غطفان غنوم.. مسافر زاده كاميرا
عبد الكريم قادري
يُصاحب المخرج السوري غطفان غنوم (1976) المعاني الجميلة فيعكسها لغة بصرية في أفلامه، يُغنيها بالشعرية الطافحة فتصبح طيّعة الفهم والتلقي، فلن تتعجب حين ترى في أحد أفلامه الوثائقية مثلا حمامة بيضاء وأخرى سوداء، فالرسائل يُولدها التناقض، ولن تتفاجئ حين تنزل دمعة بعد مشاهدة مآسي أبطاله فهو يحدث الإنسان في أعماقك، وقد تتفاجئ أكثر حين تقرأ أجوبة هذا الحوار فمن خلاله تعرف سر جمال هذه السينما التي ينجزها، تعرف بأنه مخرج مثقف يمتلك مرجعية واسعة، مخرج مغامر ومُقنع، وأكثر من كل هذا إنسان عميق وحمّال رؤى.
حضور الإنسان السوري الحالم والمهزوم، كـ”ثيمة” رئيسية في جميع أعمالك السينمائية الوثائقية، هل هو التزام شخصي منك كمعتنق لتوجه السينما المُتلزمة؟ أو أن الأمر لا يعدو أن يكون مرحلة فرضها الراهن؟
إذا كان المقصود بالالتزام هنا هو التورط المحبب في عمق القضايا، فنعم أعتقد أن تطويع السينما لصالح طرح القضايا المهمة هو دأب شخصي وهو هاجس ملح لا يمكن لأي سينمائي أن يتجاهله، بالنسبة لي أرى أن المسألة تتعدى حاليا ثنائية “السوري-المنكسر” أو “السوري-المظلوم” لتصل للقضية الأعم و الأشمل “الإنسان”، فالحالة السورية اليوم تلقي بالكثير من الاسئلة الأخلاقية الكبيرة التي بات على العالم الحر الذي يتأبط مبادئ العدالة وأن يجيب عليها، هي مرحلة من مراحل الاستحقاق الأخلاقي التي يتم سحق الإنسان فيها، ولابد من أن تلقي بثقلها حتما على كاهل أي فنان، الفن بطبيعته متعشق ومتأثر بالمحيط، ومهما كان شكله حين سيولد، فلابد من أن يرث معالم هذا الواقع وشيفراته، كي يكتسب الشرعية والتصديق.
هل تظن بأن السينما كفنّ بوسعها أن تنقل للعالم وجع السوري وويلات الحرب ومآسيها؟ وما الذي قدمته أعمالك السينمائية بداية بفيلم “بورتريه مدينة ثائرة” ومرورا بـ” بوردينغ” وانتهاء بـ”قمر في سكايب” لسوريا وما يحدث فيها على المستوى المحلي وحتى العالمي؟
بعد عرض فيلم ” بوردينغ” ضمن فعاليات مهرجان سيسيليا بإيطاليا، استوقفتني سيدة ثمانينية، كان الألم يخنقها لما شاهدته من أحوال مزرية يعانيها أولئك القادمون عبر البحار ورحلات الموت في القوارب، طلبا للأمان في دول أوروبا، سألتني: لماذا لا يتدخل ” البابا” ليوقف هذه المأساة البشرية؟ ثم أجابت على سؤالها بنفسها : ربما لم ير حتى الآن ما يحدث، سأحاول أن أزور الفاتيكان بنفسي وأن أطلعه على ما يجري هناك.
