“ندى دوماني”: نعتز بوصول “ذيب” للأوسكار
حوار – ضاوية خليفة

استمرار تنظيم أيام الفيلم الأردني بالجزائر وأيام الفيلم الجزائري بالأردن للسنة الخامسة على التوالي، مؤشِّرا إيجابيا يوحي بإمكانية خلق تعاون سينمائي مشترك أكبر بين البلدين، قد يمتّد مستقبلا إلى إنتاج أفلام مشتركة من شأنها تعزيز هذا الإطار الذي تُوِّج بتوقيع اتفاقية تعاون بين الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي والهيئة الملكية الأردنية للأفلام.
التظاهرة السينمائية التي أصبحت تقليدا سنويا يُعرِّف الجمهور الجزائري بجديد السينما الأردنية، تأتي هذا العام بإنتاجات متميزة تعكس الحركة السينمائية والثقافية الموجودة بالمملكة، وجملة التسهيلات الموضوعة تحت تصرُّف المبدعين، والاهتمام الذي تولِّيه للقطاع اليوم رغم نقص الموارد وتعليق التمويل الذي كانت تُقدّمه صناديق الدعم، من جهة أخرى تُظهر الأعمال المشاركة موهبة المخرجين الشباب الذين استعانوا بالبيئة الأردنية لتصوير روائع سينمائية مهدّت لمرحلة جديدة من سينما البلد، على خطى ناجي أبو نوار الذي قاد بفيلمه “ذيب” السينما الأردنية لترشيحات الأوسكار، ومن خلال هذا الحوار الذي أُجريّ على هامش افتتاح أيام الفيلم الأردني بالجزائر (24- 26 فبراير) مع “ندى دوماني” مديرة العلاقات الثقافية بالهيئة الملكية الأردنية للأفلام سنقف عند واقع ورهانات السينما الأردنية ومستقبل التعاون بين الجزائر والأردن وكذا الدعم الذي تقدمه الهيئة الملكية للسينمائيين.
بعد هذا التبادل السينمائي الذي تُوِّج بالإمضاء على اتفاق تعاون بين الوكالة والهيئة، هل ستشهد المرحلة المقبلة انتاجات سينمائية مشتركة بين البلدين بعدما اكتفت أول مرحلة بالعروض والندوات والورشات التدريبية ؟
لا يمكن اعتبار الإمضاء على هذا الاتفاق بالخطوة الجديدة بقدر ما هو ترسيخ وتكملة للجهود التي قمنا بها منذ سنوات على أمل الوصول إلى إنتاج أفلام مشتركة بين الجزائر والأردن، حاليا نعمل على تعزيز التعاون من خلال عروض الأفلام، التدريب و كذلك تبادل البيانات بيننا، كما أن تبادل الخبرات في مجال التدريب والتكوين، والأفلام والمعلومات سيُحدِّد إطار ومستقبل العلاقة المتطوّرة والتعاون السينمائي بين الأردن والجزائر، كون الأخيرة الوحيدة التي تربطنا بها هذه التوأمة الثقافية القوية منذ خمس سنوات، واستمرارية التعاون سيتوّج حتما بإنتاجات مشتركة تُقدّم باسم الأردن والجزائر.
إلى أي مدى مكنّت “أيام الفيلم الجزائري” بعمان الجمهور الأردني بحركة السينما الجزائرية ومواضيعها وطبيعة المجتمع الجزائري؟
منذ أن بدأنا هذا التعاون سنة 2011 عرضنا حوالي 20 فيلما جزائريا إلى جانب عروض تقام في كل مرة على الهامش، كما أن حضور عدد من المخرجين الجزائريين والنقاش الهام والفعّال الذي يلي الأفلام ساهما كثيرا في التعريف بالبيئة الجزائرية وكذا المواضيع التي تهتم بها وتطرحها سينمائيا، فمن خلالها تعرّف الجمهور الأردني على تاريخ البلد والتنوع الثقافي للمجتمع الجزائري وما يُميزه عن باقي المجتمعات العربية التي لا تتعارف فيما بينها، فمشكلة الفرد العربي تكمن في جهله لتفاصيل هامة عن طبيعة الشعوب والمجتمعات العربية الأخرى، وهذه النقاط مهمة جدا وللسينما دور في ذلك.
