عدسة الشباب الهواة.. بُعد إنساني في السينما المغاربية

د. الحبيب ناصري

الحديث عن الفيلم الوثائقي في حقلنا العربي السمعي البصري السينمائي والتلفزيوني، عادة لا يلتفت إلى إشكالات الماضي وحلولها المؤدية إلى استمرارية أفضل وأجمل لهذا المكون الثقافي والجمالي والإنساني.

الاقتراب من إشكالات الماضي وتساؤلاته العالقة في أي حقل ثقافي أو مهني أو علمي أو حرَفي من الممكن اعتباره سؤالا حارقا ومؤلما في محيطنا العربي الذي هو في الغالب الأعم -لا سيما في المجال المتعلق بأسئلة المستقبل- منشغل بأسئلة كبرى كأسئلة السياسة والحدود والرد على ما تقرره قرارات الغرب التي من جملة أهدافها خلق نوع من الإلهاء لهذا المحيط العربي المُثقل بالصراعات الداخلية والطائفية والمذهبية، في زمن تسير سرعته الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والعلمية بسرعة مُبهرة وغير مسبوقة في الزمن.

هذا على مستوى الأجواء العامة المميزة لبلادنا العربية، أما على مستوى الكتابة النقدية والإعلامية، فهي في المجمل -حسب اعتقادنا- ضعيفة العلاقة بإبداعات شبابنا العربي لا سيما في الشق العلمي والفكري، فاهتمامها بتلك الإبداعات يبقى محدودا جدا، ما عدا الرياضة والطرب، إذ يكون الالتفات إليهما بشكل لافت وسخي.

ما المانع مثلا من الاقتراب إلى أفلام الهواة روائيا أو وثائقيا، والكتابة عنهما من زاوية نقدية تحليلية، بل ولم لا ننبش في ما تُوقّعه هذه الأيادي الهاوية العاشقة لثقافة الصورة، والآتية إليها من فضاءات الجامعة أو من فضاءات غير جامعية، لكنها مُكتوية بحب الصورة، ومن هنا الارتماء في أحضان الإخراج، بحثا عن قدم في هذا المجال، وأحيانا بإمكانيات بسيطة؟

شخصيا بحثت في كل ما كتبت ومنذ عشرات السنين، سواء على مستوى مقالاتي المكثفة المنشورة داخل أو خارج بلدي، أو من خلال ما نشرت من مؤلفات جماعية أو فردية، ولم أعثر نهائيا على أي قراءة في أي فيلم من توقيع مخرج شاب هاوٍ عاشق للسينما، على الرغم من مشاركتي في العديد من لجان التحكيم الخاصة بهذه الفئة داخل أو خارج أرض الوطن.

هذا ما جعلني أتساءل هل دور النقد السينمائي (روائيا أو وثائقيا)، هو تفكيك فقط للمفاهيم النظرية الخاصة بهذا الحقل، ومتابعة للأفلام الكبرى الموقعة من طرف مخرجين لهم مكانتهم في الحقل السينمائي الروائي أو الوثائقي، سواء تميزوا في أعمالهم أو لم يتميزوا، دون الالتفات إلى أفكار ورؤى من أحبوا فن الصورة، والتفتوا في أفلامهم -وعلى وجه الخصوص الوثائقية منها- إلى موضوعات تتميز بدورها بميزة ما؟

أحد الشبان العرب العاشق لتصوير الفيلم الوثائقي

 

مبدعون في صمت.. الفيلم الوثائقي

سؤال قد يبدو بسيطا، لكنه في الوقت نفسه يحمل مجموعة من الأسئلة المتعلقة بما هو ضده، وهو: من هو المخرج المحترف أو المهني، ومن هو المخرج المستقل؟

يبدو أن لكل بلد عربي قوانينه المصنفة، إن وُجدت طبعا هذه القوانين، وإلا فمن الممكن القول إن المخرج الهاوي لا يرتبط بعامل العمر، فقد يكون مسنا ولكنه يحب السينما ويقتحمها من خلال مغامرات معينة، بل حتى داخل صنف المخرج الهاوي، هل من الممكن التمييز بين من تلقى تكوينا، ومن لم يتلقّه؟ وحتى على مستوى المُخرج المهني، قد نجد من بدأ طريقه هاويا وانتهى به الأمر مهنيا حاصلا على بطاقة هوية إدارية كمخرج له العديد من الأعمال، كما نجة من هو مُكون ولم يتمكن من السير نحو ما سار إليه المخرج المهني الآتي من دروب الهواية، وقد يحصل العكس.

