حوار مع الناقد السينمائي طارق الشناوي
يواصل الناقد صلاح سرميني محاوراته مع النقاد السينمائئين العرب، وتناول هموم المهنة وملامح شخصية اخرى من الضيف.
حوار : صلاح سرميني
ـ طارق الشناوي، عندما بدأتُ أول حوار مع الناقد السينمائي اللبناني “محمد رضا”، كتبتُ، بأنني لا أحبّ الحوارات، وبالأخصّ مع ناقدٍ سينمائيّ، حالياً، وبعد أكثر من حوارٍ مع بعض نقاد السينما العرب، تبيّن لي، بأنّ ما أقدمتُ عليه يشبه حالةً ساديةً/مازوخيةً مشتركة بين جميع الأطراف، ويوماً بعد يوم، بدأتُ أحصل على متعةٍ ما من هذه الفكرة، أستعذبها، وأتلذذ بها، هل أنا في حالةٍ نفسية، وعملية للمُشاركة في هذه الحوارات ؟
ـ هل تريد أن تقول أنا، أم أنتَ ؟ بالنسبة لي، نعم يُشرّفني الحوار معكَ.
ـ إعذرني يا طارق، كانت هفوة لسانٍ آلمتني فعلاً، نعم، لستُ في حالةٍ نفسية جيدة، وأعترف، بأنني أحاول النسيان عن طريق العمل، ولكن، هذه المرة، خذلتني كلماتي.

طارق، هناك بعض الأسئلة رُبما لا تخصكَ، تجاوزها، ومن خلال الإجابة على السؤال الأول، والثاني، سوف ألتقط أسئلةُ أخرى، وكما شرحتُ لكَ، لا أرغب بأن يكون حواراً عادياً.
ـ لم ترسل لي الأسئلة بعد، وتطلب مني الإجابة على سؤالٍ، أو إثنين، وأتجاوز أسئلة، ماهي الحكاية، دعنا نتواصل بعد شهر رمضان، رُبما تُعاني من تأثير الصيام، أنا موافق على طريقتكَ في الحوار، ولكن لديّ ملاحظة أولى : المُقدمة طويلة، بنبغي تكثيفها، وإلاّ سوف يتهمّك البعض بالثرثرة.
ـ يبدو من خلال متابعتي للمشهد السينمائيّ النقدي العربي، بأنّ النقاد يعيشون خلافاتٍ فيما بينهم، صغيرة، وتافهة، أحياناً مُعلنة، وفي أغلب الحالات مُضمرة، ماهو تفسيرك لهذه الأجواء، وهل تخفي خلفها مبرراتٍ شخصية، أو إحترافية.
ـ فعلاً، أتابع هذه المعارك، وأجدها تُبدد الطاقة، ولكنها ـ مع الأسف ـ موجودة بكثرةٍ في كلّ المهن، هناك مثلٌ شعبيّ مصريّ شائعٌ يقول : عدوك إبن كارك، في العادة أبتعد بقدر المُستطاع عن هذه الترهات مهما حاول البعض إستفزازي.
ـ في إجابة الناقد المصري “أحمد شوقي” عن سؤال مُشابه، إستشهد بنفس المثل الشعبي، هل نقلتَ منه، أم مجرد توارد خواطر ؟
ـ هذا مثلٌ شائعٌ جداً، وأتصوّر بأنّ هناك نسخة منه باللهجة الشامية أيضاً.
ـ هل تعتقد بأنّ حروباً، وصراعاتٍ مُماثلة موجودة عند النقاد الأجانب ؟
ـ بالتأكيد، هم ليسوا ملائكة، وفيهم من يحقد، ويضمر شراً للآخر، ولكن، أتصوّر بأنهم في لحظةٍ ما يحسمون هذا الصراع حمايةً لمصالحهم، بينما يتعامل النقاد العرب مع بعضهم على طريقة “شمشوم الجبار” (عليا، وعلى أعدائي)، ويهدمون المعبد على رؤوسهم جميعاً.
