دراما الموسم الرمضاني.. خيبة أمل في الكبار ونضارة واعدة في باقي الحصاد

 

أسماء الغول

أثر الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا المستجد على متابعة تصوير كثير من الأعمال الدرامية، فلم يجد المتابع أمامه كثيرا من الخيارات الجيدة، بل وجد نفسه أمام أعمال كثيرة ضعيفة وسطحية، لذلك فإن الأعمال الجيدة منها كانت طفرة وبرزت بقوة، وكانت لها جماهيرية عالية، وأولها مسلسل “أولاد آدم” و”مقابلة مع السيد آدم” ومسلسل “100 وش”.

ثم تأتي أعمال أخرى أقل جودة لكنها ذات جماهيرية عالية مثل “البرنس” للممثل محمد رمضان، ويبدو أنه لا يريد أن يخرج عن الحارة الشعبية، ومسلسل “الفتوة” لياسر جلال.

كما برزت الدراما الخليجية أيضا بقوة في أربعة أعمال رئيسية هي “الكون في كفة”، و”هيا وبناتها”، و”شغف”، ومسلسل “أم هارون”، وكان أقواها “شغف” وأضعفها “هيا وبناتها”.

 

البرنس.. زخم قصة قديمة متجددة

لا يمكن القول إن موسم رمضان الحالي في الدراما العربية أبرز عملا لاقى توافقا من الجميع كما حدث في مواسم رمضانية فائتة، فالخيارات شحيحة في ظل وقف كثير من الأعمال خلال فرض الحجر الصحي، لذلك استطاع مسلسل مثل “البرنس” للممثل محمد رمضان أن يكون المسلسل الشعبوي الأول، فقد غذى المُخيلة الجماعية في أكثر الموضوعات فتنة ألا وهو الشر بين الإخوة، قصة هابيل وقابيل القديمة المتجددة.

واستطاع المخرج محمد سامي أن يرقى بمستوى الممثلين في مشاهد مؤثرة تلعب على العاطفة الشعبية، فتناقلها الآلاف من المستخدمين في مقاطع فيديو قصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن من الواضح أن سامي لم يستطع السيطرة على الأنا المتضخمة للممثل محمد رمضان الذي جاء أداؤه استعراضيا أكثر من كونه تمثيلا حقيقيا، وكأنه فقد موهبته في رحلة النجومية التي تخوض بها كثيرا من معارك الاستعراض أيضا لثروته وجسده وصوته وجمهوره.

وربما عرف رمضان عيوبه فأراد أن يتغلب عليها، وربما يكون المخرج هو من فعل ذلك حين قدم معه مجموعة من النجوم الحقيقيين والشبان الذين تفوقوا عليه في التمثيل والأداء، وهذا ما لا يفعله عادة في مسلسلاته، فهو أحيانا يظهر في دورين كي لا يجلب معه ممثلا يوازيه في النجومية أو يسحب البساط من تحته، ومن هؤلاء الممثل أحمد زاهر، وقد قدم دور الأخ الحاقد بانسياب وطبيعية جعلته يتلقى مكالمات تهديد في حياته الحقيقية كما أوضح في إحدى المقابلات معه مؤخرا.

لن يخاف محمد رمضان من نجم يقوم بدور شرير، فالناس تميل للبطل المثالي المُنتقِم، وهذا ما بدأ يحدث في المسلسل الآن، وهو الدور المكرر الذي يلعبه في جميع مسلسلاته، فالجماهير غدت تعرف أنه سينتقم أشد انتقام ليحصل على حبيبته وثروته وحقه، كما حدث أيضا في كل أدواره السابقة، فقد حان للأسطورة والبرنس ونمبر ون أن يتغير وينسجم في ظل توليفة جميلة من الممثلين والممثلات والحبكات الثانوية المتقنة، وكأنه ذاته اكتفى أن يكون محمد رمضان وفقط.

كما لا يمكن التغاضي عن أن المسلسل فيه كثير من مسلسل “أيوب” الذي عُرض في موسم رمضان 2018، وكان “أيوب” الذي أدى دوره الممثل مصطفى شعبان خرج من السجن لينتقم من أخته التي باعت منزله وشردّت زوجته.