إذن نحن أمام وضع مهني وفني وإداري معقد وصعب التناول والتصنيف، لكن الأهم هنا في اعتقادنا المتواضع، هو طرح الأسئلة المفضية للاهتمام بهذه الفئة التي تبدع في صمت، وخصوصا في مجال الفيلم الوثائقي.

قلة قليلة في عالمنا العربي من يقتربون من هذا الجنس الفني بالمقارنة مع الفيلم الروائي الذي كان ولا يزال يستقطب أكبر فئة من الهواة السينمائيين العرب، بل عديدة هي المهرجانات الوطنية والمغاربية والعربية المهتمة بفئة الهواة، وقليلة -إن لم نقل شبه نادرة- تلك التي تختص بهذا النوع من المهرجانات المحفزة والمشجعة لفئة الشباب العربي الهاوي والعاشق للفيلم الوثائقي، لكي يتقاسم تجاربه الفيلمية الوثائقية، ويطورها نحو ما هو مفيد له ولوطنه ولعالمه العربي وللإنسانية جمعاء، في زمن يتميز باستقطاب الشباب نحو العديد من مظاهر العنف السياسي والديني والمذهبي والطائفي والرمزي، وهو عنف من الصعب فهمه ومعالجته بشكل نهائي بالاعتماد فقط على المقاربة الأمنية، بل إن المقاربة الثقافة والفنية -لا سيما من خلال وسيط الصورة- من الممكن أيضا أن تكون فعالة ونوعية، بل ومحولة لهذا العنف من هذا المستوى المؤلم إلى مستوى آخر منتج للمعرفة والثقافة والجمال.

 

غلبة نون النسوة.. تجارب ودلالات

بعد هذا التقديم الذي حاولنا فيه قدر المستطاع إثارة بعض الأسئلة بشكل مكثف حول هوية فئة الهواة، باعتبارها الفئة الضامنة لسؤال الاستمرارية خصوصا في مجال يشكو في الأصل من قلة الكتابة والإخراج والإنتاج والمتابعة الإعلامية والنقدية والبحثية؛ سنقدم هنا ثلاث تجارب وثائقية قصيرة موقعة من لدن مخرجين هواة قاسمهم المشترك هو عشق الوثائقي والرغبة في البوح من خلاله بقضايا أثارت انتباههم، وتتميز هذه العينة بما يلي:

– تجربتان من توقيع نون النسوة، وأخرى من توقيع ذكوري.

– موضوعاتها ذات بُعد إنساني بامتياز كما سنرى.

– التجربتان الموقعتان بنون النسوة، تتميزان بكونهما منبثقتين من رحم التعليم والتكوين في المجال السينمائي الوثائقي، والثالثة الذكورية آتية من مجال الفلسفة (صاحبها أستاذ مادة الفلسفة).

– زمن هذه التجارب الفنية يتراوح ما بين 15 – 26 دقيقة (صنف القصير).

المغربية نعيمة الزياني كاتبة السكريبت في فيلم “نحلة البلاطو” خلال إحدى اللقاءات الصحفية

 

نعيمة الزياني.. نحلة البلاطو

يسافر بنا محمد بنعزيز -وهو في الأصل مدرس لمادة الفلسفة بمدينة الدار البيضاء، ومن الأقلام الإعلامية النابشة في مجالات ثقافية عديدة، ويعتبر هذا الفيلم فيلمه الوثائقي الأول- نحو فضاء التصوير السينمائي (البلاطو)، لكي يقربنا من امرأة مغربية متقدمة في السن، لكنها تعمل كنحلة تنسق بين المهن والحرف السينمائية أثناء التصوير، هي المسماة “نعيمة الزياني”، ومهنتها “سكريبت”.

