لؤي العتيبي” ماذا بعد إثيوبيا على الأقدام؟

حاوره: أحمد مجاهد

“لؤي العتيبي” مغامر عربي يهوى السفر ورؤية العالم من زوايا مختلفة، قام بعمل سلسلة أفلام من إنتاج “الجزيرة الوثائقية” تحت عنوان “اكتشاف المجهول .. إثيوبيا على الأقدام”، وهي سلسلة ذات طابع استكشافي نتعرف من خلالها على طبيعة الحياة البرية في إثيوبيا وحياة القبائل التي تقطن الأماكن النائية.  عن هذه الرحلة الخطِرة والممتعة كان لنا معه هذا الحوار..

المغامر "لؤي العتيبي"

كيف بدأت الفكرة وكيف استعددتم لها؟

لم تبدأ الفكرة بشكل عشوائي، وإنما هو خيال صاحبني مند الطفولة بأن أكون مغامرا، أزور هذا العالم، أعيشه، وأتعلّم من التجربة الإنسانية أينما وكيفما كانت، بدأ التفكير بالسفر إذن منذ وقت طويل، ولم يُتح لي أن يترجم ذلك عمليا إلا من خلال التجارة، التجارة وحدها فتحت آفاقي على العالم وأعدّته للرحلة المستقبلية، تلك التي سأكون بها هذا الإنسان، ذلك الذي يتعامل مع الآخر أينما كان لاشتراكه في هذه الإنسانية الكونية، بغض النظر عن اللغة، الدين، الحدود الجغرافية، أو اللون والعرق.

وها أنا ذا أحمل حقائب سفري لما حانت الفرصة وجوازي هو هذا الإنسان، جوازي هو هذا الشوق اللامتناهي لأن أتعرّف على نفسي من خلال الآخر، فالآخر، هو أنا، وأنا هذا الآخر؛ جوازي هو أن أخلع ثياب القرن الواحد والعشرين، أن أنسلّ من صوري النمطية لأعيش هذا العالم كما هو، لا كما أريده أنا.

سافرت طويلا، عشت مع أناس لا صلة لي معهم غير صلة الإنسانية، تصالحت مع ذاتي، وبتّ أشعر أن فيّ قد “انطوى العالم الأكبر”، ليست أناي وحدها، ولست أنا هذا الاسم الذي يختزلني، ولست أنا ذاك الذي يعيش في أحد أحياء عمّان، لست أنا من يركب سيارته ليشرب فنجان قهوة في ناحية من النواحي، لست أنا هذا المخزون المعرفي الذي تشكّل ضمن منطقة جغرافية تدعى عمّان، بمدارسها، شوارعها، أحيائها، ناسها ومبانيها، أنا لست هنا فقط، أنا هناك وهنا، والآن وقبل، أنا ذات تحتوي العالم ويحتويها العالم.

وفكرت، بعد هذه التجارب من السفر، بعد استكشاف ذاتي في هذا العالم، ألا تبقى تجربتي تجربة خاصة أعيشها أنا وحدي، أريد أن أعيشها ويعيشها العالم، ولعلّ السؤال وقتها كان كيف..؟  فكرت طويلا، جلست إلى نفسي طويلا، هل ينبغي أن أنقل هذه التجربة، وخاصة لمن يتحدثون العربية؟ وحين شعرت بضرورة القيام بذلك كانت الكاميرا هي الطريقة الأمثل.

تيقنت من الفكرة، وعرفت ما أريد، وبدأت في التواصل مع فريق عربي لديه قدرة فائقة للتعامل مع الكاميرا، وفوق ذلك قادر على التعامل مع الظروف والأحداث، لا سيما الصعبة منها بل والقاسية، تلك التي سيواجهها الفريق في رحلاتنا بمجاهل هذا العالم. لقد عزمت أن أحيل الفكرة إلى واقع حقيقي لإدراكي العميق أن الشاشة العربية لم تُقدِّم ما يُرضي فضول المشاهد العربي في هذا النوع من الأفلام الذي يسعى لاكتشاف المجهول.