 

 

أولاد آدم.. حرفية الأداء العالية

يخطفك مسلسل “أولاد آدم” من المشهد الأول حتى آخر حلقاته، ولن تشعر للحظة بالملل أو التكرار أو التشابه مع أي عمل مسبق، فهو المسلسل الذي تنطبق عليه عبارة كامل الأوصاف، وقد قام بإخراجه المخرج الليث حجو من سيناريو الشاب رامي كوسا، فالمسلسل مكتوب بحرفية عالية لا تقل عنها عمليتا الإخراج والمونتاج.

وإن الذكاء هنا أن المسلسل يقدم ما لا تقدمه جميع المسلسلات التي تُعرض على الشاشة حاليا، ألا وهو واقعية الأحداث وواقعية الشر وواقعية الفساد بجرأة وصراحة ربما تكونان صادمتين ولكن هذه الصدمة والفجاجة هي في فداحة الشر المنطقي -وليس المُأسطر في تجريد الشر كما المسلسلات الأخرى- هو ما جعل المسلسل ببساطة واقعيا.

قدم فريق العمل المسلسل دون خجل أو تردد بسبب جرأته، وربما هذا يعود إلى شركة الإنتاج نفسها “إيغل فيلمز” وما تضعه من حدود، فهي تترك عملها حرا دون قصقصة الواقع ومنطقية الأحداث، لمجرد أنها أرادت القول لم يحدث حمل خارج الزواج، أو أن هذا الرجل مستحيل أن يصور ضحاياه خلال علاقاته الجنسية معهن، كما يحدث حين تنتج شركات أخرى مسلسلات عربية مشتركة، وربما تكون شخصية المخرج ورؤيته للعمل، أو إخلاص الكاتب لكتابته.

وقد عاد بنا الكاتب رامي كوسا إلى روايات غادة السمان الطويلة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وخاصة رواية “ليلة المليار”، وتتبعها للشخصيات من الطبقة المخملية والتغيرات التي تصيبها من أجل المال والشهرة والتخلي عن المبادئ وحلم الثورة الذي كان لا يزال فاقعا في المجتمع اللبناني وقتها، وتشابك كل ذلك مع الطبقة الفقيرة.

فهذه الثنائيات المعقدة والمواجهات بين الشخصيات تبدو حقيقية في المسلسل لدرجة أنك قد تنسى أن تلتقط أنفاسك وأنت تشاهدها بين الممثلة ماغي أبو غصن بشخصية “القاضية ديما” في ثنائيتها مع “غسان” ويؤدي دوره الممثل السوري مكسيم خليل، وبين الممثلة اللبنانية دانييلا رحمة التي تؤدي شخصية “مايا” في ثنائية أخرى مع الممثل السوري قيس الشيخ نجيب بدور “سعد”.

ومثل هذا العمل السوري من حيث الإخراج والكتابة، واللبناني من حيث الواقع والإنتاج، والخليط في الممثلين والممثلات، هو ما يستحق أن يتوحد من أجله المجهود والمال والخبرات العربية كي يقدم لنا أزمات الإنسان في المنطقة العربية سواء الأزمات الفردية أو تأزمه كجزء من مجتمع لا يرحم.

 

الممثل السوري مكسيم خليل في دور الإعلامي الفاسد “غسان” في مسلسل “أولاد آدم”

 

مكسيم خليل.. عبقرية الموازنة بين الشخصيتين

كان الاكتشاف الأكبر في هذا المسلسل هو الممثل مكسيم خليل في دور الإعلامي الفاسد “غسان” فتشعر وكأنك أول مرة تشاهد هذا الممثل على الرغم من تاريخه في الدراما، لكنه قدم الشخصية المعتلة نفسيا أو السيكوبات بطريقة عبقرية، وهي من أكثر الشخصيات تعقيدا فاستطاع أن يلعب دور إنسان عاقل له قدرة في التأثير بالآخرين والتلاعب بأفكارهم، ثم يتلذذ بإلحاق الأذى بهم.