إلى ماذا يرجع اتخاذ بعض المخرجين العالميين وحتى العرب، الأردن كموقعا لتصوير أفلامهم كالبريطاني “ريدلي سكوت” والفلسطيني “هاني أبو أسعد”؟
اهتمام الكثير من المخرجين الأجانب اليوم بتصوير أفلامهم بالمملكة، أذكر منهم المخرج البريطاني “ريدلي سكوت” الذي صوّر فيلمه “رجل المريخ” المرشح للأوسكار بجنوب الأردن وتحديدا في وادي رمّ، راجع إلى البيئة الحاضنة وجملة التسهيلات التي تُمنح للسينمائيين، إلى جانب المواقع الهامة التي تزخر بها المملكة الأردنية، نحن سعداء وفخورون باختيارهم للأردن، وهذا يكسب كوادرنا خبرة وتجربة أكثر، توظف فيما بعد لخدمة سينما البلد.
على ذكر الأوسكار، الحدث صنعه مؤخرا فيلم “ذيب” بترشيحه كأفضل فيلم أجنبي، ماذا يمكن أن تضيف هذه الخطوة والتجربة للسينما الأردنية التي انطلقت من بساطة المجتمع، وأظهرت ذكاء المخرج واحترافيته في التعامل مع معطيات العرض؟

بالدرجة الأولى هو نجاح للقائمين على العمل خاصة الممثلين، وترشيح فيلم “ذيب” هو تتويج للأردن، لا يوجد منتج ثقافي يتأتّى من العدم، فوراء كل نجاح مجهود وتعب ونتيجة، تبدأ بإرضاء الجمهور ولا تنتهي بتتويج الشركاء والقائمين على المنتج فقط بل بضمان الاستمرارية وتقديم الأفضل للسينما، الآن الأنفاس مشدودة حتى يتم الإعلان عن الفائز بالأوسكار، وفي الحقيقة وصول فيلم “ذيب” لناجي أبي نوار ممثل السينما الأردنية والعربية إلى الأوسكار أعتبره خطوة هامة وإيجابية ستعطي دفعا كبيرا للسينمائيين الشباب خاصة، فلولا وجود هذا الذكاء لدى صُنّاع الأفلام والكوادر والتسهيلات والبيئة التحتية الحاضنة لهذه الطاقات لما وصلنا اليوم إلى هذه النتائج، ونتطلّع لتحقيق نتائج أفضل مستقبلا.
وصول فيلم “ذيب” للأوسكار والحضور الهائل للأفلام الأردنية بكبرى المهرجانات السينمائية، هل يعكس الوعي الذي تشكّل لدى السينمائيين الأردنيين اليوم؟
أكيد، فالسينما الأردنية حديثة النشأة مقارنة بالسينما الجزائرية مثلا، ولكن اليوم هناك غزارة في الإنتاج واهتمام سينمائي أكثر، وظهور موجة واعدة من السينمائيين الشباب بالأردن يؤكِّد أن الاشتغال سيكون على الكمية والنوعية في المستقبل، الآن فيه تجارب وإنتاجات مهمة ومحاولات لم نكن نشهدها من قبل، كل العوامل المذكورة والخطوات المحققة أكسبت السينمائي الأردني ثقة إضافية.
وبالنسبة للهيئة الملكية الأردنية للأفلام كيف تعمل على تطوير الإنتاج السينمائي ودعم الأفلام؟
نحن نعمل على تقديم تسهيلات في الإنتاج، والمساعدة في مواقع التصوير، بالنسبة لـ “ذيب” مثلا قدّمنا أجور ومستحقات بعض العاملين في الفيلم، ومرافقة العمل من خلال الترويج له.