كانت الصعوبة في اختيار الفريق، لاشتراطي المسبق أن يكون الفريق راغبا بشدة أن يخوض التجربة التي خضتها، إضافة إلى شغفه بالاطلّاع على التجربة الإنسانية أينما وجدت وكيفما كانت بغض النظر عما سيواجه هذا الفريق من ظروف قد تكون قاهرة؛ كان لا بد لهذا الفريق أيضا أن يكون خبيرا ومميزا في التعامل مع الصورة تقنيا وإخراجيا. وقبل كل شيء، فقد تم اختيار الموقع ” إثيوبيا” لأني قمت بزيارة الموقع قبل ذلك، وبناء على هذه الزيارة الأولى، فقد قمت بكتابة مخطط عام على ما ستكون عليه الرحلة القادمة، التي ستمتاز عن الأخرى بأنها بدل أن تكون زيارتي أنا وحدي سيزوها العالم أجمع، لا سيما العربي.

لؤي العتيبي رفقة فريق تصوير "إثيوبيا على الأقدام"

قمت لاحقا بدراسة الموقع بكل تفاصيله، ووضع خطة لوجستية للمواقع التي سيتم التصوير بها، متضمنة فريق العمل الذي سيكون بالموقع، وخاصة السائقين، الأدلاء، المترجمين، الطباخين، الميكانيكيين، ومساعدي الفريق. قمت بدراسة المواقع، من ناحية الطرق جغرافيا والوقت الذي سيتم فيه تصوير المواقع والتعامل معه وثائقيا، وإمدادات الوقود والطعام في رحلة استغرقت أكثر من ثلاثة شهور.

بعد الانتهاء من الإعداد للرحلة، عدت واجتمعت مع الفريق الفني الذي سيرافقني، لأنقل لهم تصوراتي عن مواقع التصوير بالتفصيل، والمخطط العام الذي سنتعامل معه هناك، وما الصعوبات الحقيقية والمشاكل التي قد تعيق العمل، وما الحلول المناسبة لإنتاج هذا العمل، وبثّه للعالم العربي تلفازيا، لتعميم التجربة الإنسانية بغض النظر عن الجغرافيا. وبعد أن تأكدت للمرة الثانية من استعداد فريقي للعمل، تهيّأنا للسفر، حزمنا حقائبنا، ورحنا نجوب تلك المجاهل والعوالم الأخرى.  ولأنني كنت أفتقر إلى الخبرة في العمل التلفازي، جاء معظم العمل تلقائيا وعفويا، واقعيا يعتمد تصوير الواقع كما هو دون تزييفه أوتحريفه.

لماذا إثيوبيا؟

إثيوبيا …إن قلت إثيوبيا، فأنت أمام هذا التنوع الجغرافي والإثني الهائل، أنت أمام تجربة إنسانية فريدة، أمام الصعود والنزول في مجاهل جغرافية مذهلة، ومجاهل إنسانية غاية في الروعة والجمال، أنت أمام دولة لديها ظواهر جدّ غريبة، وحيوانات كانت دوما هناك وها هي توشك على الانقراض؛ حياة متنوعة، تقاليد وعادات لم يُسمع بها قط، عوالم مختلفة في إطار جغرافي فسيح، وما هي إلا “متحف الشعوب”  كما سمّاها المستشرق الإيطالي كونتي روسّيني. أنت في إثيوبيا تعيش حيوات مختلفة، تعيش أناك بأكثر من لغة ونغم، وكأنك تعيش الحياة منذ نشأتها إلى منتهاها؛ أنت، باختصار، تعيش حيوات وجغرافيات متنوعة، متعددة، في دولة واحدة.

لؤي في منبع نهر النيل الأزرق ضمن حلقة "بحيرة تانا"

ما هو خط سيركم وكم استغرقت الرحلة؟

كانت الرحلة مسحا شبه كامل لإثيوبيا، من شمالها لجنوبها، شرقها وسطها وغربها، كانت الرحلة استكشافا لهذه الأرض البِكر، ومحاولة حثيثة لنقل هذا العالم الغريب الفريد صورّيا للمشاهد العربي خاصة؛ ولذلك، فلقد استغرق التجهيز للرحلة ما يقارب السنة والنصف، واستغرقت عملية التصوير حوالي سبعة وتسعين يوما.