من خلال حواراتها في الفيلم ومرافقتها أثناء التصوير نكتشف طبيعة المهنة التي تقوم بها هذه السيدة المسنة التي هي الأقدم في المغرب في هذه المهنة السينمائية الشاقة والصعبة، والتي تتوقف عليها كافة المهن السينمائية الأخرى. نكتشف من خلالها كيف يصلنا الفيلم الذي نشاهده في القاعات السينمائية أو في التلفزيون أو في وسائط بصرية أخرى، بمعنى أن مهنتها ترتبط بأدق التفاصيل للمشهد العام (ملابس وماكياج وإضاءة..)، إلى حد أنها تصبح مساعدة للمخرج في تفاصيل عديدة.

تمكن المخرج في مدة 26 دقيقة، من أن يأسرنا جميعا لكي نتتبع تفاصيل دقيقة عن امرأة مهمتها تتبع التفاصيل الدقيقة لأي مشهد سيقوم فريق التصوير بتصويره، مهنة أحبتها السيدة التي أصبح اسمها معروفا لدى المخرجين والمنتجين في المغرب وحتى خارجه، بل أصبحت بمثابة أيقونة مميزة لبلاطو التصوير، لا سيما وأن المخرج نبش في ذاكرتها المهنية وهي بصدد تصوير فيلم مغربي بإحدى القرى المغربية، مما جعل فضاء تصويره يتسم بهذا الطابع الترابي الجميل، ومن خلاله أيضا شممنا رائحة التصوير الفيلمي.

إنها نحلة البلاطو، تسهر على تفاصيل دقيقة تتعلق بالماكياج والملابس والإضاءة، متنقلة بين المخرج وفريق التصوير بشكل عام، لمتابعة ما هو مصور ومكتوب في كتاب مملوء عن آخره بالصور، وهو ما يولد لدينا الانطباع بأننا لو شاهدنا كل فيلم تلفزيوني أو سينمائي وقرأنا ما يكتب في آخره، لأدركنا معنى وقيمة مهنة “السكريبت”.

اعتماد تقنية محاورة السيدة سلام وسط البلاطو وأثناء التصوير، وتتبعها وهي تقوم بالعديد من مهامها التنسيقية داخل هذا الفضاء، أسلوب نهجه المخرج لكي يجيب عن سؤال، من هي هذه المرأة/السكريبت؟

الفيلم إذن حديث عن امرأة مُخضرمة ومهنية سينمائية عايشت العديد من التجارب السينمائية المغربية وغيرها، هي اليوم جزء من هذه الذاكرة السينمائية المغربية التي من خلالها يمكن تتبع بعض تفاصيل هذه السينما لاسيما أثناء التصوير، وهو ما جعلها تملك فعلا هذه القدرة على السفر في ذاكرة ما تقوم به من أعمال، عادة هي غير معروفة لدى المتلقي المغربي العادي.

وفق ما سبق، نتأكد فعلا من أهمية وقيمة عنوان هذا الفيلم “نحلة البلاطو”، فعسل هذه النحلة هنا، توزعه على كافة المساهمين في فيلم ما.

المخرجة المغربية “سلوى لحمامي” شابة موهوبة وعاشقة للفيلم الوثائقي

 

“باحسن”.. تذكرة سينما في يد طفل فقير

التجربة الثانية هي من توقيع المخرجة الشابة “سلوى لحمامي” التي ما زالت تتابع دراستها بحثا عن تكوين في مجال الفيلم الوثائقي، فهي شابة موهوبة وعاشقة للفيلم الوثائقي.

ترتبط فكرة فيلمها بتتبعها لمُدرس مغربي متقاعد معروف بحبه للسينما، وناشر لثقافتها في صفوف العديد من المتعلمين منذ أن كان يمارس مهنته، سواء في مدارس عمومية بمدينة مراكش، أو بمجموعة من القرى المجاورة التي فيها يطوف “باحسن”، مقدما أفلاما من السينما المغربية والعالمية للمتعلمين.

