حوار مع مدير مهرجان “السينما والهجرة” بهولندا

نسعى لخلق التواصل السينمائي مع قضايا الهجرة

أحمد بوغابة / هولندا

تحتفل الجالية المغربية في أوروبا ب50 سنة على وجودها في مختلف أقطارها خاصة في بلجيكا وهولندا حيث كان قد تم ترتيب أول هجرات مُنظمَة إليها سواء من شمال المغرب (منطقة الريف) أو جنوبه (منطقة سوس) منذ مطلع الستينات من القرن الماضي كأياد عاملة أساسا. وقد جرت كثير من مياه الأحداث خلال نصف قرن حيث تحولت “الهجرة” إلى “إقامة” دائمة وكاملة المُوَاطَنَة، وأنتجت أجيالا أصلية المولد والجنسية، واحتل بعض أفرادها مواقع مهمة في إدارة تلك الأقطار، وظهر جيل من الكتاب والفنانين في شتى المجالات يزاوج بين أصوله وجذوره وواقعه في الحياة اليومية الملموسة على أرض الواقع فأغنت القائم. كما ضاعت أخرى في الهوامش الصعبة أحيانا. ولم تتوقف الهجرة المغربية نحو تلك الأقطار إلى يومنا هذا حيث التحقت أسر وأفواج وعائلات بذويها. 

ملصق المهرجان

 
ومن تجليات النجاح نقف عند الزميل بنيونس بحكاني الذي اشتغل أستاذا للغة العربية في هولندا ثم إعلاميا من خلال إنشاء إذاعة تتحدث للمغاربة وللهولنديين على  حد سواء منذ ثمانينات القرن العشرين. وكان بنيونس دائما عاشقا للفنون – ومازال – قبل مغادرته المغرب وحين استقراره في هولندا، ومن هنا نفهم متابعته لمختلف التظاهرات السينمائية بالمغرب التي لا يتردد في التردد عليها. وجد الزميل بنيونس بحكاني أخيرا الدعم من جهات عدة، داخل المغرب وكذا في هولندا، ليحقق حلمه المتجسد في تنظيم مهرجان سينمائي بفضل المؤسسة التي يترأسها وهي “مؤسسة التواصل للثقافة والإعلام” وفي المدينة التي يعيش ويعمل بها “أوتريخت” (وسط هولندة) باسم “المهرجان الدولي للسينما والهجرة” وأطر دورته الأولى بشعار “السينما المغربية في خدمة الهجرة” حيث سيكون المغرب ضيف شرف البداية والانطلاقة بعدد من الأفلام التي تناولت الهجرة من مختلف الأبعاد. وهذه الأفلام هي: “هنا ولهيه” (محمد اسماعيل)، “عودة الإبن” (أحمد بولان)، “المنسيون” (حسن بنجلون)، “وليدات كازا” (عبد الكريم الدرقاوي)، “أندلس مونامور” (محمد نظيف)، “موشومة” (لحسن زينون)، “الوتر الخامس” (سلمى بركاش). وفي هذا الإطار نفسه سيتم تكريم الممثل المغربي محمد الشوبي.
تستغرق الدورة الأولى من المهرجان أربعة أيام (27 و28 فبراير و1 و 2 مارس 2014) متضمنا مسابقة رسمية التي ستتبارى فيها فنيا 10 أفلام روائية طويلة من بين أزيد من 30 فيلما طويلا من مختلف الأقطار توصلت بها المؤسسة حيث تم تشكيل لجنة للانتقاء ترأسها المخرج الجزائري/ الهولندي المتميز كريم طرايدية.
أما لجنة التحكيم الرسمية فتتكون من المنتجة والمخرجة الفلسطينية رغد مكركر (رئيسة) وبعضوية الصحفية والكاتبة المغربية سميرة مغداد، مديرة مكتب المغرب لمجلة “سيدتي”، والمنتجة والمخرجة الهولندية أمنيك فان خورب، والمنتج الهولندي رنيي خوصنص، والمغربي المهدي السملالي، والناقد المغربي المقيم في هولندا فؤاد زويرق. ستمنح هذه اللجنة الجوائز التالية: الجائزة الكبرى ولجنة التحكيم الخاصة والإخراج والسيناريو وجائزة النقد.
وتماشيا مع موضوعه المركزي، فسيشهد المهرجان انعقاد ندوات ولقاءات تخص السينما والقضايا الثقافية والاجتماعية للجالية المغربية بمدينة “أوتريخت” وكذا المدن المجاورة لها حسب ما جاء في برنامج التظاهرة. ولكن، لا ينبغي اعتقاد بأنه مهرجان مغربي مُغلق أو مقتصر على المغاربة بل هو تظاهرة دولية مفتوحة أمام الجميع، من الجاليات العربية الأخرى والهولنديين طبعا وكل من يعشق السينما ويريد اكتشاف الإنتاج المغربي في موضوع الهجرة ونقاشها مع المخرجين الحاضرين.