ـ أنتَ تتحدث عن النقاد الأجانب، وكأنكَ تعيش معهم، وتُوحي إجابتكَ بأنه قدر المهنة، وما يحدث في المشهد النقدي العربي طبيعيّ، يعني تقدم تبريراتٍ تجعل هذه السلوكيات عادية، في إحدى الندوات، كان الناقد المصري “علي أبو شادي” يتحدث عن القرصنة، وذكر بأنها ظاهرة عالمية، إنتظرتُ حتى أكمل مداخلته، وعندما جاء دوري، شرحتُ له، بأنّها ليست ظاهرة عالمية كما يعتقد،… بعد الندوة، قال لي مجاملاً، أو مقتنعاً : في المرات القادمة لن أقول بأنّ القرصنة ظاهرة عالمية.
والمقصود، بأنك عمّمت هذه السلوكيات على النقاد الأجانب، علماً بأنك لا تتعامل معهم، ومن المُفترض بأنك لا تعرف ما يدور بينهم من توافقاتٍ، أو تعارضات.
ـ لا تنسى بأنني أتابع الكثير من المهرجانات، وألتقي ببعضهم، كما أشارك في عضوية لجان تحكيم، وفي العادة، النقاد الأجانب ـ خاصة في الإتحاد الدولي للصحافة السينمائية ـ يُشكلون الأغلبية، ولدينا متسع من الوقت للحوار في أمور بعيدة عن الأفلام، ومنها بالطبع، الحالة النقدية.
ـ في السنوات الأخيرة، عمد معظم النقاد العرب إلى إنشاء مُدوناتٍ شخصية، ما رأيك بها، وهل حققت أغراضها ؟
ـ لا أقرأ هذه المُدونات، ليس لديّ وقت أبدده.
ـ إجابتكَ قاسية جداً، وهي تشبه ما كتبه يوماً ناقدٌ لبنانيّ (…)، وهذا ما يدّعيه دائماً ناقدٌ مصري(…)، ويقول، بأنّ صديقاً أخبره، وفي الحقيقة لا أصدق أحداً، وأعتبر هذا الموقف نوعٌ من التعالي، ألا تعتقد بأنّ قراءة ما يكتبه زملاء في المهنة ضروريّ، وجزءٌ من نشاطك النقديّ، يُشكل نوعاً من التقاطعات المعرفية معهم، عندما تقول : ليس لديّ وقت أبدده، يعني بأنّ ما يكتبونه لا قيمة له، ولكن، بالمُقابل، أفترضهم يتابعون كتاباتك، ورُبما يُشعرك هذا الأمر بالسعادة ؟
ـ أقرأ ما يكتبونه فقط من مقالات، وأعتقد بأنني متابعٌ جيد، ولم أقصد التعالي، ولكن أردت فقط أن أذكر الحقيقة، في الواقع، لا أجد الوقت الكافي لكتابة مقالاتي، يكفيني الصحف، والمواقع التي أتابع فيها كتابات الزملاء.
ـ على فكرة، دائماً أقرأ، وأسمع من يكتب، أو يقول “الناقد الكبير”، ماهو المقصود بهذا الوصف، وهل تحظى بحصةٍ منه ؟
ـ هذه مسألة شخصية، كبير، صغير، ونصّ/نصّ، هي تقييّمات لا تحكمها قواعد ثابتة، أنتظر دائماً رأيّ القارئ، هو الذي يضعنا في مكانةٍ ما، ورُبما لا تعنيه كلمة كبير، ولكن على سبيل المثال، يقول بأنه يصدق هذا الناقد، وهي شهادة كبيرة.
ـ هل هناك حقيقيّ، ومزيفٌ في النقد السينمائي ؟
ـ الحقيقي، والمُزيف، والفرز بينهما، هي مسئولية القارئ، وليس الناقد، القراء يصدقون هذا، أو يكذبون ذاك.

ـ ولكن، أرغب معرفة وجهة نظرك، من هو الحقيقيّ، ومن هو المُزيف، هل يمكن أن يكون الناقد حقيقياً، أو مزيفاً، كيف، وما هي المعايير الشخصية التي تجعلكَ تعتقد بأنّ هذا حقيقي، والآخر مزيف، متى، وكيف تشعر بالحقيقة، أو الزيف ؟
ـ عندما أصدق ما يكتبه الناقد، فهو حقيقيّ، وليس مطلوباً منه أن يقول بالضبط ما أعتقد بأنه الصواب، ولكن، فقط، يُشعرني بأنه يكتب ما يقتنع به، فأقتنع بدوري.
