هوليود 2019.. صراع الموسيقى والجريمة على صدارة السينما

مع نهاية عام وولادة عام جديد، يطيب لموقع الجزيرة الوثائقية أن يفتح ملف حصاد العام المنصرم (2019) في السينما العربية والعالمية، فيبحث في أهم ما تناولته صالات السينما من مضامين وعروض وأفلام روائية أو وثائقية. وفي مقالنا السابع من الملف نستعرض أهم ما أنتجته السينما الأمريكية في عام 2019 من أفلام.

 

د. أمــل الجمل

رغم سيطرة أفلام العنف والجريمة والرعب والحركة على الإنتاج السينمائي الهوليودي لعام 2019، فإن ذلك لا ينفي وجود تنوع كبير في الحصيلة النهائية، والظاهرة اللافتة وجود عدد من الأفلام الغنائية والكوميدية الرائعة على المستوى الفني، وبعضها ينتمي إلى أفلام السير الذاتية لشخصيات أيقونية من عالم الموسيقى والرياضة والتلفاز. هذا بالإضافة إلى أفلام التشويق والتحليل النفسي، وأعمال أخرى عن رواد الفضاء.

فيلمان من تلك الأفلام الغنائية نالا حظاً وافراً من الجوائز التي تُوجت بجائزة “غلودن غلوب” في الدورة الـ77 -وربما تنال تلك الأفلام مزيداً من الجوائز ليلة الأوسكار- وهي “روكتمان”، وفيلم “جودي” وهو رغم كونه فيلماً درامياً فإنه يتناول حياة مطربة مشهورة.

تم ترشيح “روكتمان” لـ55 جائزة، حصد منها حتى الآن سبع جوائز من بينها جائزتان لغولدن غلوب، وهما جائزة أفضل ممثل في فيلم غنائي أو كوميدي التي اقتنصها “تارون إيغرتون”، والثانية ذهبت لأفضل أغنية أصلية (I am Gonna Love Me Again). في حين حصدت بطلة فيلم “جودي” النجمة “رينيه زيلويغر” جائزة أفضل ممثلة في فيلم درامي.

 

“روكتمان”.. مدمن أصبح أيقونة موسيقى البوب

جاء فيلم “روكتمان” (Rocketman) بإنتاج أمريكي بريطاني كندي مشترك، وتدور أحداثه حول فترة من حياة المغني الإنجليزي “إلتون جون”. وعن طريق “استرجاع الماضي” (فلاش باك) يُعيدنا الفيلم لثمانينيات القرن العشرين إذ شهدت تلك الفترة تحول “إلتون جون” من مدمن مثير للجدل إلى مغنٍّ محبوب متزن تعشقه الجماهير، فحقق نجاحاً أسطورياً، وخاض مسيرة شديدة الخصوبة رغم كل ما مر به من الإخفاقات، فصار أيقونة لموسيقى البوب الإنجليزية، وحافظ على صورته هذه على مدار 25 عاماً.

اعتمد أسلوب المخرج على توظيف الأغاني على لقطات سريالية أحياناً، فقد استخدم نحو 20 أغنية من أفضل أعماله وأغلبها من فترة السبعينيات، لكنه مع ذلك ورغم أنه لم يلتزم بالوقائع الحقيقية تماماً، فإن هناك اختزالات وإسقاطات وإضافات، فالفن هو قرار واختيار، والفنان ليس مُجبرا على الالتزام بالواقع كما هو حتى عندما يتعامل مع السير الذاتية طالما أنه لا يُشوه تاريخ الشخصية.

ركز السيناريو على الأحداث الملحمية التي ساهمت في تكوين شخصية “إلتون جون”، فأضاء كثيرا من اللحظات الإنسانية والعاطفية على حياته أثناء محاولة التأهيل والعلاج من الإدمان وجحيم المخدرات والكحول الذين غرق فيهما، وكذلك على علاقته المتوترة مع والديه، وخاصة والدته تلك المرأة المتحفظة في أفكارها وآرائها، مثلما أضاء العلاقة المتناقضة بين “جون” واثنين من المقربين من عالمه؛ الأول شاعره “بيرني توبن” الذي ربطت بينه معه علاقة ممتدة، أما الثاني فمدير أعماله “جون ريد” الذي ربطت بينه معه علاقة سيئة جداً.

كلفت ميزانية فيلم “روكتمان” نحو 40 مليون دولار، وحقق إيرادات بلغت 97 مليون دولار في أمريكا وحدها، مقابل 196 مليون دولار خارج أمريكا.

أخرج الفيلم الممثل والمخرج “ديكستر فليتشر”، وهو نفس المخرج الذي أكمل العمل على فيلم “بوهيميان رابسودي” أو “الترنيمة البوهيمية”، وذلك بعد أن طُرد مخرجه الأصلي “بريان سينغر” في أعقاب انفجار العديد من المشاكل. وقتها اختير “فليتشر” ليستكمل التصوير ويقوم بالمونتاج، لكن اسمه كمخرج لم يُوضع على التترات، وإنما ذُكر كمنتج منفذ، لأن نقابة المخرجين الأمريكيين رفضت إدراج اسمه مخرجا معتبرة أن الفيلم يحمل توقيع “سينغر” بمفرده، بينما تم رفع اسم “بريان سينغر” من الإنتاج.