وقد تنقل مكسيم خليل في أدائه بين الانفصام والاتزان في تبدل يجعلك محتارا كيف من الممكن أن تشاهده بعدها في أي دور آخر بعد ما فعله هنا، وهذا يعود بالتأكيد إلى الطريقة التي كتبت بها الشخصية، فالورق الجيد يخلق ممثلا جيدا، كذلك قدرة المخرج حجو أن يوازن بين قدرات الممثلين ومساحات الأدوار.

ولا يمكن إنكار أن دور مكسيم لم تستطع أن تغطي عليه ممثلة جيدة كماغي أبو غصن، بل حتى إنها لم تستطع مجاراته بانفعالاتها في المواجهة بينهما حين تكشف أسراره، ولكن هذا لا يعود لضعفها في الأدوار التراجيدية؛ كونها ممثلة كوميدية متميزة، بل لأن مكسيم قدم الدور الأعقد بكل انسيابية وبساطة.

 

“مقابلة السيد آدم”.. حين ينتقم الطبيب

كان يبدو المسلسل واعدا في بدايته إذ إنه مسلسل سوري يغوص في عالم الجريمة والتشويق لحكاية طبيب شرعي يتورط في تشريح جثة لم يكن من المفترض أن يكشف أسرار مقتلها، فتختطف ابنته المصابة بمتلازمة داون، ثم تموت لاحقا بعد تحريرها، وهنا ينتقم الطبيب (الممثل غسان مسعود) أمام المحقق (الممثل أحمد الأحمد)، إلا أن المسلسل سرعان ما يتراجع بسبب اللقطات الطويلة بالمحاضرات الجامعية التي يشرح فيها الطبيب لطلابه طرق القتل، وهو ما يذكّر بالمسلسل الأمريكي الحاصل على جائزة ايمي “كيف تفلت من جريمة قتل؟”.

وتطول بعض هذه المشاهد لتتجاوز الثلاث دقائق مسترسلا عن الشنق أو الغرق أو الغازات المخدرة دون مبرر لذلك، أو كونها معلومات تعتبر مفصلا في أحداث المسلسل، وكذلك لقطات طويلة من الحوارات المكررة لم يكن لها داعٍ بين المحقق وزوجته، وبين الفتاة اليوتيوبر وشريكتها في السكن.

هذه الأسباب جميعها أبطأت إيقاع المسلسل وقضت على التشويق فيه، خاصة حين تقلص دور المحقق (الممثل أحمد الأحمد) ليصبح مجرد هامش يتبع الحدث بعدما كان صانعه في الحلقات الأولى، وهنا يظهر الطبيب في دور البطل المنتقم في إعادة لحبكة معروفة مسبقا طالما لاكتها الأفلام الأمريكية.

إلا أن هذا لم يمنع من أن هناك بعض الممثلين والممثلات بقوا في عنفوان حيويتهم خلال أداء أدوارهم بالمسلسل مثل دور “ديالا”(الممثلة رنا شميس) كمحامية شريرة خططت للجريمة، و”مصطفى”(الممثل مصطفى المصطفى) ابن أخت الطبيب الشرعي الذي يخاف منه وينفذ أوامره، وقد لعب الدور بحرفية أيضا.

ولا يمكن إنكار الخطأ الشنيع غير الإنساني الذي ارتكبه المسلسل حين عرض صورة الناشطة السورية رحاب علاوي في إحدى حلقاته على أنها شابة مقتولة في جريمة تحاول الشرطة كشف ملابساتها، بينما في الحقيقة هي صورة المعتقلة السورية رحاب، وقد قُتلت تحت التعذيب في أحد سجون النظام السوري، وهذه الخطوة سواء بقصد أو دون قصد هي عار على فريق العمل والمخرج فادي سليم كاتب المسلسل.

 

 

“الفتوة”.. جمالية الصورة والديكور

يبدو أن ياسر جلال عرف عيوب الشخصيات التي قدمها في المواسم الرمضانية السابقة، وكيف كان يكرر نفسه في أدوار مفتول العضلات الذي يهبَّ لإنقاذ من حوله في أجواء من الثراء والبدلات الرسمية والسفر والشقق الفاخرة والفتيات الجميلات والأعداء الأشرار، كما في مسلسل “ظل الرئيس” و”رحيم” و”لمس أكتاف”، فيقدم هذا الموسم دورا مغايرا في زمن مغاير أيضا، وتحديدا عام 1850 في مسلسل “الفتوة” بديع الصورة والديكورات.