بنيونس بحكاني

ولتقريب القارئ أكثر إلى فعاليات هذه الخطوة الأولى التأسيسية فقد حملنا مجموعة من الأسئلة إلى مديرها الزميل الإعلامي والمخرج بنيونس بحكاني الذي سرقنا منه وقته الضاغط فأجابنا بروح أخوية استثنائية. لكم اللقاء:

 

لماذا هذا المهرجان؟
المهرجان فكرة تواصلية تبنتها المؤسسة التي أترأسها وهي “مؤسسة  التواصل للثقافة والإعلام” بأوتريخت لأجل خلق حدث تواصلي يساهم في تقريب صورة الهجرة والمهاجرين في العالم، وأساسا المهاجرين المغاربة. وكما تعرفون فهولندا يعد من البلدان الأوروبية الأولى التي استقبلت المهاجرين المغاربة  الذين كانوا سواعد اساسية لبناء هولندا وخلفت هجرتهم حيوات مختلفة وحوادث ومواقف وقد إشتغلنا دائما كمؤسسة على قضايا الهجرة، كما أن تكويني واهتماماتي وشغفي بالسينما جعلني أسعى للتفكير في إيجاد صيغة لتجميع محبي وحرفيي السينما لأجل التواصل أولا وأخيرا، ولأجل الترويج للسينما كرافد ثقافي هام يساهم في التربية والتوعية والتواصل مع شعوب العالم ?.?

ما هو الخط التحريري للمهرجان؟
ليس هناك خط تحريري غير ما سبق وأن ذكرت لك، أي التواصل وخلق مناسبة لتبادل الآراء والأفكار حول السينما والهجرة والاستفادة من الفن السابع كمؤثر ثقافي هام لمقدرة ساحرة على مد الجسور بين الشعوب على مختلف جنسياتها وانتماءاتها وطبعا سنخلص باستمرار لتيمة المهرجان وشعاره “السينما في خدمة الهجرة”.

لماذا التخصص في الهجرة ؟ وهل سيشمل مستقبلا مختلف السينمات أم سيبقى محصورا في المغرب؟
اخترنا التعريف والعمل على الهجرة كقضية في حد ذاتها، وبكل تداعياتها، ونحن نتلمس الطريق في الدورة الأولى ولدينا طموحات وأفكار لكن لكل شي أوانه، لا نريد استباق الاحداث قبل جس نبض التفاعل مع أول دورة سواء من طرفنا ومن طرف المؤسسات الوصية على الهجرة  من وزارة ومجلس ومؤسسة وقنصلية وأفراد. وقد استحسنوا الفكرة.  وأكيد أن طموحنا الأساسي هو الانفتاح على سينما العالم لنحقق التواصل الحقيقي ونتقاسم قيم الفن واحترام الإنسان أينما وُجد.

اخترتُم مغاربة الداخل الذين تناولوا موضوع الهجرة بينما غاب المخرجون المهاجرون المغاربة من المسابقة؟…
…هناك حضور لمغاربة الخارج أيضا من خلال حضور مخرجين شباب من المهجر مثل محمد نظيف وكمال الماحوطي… وعلى كل حال أردنا للدورة الاولى أن تكون بنكهة مغربية تكريما لمجهود السينمائيين المغاربة الذين تواصلوا مع قضايا الهجرة سينمائيا من خلال زوايا متعددة. وحرصنا أيضا أن تكون الدورة قنطرة لمد الجسور فنيا مع المهاجرين المغاربة من خلال سينما بلدهم الأم?.?

مقر المهرجان

??
ألا تفكر مؤسساتكم “التواصل والثقافة والإعلام” في الترويج للفيلم المغربي بتوزيعه تجاريا في أوروبا خاصة
في هولندا وبلجيكا وهو ما يحتاجه الفيلم المغربي؟

مؤسستنا هي جمعية ثقافية إعلامية تتوخى التواصل وإشراك الآخرين من خلال أنشطة متنوعة تساهم في تنشيط الحركة الثقافية والفنية ،وهي تبقى مؤسسة محدودة الامكانات خاصة مع رياح الأزمة التي يعرفها العالم والتحولات السياسية، خاصة في هولندا . لا أخفيك أن التسويق التجاري أمر صعب في الوقت الحالي، لكن طموحاتنا كبيرة للمساهمة في انعاش السينما المغربية وتطويرها والتعريف بها. نتمنى حقا أن تنفرج الأوضاع و تفتح أمامنا آفاقا جديدة
 
أنت إعلامي ومخرج أساسا، فما هي الدوافع التي جعلتك تؤسس لهذا المهرجان الذي يتضمن مسابقة؟
أظن أنني أجبت عن سؤالك فيما سبق وأعتبر المهرجان تحديا شخصيا يمكن أن أساهم به في خدمة السينما التي أحبها واعشقها. وأتمنى أن تكون لي بصمة في هذا الفن بدعم السينما خاصة المغربية بشكل او بآخر ،أنا أحب بلدي وأحب السينما وأتمنى أن يكون هذا المولود الجديد بشارة خير وإضاءة أسهم بها في التعريف بإبداع المغاربة ومنحهم مكانتهم اللائقة بهم. 
 
صوَّرَ كثير من الهولنديين أفلاما روائية ووثائقية في المغرب وأيضا عن المغرب؟ فهل لا تدخل في خط تحريكم لتقديم وجهات نظر أخرى؟
أكيد لدينا مشاورات في هذا الجانب وطبعا لدينا موقف فيما يُقَدَّم مِنْ وعلى المغرب. إن الفيلم الوثائقي جزء أساسي في خطنا التحريري كما تسميه. وسننفتح بالتأكيد في برامجنا المستقبلية على كل الأعمال التي تمنح عنا الصورة الحقيقية وتقدم المغرب في أوجهه المتعددة والمتنوعة. وسنجد مستقبلا طريقة لإدراج أفلام وثائقية مختلفة من دول العالم ضمن برنامج مواز للمهرجان أو في إطار برمجة خاصة، لم نحدد بعد إطارها النهائي.

 


إعلان