“يوم وليلة”.. حين يحاول الفن أن يرتقي ليلامس قاع الواقع

يرعى مأمور شرطة مصري طفلته المصابة بمتلازمة “داون” بحنو ورقة أبوية راجيا من والدته تحمّل بقائها داخل البيت بعدما عجز عن دفع رسوم مدرستها الخاصة، ويبدأ صباحه كل يوم متطلعا بنظرة وفاء إلى صورة زوجته المتوفية، ثم يتحّول إلى وحش كاسر ينهش حقوق المشتكين متواطئا مع المجرمين.

تتعذر الفتاة المحجبة وشقيقة المأمور بزيارة صديقتها لتمضي جُل وقتها مع صديقها المسيحي متنقلين من ضفاف النيل إلى مقهى، ثم إلى شقة أخيه الذي يباغتهما فيها ضمن سلسلة من مشاهد المطاردة الاجتماعية لعلاقة شبه مستحيلة.

عندما يهمّ الشرطي بمغادرة بيته بحي السيدة زينب الشعبي متوجها نحو مكتبه تلاحقه نظرات وكلمات الممرضة ميرفت اللاجئة في بيت أخيها، والمثقلة بطلفين بعد انقطاع حبل الود مع زوجها، وتعرض عليه بغنج واضح التوجه إلى بيته لإعطاء والدته حقنة دوائها المعتاد، فينبّهها إلى أن يوم موعد الحقنة لم يحن بعد وينصرف متجنّبا إياها.

تغادر ميرفت بدورها نحو عملها فتصطدم بالفتى محمود اللص الذي يعمل لحساب سيده بجاتي المرتبط بعلاقات تواطؤ ورشوة مع المأمور منصور الذهبي.

هكذا يوقّع مُخرج فيلم “يوم وليلة” على دخول قوي إلى الخشبة مقدما للمتلقي طبقا غنيا ومتنوعا قوامه تشكيلة من التابوهات والخطوط الحمراء السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

حاجز الرقابة الفنية.. فلتة سينمائية

أثار فيلم “يوم وليلة” انتباه النقاد مع بداية عرضه في القاعات بداية العام 2020، وذلك لما لامسوه من موضوعات باتت تعتبر محرمة في ظل الوضع السياسي القائم في مصر حاليا.

منح الفيلم دور البطولة لشخصية مأمور شرطة يعتبر فاسدا في حدّ ذاته، وبغض النظر عن التقييم الفني لهذا الدور والفيلم، فهو اختراق استغرب البعض مروره عبر حاجز الرقابة، كما حاز الفيلم قدرا من التأييد يكاد يصل إلى الإجماع بخصوص مستواه الفني المرتفع مقارنة بموجة الأفلام الحديثة التي باتت تنتجها السنيما المصرية.

عُرض فيلم “يوم وليلة” في حفل افتتاح الدورة الأخيرة لمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، كما اختير للمشاركة في حفل ختام مهرجان “مالمو” للسينما العربية بالسويد، وعرض بعدها بأيام قليلة في دور العرض المصرية قبل صدور قرار إغلاق دور السينما تنفيذا للإجراءات الاحترازية لمنع تفشي وباء كورونا.

زعيم عصابة البلطجة البلطجي بجاتي الذي يلعب دوره الممثل خالد سرحان

يشترك في بطولة الفيلم خالد النبوي وأحمد الفيشاوي ودرة وحنان مطاوع وخالد سرحان، وهو من إخراج أيمن مكرم وتأليف يحيى فكري الذي يقدم تجربته السينمائية الأولى بعد مسلسل “على كف عفريت” لخالد الصاوي، لكن سر نجاح الفيلم يعود حسب بعض النقاد إلى جمعه بين ثلاث أساليب لاقت نجاحا كبيرا في السنوات الأخيرة، وهي أسلوب فيلم اليوم الواحد، ثم وجود حدث جامع يوحد الشخصيات، ثم توزيع دور البطولة بين عدة أدوار بدل الاقتصار على البطل الواحد.

“يوم مصري”.. نافذة على العالم السفلي

تدور أحداث الفيلم في يوم مولد السيدة زينب، وتتوزع بطولته أساسا بين خمس شخصيات أساسية هي المأمور منصور الذهبي (الممثل خالد النبوي)، والممرضة ميرفت (الممثلة درة)، واللص محمود (الممثل أحمد الفيشاوي)، والموظفة الحكومية إيرين (الممثلة حنان مطاوع)، ثم البلطجي بجاتي الذي يلعب دوره الممثل خالد سرحان.