تعتبر قصة المسلسل تقليدية مناسبة لمسلسل رمضاني تتحدث عن الخير والشر في زمن مصر القديم بين فتوات الحارات دون الخوض في كثير من المعارك، ولم تسل كثير من الدماء كما يتوقع من يسمع بقصة المسلسل، بل كان المسلسل أقرب إلى كشف غموض أسرار محيطة بحياة البطل حسن الجبالي، والانتقام من قاتل والده وسط سرب بديع من الممثلين والممثلات كرياض الخولي وإنعام سالوسة وعايدة رياض ومي عمر وفريدة سيف النصر في ظهور حديث ونادر.

ولا يمكن إنكار المط الذي نشعر به في خط سير الأحداث في الحلقات الأخيرة، وكذلك الأخطاء التي ارتكبها المسلسل في مجاراة اللغة المحكية والأزياء في ذاك الزمان.

وعلى الرغم أن أقوى ما في المسلسل هو ديكوره الذي كلف أكثر من 5 مليون جنيه مصري كما أعلن فريق المسلسل، فإن هناك أخطاء ارتكبت أيضا في أحد المشاهد حين ظهر كوبري قصر النيل في خلفيته بأسديه الشهيريّن، والحقيقة أن الكوبري كان خالٍ منهما في ذلك الزمن.

 

مسلسلات الرومانسية.. رهان على جمال الممثلة

صاحب هذا الموسم الرمضاني مجموعة من المسلسلات الرومانسية التي لا تقوم على أي حبكة سوى قصة حب بين اثنين تواجهها العراقيل، وأغلب هذه المسلسلات كانت شديدة الضعف لدرجة لا يمكن الحديث عنها كمسلسل “حب عمري” للممثل هيثم شاكر وسط ركاكة في الإخراج والتمثيل والكتابة، بل تصل الأمور إلى سذاجة في الطرح، وهي ذاتها السذاجة في مسلسل “فرصة ثانية” للممثلة ياسمين صبري، فلا يمكن صنع مسلسل بالاعتماد على جمال الممثلة، وقد كان واضحا من أدائها في المسلسل أنها لا تمتلك غيره.

ويبدو أن المعادلة اليوم أن تضع نجمة لامعة في علاقاتها أو جمالها، وضعيفة القدرات وأَحِطها بممثلين قديرين وممثلات قديرات فيتقبل المتلقي المسلسل بل وينتظره دون أن يشعر، وهذا ما حدث في “فرصة ثانية”، فنرى موهوبين مثل دياب وأيتن عامر وأحمد مجدي ومحمود البزاوي يحيطون ببطلة لم تقدم مشهدا واحدا في أي من مسلسلاتها من الممكن تسميته بالتمثيل.

وهذا أمر مؤسف أن يقبل مثل هؤلاء أصحاب المواهب بأن يكونوا جزء من مسلسل ضعيف أهم حواراته تدور حول صد الممثلة ياسمين صبري لرجال معجبين بها، وهكذا طوال المسلسل في سيناريو ركيك، وإخراج لم يستطع رفع المسلسل لمرقس عادل.

وربما أنقذ الحجر الصحي المتابعين من مشاهدة مسلسلات مشابهة لبطلات يطللن علينا في كل موسم اعتمادا على نجومية بشرتهن وعيونهن وأجسادهن وليس موهبتهن، والأمر ذاته مع بعض النجوم الرجال الذين أصبحت “أناهم” هي ما يجب أن يقوم عليها المسلسل فيبرز كبطل مثالي منقذ ووسيم ومحطم قلوب النساء، ويحمل سلاحا يدافع عن العدل دون أن أي مضمون يستحق سوى المشاهدة للتسلية.