 

“الترنيمة البوهيمية”.. تعويذة العباقرة

رغم النجاح المدوي لفيلم “روكتمان” فإنه لم يصل إلى ما حققه “بوهيميان رابسودي”، ورغم جائزة أفضل ممثل التي حصدها “تارون إيغرتون” عن دور “إلتون جون” فإنه لم يصل لعبقرية الأداء الذي قام به المصري رامي مالك في “بوهيميان رابسودي”؛ ذلك الفيلم الذي يتناول حياة فاروق بولسارا الذي اختار لنفسه اسماً فنياً “فريدي ميركوري” وهو مؤسس فرقة الروك البريطانية “كوين” التي تُعد إحدى الفرق الأكثر نجاحا في تاريخ موسيقى الروك.

كان “ميركوري” الذي توفي عام 1991 مصابا بالإيدز هو المغني الرئيسي للفرقة، ومصمم شعارها، كما عزف وكتب أغاني كثيرة للفرقة من أبرزها: “الترنيمة البوهيمية” (Bohemian Rhapsody) و”نحن الأبطال” (We Are The Champions) التي أصبحت النشيد المُحبب للفرق الرياضية الكبيرة ولعشاقها من الجماهير خصوصا في لحظات النصر والتتويج، إذ يهتف الجميع “نحن الأبطال يا صديقي، وسنواصل القتال حتى النهاية”.

تعرض الفيلمان (روكتمان وبوهيميان رابسودي) لمقص الرقيب خصوصاً بسبب مشاهد الشذوذ الجنسي فيهما، وإن كان “روكتمان” كان نصيبه أكبر لوفرة تلك المشاهد فيه. ومع ذلك منذ بدء العرض الجماهيري لفيلم “بوهيميان رابسودي” الذي اقتصرت مشاهد الشذوذ فيه على مشهدين فقط والمنتَج بأموال أمريكية بريطانية مشتركة في أواخر 2018؛ تُوج بالعديد من الجوائز، منها بافتا وغولدن غلوب إضافة إلى أربع جوائز أوسكار من بين 37 جائزة حصدها، إضافة إلى 74 ترشيحاً. وحقق إيرادات تجاوزت المليار دولار، ففي أمريكا حصد من شباك التذاكر 217 مليون دولار، بينما في الخارج تجاوزت إيراداته 904 ملايين دولار، وذلك رغم أن ميزانية إنتاجه لم تتجاوز 52 مليون دولار فقط.

 

“جودي”.. مأساوية حياة النجوم

يُعد فيلم “جودي” (Judy) للمخرج “روبرت غولد” أحد الجواهر السينمائية المنتجة خلال 2019؛ ليس فقط بسبب جائزة غلودن غلوب، ولا فقط بسبب الـ13 جائزة الأخرى التي نالها من بين 49 ترشيحاً، ولكن أيضاً لاكتمال عناصره الفنية بدءاً من السيناريو والتمثيل والإخراج وكافة تفاصيل العمل الفني، وفي الأساس لأنه عمل إنساني يُرينا كيف تموت المواهب الكبيرة خوفاً وعجزاً، وكيف يُحاصر الشعورُ الجارف بالاضطهاد والعجز الموهبةَ فيمنعها من إدراك النجاح ويجعلها تقف على حافة الجنون، وكيف يُعَجِّل الإدمان الشره للمخدرات والكحول بإنهاء مسيرة صوت جميل شديد العذوبة والرقة.

إن فيلم “جودي” تحفة سينمائية عن الانحدار المأساوي لأحد رموز القرن العشرين بأمريكا، عن موهبة فقدت بوصلتها نحو أحلام تُرضي طموحها وطموح الآخرين فيها. كل ذلك مُجسد من خلال تفاصيل ولقطات من السيرة الذاتية لجودي، إضافة إلى لقطات “استرجاع الماضي” (فلاش باك) من حياتها في الشباب، وكيف كانت ترضخ لإبعادها عن الاستمتاع بالحياة، وفعل أشياء رغماً عنها، مثل تحمل التوبيخ الزائد لأجل إعطاء الفن الأولوية الأولى، وإرغامها على نظام غذائي قسري، وإعطائها الفيتامينات على الفطور للحصول على الطاقة، والباربيتورات في الليل حتى تتمكن من النوم، فهل يمكن الفصل بين قهر الطفولة والشباب وبين المحصلة النهائية للشخصية؟

يُركز الفيلم على الأيام الأخيرة لـ”جودي غارلاند” حينما شاركت في فعاليات نادي “توك أوف ذا تاون” الليلي بلندن، فرفعت تلك الفترة من حدة الاضطراب والقهر وقلة الحيلة عندها.