ويشكّل فيلم “يوم وليلة” -الذي كان عنوانه المقترح في البداية هو “يوم مصري”- دعوة صريحة للنزول إلى العالم السفلي، وهو حال يتحقق ممثلا في مشهد المواطن الذي يعتدي على الموظفة إيرين، ويقوده ذلك إلى الحجز في قسم الشرطة بأمر من منصور الذهبي، وهناك يطل المشاهد على هذا العالم.

أبطال متعددون في أحداث يوم واحد.. إكراهات الزمان والمكان

اختار منتجو “يوم وليلة” نمط الأفلام التي تجري أحداثها في مساحة زمنية محدودة، وهي يوم وليلة في هذه الحالة، وتفرض طبيعة هذه الأفلام التي تجري في حيز مكاني أو زماني محدد توزيع البطولة بين أدوار متعددة حرصا على ملء الفراغات التي يسببها ضيق المجال المتاح للكاتب والمخرج.

يعيد البعض أصل هذا النمط من السينما إلى بداية الألفية الحالية حين برز عدد من الأفلام يعتمد على البطولة الجماعية لعدد من الوجوه الفنية الشابة، إلى جانب الاعتماد في كتابة السيناريو على قصة تدور أحداثها في فترة زمنية محدودة، كاليوم الواحد، أو في مكان معيّن، وإن كانت أحداث “يوم وليلة” تعطي أهم أدوار البطولة لشخصية مأمور الأمن.

الممثل المصري أحمد الفيشاوي يتحدث عن مشاركته في فيلم “يوم وليلة” خلال افتتاح مهرجان الدار البيضاء للسينما

وإذا كانت الفوارق بديهية بين شخصيات هذا النوع من الأفلام حيث توضع عادة مجموعة محددة في واجهة الأحداث، فإن النقاد أخذوا على “يوم وليلة” تلك الهوة السحيقة التي حفرها بين شخوصه، مما جعل الفارق يبدو كبيرا بينها، وانعكس بالتالي على القصة الرئيسية التي تدور حول شخصية مأمور الأمن وباقي القصص الفرعية التي بدت هامشية للغاية، لدرجة اعتبر معها البعض أن بعض الشخصيات يمكن حذفها بشكل نهائي دون أن يحدث أي تأثير على أحداث الفيلم، كما هو الحال مع شخصية مدرّس اللغة العربية الذي يظهر في مشهد واحد، وقد أرعب أم التلميذة بسبب شكله الذي يحيل على الفكر السلفي أو “الإرهابي”.

ازدواجية الشخصيات.. صراع ثنائية الخير والشر

تبدي أحداث الفيلم ومشاهده حرصا بيّنا من جانب الكاتب يحيى فكري والمخرج أيمن مكرم على إظهار وجهين متناقضين لكل شخصية، فإلى جانب مأمور الشرطة منصور الذهبي نلاحظ الخاصية نفسها لدى عضو عصابة البلطجة والسرقة محمود (الممثل أحمد الفيشاوي) الذي يجمع بين حسه الإنساني والاجتماعي المكتسب من ظروف نشأته وتعليمه، وبين ممارساته الشريرة النابعة من نوع من الرغبة في الانتقام لنفسه جراء الفشل الذي طال مسار حياته الشخصية وسقوطه في الانحراف بعد وفاة والده.

كما يلمس المشاهد هذه الازدواجية في جل الشخصيات الأخرى مثل السجين فرج (الممثل حمزة العيلي)، إذ يجمع بين سلوكه الإجرامي وبين حنوّه على السجين الغشيم الذي كاد يتحوّل إلى فريسة لباقي السجناء.

 

ما يفسّر إفلات الفيلم من مقصلة الرقابة هو هذا الطابع النسبي الذي أعطاه لفساد شخصياته حيث لم يقدّم مأمور الشرطة منصور الذهبي كشر مطلق، بل حرص في منتصف الفيلم على إظهار الجانب الإنساني فيه كأب يرعى طفلته بكثير من الحنو والعطف، كما ينقلب في نهاية الفيلم على زعيم العصابة الإجرامية الذي كان يتعاون معه، ليبدو الأمر في النهاية كما لو كان مجرد توظيف من جانب مأمور الأمن للمجرم في الحصول على المعلومات وإبقاء الأنشطة الإجرامية تحت المراقبة.

