاضة” حارس المرمى عبد الباسط الساروت الذي صار أحد ألمع قادة المظاهرات في الثورة السورية ومن ثمّ قائدًا لمجموعة مسلحة تحمي الثوّار والأهالي المدنيّين، وأسامة ابن “حيّ الخالدية” المجاور، الناشط الإعلامي السلمي الشاب، الناقد اللاذع والساخر باستمرار من كلّ شيء؛ يبحث عن العدسة وما يمكن لها أن تفعل. أسامة الذي لم يقبل أي شيء كما هو، وحافظ على أسئلته برغم كل شيء، وصولًا إلى لحظة اعتقاله من قبل أمن النظام السوري. وغيره من شباب وثوّار حمص.. هذا الفيلم يحكي حكايتهم على أنهم هم المدينة التي سمع العالم عنها الكثير، لكنه لم يقترب منها من قبل، حكاية مدينة في زمن ملحميّ وعالم متحضّر قد خذلهم.