تُكثف مشاهد الفيلم الظروف القاسية التي عاشتها وأرغمتها على ترك طفليها مع زوجها السابق، لأنها لم تكن تملك المال لرعايتهما أو لتسديد الضرائب والديون المتراكمة عليها، لذلك تخضع “جودي” لقرار السفر إلى إنجلترا ليتسنى لها كسب المال اللازم لاستعادة حصانة أولادها، وتحقيق الخلاص من أزماتها المالية المتلاحقة.

الممثلة الأمريكية “رينيه زيلويجر” لدى وصولها لحضور العرض الأول لفيلمها “جودي” في مهرجان تورونتو السينمائي (رويترز)

 

أرض الإدمان.. تقمص طيف الشخصية

تجلَّت قوة الممثلة “رينيه زيلويغر” في الابتعاد عن التقليد المباشر الحرفي للمغنية الشهيرة، وذلك رغم امتلاك “زيلويغر” صوتا غنائيا عذبا، فنجحت في تقديم عرض مبهر في فن الأداء بإتقانها للشخصية واحتفاظها بنفس الإيقاع الأدائي على مدار ساعتين، تقمصت فيهما روح الشخصية.

لن نقول إنها ارتدت قناع الشخصية وإنما تلبست طيفها بمهارة وتلقائية، فقدمت لحظات الانكسار والضعف التي مرت بها هذه الفنانة، فجسدت حالتها النفسية والمعنوية غير المتزنة، خصوصاً عندما كانت عاطلة عن العمل وعاجزة عن تأمين حياة كريمة تلائم طموحها.

إن الحالة النفسية السابقة للفنانة الأسطورية “جودي غارلاند” كانت الأرض الخصبة التي سحبت بطلتنا إلى أرض الإدمان على الكحول والمخدرات، لكنهما لم يمنعاها من الأرق المزمن، ولم يحجبا عنها الخوف الذي لازمها منذ تلك اللحظة التي وطئَت فيها قدماها أرض لندن في شتاء عام 1968 لأداء سلسلة من الحفلات الموسيقية.

أُنتج فيلم “جودي” بأموال بريطانية أمريكية مشتركة متمثلة في بي بي سي وفوكس للقرن العشرين، إضافة لشركات إنتاج أخرى. وقد حقق الفيلم في ليلته الافتتاحية نحو ثلاثة ملايين دولار، وبلغت إيرادات شباك التذاكر في أمريكا نحو 25 مليون دولار تقريبا، وذلك في مقابل 39 مليون دولار من خارج أمريكا.

 

“غريس الرائعة”.. ملكة موسيقى السول

من الأعمال الوثائقية الممتعة فيلم “غريس الرائعة” (Amazing Grace). والفيلم أنتج في 2018، لكن رحلته التجارية في قاعات السينما وعروضه في المهرجانات الدولية بدأت في 2019.

وهو فيلم وثائقي غنائي بامتياز، لا يطرح شيئاً عن الجانب الشخصي للبطلة “أريثا فرانكلين” التي كانت أسطورة غنائية، ولا يتناول سيرة حياتها، وإنما يُتيح لنا فقط فرصة الاستمتاع بصوتها القوي الشجي على مدار مدة الفيلم، إذ يقدم لنا “أريثا فرانكلين” مع جوقة في الكنيسة المعمدانية الجديدة بلوس أنجلوس في يناير/كانون الثاني 1972، وذلك أثناء تسجيل وتصوير ألبومها “غريس الرائعة”. وقد حقق الفيلم في شباك التذاكر خمسة ملايين في أمريكا، ونحو ثمانية ملايين خارجها.

جدير بالذكر أن أريثا فرانكلين توفيت عام 2018 عن عمر يناهر 76 عاماً، وهي مطربة نابغة وكاتبة أغاني وعازفة بيانو أمريكية، كانت ثاني أكثر مغنية تم تكريمها في حفلات الغرامي، فنالت 18 جائزة إضافة إلى عشرات الجوائز الموسيقية الأخرى، وقد بيعت نحو 75 مليون نسخة من أسطواناتها، ولُقبت بـ”ملكة موسيقى السول”.

 

هاكونا ماتاتا.. رائعة والت ديزني

عندما نمر على الأفلام الغنائية العديدة المعروضة في هوليود خلال 2019 فلا يمكننا تجاوز فيلم التحريك (أنيميشين) الموسيقي البديع “الأسد الملك” (The Lion King)، وهو من إنتاج والت ديزني بيكتشرز وقُدرت ميزانيته بنحو 260 مليون دولار.