أهم مشاهداتكم؟ أغرب ما استلفتكم؟ أصعب المواقف خلال الرحلة؟

إن كان هناك ما يُميِّز إثيوبيا، فهو أن كل جزء فيها وإن زرته آلاف المرات، فأنت دائما أمام مشهد جديد، أمام مشهد حياة تضجّ بالحياة، أمام الحياة ذاتها وجها لوجه، تحجّ إلى سمائها، كأنما أنت قطرة ماء تتكاثف بك الغيوم، وتلاقح بعضها بعضا، لتغيم كما تغيم، وتمخر في عباب السماء شَدِها مولّها، وعلى أكف الأرض هناك تتهاطل على غصن شجرة أو ورقة مثقلة بأشعة الشمس، أو يحملك النهر بين الوديان والتلال، متلألئا حينا، ومتناثرا حينا آخر؛ حينا أنت تتعرج في هذي الصحراء الواسعة، تحملك الرمال، وتتهادى بين كثيب وآخر، أو تحطّ في ناحية من النواحي، وفيك ما فيك من جفاف الأرض وسخونتها، حالما بليل صحراء تزيّنه مصابيح السماء، وتتناثر من بعيد حيث سكنت خرائط مجرات السماء البعيدة.

في إثيوبيا، يؤلمك صراخ طفلة هنا أو هناك، أو عيون قرّحتها الشمس، أو آلام أمٍّ تكابد المرض وطفلة على صدرها تحاول الحياة ولا حياة، ولكنك إذ تشهد ذلك، تشهد أيضا صمت الموت والحياة في وجوه الإثيوبيين، فهم قد خبروا الحياة والموت، وعرفوا أن لا بدّ من الموت لتكون الحياة، فحياتهم مدينة لهذا الموت، هكذا تعلموا أو علمتهم الحياة، فهم يشهدون مظاهر الحياة في غاباتهم وفصولهم، التي ما هي إلا تقاتلٌ بين الموت والحياة، ومن هذا التقاتل كانت أبدا الحياة.

لؤي في ضيافة قبيلة السورما

ما زلت أذكر تلك الفتاة الإثيوبية الكفيفة، في قبيلة ” السورما”، التي لا تستطيع أن ترى إثيوبيا كما نراها، الفتاة التي كأنما نسيها الزمن، تجلس أمام خيمتها وتمد لابصرها في البعيد، حيث التلال تلامس السماء، تمدّ لابصرها في الزمن السرمدي، حيث التراب والماء يتعانقان، فيدفقان الحياة، حياة الخضرة والأصوات؛ ما زالت تضع باطن كفها أسفل وجهها وتمدّ لابصرها في البعيد البعيد، حيث زمن الظلمة والعماء الكلي، وحين  تهجس حركة هنا أو هناك، يلوح خدها يمينا أو يسارا، والعينان تحاولان الثبات، ولا ثبات، وأنا من هناك، كأنما أشهق بدمعي وأشرد حيث الظلمة والعماء الكلي.

ما زلت أذكر أيضا إثيوبيين، كانا يمشيان سوية في الأراضي الفسيحة كأنما كلٌّ يغني على ليلاه، الفتاة تفتح عينيها المتورمتين بيديها بسبب الالتهابات والتقرحات، والرجل يعرج ويمشي على أحد الرجلين لتقرح وتورم الأخرى…الاثنان مقروحان، الاثنان يعانيان، وكلاهما تدفعهما الحياة ليمضيا حيث لا غاية ولا مفرّ من المواجهة؛ وجهان صامتان يتألمّان، ويعبران وئيدا على الخط الواصل بين الحياة والموت.

كيف استقبلكم السكان على طول الطريق، وهل حظيتم بالرعاية الرسمية أم كنتم مثار ريبة وتتبُّع ومساءلة؟

الشعب الإثيوبي شعب لطيف، كريم، مضياف، بغض النظر عن إثنياته؛ هو شعب، بالإضافة إلى ذلك، خدوم، معطاء، يتعامل مع الحياة كما تعطيه الحياة ذاتها. هو شعب أقرب إلى الحياة وإلى الطبيعة والتلقائية، يتعامل مع ما تنتجه الأرض، إذ ما زال منسجما مع الطبيعة، لا منفصلا عنها أو حاكما عليها كما نحن. ولذلك، تجد طقوسه وعاداته تحاكي الطبيعة بتمثلّاتها وتبديّاتها اللامتناهية، هو ابن الطبيعة بامتياز.