إلا أنه بعد تفكير يبدو أن الحجر الصحي لم ينقذنا كليا من هذا النوع، فهناك مسلسل “الساحر” الذي يمط ويمج أحداثا غير حقيقية عن مبصر يقع في حب ثرية تدخله عالم الأغنياء فيخدعهم بقراءة الطالع في أحداث سطحية غير مقنعة مع الممثلة ستيفاني صليبيا، كذلك حوارات وأحداث جرى تجميعها سريعا ومنتجتها للحاق بالركب الرمضاني دون قصة مقنعة كتبها سلام كسيري، وأخرجها محمد لطفي وعامر فهد، لكن يبدو أن كورونا أنقذتنا من 15 حلقة أخرى من الكلام الانفرادي للمبصر والمثقف، والإعلامي والعاشق والـDJ عابد فهد أقصد الساحر.

 

“نحب ثاني ليه”..  سطوع نجم ياسمين عبد العزيز

في خضم هذه المسلسلات الرومانسية الهشة نجد مسلسلا واحد متميزا، ولاقى جماهيرية كبيرة بين الفتيات والنساء، فتبادلن بعض المقاطع الحاسمة منه على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو مسلسل “نحب تاني ليه” للممثلة الموهوبة ياسمين عبد العزيز، وتقوم بدور “غالية، ومعها كريم فهمي وشريف منير، فلم تفقد عبد العزيز حسها الكوميدي العالي في أداء الشخصية على الرغم من تراجيدية دورها، فتلعب مشاهد الحزن بحرفية لا تستطيع سوى تصديقها، كما أنها لم تخشَ من وجود ممثلات أكثر جمالا منها أو رشاقة فهي تعرف جيدا قدرتها على التمثيل.

كما أنه سرعان ما يتعلق المتلقي بالشخصيات وواقعيتها سواء الأم (الممثلة سوسن بدر)، أو الجدة وهي الممثلة ذات الصوت المميز ليلى عز العرب، التي لا يمكن نسيان دورها كأم مستبدة في مسلسل “ليالي أوجيني” في الموسم الرمضاني 2018.

يتجاوز المسلسل الحبكة عن صعوبات يواجهها حبيبان إلى التطرق للإشكاليات العائلية، والتعقيدات التي تواجهها النساء مع الرجال في نظرة واسعة للأمر لا تخلو من معالجة غير ساذجة، مما يجعل المخرج مصطفى فكري والكاتب عمرو محمود ياسين أكثر من رابحين في هذا الموسم.

وهذا لم يمنع أن المسلسل واجه الانتقادات، فإضافة إلى أن البعض لا يراه مناسبا للطرح في رمضان خاصة في ظل أحداث عائلية ليس بها كثير من التشويق بل عبارة عن يوميات العلاقات الأسرية والعاطفية، هناك انتقادات تتعلق بتشابه بين قصة المسلسل وبين المسلسل الهندي “سرقت زوجي”.

فمع فقدان شريف منير لجزء من ذاكرته وإصراره على أنه لا يزال متزوجا من “غالية”، بدا واضحا اقتباس فكرة الحادث وفقدان منير الذاكرة جزئيا من المسلسل الهندي الشهير، حيث يتعرض فيه “كونان” أحد أبطال المسلسل، إلى حادث سير ويفقد جزء من الذاكرة وتضطر طليقته “مولي” أن تعيش معه من منطلق إنساني رغم أنها مخطوبة لشخص آخر حتى يستعيد ذاكرته.

 

 

“100 وش”.. ربقة الأحداث المكررة

ليس من السهل تصنيف مسلسل “100 وش” بالكوميدي أو الاجتماعي الدرامي أو البوليسي أو الرومانسي بل هو يجمع كل ذلك في عملية إخراج محترفة، وسيناريو محكم وممثلين رائعين أغلبهم آت من مدرستي الأفلام المستقلة والمسرح، ولا يفعل كل هذا سوى المخرجة كاملة أبو ذكرى، مع الثنائي نيلي كريم وآسر ياسين، فهما وحدهما يعتبران عامل جذب كبير لمشاهدة المسلسل.

وربما عيب المسلسل الأكبر أن القصة قديمة، ومعروفة ومكررة، وأحداثها متوقعة عن عصابة خفيفة الدم تحاول الحصول على الأموال، فلا تبتعد كثيرا عن حكاية أجزاء أفلام أوشن 11، أوشن 12، وأوشن 13، لكن هذا لم يمنع أن يكون للمسلسل جماهيرية كبيرة، وأن تصبح بعض العبارات فيه “ترند” على وسائل التواصل الاجتماعي مثل عبارة “باي شوجر”.