ولا تعود أهمية الفيلم فقط لاحتلاله المرتبة الثانية بين أعلى عشرة أفلام على مستوى هوليود من حيث شباك التذاكر بداخل أمريكا خلال العام بأكمله، وكذلك المرتبة الثانية بإجمالي الإيرادات من الداخل والخارج حيث تجاوز المليار ونصف المليار دولار. ولكن أهميته تأتي أيضاً من أنه إعادة إنتاج لعمل تم تخليده في ذاكرة الملايين من المشاهدين منذ نسخته التقليدية المنتجة عام 1994 حتى صار أيقونة، فمَنْ مِن جيل تلك الحقبة لا يتذكر تلك الكلمات الجميلة “هاكونا ماتاتا” (وتعني في اللغة السواحيلية: لا تقلق)، ومَنْ منهم لا يردد مع أبطال الفيلم “هاكونا ماتاتا.. حكمة نغمها لذيذ.. هاكونا ماتاتا.. ارم الماضي اللذي يغيظ، انسه.. والمستقبل أعطه كل التركيز.. هذا هو البهريز، الفلسفي.. هاكوتا ماتاتا”.

أما النسخة الجديدة من توقيع “جون فافريو” وقام بكتابتها “جيف ناثانسون”، فخضعت لتطورات التكنولوجيا الهائلة، فظهرت بها فروق واضحة ومبهرة على المستوى البصري وتجسيد الشخصيات وسط الطبيعة، وأُضيفت أغان جديدة جميلة ومؤثرة أيضاً، وتم تطوير ملامح بعض الشخصيات الصديقة للبطل، في حين تكثفت وتضاعفت كمية الشر عند البطل الضد وأعوانه.

تتلخص حكاية “الأسد الملك” حول شبل الأسد “سيمبا” الذي كان مصدر فخر وبهجة لوالديه الملك “موفاسا” والملكة “سارابي” في أفريقيا. يقوم الأب بتهيئة ابنه ليكون الملك القادم، لكن العم الغيور “سكار” يُخطط للاستيلاء على الحكم، فيسعى لقتل “سيمبا” وصديقه، وذلك بإغوائهم للذهاب إلى مكان محظور وخطِر، فيتعرضان لهجوم الضباع الشريرة.

لكن الأب “موفاسا” ينقذهما، فيقرر “سكار” التخطيط لقتل “موفاسا” و”سيمبا” معا. يموت الأب الملك ويهرب الشبل حزيناً معتقداً أنه السبب في موت والده. يصبح “سكار” هو الملك الذي تدعمه الضباع، وبعد مرور الأيام وتحت حكم الأشرار تحولت المملكة الخضراء الغنية إلى أرض قاحلة. ويلتقي “سيمبا” مع صديقه الوفي ذات يوم، ويبدأ التخطيط لاستعادة مملكة والده.

 

“علاء الدين”.. قصة اللص الماهر والمارد

فيلم آخر غنائي روائي من إنتاج والت ديزني بيكتشرز ومن إخراج “جاي ريتشي”، وضمته قائمة العشرة الأعلى في شباك التذاكر الأمريكي على مدار العام، وهو فيلم “علاء الدين” الذي قام ببطولته الممثل المصري مينا مسعود أمام النجم العالمي “ويل سميث” و”نعومي سكوت”. وقد احتل الفيلم المرتبة الثامنة على مستوى الإيرادات الأمريكية، وكذلك خارج أمريكا بإجمالي مليار و51 مليون دولار أمريكي.

الفيلم مقتبس من قصص “ألف ليلة وليلة” حيث فكرة المارد الضخم الذي يظهر بفعل دعك الفانوس ليُحقق الأمنيات الثلاث. هنا البطل في الدور الرئيسي علاء الدين، وهو شاب من العامة، لص ماهر يتجول مع قرده، إلى أن يقع في غرام الأميرة ياسمين ويتبعها. هناك يكتشف أن جعفر -مساعد والدها- شخص شرير يُخطط للاستيلاء على الحكم، فيظهر الجني المارد في حياة علاء الدين ويدور الصراع بين جانبي الخير والشر، وتظل الكفة تتأرجح وفقاً لمن يملك الفانوس ويتحكم في تسخير المارد، لكنّ لتلك القدرة حدودا، ويحكمها نفاذ الأمنيات الثلاث.

صُور الفيلم في صحراء الأردن، ورغم أحداثه شبه المعروفة، فإنها لا تنقص من سقف المتعة المتحققة من المشاهدة بفضل براعة وإتقان الأداء التمثيلي، وكذلك الموسيقى والأغاني، وحركات الكاميرا، والخيال الإبداعي الغني سواء في الديكور أو تصميم الملابس، وهي جميعاً عوامل ساهمت بشكل كبير في إنجاح العمل.

 

“جوكر”.. درّة التاج اللامعة

يأتي فيلم “جوكر” لـ”تود فيليبس” ومن بطولة “خواكين فينيكس”؛ ليُشكل درة التاج لجميع الأفلام المنتجة بهوليود عام 2019. وحصد الفيلم جائزتي غولدن غلوب، كما رُشح لـ11 جائزة من جوائز الأوسكار.

صحيح أنه جاء في المرتبة التاسعة في شباك التذاكر الأمريكي، لكنه قفز للمرتبة السابعة في إجمالي الدخل من شباك الإيرادات العالمية متجاوزاً المليار و63 مليون دولار.