مراوغة الصورة النمطية.. سر النجاح

لم تمنع المراوغة الفيلم -وهي التي سمحت له بالإفلات من المنع- من ترك فكرة جديدة في ذهن المتلقي تختلف عن صورة أن جميع رجال الأمن هم شرفاء وطيبون، كما أفلت الفيلم من لغم التطبيع مع العلاقات التي يحرمها المجتمع بين مسيحي ومسلمة عبر الحوار الوارد على لسان الشاب المسيحي الذي يستنكر التفكير النمطي القائم على أن كل علاقة بين شاب وشابة يجب أن تُطوى على علاقة حب وتنتهي بالزواج.

هكذا يصبح سرّ نجاح “يوم وليلة” في التطرق لموضوعات محظورة دون الوقوع تحت سيف الرقابة في كسره ثنائية الخير والشر، وجعله كل شخصية من شخصيات القصة تجمع بين قدر من الشرف والطيبة، وبين شحنة من الفساد تصبح في النهاية هي الفكرة المهيمنة، ويرى بعض النقاد في هذه الثنائية نجاحا للفيلم في الاقتراب من صورة واقعية عن الإنسان باعتباره يحمل في الوقت نفسه مقدرات الخير ونوازع الشر.

خالد النبوي.. مزج مقنع لشخصية متناقضة

أعطى الأداء الفني للممثل خالد النبوي زخما خاصا لشخصية مأمور الأمن بالرغم من بعض الفقر في الكتابة الذي سجّله كثير من النقاد بخصوص هذه الشخصية، وقد نجح النبوي في المزج المقنع بين جوانب متناقضة لهذه الشخصية، حيث يرعى لوحده دون زوجة طفلة مصابة بمتلازمة “داون”، ويحرص على حمايتها من أي صنف من القهر أو الاحتقار، سواء في تحايله على والدته كي تتحمّلها وتصبر على شغبها داخل البيت، أو مع أطفال الحارة الذين يستهدفونها بالاعتداء والسخرية.

الممثل خالد النبوي في أحد مشاهد تجسيده دور المأمور منصور الذهبي

في المقابل نرى في شخصية منصور الذهبي -خلال وجوده في مكتبه- ذلك المأمور الفاسد الذي لا يتردّد في تحويل المواطن الذي جاءه يشكو سرقة سيارته إلى ضحية لابتزاز غير مباشر، حيث يعمد للاتصال بسارقي سيارته مطالبا بحصته من مبلغ الابتزاز، وقد سهّل لهم تحصيله من الضحية.

القدر الكبير من التسامح الذي تمتع به المأمور منصور الذهبي من طرف المشاهد رغم سلوكه الفاسد يفسّره البعض بالتمهيد الأوّلي الذي قام به المخرج لدخول هذه الشخصية إلى مسرح الأحداث، حيث يفتتح الفيلم بمشهد يظهر حركة ابنته المصابة بمتلازمة داون وهي تضحك وتلعب مع والدها، فتجرّ المشاهد إلى التعاطف مع هذه العلاقة الأسرية الخاصة وإلى الاطمئنان لفكرة أن الأمل لن يغيب تماما عن بقية الفيلم وإن توالت أحداثه الكئيبة.

انسجام الشخصيات.. انسيابية الحلقات المترابطة

يسجّل النقاد لصالح الفيلم نقطة إيجابية تتمثل في الربط المقنع بين الشخصيات الخمسة الأساسية، وإدخالها في علاقات مباشرة وغير مباشرة تلحظها في الحبكة العامة للفيلم، فالمأمور منصور الذهبي يرتبط بالبلطجي بجاتي عن طريق علاقة تواطؤ خفية سوف تنتهي بانقلاب رجل الأمن على المجرم واعتقاله في النهاية، واللص محمود الذي كان يعمل لحساب بجاتي سيضطر في إحدى اللحظات إلى العمل لصالح المأمور منصور.

ويرتبط محمود بعلاقة مباشرة مع الممرضة ميرفت التي يلاحقها بشكل يومي إلى أن يغتصبها تحت تهديد السلاح، بينما تتقاطع الموظفة المسيحية إيرين مع أحداث الفيلم من خلال منظومة الفساد والبيروقراطية التي تساهم فيها من خلال وظيفتها من جهة، وتقع ضحية لها من جهة أخرى حين تضطر لدفع الرشاوي لتمكين والدتها المريضة من الرعاية في المستشفى.

الممثلة حنان مطاوع في أحد مشاهد تجسيدها دور المسيحية إيرين في فيلم “يوم وليلة”

يتطرق الفيلم أيضا لموضوع المسيحية الحساس في مصر من خلال شخصية الموظفة إيرين (الممثلة حنان مطاوع)، حيث تعاني إيرين من رفض الكنيسة تمكينها من الطلاق بعد زواج فاشل، وتعكس قدرا من الانكسار من خلال ملامحها ونظراتها، لكنها في الوقت نفسه تبدي انغماسا تاما في الفساد من خلال عملها، حيث تتلقى الرشاوى بشكل علني، وتعامل المواطنين الدين يترددون على مكتبها بطريقة مهينة ومستفزة.