على امتداد 15 دقيقة تمكنا من متابعة مجموعة من التفاصيل التي جعلت “باحسن” المراكشي عاشقا للسينما حد التماهي معها، وهو يحكي لنا حكاية عشقه للسينما التي بدأ بالذهاب إليها في حيّه بنقود الحمّام، كان في نهاية الأسبوع يعطيه أبوه الفقير ثمن الحمام، وكان “باحسن” يخرج من بيته موهما الأب بالذهاب إلى الحمام، بينما كان يذهب إلى سقاية الحي العمومية ويستحم تحت مياهها ويعود إلى المنزل وكأنه قد ذهب إلى الحمام، موفرا ثمن تذكرة السينما التي كان يذهب إليها أسبوعيا بشكل سري مختفٍ عن الأسرة، لا سيما والسينما كانت وربما لا تزال إلى يومنا هذا تُبنى حولها العديد من التمثلات المحرمة لدى العديد من الأسر المحافظة.

الفيلم الوثائقي “با حسن” يتحدث عن حياة مدرّس عشق السينما ولا زال ملتصقا بهذا العشق

 

قِران مع السينما.. حالة التصاق وعشق

وُفقت المخرجة في جعلنا نتماهى مع عاشق السينما، “باحسن” في العديد من قصصه عن دهشته، وهو يلِج لأول مرة باب السينما، وكيفية عقد ذلك القران الدائم بينه وبينها، حيث كان ولا يزال إلى يومنا هذا على الرغم من تقاعده من وظيفة التدريس يزور العديد من المؤسسات التعليمية، ضمن أنشطتها الثقافية، كمتتبع لبرامجها الثقافية، أو كمؤطر لورشة حول التمثيل، أو عارض لفيلم سينمائي لفائدة المتعلمين.

“با حسن” نموذج الرجل المدرس الذي عشق السينما وما زال ملتصقا بهذا العشق على الرغم من تقدم العمر، وعلى الرغم من ظروفه الجسدية، فهو يتنقل بين العديد من المؤسسات التعليمية التي تدعوه للإشراف على مجموعة من الورشات لفائدة المتعلمين.

بالنبش في ذاكرة هذا العاشق السينمائي، تكون المخرجة الشابة والموهوبة سلوى لحمامي، قد اختارت لنفسها مسارا فيلميا وثائقيا له قيمته الإنسانية، مما يؤشر على كونها مدركة لقيمة ووظيفة الفيلم الوثائقي في حياة مجتمعها.

لقطة من فيلم “خطوة خطوة” الذي تتبع فيه الشابة المغربية “فاطمة موهمو” مسار طفلين يدرسان في الابتدائية

 

خطوة خطوة.. جولة في عالم الطفولة

مخرجة شابة أخرى تتلمس طريقها في مجال الإخراج الوثائقي، إنها الشابة الموهوبة “فاطمة موهمو” التي يبدو من خلال فيلمها الأول هذا، أنها اختارت النبش في موضوع له قيمته وجماليته وبراءته، كيف ذلك؟

في مدة زمنية لا تتجاوز 15 دقيقة، اختارت المخرجة تتبع مسار طفلين صغيرين يدرسان في المرحلة الابتدائية، عن طريق النبش في ذاكرتهما وفي تمثلاتهما حول المدرسة ومن يعلمهما، لمعرفة طبيعة هذه التمثلات وهل هما فعلا يدركان ما يجري حولهما من مواقف وسلوكيات تتعلق بالكبار/المعلمين؟

الطفلة الأولى محبة وعاشقة لمعلمتها لبنى، تقلدها في كافة تفاصيل حياتها التربوية داخل القسم، تماهت مع شخصية معلمتها، بل حينما تعود إلى البيت وبعد تأدية واجباتها المدرسية ترتدي بذلتها البيضاء، وكأنها المعلمة لبنى، وتبدأ في شرح درسها لألعابها، إذ تعيد حرفيا ما تشاهده وتسمعه من معلمتها في تماهٍ تام، يجسد حلول ذات المعلمة في وعي ولاوعي هذه الطفلة.

في الاتجاه الآخر سيحضر الطفل الذي تمكن من تفكيك صورة معلمته التي لا تهتم بمتعلميها، حد قوله ما معناه أن المتعلمين يدخلون القسم الساعة الثامنة صباحا، وهي لا تلتحق بالقسم سوى الساعة التاسعة إلا الربع، إذ تقضي ساعة إلا ربعا في الحديث مع زميلاتها، غير مبالية بواجباتهم ولا مشجعة لهم.