 

“لعبة النسيان”.. أسلوب الحوار لكشف المستور

تدور أحداث “لعبة النسيان” حول فقدان الذاكرة واسترجاعها تدريجيا وسط كشف غموض العديد من الأسرار والجرائم، ورغم كل هذا فالمسلسل ليس به ما يكفي من التشويق أو الحركة، بل يعتمد على الحوار لكشف الحقائق المتراكبة على بعضها البعض.

وتلعب البطولة فيه الممثلة المصرية دينا الشريبني، ولكنه ليس أفضل أدوارها، ففيه كثير من البكاء والصراخ والانفعال المبالغ فيه الذي ربما كان سيجري في سياقه دون أن يلاحظ أحد شذوذه لو أن الإخراج والقصة كانا قويين كفاية لتذويب كل ذلك في مجرى قصة وأحداث قوية، ولكن هذا لا يحدث بل مزيد من الأسئلة ذاتها على لسان البطلة، والحوارات المتكررة لدرجة أثرت على أداء ممثل قدير كمحمود قابيل فقد جاء باهتا وسطحيا، وهو ما ينطبق على الممثل أحمد داود.

وربما لو كانت القصة أصلية وليست مستنسخة لما كان لكل هذا أن يحدث إلا أن الكاتب تامر حبيب كأنه فقد موهبته في إبداع السيناريوهات، فنجده يكرر قصة المسلسل الإيطالي (Mentre ero via) وهو عبارة عن مسلسل قصير تدور أحداثه حول “مونيكا غروسي” التي تستيقظ بعد غيبوبة مدتها 4 أشهر دون أن تتذكر أي شيء عن السنوات الأخيرة، ويتوفى زوجها “جيانلوكا” وعشيقها “ماركو” في ظروف غامضة، والشخص الوحيد الذي سيساعدها في كشف الحقيقة هو “ستيفانو” شقيق “ماركو”، ويعيد بناء ماضيها من جديد.

 

“لما كنا صغيرين”..  منح الراية لمن لا يُجيد

يبدو أنه من الصعب جدا على الممثلة ريهام حجاج أن تكون ممثلة صف أول، فقدراتها التمثيلية محدودة وتقتصر على تعابير معينة في جميع ردود أفعالها، ولا أذكر لها دورا ترك أثرا سوى دور قصير في فيلم “مولانا” لكنها للأسف لم تتعب على موهبتها منذ ذلك الحين.

بل إن الممثلة وقفت عند حد معين معتمدة على ما يقدمه لها زوجها المنتج ورجل الأعمال محمد حلاوة من نجومية جاهزة، وهذا بالأساس السبب وراء أزمة الأفيش للمسلسل حين تقدمت صورة الممثلة على الممثليّن القديريّن محمود حميدة وخالد نبوي.

والمسلسل -الذي غنت شارته الديفا سميرة سعيد في أغنية بديعة تحمل اسم المسلسل- له قصة مميزة تتحدث عن أستاذ جامعة يحاول التحكم بحياة طلبته الشخصية ويبقى معهم بعد تخرجهم في محاولة للعبث بأقدارهم، إلا أن أداء الممثلة ريهام كشخصية محورية تعود إليها الكاميرات كل حين جعل المسلسل مطاطيا دون طعم أو لون، والسبب ردود فعلها الباردة خلال جميع المواقف التراجيدية التي تمر بها، وخاصة أن عمليات التجميل قضت على أي تعبير حقيقي من الممكن أن يبرز على وجهها، أمام أداء بديع لمحمود حميدة في أقل عبارة قد يقولها، أو أي نظرة لخالد نبوي.

 

“فالنتينو”.. كوميديا فاشلة رغم حضور الكبار

من قال إنه يكفي الممثل أو الممثلة أن يكونا مشهورين ولهما تاريخ طويل من النجومية كي ينجح العمل؟ فهذا مثلا لم يسعف مسلسلين كانا من المفترض أن يُصنفا من أهم المسلسلات الفكاهية في موسم رمضان الحالي، وهما “فالنتينو” لعادل إمام، و”سكر زيادة” لنبيلة عبيد وسميحة أيوب ونادية الجندي، إلا أن هذا لم يحدث على الإطلاق بل فشل كلاهما فشلا ذريعا.