أمر آخر لا بد من وضعه في الاعتبار هو أن “جوكر” حقق تلك الإيرادات رغم ميزانية إنتاجه المتواضعة، إذ قُدرت بنحو 55 مليونا فقط، والأهم أنه حقق تلك المكانة رغم تصنيفه فيلماً للكبار فقط، مما حرمه من شريحة مهولة من الجمهور كان يمكن لها أن ترفعه لمرتبة متقدمة جداً، إضافة إلى الهجوم عليه ومحاولات رفعه من دور العرض السينمائي، ومطالب أخرى بمنع عرضه بحجة أنه يعمل على انتشار العنف.

لكن الإيرادات والظروف السابقة ليست سبباً يجعلنا نصِف الفيلم بأنه “درة التاج”، فهناك أسباب أخرى لها علاقة بفكر ومضمون الفيلم ثم أسلوب تنفيذه وأداء بطله الذي يمتلك موهبة استثنائية في فن الأداء وتقمص الشخصيات لدرجة تبهرنا مع كل دور جديد يقدمه.

الممثل “خواكين فينيكس” بطل فيلم “جوكر”

 

موهبة مجنونة.. الأسد الأقوى والألمع والأكثر انفتاحا

“من دون خواكين فينيكس لم يكن ليوجد هذا الفيلم، إنه الأسد الأقوى والألمع والأكثر انفتاحاً بين الذين أعرفهم. شكراً فينيكس على ثقتك بي في موهبتك المجنونة”. هذا ما قاله المخرج الأمريكي “تود فيليبس” عند تسلّم جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا الـ76 عن فيلمه “جوكر”.

يعيش “آرثر فيليك” بطل “جوكر” مع والدته المريضة ويرعاها، إنه يتيم الأب، ويعمل بوظيفة بائسة، مهرج يحلم بأن يكون لديه برنامج تلفزيوني يستطيع من خلاله إضحاك الناس وتحقيق شهرة كبيرة، تملأ الأحلام والتخيلات غير الواقعية حياته، ومنها ارتباطه بعلاقة حب بجارته الجميلة، كما أنه يُعاني مشاكل في الصحة العقلية، فهو غير متزن نفسياً ويتلقى جلسات علاج، ولديه ماض مليء بسوء معاملة الآخرين له، ويتعرض للمضايقات بسبب الجريمة المتفشية بالمدينة في خضم التفكك الأسري والفقر وحرب العصابات، فالأحداث تدور في مدينة “غوثام” في الثمانينيات بعدما انتشر الفساد في جذور المجتمع وغمر مختلف الطبقات حيث القمامة والقذارة تملأ الشوارع، وكذلك الجرذان.

في بداية الفيلم نرى “آرثر” يقف وسط عدد من المهرجين الآخرين أمام أحد المتاجر يحمل لافتة تقول “كل شيء يجب أن ينتهي”. تأتي مجموعة من الأطفال ويسرقون اللافتة فيتعقبهم جرياً ليستعيدها، وعندما يلحق بهم يُوسعونه ضرباً بلا رحمة، ويُحطمون اللافتة الخشبية على جسمه.

لأسباب مادية تتعلق بمؤسسة الرعاية أُلغيت جلسات العلاج النفسي التي كانت تُشكل متنفساً لغضب “آرثر”، بل كانت تحميه من الظلم الذي يعانيه، ومع ذلك حاول البطل أن يظل صامداً، إنه بطل مأساوي قادم من قاع المجتمع، إنسان بسيط وضحوك ومتواضع.

فجأة يفقد وظيفته وضمانه الصحي، ثم في لحظة يمنحه زميل مسدسا للدفاع عن نفسه ضد العنف المجتمعي، هذا المسدس -الذي كان “آرثر” يخاف من منظره وترتبك أصابعه عندما تلمسه- تسبب في طرده من العمل، ثم لاحقاً اضطر لاستخدامه في لحظة طويلة مربكة تبدو بالنسبة له وكأنها تشهد انهيار العالم من حوله.

حينها تبدل مصيره إلى الأبد، وكأنه بعد عملية القتل الأولى لثلاثة شباب كانوا يُضايقون فتاة في القطار، يفقد براءته، بل ويفتح البوابة أمام الوحش الكاسر القابع في الأعماق لينتقم من جميع مَنْ سخروا منه وأهانوه أو كذبوا عليه، بمن فيهم والدته التي يقتلها بدم بارد، ويقتل على الهواء مباشرة رجل التوك شو الذي أحضره ليسخر منه، وبعدها يرقص منتشياً على الدرج الخرساني الطويل كأنه مايكل جاكسون الساحر.

إن القتل عند “آرثر” لم يكن أبداً مجانيا، فهو يترك زميله الطيب في العمل دون أن يمسه بأذى رغم أنه قبل ثوان وفي المكان ذاته قتل زميلا آخر بعنف وحشي. كما أنه انتقم من والدته أشد الانتقام عندما اكتشف أكاذيبها عن أسرتهما، مُدركا ماضيه الحقيقي.