حكي طفولي بسيط، يجعلنا نتساءل هل نعي نحن الكبار ما نقوم به في حق الصغار، هل ندرك أنهم يملكون قدرة قوية على الملاحظة والتتبع والتذكر، ومعرفة هل نحن نحبهم فعلا أم لا، وهل نقوم بواجبنا تجاههم؟

تتبع حديث الطفل الذي شكل صورة سلبية عن معلمته، يقابله تماهٍ مطلق بين الطفلة الأولى، ومعلمتها لبنى التي رسمت سهما من الأسفل إلى الأعلى وبشكل مستقيم ودقيق ممثلة به أستاذتها لبنى، وبجانب هذا السهم سهم آخر لمعلمة لا تحبها، حيث رسمت هذا السهم بشكل غير مستقيم، من الأعلى إلى الأسفل.

لقطة من فيلم “خطوة خطوة”، حيث تود الطفلة أن تصبح شرطية في المستقبل بدلا من معلمة

 

عفوية الأطفال.. إكراهات الحياة تقلب الدفة

مفاجأة الفيلم هنا، هو تغيير موقف الطفلة من رغبتها في أن تصبح معلمة مثل معلمتها لبنى، إلى مهنة أخرى مفاجئة، وتتحدد في كونها تحب أن تصبح شرطية، قالتها وهي تحمل في يدها مسدسا من البلاستيك وتقتل لعبها/تلاميذها السابقين، ما الذي جعل لبنى تُقدِم على هذا التغيير؟

العديد منا بدأ بحلم أن يصبح معلما مثل من علمنا في بداية عمرنا الدراسي، ثم يبدأ التحول في تغيير هذا الحلم، ليستقر بنا الأمر نحو مهنٍ أخرى، خصوصا أن ظروف العصر وطبيعة الحياة تفرض العديد من المعايير الحياتية المجتمعية، فمن حالمة ومتماهية مع صورة معلمتها لبنى إلى القول، إنها لا تحب أن تكون معلمة مثلها، بل ترغب في مهنة شرطية، فهل هذا التحول وليد ما شاهدته من أعمال حولها؟

يبدو أن المخرجة بدورها تماهت مع هذه الطفلة وأُعجبت بحكيها وشخصيتها، حد نحت عنوان فيلمها “خطوة خطوة” مما قالته هذه الطفلة في كلامها.

الحكي الطفولي دوما له سلطته الإنسانية والجميلة والدالة، لأنه آت من عوالم لها قيمتها العفوية، غير خاضعة لأي رقابة خارجية أو داخلية، مما يجعلنا نتماهى كمتفرجين معه.

المغربية “فاطمة مومهو” تحصد جائزة الدوحة للإبداع الشبابي للأفلام القصيرة

 

تجارب من عمق واقعها

يبدو من خلال هذه التجارب التي أعدتها أيدي الهواة، أنها راغبة في حكي قصص إنسانية آتية من محيطها الذي تعيش فيه، فسواء تعلق الأمر بفيلم “باحسن” لسلوى لحمامي، أو فيلم “سلام نحلة البلاطو” لمحمد بنعزيز، أو فيلم “خطوة خطوة” لفاطمة موهمو، فكل هذه التجارب تمكنت من أن تجيب عن سؤال فيلمي وثائقي مضمر: ماذا سأحكي، ولمن سأحكي، ولماذا سأحكي، وكيف سأحكي؟

من السهل أن نعثر على مواهب عديدة في مجالَي الطرب والرياضة، على اعتبار أن هذين المجالين هما اليوم مركز اهتمام العديد من المكونات المجتمعية وخصوصا الإعلامية والسياسية، ناهيك عن كونهما يُدرّان ربحا ماليا تصل ذروته إلى أرقام مالية خيالية، لا سيما حين يصبح ذلك اللاعب الهاوي –مثلا- لاعبا محترفا في صفوف فريق عالمي، في حين أن تتبع المواهب الثقافية في السينما بشكل عام والوثائقي بشكل خاص، أو حتى في مجالات أخرى تتعلق بكتابة القصة أو الشعر؛ نادرا ما يُلتفت إليه، مما يجعلنا في عالمنا العربي نعيش العديد من التعثرات المعرقلة لنهضة ثقافية حقيقية يمكن اعتبارها هي المدخل الحقيقي لكل نهضة فعلية راغبة في التقدم.