هل الإثيوبيون معتزّون بالمكون العربي الإسلامي ضمن تراثهم؟

الأمة الإثيوبية أمة ذات طوائف وإثنيات متعددة مختلفة، لديهم طوائف مسلمة بالإضافة إلى طوائف أخرى كالمسيحية مثلا.. كل طائفة تمارس طقوسها بانسجام وتتعايش مع الأخرى محترمةً خصوصية كل منها. الإثيوبيون معتزّون بالتراث الإنساني ككل، سواء كان إسلاميا أو مسيحيا أو أي ديانة أخرى.

لؤي يتصفح نسخة من القرآن الكريم عمرها مئات السنين ضمن حلقة "هرار – أديس أبابا"

هل من محاولات لإحياء هذا التراث والحفاظ عليه على مستوى السكان والسلطات من واقع ما شاهدتم؟

في إثيوبيا، لكل طائفة حرية التعبير عن معتقدها وحرية ممارسة طقوسها؛ كل ديانة تحاول الحفاظ على تراثها وطقوسها الدينية، تلك التي تم توريثها عبر السنين والعصور. يقوم الآباء بكل جهد على غرس هذا التراث المغرق في القدم في أبنائهم من خلال شتى الوسائل والأدوات، من خلال الأساطير، العادات والتقاليد والطقوس العريقة.

تساءل كثير من متابعي الحلقات عن اللهجة التي تحدثت بها خلال الحلقات. عُتيبي وتتحدث اللهجة الشامية؟ كيف ذلك؟

عربي أنا ومعتز بعروبتي بغض النظر عن اللهجات المحلية. أنا، في حديثي مع الناس، أتعامل بطبيعتي. برأيي أن تحدثي بالفصحى كان سيعني التصنع، فآثرت هذه اللهجة لكي أكون تلقائيا وعلى طبيعتي. ربما لم يفهموا لهجتي، لكنهم شعروا أنني قريب منهم. عندما فكرت في البداية في أي لغة سأختار، استقر الرأي على أن الصعب سيكون الحديث بالفصحى، والسهل أن أكون على طبيعتي.. وقد كان.

لِمَ لم تشرب الدم؟  أليس ذلك أدعى للقرب ممن تخاطبهم وعشت معهم كما تقول؟

لم أشرب دم النعجة أو آكل لحمها لأن ديني يحرم عليّ أن أشرب الدماء أو آكل ما لم يذكر اسم الله عليه. لكني في الوقت نفسي لم أنكر عليهم ذلك فهذا جزء من حياتهم اليومية، سعيت إلى أن أكون قريبا من أبناء هذه القبائل. أشعرتهم أنني لست مختلفا عنهم. كنت أتذوق طعامهم دون أن أبتلعه لكي أعرف الطعم. إذا دُعيت للغداء أمدّ يدي لأشعرهم أنني قريب منهم وغير آنف من طعامهم. بيت القصيد هنا هو أنني إذا لم أستطع التفكير بطريقتهم فلن أفهمهم. كلنا بشر متساوون. وهم كشعوب يتعاملون مع الإنسان كإنسان، فهم لا يريدون مني شيئا. ماذا عساي أن أمنحهم؟ مالأ؟ هاتفا جوالا؟ نقودا؟ هم لا يتعاملون بهذه الأشياء من الأصل ولا يكترثون بها، ولا قيمة لها في ثقافتهم. ما يريدونه هو المشاعر الإنسانية الصادقة والشعور بالقرب والدفء. لقد انتقل ذلك إليّ.. فأناقربهم وإلى جوارهم شعرت بالسعادة الحقيقية.. شعرت فعلا بأنني واحد منهم. تعودوا على وجودي. من اللحظة التي وطئت فيها قدماي هذه الأرض أخذت أفكر بنفس طريقتهم.. أرى بعيونهم.. أسمع بآذانهم. هذا الاندماج والتفكير بطريقتهم ولّد تقاربا روحيا أثمر ألفة فيما بيني وبينهم تلاشت إثرها فروق الشكل واللون بمرور الوقت.