هذا ليس تبريراً للسلوك الإجرامي لآرثر، ولا دفاعاً عن كوننا تعاطفنا معه كقاتل وأشفقنا عليه، لكن تصرف الشخصية ونهجها يكشف عن تحليل عميق لوضعية مجتمع في طريق الانهيار، مجتمع يخلق الأشرار والعداوات.

فجوكر كما جسده “خواكين فينيكس” -والذي حصد عنه جائزتي غولدن غلوب، ورشح لأوسكار أفضل تمثيل- هو مجرد إنسان بريء يُقاوم مرضه اللعين، لكن المجتمع صنع منه قاتلاً شريراً، تماماً كما يفعل مع ملايين آخرين، فعندما استضيف “آرثر” في العرض التلفزيوني الساخر طلب أن يطلقوا عليه وصف “جوكر” من دون “أل” التعريف، إنه مجرد رمز لمئات وربما آلاف أو ملايين الجوكرات حول العالم.

المخرج “ستيفن سبيلبيرغ” الذي قدّم تصريحات لاذعة فيما يخص إنتاجات نتفليكس

 

معركة حامية الوطيس.. كواليس الصناعة

لم يقتصر العام الهوليودي المنصرم فقط على الإنتاج والإيرادات الضخمة، فقد اشتعلت خلاله حروب كلامية عن أهمية وقيمة الإنتاج ذاته، لم يقتصر الأمر على التصريحات اللاذعة للمخرج “ستيفن سبيلبيرغ” فيما يخص إنتاجات نتفليكس والهجوم عليها بحجة أنها لا تُنتج أفلاما تعرض في قاعات السينما، متجاهلاً قيمتها الفنية، ومطالباً بعدم ترشيحها لجوائز الأوسكار، وكذلك عدم التنافس مع الأفلام التي تُصنع للعرض السينمائي.

أما المخرج الكبير “مارتن سكورسيزي” فأدلى بتصريحات أغضبت الملايين بسبب هجومه على أعمال مارفل والتقليل من قيمتها الفنية، والمقصود بأعمال مارفل تلك الأفلام التي تنهض في الأساس على مغامرات وأكشن الكائنات الخارقة والعملاقة التي تنتجها أستوديوهات مارفل بشكل مستقل، والمقتبسة من الشخصيات في مطبوعات مارفل كومكس.

كان من بين تصريحات سكورسيزي قوله إن أفلام مارفيل “ليست أعمالاً سينمائية. إن مدن الملاهي هي أقرب شيء يمكن أن أفكر فيه عندما أشاهد تلك الأفلام، وذلك بالنظر إلى هويتها وقيام الممثلين ببذل قصارى جهودهم ضمن تلك الظروف.

وازدادت حدة تلك المعركة حامية الوطيس بين جمهور “مارتن سكورسيزي” ومحبي أفلام مارفل حتى إن البعض اعتقد أنها كانت وراء السخرية المبالغ فيها من فيلم “الرجل الإيرلندي” – الذي أخرجه مارتن سكورسيزي- ليلة توزيع جوائز غلودن غلوب، وحرمان الفيلم من الجوائز.

صحيح أن من بين الأفلام المقصودة بهجوم “سكورسيزي” فيلمي “كابتن مارفل” الذي جاء في الترتيب الخامس في شباك التذاكر بإيرادات قُدرت بنحو مليار و123 مليون دولار أمريكي، وكذلك فيلم “المنتقمون.. نهاية اللعبة” الذي تصدر القائمة محققاً المركز الأول بإيرادات تكاد تقترب من ثلاثة مليارات دولار وهو رقم قياسي أذهل الكثيرين حول العالم، إذ لا شيء مبهر في الحكاية بفيلم “المنتقمون.. نهاية اللعبة”.

تدور أحداث الفيلم بعد الخراب والتدمير الذي اندلع في “المنتقمون.. حرب بلا نهاية” (2018)، حيث أصبح الكون في حالة خراب تام. وهنا في الفيلم الجديد “المنتقمون.. نهاية اللعبة” تجمع المنتقمون مرة أخرى بمساعدة الحلفاء الباقين من أجل استعادة التوازن الكوني.

لكن تلك الإيرادات التي حققتها أفلام مارفل لا تصنع منها فناً خالداً، فهي في النهاية أفلام حركة وتشويق ومغامرات يصعب جداً أن تقارن بالقيمة الفنية والجمالية السينمائية بفيلم مثل “جوكر” أو حتى بفيلم مثل “الرجل الإيرلندي” الذي أخرجه “مارتن سكورسيزي”، والذي لولا شركة نتفليكس لما خرج إلى النور أبداً.

 

“إلى النجوم”.. صراع الأب وابنه في الفضاء

من أبرز أفلام الفضاء في 2019 الفيلم الوثائقي “أبوللو 11” والفيلم الروائي “إلى النجوم”. وسأتوقف عند الثاني لأنه عمل سينمائي مختلف عن رواد الفضاء، وعن الجانب النفسي لهؤلاء العلماء في تجربة فريدة ورائدة رغم كثرة الأفلام التي تناولت ذلك الموضوع. فالبطل هنا اسمه “روي” ويحكي عن وحدته وعن قوة شخصيته وصلابته وقدرته على التركيز، فلا شيء قادر على أن يصرف انتباهه، ولا شيء يجعله متوترا، إنه يمتلك مهارة عزل الأشياء التي تُشتت الانتباه.