كان من الصعب جدا متابعتهما بعد الحلقة الأولى، فلا يمكن تخيل الإسفاف الذي قد تراه من تكرار النِكات القديمة التي تذهب بالتأكيد إلى كل أنواع العنصرية والسخرية من طبقات مجتمعية معينة، واللعب على موضوع الزوجة الثانية والجنس والنصب، وذلك في تكرار وثقل وسماجة دون أي نوع من خفة الدم، وهنا من المهم القول إنه يجب على أيمن بهجت قمر الذي كتب “فالنتينو” أن يعود إلى كتابة الأغاني ويبتعد عن الأعمال التلفزيونية.

كما من المهم أن يعرف المخرج رامي إمام أنه لا يكفي ظهور عادل الإمام وحده على الشاشة ليكون المسلسل مسلسلا، كما يقول في واحدة من المقابلات، “الفنان عادل إمام يوجد على الشاشة، وهو أمر هام للغاية”، في هذه الحالة من الأفضل أن يظهر في برنامج يحكي سيرته الذاتية على حلقات.

 

“أحلى أيام”.. خفة الظل وبساطة الإنتاج

من المهم الإشارة إلى أنه في الموسم الرمضاني الحالي ظهرت مسلسلات كوميدية لممثلين شباب كانت خفيفة الظل وبسيطة وذات إنتاج متوسط، ولاقت قبولا جيدا كالمسلسل السوري “أحلى أيام” الذي يتحدث عن قصة أصدقاء من الثانوية يكبرون ويسافرون إلى الإمارات، وهو من كتابة وتمثيل طلال المارديني وإخراج سيف الشيخ نجيب، وبطولة معتصم النهار والمصرية روجينا.

وهناك أيضا مسلسل “2 في الصندوق”، ويتحدث عن حكاية التوأم شوقي وزيكا اللذين يحاولان تغيير حياتهما للأفضل، فيريد زيكا أن يصبح مغنيا، ويريد شوقي أن يكون ممثلا، لكن عملهما كـ”زباليّن” يعوق ذلك، بينما يكتشف ممادو زعيم دولة زمبيزي بأنه أنجب توأما وأنهما في مصر، والمسلسل من إخراج محمد مصطفى وأحمد عزب، وتأليف لؤي السيد، وبطولة حمدي الميرغني ومحمد أسامة “أوس أوس”.

ولا يمكن نسيان مسلسل “اللعبة” وتدور أحداثه في أجواء صراع كوميدي يومي غير تقليدي بين عائلتيّ “مازو”، و”وسيم” إذ يتنافسان للفوز بمكافأة اللعبة اليومية التي تتحول عبر الحلقات من أفكار بسيطة وطريفة إلى منافسة شرسة لا يعرف أحد نهايتها، وشارك في كتابته مجموعة من الكتاب الشباب، وأخرجه مُعتز التوني، وبطلاه الثنائي هشام ماجد وشيكو.

 

“الكون في كفة”.. مشكلات الأسرة الكويتية

شغلت المسلسلات الخليجية هذا العام فراغا كبيرا تركه ضعف أغلب الأعمال المقدمة وقِلتها، لنجد أن مسلسلا مثل “الكون في كفة”، ويتحدث عن أخت تأوي أشقائها الأربعة من أمها في منزل ورثته عن والدها مسليا ومشوقا، فهو يقدم شخصية الأخت الكبيرة المسيطرة، وتلعب دورها الممثلة إلهام الفضالة في مسلسل تدور أحداثه بين المأساة والكوميديا، للمخرج سائد الهواري.