ـ في يوم ما أنشأ ناقدٌ مدونةً متخصصة تهدف إلى كشف السرقات الأدبية في مجال الثقافة السينمائية، هل أثمرت تلك الجهود في التقليل منها ؟ وخلال تلك الفترة، كتب البعض، بأنها ليست وظيفته الكشف عن سرقات الآخرين، ومبادرته ليست أكثر من تصفية حسابات ؟
ـ لم أقرأ أيّ مدونة لناقدٍ، أو غيره، وفيما يتعلق بموضوع السرقات، هناك مثلٌ مصريّ يقول : (يا بخت من بات مغلوب، ولا باتش غالب)، ويمكن تحويره كي يصبح : (يا بخت من بات مسروق، ولا باتش سارق)، أجد الكثير من أعمالي مسروقة، وأحمد الله بأنّ كتاباتي تُشكل عامل جذب للسرقة.
ـ ولكنك، رُبما سمعتَ عن تلك المدونة، وكشفها للسرقات، والضجة التي أحدثتها في المشهد الصحفي، والنقدي العربي، هل أنت مع مبادرةٍ كهذه ؟
ـ من يمتلك حقاً أدبياً، أو مادياً، ويريد خوض معركته حتى النهاية، دعه يفعل، ولكن، بالنسبة لي، عندما أكتشف أحداً سرقني، أكتفي بالسعادة، وهذا يعني بأنني أكتب ما يستحق المتابعة، بل، والسرقة.
ـ أجد هناك إزدواجيةً في شخصية الناقد السينمائي العربي، كيف يمكن أن يكون ناقداً، ولا يتقبل النقد من أحد ؟
ـ بشكلٍ عامّ، لا يرتاح البشر للنقد (بمعناه المُتعارف عليه، وليس الأكاديميّ)، الكلّ ينتظر من يقول له : إيه الحلاوة دي؟، تسألني : كيف يكون ناقداً، ولا يتحمّل النقد ؟، أقول : ينصحني طبيب أسناني بعدم التدخين، وأنا في الحقيقة، لا أدخن، بينما هو لا يكفّ عن التدخين.
ـ لم أفهم ما تقصده ؟
ـ أريد أن أذكر مثلاً شعبياً أخر “باب النجار مخلع”، أعتقد بأنّ الاجابة وصلت، وأصبحت واضحة.
ـ لم أقصدكَ أنتَ بالتحديد، وأعرف بأنكَ واسع الصدر، ولكن، هناك نقاد تسيطر عليهم “الأنا العُليا”، ولا يتحمّلون كلمة نقدٍ واحدة، والأمثلة معروفة جداً في الوسط النقدي العربي، لا أستطيع هنا أن أذكر أسماء.
ـ في النهاية هؤلاء بشر تختلف ردود أُفعالهم، هناك واحد واسع الصدر، والأفق، وآخر رُبما لو قلت له : صباح الخير، سوف يسأل نفسه : يا ترى هل يسخر مني ؟.
ـ عندما عمد ثلاثة إلى تأسيس “إتحاد دوليّ لنقاد السينما العرب”، فجأةً ظهرت عوائق، وإشكالياتٍ، ومن ثمّ توقف المشروع تماماً ؟
ـ كنتُ واحداً من مؤيدي تأسيس ذاك الإتحاد، ولا أزال، أجد مقالاتنا تُنشر في العديد من المواقع، أتمنى بأن يتكوّن إتحاد يحمي حقوقنا الضائعة.
إجابة إضافية : لم أكن يوماً إلاّ مُشجعا لهذا الاتحاد، وأخبرتكَ سابقاً، أنتَ، و”محمد رضا”، بأنه يُسعدني الإنضمام، خاصة عندما أنشر مقالاتٍ في موقع ما، وبعد دقائق أجدها في عشرة مواقع، وهذا يعني، بالنسبة لي، حقوقاً مادية ضائعة، ومن الممكن لإتحادٍ دوليّ للنقاد المطالبة بحقوقنا من خلال هيئة قانونية.
ـ طارق، سوف أتوقف عند هذه النقطة :
أولاً : عندما سألتكَ عن السرقات، كانت إجابتكَ لا تتناسب مع خطورة السؤال، والظاهرة، سوف أذكركَ بما كتبتَ حرفياً :
(يا بخت من بات مسروق، ولا باتش سارق، أجد الكثير من أعمالي مسروقة، وأحمد ربنا بأن ما أكتبه يشكل عامل جذب للسرقة).
وها أنت تكتب :
(أتمنى بأن يتكوّن إتحاد يحمي حقوقنا الضائعة…).