هل كان لتواضعك وتعاطيك العفوي أثر في تحقيق ذلك في هذه الفترة الزمنية القصيرة نسبيا؟

ليس من حقي ولا حق إي إنسان أن يغيّر حضارة عمرها آلاف السنين. أنا الذي ذهبت إليهم، ولم يأتوا هم إليّ. أنا أحترم ثقافة الآخرين. ومن سمات رسالة الجزيرة الوثائقية التي لمستها من خلال التعاون مع قناتكم المحترمة أنكم تحترمون ثقافات الشعوب وتدخلون عليها بقصد التعرف عليها ومحاورتها لا بقصد تغييرها. من أنا حتى أقيّم الآخر العريق؟ لقد وجدت هناك الإنسان الطبيعي الحقيقي بدون رتوش الحداثة الزائفة. لا مادة وبالتالي لا صراعات، ولا قيمة تُذكر لما يتقاتل عليه الآخرون في مناطق أخرى من الكوكب. نتعامل بإنسانيتنا فتنتقل عدوى الإنسانية فيمن حولنا ونتسامى على أخلاق الحيوان التي طبعتنا في مواضع أخرى. قاسية علينا هذه الحياة بمتطلباتها المتصنعة. لكني أتمنى أن نعود بروحنا بشرا نظيفين بعيدا عما يعتورنا من مؤثرات دخيلة على إنسانيتنا. لا يبرح مخيلتي ذلك المشهد لطفلة من قبائل السورما، وعندما كنت أعود إلى صورتها أثناء إعداد الحلقات للبث، كانت عيناي دائما تغرورقان بالدموع إذ هي في نظري سمت إلى قمة البراءة.

أخذ عليك بعض متابعي الحلقات وجودك إلى جوار نساء عاريات.. كيف ترد على ذلك؟

أعتز بكوني مسلما، كما أعتز بإنسانيتي التي تشاركتها مع هؤلاء الناس الطيبين. هل يُعقل أن أقطع كل هذه المسافات من أجل مشاهدة نسوة عاريات؟ بالطبع لك يكن هذا هدفي. كما أنه ليس من حقي أو حق أي أحد أن يغير ثقافة أو موروث أي شخص آخر. هذه ثقافتهم، وارتداء الزي بهذه الطريقة عادة عندهم وليس عيبا. كما أنه لم تظهر لقطة واحدة عارية على الشاشة كما تابعتم. الأهم في كل هذا أنني لم أكن منشغلا بالتفكير السطحي الجسدي كنت أبحث عن جوهر الإنسان داخل هؤلاء وليس المظهر الخارجي، عن الثقافة والشعب والأمة.

انتقدت بعض التعليقات تركيزكم على الكنائس والمكون الحضاري المسيحي في إثيوبيا دون غيره، فكيف تردون على ذلك؟

لابد من توضيح نقطة مهمة ابتداءَ.. أفلامي تثقيفية وليست دينية ولا سياسية. عندما فكرت في زيارة إثيوبيا واستكشافها، أجريت مسحا شاملا لتاريخ وحضارة هذه الدولة العريقة. وعرضت لكل شيء له قيمة تاريخية أو ثقافية هناك وسلطت الضوء عليه. حاولت جاهدا أن أُظهر إثيوبيا الحقيقة للناس. وظيفتي أن أُوثّق وأن أُظهر كل ما هو موجود. في هذا الإطار عرضت من الكنائس ما كان له دور مهم في تاريخ البلاد. لكني أيضا عرضت للمساجد ولدخول الإسلام ولأضرحة الصحابة الخمسة عشر المدفونين في النجاش إلى جوار قبر النجاشي ملك الحبشة العادل المعروف الذي لاذ به الصحابة الأوائل في هجرة الحبشة في صدر الإسلام.  إذا لم أوثق الموجود فلست واقعيا، ولديّ معياري الواضح دوما.. الدين والسياسة لا أتدخل فيهما. 

ماذا عن مغامرتك القادمة؟

ستأخذنا المغامرة القادمة إلى إندونيسيا حيث ستشاهدون على الجزيرة الوثائقية ما لم يخطر لكم على بال.. انتظروني.


إعلان