مركز الأحداث ينصبّ على علاقة “روي” الابن بأبيه الغائب منذ ثلاثين عاماً، فروي (الذي يقوم بدوره براد بِت) هو رائد فضاء يخاطر بحياته ويقرر الذهاب إلى المجموعة الشمسية بحثا عن والده المفقود، وذلك رغم تعدد المشاهد واللقطات التي تُجسد الصراعات بين الجهات المتنافسة في مجال الفضاء، وفضيحة مشروع “ليما” الفضائي الذي لم تعلن الجهات المسؤولة عن فشله ولجأت إلى الإيهام بأن قائد المشروع (والد روي) بطل؛ من أجل إخفاء الحقيقة والتغطية عليها. ورغم مشاهد التحقيقات والتقويم النفسي تظل العلاقة بين الأب والابن هي نواة هذه الدراما القوية التي تجمع بمهارة بين الكون الواسع والمجرة الشمسية بكل تعقيداتها.

حدث اختفاء الوالد عندما كان روي في الـ16 من عمره، وقد عانى نفسيا من هذا الغياب مثلما شاهد والدته تتألم، وربما لذلك رفض “روي” إنجاب الأطفال لئلا يكرر مأساته الشخصية، وقرر أن يركز على عمله فنجح فيه بشكل مهني متفرد، لكنه أصبح غير قادر على إدخال الناس في حياته، حتى زوجته وحبيبته.

يتجسد الصراع بالفيلم على مستويات مختلفة؛ صراع نفسي داخل “روي”، وصراعه مع الأعداء بتعدد أشكالهم، ثم صراعه مع والده لأسباب مختلفة، ليس فقط من أجل إعادته إلى لأرض، وإنما أيضاً للتحرر من سطوة الأب، وكذلك صراعه غير المعلن مع المسؤولين عنه.

فرُوي يشعر أنهم يستغلونه، كان يُكذبهم ويرى أن والده بطل أسطوري، ثم اكتشف أنه قَتل المجموعة المرافقة له من الباحثين والعلماء لأنهم تمردوا عليه، فراح ضحية التمرد عدد من الأبرياء، لكن والده كان مصرّا على تحقيق هدفه مهما كان الثمن، ومواصلة رحلته حتى يكتشف المخلوقات التي يبحث عنها في المجموعة الشمسية، مما جعل روي يتساءل: هل الأمر يستحق كل هذه التضحيات؟

 

“آخر الليل”.. ما خفي في عالم الإعلام

من أشهر الأفلام التي أنتجتها هوليود كذلك وتناولت شخصيات مذيعات برامج التوك شو فيلمي “آخر الليل” و”بومشيل”. ويتناول الأخير ظاهرة التحرش بالنساء، خصوصاً في وسط المذيعات من قبل رئيس المحطة التلفزيونية الشهيرة فوكس نيوز، حيث كان لا يجري ترقية أي مذيعة إلا بدفع الثمن الباهظ من جسدها، لكن في لحظة ما تُقرر إحدى هؤلاء المذيعات كشف هذا الرجل برفع قضية ضده وإعلان الأمر أمام الرأي العام خصوصاً عندما يتم طردها.

أثناء ذلك نشاهد سلوك الرجل وابتزازه للنساء، وخضوع الكثيرات لذلك، حتى أن الصديقات المحيطات بهن يرفضن التورط في الحديث عن الأمر، ولا تمتلك أي منهن الجرأة ولا الشجاعة للتفوه بكلمة، وإلا انتهى عملها وانضمت لجيش البطالة.

أما “آخر الليل” فتدور أحداثه في إطار كوميدي حيث تقوم “إيما تومسون” بدور مذيعة ناجحة مسيطرة، تقدم برنامجا تلفزيونيا باسم “آخر الليل”. إنها امرأة سليطة اللسان يخشاها الجميع، تُصر على أن يشارك في إعداد برنامجها مساعدون من الرجال، وجميعهم أيضاً من الجنس الأبيض.

فجأة تحصل فتاة سمينة وسمراء على فرصة العمل ضمن فريق المساعدين لتلك المذيعة، فتقبل المذيعة ذلك لتنفي عن نفسها تهمة العنصرية التي تلاحقها. هنا تبدأ الأحداث في الانقلاب رأساً على عقب، وتتكشف كثير من ملامح شخصية المذيعة وعلاقتها الجنسية العابرة مع أحد مساعديها، وأثر ذلك على زوجها المقعد، واستغلال الإعلام والمنافسين لذلك الانفجار التي يُوشك أن يدمر حياتهما وعلاقة الثقة بينهما.