ثانياً: لم نجد من طرفكً أيّ دعم عندما بدأت خطوات تأسيس ذاك الإتحاد.
ثالثاً: هل تنتظر أنتَ، أو غيركَ تأسيس إتحاد عن طريق نقاد المهجر كي يحمي حقوقك ؟
رابعاً: هل تقتصر مهمة الإتحاد فقط على حماية حقوق النقاد الضائعة ؟
خامساً: على حدّ علمي، هناك جمعيتان للنقاد في مصر، ومؤسّساتٍ مهنية من المُفترض بأن تدافع عن حقوقكم الضائعة.
سادساً، سابعاً، وثامناً……أسئلة كثيرة حول تقصير النقاد أنفسهم، والتي تجسّدت بأشكال مختلفة.
ـ قلتُ لكَ بأنني سعيدٌ بهذا الاتحاد، وأضفت، بأنه من حقنا الحصول على حقوق نشر، وأعني بها كتابة مقال لى، وبإسمي، وهذا الأمر لا يُعتبر سرقة أدبية، ولكن مادية، حيث يُفترض من الموقع الذي يستعين بمقال كاتب، وينشره بإسمه مجدداً، بأن يدفع مقابلاً مادياً، وهو معمول به مثلاً في جمعيات المؤلفين، والملحنين في العالم، وتصورت بأن إتحاداً دولياً للنقاد يمكن أن يقوم بهذا الدور، ولهذا إقترحتُ عليكَ الفكرة، ولا أدري إن كنتَ تتذكر ذلك، أم لا ؟..
ـ رُبما كان الحديث شفهياً في دورةٍ سابقة لمهرجان دبي،… ولكن ماذا تقول عن الإعتراضات التي وصلتنا من صحفيين، ونقاد، وخاصةً من مصر، على التسمية نفسها “دولي”، ولماذا يتأسّس من طرف نقاد المهجر، والأهمّ، إتهامنا تهمة طريفة، بأننا نؤسّس هذا الإتحاد لأغراضٍ شخصية، مصالح، ومنفعة، وهم يعرفون جيداً بأننا نعيش في أجواء متخمة بالنشاط السينمائي، ويمكن أن نُصدّر لهم ما يزيد عن حاجتنا.
ـ لا أعرف دوافع هؤلاء، ولكن، مازلتُ أؤيد تأسيس الإتحاد، ومطلبي في تحصيل حقوقنا ليس شخصياً، ولكن سوف يستفيد منه عشرات من النقاد تُنشر مقالاتهم في مواقع عربية متعددة بدون الحصول على مقابل مادي، أعتقد بأن كلّ المؤسّسات، والجمعيات، والاتحادات في العالم تضع على رأس إهتمامها الحفاظ على حقوق أعضائها، أنا لم أقصّر في حقّ الاتحاد، ولا أدري ماهو المطلوب مني أكثر من قولي لكم : على بركة الله.
ـ ماهو تقييمك الصريح للمهرجانات السينمائية العربية، في الخليج تحديداً ؟
ـ ساهمت مهرجانات الخليج في إنعاش الإنتاج السينمائي العربي.

ـ إيه يا طارق، أجوبتكَ خفيفة، وكأنكَ مستعجل، أو تستهتر بالأسئلة، وكأنكَ تردّ مجاملةً لي، أو فضّ عتب، طيب، مارأيك بما كتبتَ يوماً، أنت، وغيركَ، وإنتقدتَ بعنفٍ تأسيس مهرجاناتٍ في بلدانٍ لا تنتج أفلاماً، ولا يوجد فيها صناعة سينمائية، هل تريد أن أظهر لك كتاباتكَ عن مهرجانات الخليج ؟
ـ أنا لا أخجل من أيّ مقال كتبته، ومستعد لإعادة نشره، وتحدثت أكثر من مرة عن فكرة أيهما أسبق، البيضة، أم الفرخة، وقلت، بأنّ مهرجانات الخليج أنجبت أفلاماً، ومهرجانات، ومقالاتي منشورة ، وبالإمكان الرجوع إليها.
ـ لقد حاولتُ بأن أنصب لكَ فخاً، طبعاً لا أتذكر بأنكَ إستنكرتَ فكرة تأسيس مهرجاناتٍ في بلدان الخليج.