ولم يسلم الإعلام أيضا من سوط الفيلم، حيث أظهرت بعض مشاهده شخصية الصحافية التي تستدرج المواطنين إلى حوارات بأسئلة بليدة، وتوظف شهرتها لطلب خدمات بلطجي يمارس أعماله خارج القانون.

وقد شكلت كل هذه الثنائيات نجاحا للفيلم في الاقتراب من صورة واقعية عن الإنسان، باعتباره يحمل في الوقت نفسه مقدرات الخير ونوازع الشر.

تفوق الأداء الفني للممثلين.. عيوب إخراجية

يقابل الثناء على الكتابة كثير من النقد للإخراج، حيث يعيب بعض النقاد على أيمن مكرم إكثاره غير المبرر من اللقطات القصيرة التي يركز فيها على ملامح أو نظرات الشخصيات، دون أن يقدم ذلك أي إضافة إلى الحبكة الدرامية للفيلم.

كما يُعاب على المخرج ضعف إدارته للممثلين، مما أدى إلى ظهور ضعيف لبعض النجوم، مثل أحمد الفيشاوي الذي يكاد يحصل الإجماع على أنه قدّم أقل بكثير مما يستطيع، ومما يعاب على الفيلم كثيرا سقوطه في السطحية والعرض الساذج للأفكار كما حصل مع مشهد الرُهاب الذي أصاب الأم من المظهر السلفي لأستاذ اللغة العربية الذي جاء لتدريس ابنتها.

يحاول الفيلم تناول الصعوبات والمشاكل التي تعترض شخصياته في علاقتها بأعطاب المجتمع ومكامن خلله، وهي الفكرة التي لا يبدو أن الفيلم قد أقنع النقاد بطريقته في إنجازها فنيا، حيث يسجّل جل من شاهدوا الفيلم وكتبوا عنه أو نشروا تعليقات متخصصة حوله تفوّق الأداء الفني للممثلين على الإطار الذي وضعه مخرج الفيلم وكاتبه للأحداث.

شخصية الشرطي الفاسد.. اختراق جدار الصمت

ما يحسب للفيلم بشكل خاص هو اختراقه جدار الصمت المفروض منذ بضع سنوات على الإنتاج السينمائي المصري، فقد بات مُسيجا بالكثير من المحظورات التي يمنع الاقتراب منها، ويتمثل المحظور الأول الذي كسره الكاتب يحيى فكري برأي النقاد في شخصية مأمور الشرطة التي يجسدها خالد النبوي، فمنصور الذهبي لا يتورّع عن تلقي الرشاوى والتآمر مع المجرمين للإيقاع بالضحايا.

مأمور الشرطة الأمين منصور الذهبي لا يتورّع عن تلقي الرشاوى والتآمر مع المجرمين للإيقاع بالضحايا

أما المحظورات الأخرى التي كسرها هذا الفيلم فتلامس بعض الموضوعات الاجتماعية شديدة الحساسية من قبيل العلاقة بين شاب مسيحي وشابة مسلمة، وإن كانت هذه العلاقة بقيت على هامش الحبكة العامة للفيلم، ولم ينجح الكاتب والمخرج في إدماجها في أحداثه أو ربطها به، فكانت مشاهد لقاءاتهما ومواقفهما المحرجة أمام من يكتشفون علاقتهما تبدو كقصة موازية للحبكة العامة للفيلم.

مولد السيدة زينب.. سطحية الطرح والمعالجة

يتمثل أهم انتقاد موجه إلى الفيلم في هذا المجال عجزه عن الخروج بطرح جديد ومميز وبعيد عن التناول المعتاد في السينما المصرية للمشاكل والاختلالات التي حاول تجميعها وتكثيفها فيلم “يوم وليلة”. ومن تلك المشكلات مشكلة البلطجة وعلاقتها بماضي ممارسيها ومعاناتهم الاجتماعية، ومشكلة العلاقة بين شخصين من ديانتين مختلفتين، إذ لم تخرج عن الصور المستهلكة لتعرضهم للمعاكسة والتضييق ومطالبة نادل المقهى لهم بقسيمة الزواج.