تتحكم هذه الأخت بحياة إخوتها وزوجاتهم، حتى إنها تسمي أطفالهم المولودين كما تريد، وتدور مشاكل في المنزل حول الميراث والزوجة الثانية، وخيانة الأصدقاء تزيد من اطلاع المتلقي على العائلات الكويتية وحياتها، إلى أن تقع هذه الأخت “شموخ” في حب أحد الفقراء الـ”بدون” أي غير حاصل على جنسية كويتية، وهنا تبدأ أحداث من نوع آخر، لكن هل تتغير شخصيتها في ظل وقوعها بالحب؟

ومن عيوب المسلسل أنه يقدم الأطفال من ذوي الإعاقة بشكل بالغ السوء، وكأنهم مصيبة حين تلد زوجة شقيقها الكبير أحدهم، كما يقدم المرأة بأدوار نمطية كانت بحاجة إلى مزيد من التطوير.

 

“شغف”.. مهوسة حب في الأربعين

يعتبر مسلسل “شغف” لهدى حسين الأفضل على الإطلاق من بين المسلسلات الخليجية، فالمسلسل أغلبه شخصيات عميقة ومتحولة، مما يجعلنا نرفع القبعة للمخرج محمد القفاص والكاتب علاء حمزة.

وتخوض الممثلة هدى حسين التحدي تلو الآخر في تقديم شخصيات بالغة التعقيد، دون أن يرف لها جفن، بل تقدمها بمنتهى السلاسة مهما كانت هذه الشخصية شديدة الغرابة كما ظهرت في مسلسل العام الماضي “غصون في الوحل”.

تقدم هذه المرة دور المرأة المهووسة بفنان شاب وهي في نهاية الأربعينيات، في دور المتيمة التي لا تخشى استغراب من حولها، كما لا يهمها رأي خطيبها بل تتركه من أجل فيصل الذي يقوم بدوره الممثل عبد الله بوشهري، ويؤدي دور الفنان المسالم، وصاحب الشخصية الضعيفة بشكل بالغ التميز هو الآخر.

وتكمن عيوب المسلسل في الأعمال الفنية المقدمة في المسلسل إذ نرى أنها تقدم أحيانا لوحات مرسومة على خطى المدارس الحديثة في الفن، ولوحات أخرى شديدة الكلاسيكية، مما يجعلك تشعر بعدم واقعية قضية الفن التشكيلي كحبكة للمسلسل.

كذلك من المهم عند طرح قضية الرسم بالنيابة وكأنه شيء عادي بحسب ما ظهر في المسلسل التنبيه أنه عمل غير أخلاقي، إذ إن هذه الفنانة بعد أن تعجز يدها عن الرسم بسبب حادث وقع لها تجعل هذا الشاب “فيصل” يرسم أفكارها وتخرج اللوحات باسمها دون أن يعترض.

 

“هيا وبناتها”.. سر الثلاثين عاما

يبدو مسلسل “هيا وبناتها” الأضعف من عدة نواحي أهمها التمثيل والقصة، كذلك مجموعة المبادئ التي يطرحها، فمن غير المعقول أن تستمر أم طوال 30 حلقة ممتدة على مدى 30 عاما بإخفاء سر كبير عن بناتها الخمسة، وتقبل بالابتزاز حتى تفقد كل ثروتها كي لا يصل الخبر إلى بناتها بحقيقة كونها مسجونة سابقة، فالمسلسل يقدم المرأة السجينة سواء مظلومة أم لا في إطار العار دون معالجة ذكية للأمر.

ناهيك عن أن أداء الممثلات ضعيف، وأصواتهن مرتفعة وكأنهن يقمن بالأداء على خشبة مسرح، وفي عدد من المشاهد تجري إهانة عاملات المنزل بشكل سافر، حتى لو كان تمثيلا فالأمر غير مقبول أن يكون بهذه القسوة.

وكان على المؤلف محمد الربيعان، والمخرج خالد الفضلي، بدلا من مد المسلسل إلى ثلاثين حلقة من أحداث مكررة، فلا يعرف المُشاهد أو بنات هيا سر والدتهن (الممثلة باسمة حمادة)، أن يقوما بجعل القصة أكثر منطقية وتقبلا في المجتمع دون وصم المرأة بالعار، والضعف وعدم القدرة على مواجهة الابتزاز، فما بذلك قدما نموذجا سيئا لمئات النساء اللواتي يتعرضن في الواقع إلى الابتزاز اليومي.