ـ سوف أفوّت عليك الفرصة، وأقول لك صراحة، بأنه لديّ من الشجاعة إذا كتبتُ رأياً، وإكتشفت خطأه، بأن أعترف، ولا أمتلك مبرراً يجعلني أتشبث برأيّ أثبتت الأيام عدم صحته.
ـ لو كنتَ في لجنة تحكيم، وتوّجب عليك منح جائزةَ لناقدٍ سينمائيّ عربيّ، من هو، وماهي مبرراتكَ، طبعاً لا يمكن أن تمنح الجائزة لنفسكَ، أو لمن يُحاورك الآن.
ـ بصراحة، سوف أمنحها للناقد المصري “كمال رمزي”، أنا أحبه لله في الله، بالطبع، ينبغي أن يمتلك الناقد مشواراً طويلاً في المهنة (الجملة الأصلية : باع طويل)، ومصداقية، وحضوراً.
ـ ماهي مبررات منحكَ الجائزة له بالتحديد ؟
ـ الأسباب معروفة : التاريخ، والمصداقية، بالطبع، تنطبق هذه المميزات على آخرين، ولكن أخترته، لأنني، بالإضافة إلى الأسباب الموضوعية، أحبه على المستوى الشخصي، وإذا إقتربتَ منه سوف تكتشف نقاءه الشخصي، وتمنحه الجائزة.
ـ أنت تحبه لله في الله، يعني، تكرهني، وتكره الآخرين….؟
ـ لا يعني أبداً أن تحب إنساناً، بأنك تكره الآخر.
ـ حسناً، دعنا نفترض بأنّ أحد المهرجانات العربية إعتمد جائزةً سنويةً لناقدٍ عربي، ماهي المواصفات التي يجب على إدارة المهرجان، أو لجنة التحكيم أخذها بعين الإعتبار لمنح هذه الجائزة إلى هذا الناقد، أو غيره ؟
ـ في القراءة الأولى لمُسوّدة الحوار، لم أجب على هذا السؤال، وها أنتَ في المرة الثانية تُعيد كتابته، راجع الإجابة السابقة، وأرجو بأن لا تعتبر ذلك نوعاً من عدم الإهتمام، لو كان الأمر كذلك، لماذا تواصلتُ معكَ، ووافقتُ بأن نتحاور، لقد كتبتُ الإجابة في إجابتي على السؤالين السابقين، لماذا تكرر السؤال، وتريدني تكرار الإجابة ؟ ما هو ذنب القارئ ؟.
ـ هناك خلافٌ حول الصحفيّ، والناقد السينمائيّ، هل يتميّز أحدهما عن الآخر ؟
ـ طالما الناقد يمارس الكتابة في مطبوعةٍ صحفية، يجب أن يتمتع بحسٍّ صحفي، ويمزج بين الكتابة النقدية، واللمحة الصحفية، ولكن، كلّ صحفي لا يمكن أن يكون ناقداً، والعكس صحيح .
ـ بصراحة لم أفهم، هل تقصد بأنّ الصحفي لا يمكن أن يكون، أو يصبح ناقداً ؟ يعني سوف يبقى صحفياً طوال عمره المهني؟ وهل تعتقد بأنّ معظم ما نقرأه عن السينما ينتمي إلى الصحافة، أم النقد ؟ بالمُناسبة، هل تعتبر نفسكَ صحفياً، ناقداً فنياً، أم سينمائياً ؟
ـ إذا لم يكن الصحفي موهوباً، ومُلماً بأدواته النقدية لن يصبح ناقداً، وبالتوازي، إذا لم يمتلك الناقد الحاسة الصحفية لن يصبح صحفياً، وأقصد، ينبغي على الناقد أن يتحلى بحسٍ صحفي حتى يصل إلى القارئ، وأنا بالفعل أمارس الصحافة، والنقد السينمائي، وأحياناً الفني، ومن الممكن، وُفق تطور الأحداث، أن اكتب بأسلوبي، ورؤيتي مقالاً سياسياً، وبعض ما أكتبه في السياسة يحقق رواجاً، وإنتشاراً يتجاوز حتى بعض كتابات المتخصصين في الشؤون السياسية مثل مقالي “شيطنة البرادعي” الذي نشرته قبل أيام في “جريدة التحرير”، وأظنك قرأته، لا أعرف بالطبع ما هو تصنيف نشاطي، ولكن، عموماً أغلب كتاباتي سينمائية، وهذا لا يمنعني من الكتابة بين الحين، والآخر عن أشياء أخرى، مثل المسلسلات، خلال شهر رمضان تقريباً لا أكتب سوى عنها، في العام الماضي شاركت في لجنة تحكيم مهرجان “أوسيان” في نيودلهي، وخلال 10 أيام كتبتُ عن المهرجان، والأفلام، وبعد عودتي إلى مصر واصلتُ الكتابة عن المسلسلات.
