“زهرة” وثائقي فلسطيني لقصص حية من النكبة

يقدم المخرج الفلسطيني محمد بكري في فيلمه الوثائقي الجديد (زهرة) شهادات حية من رحلة اللجوء والتشرد لمئات الالاف من الفلسطينيين بعد عام حرب عام 1948 حيث اعلن قيام اسرائيل.
ويأخذ بكري في فيلمه الذي عرض مساء الأحد 18 أكتوبر على خشبة سينماتك ومسرح القصبة في رام الله ضمن مهرجان (القصبة السينما الدولي) في دورته الرابعة المشاهدين على مدار ساعة في رحلة تعود بهم الى بدايات اللجوء الفلسطيني مستحضرا صورا من الارشيف الى جانب روايات من عاصروا هذه النكبة.
وقال بكري لرويترز بعد العرض “اخذ تصوير هذا الفيلم مني ثلاث سنوات حاولت فيها تقديم روايتنا الفلسطينية لما حدث (عام 1948) من خلال شهادات حية لاناس عاشوا تلك المرحلة ومنهم خالتي زهرة التي هي قصة تعكس الاف القصص ممن بقوا على هذه الارض.” واوضح بكري انه سابق الزمن في تصوير هذا الفيلم مع بطلته الرئيسية زهرة التي اصيبت بجلطة الامر الذي كان بالنسبة له جرس الانذار للاسراع في تسجيل هذه الذاكرة الحية التي تختزل تاريخ تلك المرحلة بابعادها الاجتماعية والسياسة والاقتصادية.
فلا تترك زهرة قضية الا وتتطرق اليها بدءا من زواجها بابن عمها حسن مرورا بالهجرة القصرية لها من قريتها (البعنة) في الجليل وعودتها اليها بعد ان اقل من عام مقدمة صورة واضحة لنجاح ما يقارب من مئة وخمسين الف فلسطيني في البقاء او العودة الى منازلهم في مدنهم وقراهم التي رحلوا او اجبروا على الرحيل عنها في عام ثمانية واربعين.
وتروي زهرة حكايات من رحلة السفر من قريتها الى لبنان ومنها قصة تلك المرأة التي كانت حامل في شهرها التاسع وجاءها المخاض وهي في الطريق فما كان منها الا قطعت الحبل السري بحجر ولفت ابنها وحملته واكملت السير.
يتضمن الفيلم عرضا لما واجهه اللاجئون في رحلتهم هربا من الحرب من جوع وعطش وانعدام النظافة الى ان انتهى المطاف بعدد منهم بالعودة الى منازلهم التي تركوها.
ويعود بكري في ذاكرة خالته زهرة الى ذات الطريق الذي سلكته يوم غادرت ليقدم الى الجمهور صورة حقيقية يعتذر عنها لصعوبتها لمجموعة من الكلاب تهاجم خنزيرا يحاول الاقتراب من قطيع من الاغنام لياتي الراعي بعد ذلك ويجهز على الخنزير قبل ان يرمي به من اعلى الجبل.


محمد بكري

ويقول بكري في تعقيبه على هذا المشهد في الفيلم “اعرف ان هذا المشهد صعب وقاس ولكن هذا ما شاهدته” متسائلا “من هو الراعي ومن هو الخنزير ومن هم الكلاب؟” ويتناول فيلمه قصص مصادرة الاراضي في منطقة الجليل والتي كان جزء منها منطقة محاجر كانت تشكل مصدر دخل لمئات عائلات العمال. وعلى وقع صور المحاجر يقرأ بكري مقاطع من قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش (سجل انا عربي).
ومما يقرأ بكري “سجل أنا عربي/ وأعمل مع رفاق الكدح في المحجر/ وأطفالي ثمانية أسل لهم رغيف الخبز/ والأثواب والدفتر/ من الصخر/ لا أتوسل الصدقات من بابك /ولا أصغر/ أمام بلاط أعتابك/ فهل تغضب.” ويذهب بكري بالجمهور الى عكا بحثا عن بيت لافراد العائلة ممن كانوا يسكنون هناك فلا يجده لتبحث الخالة عن اي شيء يشير الى المكان فتجد بئرا كان يستخدم لجمع المياه ولكنها تذهب بعد ذلك الى قبر خالها لتقرأ له الفاتحة فالقبر ما زال في مكانه.
ولا يقتصر الفيلم على شهادات زهرة التي توفي زوجها واولادها الاربعة صغار حيث عملت على تربيتهم وتعليمهم بل هناك افراد من العائلة يشاركون في سرد الحكاية ليبدو الفيلم روائيا في قصته على وقع نغمات الة (اليرغول) الموسيقية الشعبية الفلسطينية.
وابدى المخرج الفلسطيني يحيى بركات الذي لا يحبذ ان يقدم المخرج عرضا لسيرته الذاتية اعجابه الشديد بنجاح بكري مشيرا إلى أنه يقدم جوابا لكل من يتساءل كيف يعيش الفلسطينيون في اسرائيل.
واضاف “الصورة (الفوتوغرافية) الرائعة التي يقدمها الفيلم في البداية للعدد المحدود للعائلة مقارنة مع الصورة الاخيرة التي لا تتسع لافراد العائلة.. هكذا اصبح المئة وخمسين الف فلسطيني مليون ومئتي الف .. بقوا في منازلهم ليكونوا شوكة في حلق اسرائيل.” واوضح بكري انه لم يحدد بعد اين سيعرض فيلمه الذي كان عرضه الاول الاسبوع الماضي في حيفا.
واضاف في رده على سؤال حول كتابة نص الحديث الذي يدور في الفيلم باللغة العامية اسفل الشاشة “حتى اذا عرضت الفيلم في دول عربية لا تفهم اللهجة الفلسطينية سيكون بامكان الجمهور قراءة نص الحديث.” ويستمر مهرجان القصبة السينمائي الدولي الذي انطلق في الثامن من أكتوبر تشرين الأول حتى 22 أكتوبر بمشاركة 65 فيلما من اربع وعشرين دولة.

الممثلة التونسية هند صبري

وستكون نجمة الحضور مساء اليوم الاثنين الممثلة التونسية هند صبري التي تنضم الى جمهور المهرجان لمتابعة الفيلم الذي شاركت في تمثليه (صمت القصور) للمخرجة التونسية مفيدة التلاتي.