 

السيد روجرز.. “يوم جميل في الحي”

من عالم التلفاز اختار النجم الشهير “توم هانكس” تجسيد شخصية الإعلامي الأمريكي “فريد روجرز” الذي توفي عام 2003، وكان صاحب أحد أشهر البرامج التعليمية للأطفال التي قُدمت على مدار سنوات طويلة منذ أواخر الستينيات وحتى مستهل الألفية الجديدة، وهو برنامج “حيّ السيد روجرز”. إنه برنامج أحبه الأطفال، وتعلقوا به إلى حدود الشغف إذ كان يبث فيهم السعادة والأمل وصار جزءًا أصيلاً من شريط ذكرياتهم.

ينتمي العمل لأفلام السير الذاتية الدرامية ويحمل عنوان “يوم جميل في الحي”، وميزته الكبرى وجود “توم هانكس” بأدائه غير العادي في العديد من التفاصيل الحياتية والعملية للإعلامي الشهير بكثير من إسهاماته الفنية. ورغم أن الفيلم يخلو من المفاجآت واللحظات غير المتوقعة، فإنه يظل يتمتع بحبكة متماسكة منفذة بعناية، وبها عدد من المشاهد المؤثرة.

 

“فورد ضد فيراري”.. صراع مع قوانين الفيزياء

من عالم السير الذاتية أيضاً يأتي فيلم “فورد ضد فيراري”، وهو فيلم ينتمي للدراما الرياضية، وجاء بإنتاج أمريكي بمشاركة فرنسية، وتدور أحداثه عام 1996 بين بطلين: الأول مصمم السيارات الأمريكي “كارول شيلبي”، والثاني سائق سيارة السباق البريطاني “كين مايلز”.

ما يجمع بين الاثنين أنهما يحاربان من أجل صناعة سيارة متقدمة جداً لصالح شركة فورد -وذلك من أجل أن تنافس ضد سيارات السباق التابعة لفيراري- في فترة زمنية وجيزة جدا، فيبدو الأمر وكأنهما في صراع وحرب مع تدخل الشركات وقوانين الفيزياء، إضافة إلى صراعات البطلين مع بعضهما البعض.

الفيلم من توقيع “جيمس مانغولد”، وبطولة “كريسيتيان بيل” و”مات ديمون”. وقد حصد 17 جائزة و54 ترشيحا، منها ترشيح لجائزة أفضل ممثل في غولدن غلوب، وقُدرت ميزانية الإنتاج بنحو 98 مليون دولار، بينما حصد في أمريكا نحو 112 مليونا، وفي خارجها 212 مليونا تقريباً.

 

“حدث ذات مرة في هوليود”.. السفر إلى الماضي في هوليود

نختار أخيرا فيلم المخرج الشهير تارانتينو “حدث ذات مرة في هوليود” (Once Upon a Time in Hollywood) لنختتم به مجموعتنا المنتقاة من أهم أفلام هوليود عام 2019، خصوصاً أنه يدور من حول هوليود نفسها في حقبة نهاية الستينيات، إذ سيطرت أفلام رعاة البقر آنذاك في التلفزيون والسينما، ووقتها أصبح الفن مجرد صنعة وضاعت الموهبة، بل طحنتها تُروس المهنة، وقد صار الاحتراف في فنون الأداء أمرا عاديا بعيدا عن المعالجة الإنسانية للأشياء.

فيلم “تارانتينو” يحكي عن الحياة المفرّغة من المعنى لثلاث شخصيات معلقة في عالم الأضواء والشهرة، لكن بتنويعات مختلفة. إنهم يعملون في هوليود في دراما السينما والتلفزيون، الأول “دالتون” (الممثل ليوناردو دي كابريو)؛ ممثل انتهت نجوميته منذ 15 سنة، يسكر، ثم بسرعة شديدة يبكي، وأصبح يؤدى أي دور يعرض عليه كأحد رعاة البقر.

أما “كليف” (الممثل براد بت) فهو دوبليره وسائقه وصديقه وناصحه الأمين، وهو هادئ ومتماسك يخفي وراءه ماضيا ثقيلا كمقتل زوجته وإفلات قاتلها من العقاب، وعلاقته بكلبه مثيرة للضحك، لكن في نهاية الفيلم يساعده في التخلص من القَتَلة بطريقة فجائية مبهرة.

أما “شارون تيت” (الممثلة مارغو روبي) فممثلة جميلة صاعدة بقوة، لكنها في النهاية تبدو مجرد دمية.

وإذ ينطلق الفيلم من واقعة حقيقية عام 1969 عندما حاولت عصابة من الهبيز قتل “شارون” زوجة المخرج الشهير “رومان بولانسكي”، وكانت حاملا منه وقتها. لكن سرعان ما يخلق “تارانتينو” حكاياته الخاصة وعالمه الوهمي، ليعبر أساساً عن هوليود نهاية الستينيات عبر الشخصيات الثلاث.

وقد نال الفيلم جائزتين في غولدن غلوب، هما جائزة أحسن سيناريو التي حصدها المخرج، وجائزة أفضل دور مساعد التي نالها عن جدارة “براد بت”، إضافة لترشيحات الأوسكار.