ـ بصراحة، لا أقرأ مقالاتك السياسية، وخاصةً ما تكتبه عن سورية، ولكن، سوف نبتعد عن السياسة، …..
بعض النقاد العرب لديهم حساسية مفرطة تجاه السينما المصرية ؟ ويتذمر آخرون من كلّ شيئ : السينما المصرية، العربية، النقد السينمائي العربي، ويشتمون يميناً، وشمالاً، ومع ذلك يصفهم البعض بالناقد الكبير، هل القارئ العربي، العادي، والمحترف جاهلٌ إلى هذه الدرجة ؟
ـ أحياناً أجد حساسيةً هنا، وأخرى هناك، بعض النقاد المصريين لديهم حساسية ضدّ أفلام المغرب العربي، وهذا يشير إلى إنعدام النضج المهني.

ـ ولكنك كتبتَ أعلاه بأنكَ لا تقرأ كتابات الآخرين، كيف شعرتَ بهذه الحساسية من الطرفين ؟
ـ قلتُ حرفياً : لا أتابع المدوّنات، ولكن أقرأ مقالات، فكيف تقول بأنني لا أقرأ للآخرين.
ـ بعد هذه الأسئلة، هل تعضّ أصابعك ندماً لأنك قبلتَ أن نتحاور.
ـ لم أندم على هذا الحوار، فقط، أُعلمك بأنني كتبتُ الأجوبة في موعد قيلولتي، وأنتَ حرمتني منها، منك لله.
ـ ولكنك، كتبت الأجوبة بسرعةٍ شيطانية، يعني بصراحة سلقتها، ومن ثمّ، ألا تعتقد أيضاً بأنّ هذا الحوار ثرثرةً لا معنى لها نستحق عليه العقاب بدل المكافأة ؟
ـ الحقيقة، بأنني كتبتها، ولم أسلقها، رُبما كانت تحتاج إلى قدرٍ أكبر من الإسهاب، ولكن، بنسبة كبيرة، الأجوبة تعبر عني.، وبالمُناسبة هل هناك بالفعل مكافأة !!
ـ حاولتُ إستفزازك بقدر الإمكان، ولكن، يبدو بأنني فشلت، ماهو السؤال الذي يمكن أن يستفزك ؟
ـ ما إستفزني فعلاً، بأنّ إجاباتي واضحة، ومع ذلك تطلب مني التوضيح، ولكن من حقك علي أن أتحمّل الإستفزاز.
فقط، أرجو أن تُراجع الحوار، لأنه، وبسبب السرعة، يتضمّن أخطاء كتابية، كما كتبتَ في المقدمة : نلتقي اليوم مع “ناجح حسن” مع أن اللقاء معي، أرجو أن تراجع النصّ جيداً قبل نشره، يبدو بأنك فعلاً مرهق نفسياً، حاول أن تستريح.
ـ فعلاً، في المرة الأولى أرسلتُ لكَ مسودة الحوار الخاصة بالناقد الأردني “ناجح حسن”، سامحني، هل من أخطاء كتابية جديدة ؟
ـ راجعه بدقة، هذا فقط ما أرجوه منك، ولك تحياتي من مصر المحروسة بإذن الله.
هامش :
ـ طارق، هل وصلكَ مسودة الحوار، أرجو مراجعتها، وإعادتها بأسرع وقت.
ـ وصلتني، ولكني حالياً في حالة نفسية سيئة بسبب ما يجري في مصر، أتوقع بأنك تتابع الأحداث، وحظر التجول، وتوقف الحياة تقريباً، وقتلى، وجرحى، أنتَ في حالة مزاجية لا تسمح لي حاليا بمراجعة نهائية للحوار، إمنحني بعض الوقت…
أقصد أنا، ولستَ أنتَ، أنا في حالة نفسية غير مواتية على الإطلاق، الله يحمي مصر المحروسة من كلّ سوء….