اختار منتجو الفيلم فضاءات حي “السيدة زينب” العريق في العاصمة المصرية القاهرة، وتحديدا يوم المولد الذي يتميز بطقوسه وعاداته الخاصة، لكن كثيرا من النقاد لاحظوا غياب فكرة المولد عن أحداث الفيلم لدرجة أصبح معها مجرد كلمة تتردد على ألسن الشخصيات دون أن يلامسها المشاهد، فباستثناء بعض مشاهد الرقص والاحتفال ومشهد “الحضرة” الجماعية الذي اجتمع فيه مأمور الأمن بزعيم عصابة البلطجة “بجاتي”؛ يصبح المولد مجرد فكرة يستحضرها الفيلم في خلفية أحداثه دون أن يدمجها بشكل ملموس.

يسجل الملاحظون القدر نفسه من السطحية على باقي عناصر القصة المركبة للفيلم حيث تبقى قصة المسيحية إيرين -العاجزة عن التخلص من زواجها الفاشل بسبب رفض الكنيسة فكرة الطلاق- معلقة دون أجوبة شافية، كما بقيت علاقة أخيها المسيحي مع فتاة مسلمة عند مستوى طرح بعض الصعوبات التي تواجه مثل هذه العلاقات دون أن يصاحبها طرح فني مقنع.

أجساد الممرضات للبيع.. سجال صاخب ضد الفيلم

كانت مسيرة الفيلم في العرض أمام الجمهور تمضي كنزهة جميلة إلى أن ظهر وباء كورونا وبدأ في حصد الأرواح، وفي مقدمتها أرواح الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، وبينما نجا الفيلم من ألغام المحظورات السياسية التي تناولها، فقد انفجر في وجهه لغم آخر يتعلّق بدور الممرضة (الممثلة التونسية درة)، إذ قامت ببيع شرفها لأحد الأطباء بسبب حاجتها إلى المال.

الممثلة درة بدور الممرضة ميرفت والتي تسرق من الأدوية من المشفى لإعالة نفسها وطفليها

كما خرج مشهد آخر من إطار الحبكة الدرامية للفيلم، وأصبح موضوع سجال صاخب، حيث انتفضت نقابة الممرضين المصريين معتبرة أن المشهد يسيء إليهم في وقت يواجهون فيه خطر الموت بسبب وباء كورونا المنتشر في العالم، ويتعلّق الأمر بدور الممرضة ميرفت التي تقيم في منطقة السيدة زينب، لكنها تعيش ظروفا صعبة رفقة ابنها وابنتها في بيت شقيقها الذي تعارض زوجته بشدة استمرار استقبالها لميرفت وأبنائها.

تضطر هذه الممرضة في غياب زوجها -الذي يفهم من أحداث الفيلم أنها منفصلة عنه- لإعالة نفسها وطفليها مستعينة في ذلك بممارسات فاسدة من قبيل سرقة الأدوية والمعدات الطبية من المستشفى والحصول على الرشاوى، ثم عرضت نفسها على أحد زملائها الأطباء ليعاشرها جنسيا داخل إحدى غرف الفحص بالمستشفى مقابل 600 جنيه.

احترام مطلق للجيش الأبيض.. بيان لدفع تهمة الإساءة

جعل مشهد الممرضة ميرفت -رغم فكرته المبررة دراميا- نقيبة الممرضين المصريين كوثر محمود توجه ملتمسا مباشرا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل إصدار قرار بمنع استمرار عرض الفيلم.

بوستر فيلم “يوم وليلة” الذي يظهر فيه بطليه خالد النبوي وأحمد الفيشاوي

وقد ردّ على هذا الهجوم منتجو الفيلم بتصريحات وتغريدات فردية، إلى جانب بيان رسمي أصدروه ليدفعوا عنهم تهمة الإساءة إلى “الجيش الأبيض”، حيث قالت أسرة الفيلم إنها تؤكد احترامها المطلق لمهنة التمريض، “وللدور المحوري الذي تقوم به ملائكة الرحمة من الممرضات في هذه الأجواء العصيبة التي نمر بها جميعا”.

وأكد منتجو فيلم “يوم وليلة” أن كل المهن تضم الصالح والطالح، وأن تعرض الأعمال الدرامية للجوانب السلبية والإيجابية لشخصيات العمل الدرامي إنما هو في إطار موضوعه، دون أن يعني ذلك أنها تقوم بوصم كل العاملين بالمهنة بتلك السلبيات، وشدّدوا على أنهم يقدمون عملا واقعيا لا يحمل أي رسالة رمزية أو إيحاء، وبالتالي لا ينبغي إخراج المشاهد عن إطار الأحداث التي تجري داخل الفيلم.