نعم يمكن للسينما أن تنقل الوجع لسيدة طاعنة في السن، لكنها لن تقدم حلولا للمشاكل، يكفيها أن تزيد حالة الوعي العام. بين العام 2011 الذي حققت فيه ” بورتريه مدينة ثائرة” وهذا الوقت عبر الكثير من الماء تحت الجسر، ولاشك بأن طبيعة الصراع تغيرت أفقيا وعموديا، وتعرض المجتمع السوري لانكسارات حادة، كل ما جهدت في تقديمه منذ ذلك الوقت في الأفلام التي أحققها، هو وصفة سينمائية تستند للحقيقة ولا يمكن رفضها وفقا للدوافع السياسية واختلاف المشارب والانتماءات والتحزبات، لأنها وصفة تتعلق بالمعاناة الإنسانية التي نعيش جميعا إرهاصاتها، قد يختلف البعض مع أهمية المنتج فنيا، لكن لن يساوم أي شخص حتما على مصداقية الألم البشري الذي ظهر في الأفلام.
بالحديث عن فيلم “قمر في سكايب” الذي توج مؤخرا كأحسن فيلم وثائقي في مهرجان هوليود العالمي للأفلام الوثائقية المستقلة، هل يمكن أن تحدثنا عن هذا المهرجان وعن وقع تلقيك الجائزة؟ والإضافة التي يمكن أن تقدمها لمسارك؟
تلقيت خبر فوز الفيلم بجائزة التميز الخاصة بمهرجان هوليود للأفلام الوثائقية المستقلة، وتلقيت دعوة لحضور حفل التكريم واستلام الجائزة رسميا، وهو مهرجان يختار الأفلام الفائزة بشكل شهري دوري، لتتوج في شهر حزيران.
قد يكون المهم في الأمر بالنسبة لي، أنه ساعد في إلقاء الضوء على الفيلم بشكل مكثف، وعلى سلسلة الأفلام السابقة أيضا بوصفها نتاجا شخصيا حقق ضمن نفس الشروط الإنتاجية، ووصلت أيضا للمنافسة في مهرجانات كبيرة لكن لم يحالفها الحظ نفسه بالفوز، فـ”بوردينغ” سبق وأن رشح للمسابقة الرسمية في مهرجان هوليود الغربية “ماغول” وفاز بجائزة التحكيم الخاصة لمهرجان وجدة المتوسطي للهجرة في المملكة المغربية، كل ذلك عزز الثقة لدي بأن العمل بإمكانيات شبه معدومة انتاجيا قد يحالفه النجاح فيما لو كان الجهد الفني المبذول عاليا، سيما وأننا كسينمائيين شباب نعاني فعلا من ندرة التمويلات.
بداية رحلتك في السينما الوثائقية كانت من خلال تحقيقك لفيلمك الأول ” بورتريه مدينة ثائرة” الذي صورته تحت القصف في بلدك سوريا، هل يمكن أن تروي لنا أهم محطات هذه التجربة ؟
كانت الظروف المخيفة تقتضي مني الهرب من دمشق نحو حمص، بعد أن بدأت أشعر بالخطر الحقيقي الذي يهدد حياتي هناك، لم يعد من إمكانية في تلك الفترة التي واكبت تفجير ما يسمى” بخلية الأزمة” للبقاء في دمشق التي قطعت بمئات الحواجز الأمنية، سيما وأنني أحمل هوية شخصية مغضوب عليها من قبل النظام السوري، ومكتوب عليها انتمائي لحي من أحياء سوريا “باباعمرو” والذي اشتهر بمناهضته للنظام منذ بداية الثورة.
وصلت لحمص وتسللت لمدينة القصير المطوقة أمنيا وعسكريا، وبقيت فيها حتى ما قبل سقوطها بيد النظام وقوات حزب الله اللبناني وتهجير أهلها، هناك استطعت تأمين كاميرا صغيرة ديجيتال، بدائية نوعا ما، وصورت ما يمكن لي أن أصوره في ظل ظروف سيئة جدا يعتبر فيها العمل السينمائي شكلا ترفيهيا مثيرا للسخرية، وكان نتاج ذلك فيلما وثائقيا باسم” بورتريه مدينة ثائرة”
نقلت بعض التقارير الإعلامية خبرا مفاده بأن المخرج السوري “غطفان غنوم” قد مر بتجربة الهجرة والفرار من جحيم الحرب من سوريا إلى لبنان برا على الأقدام، هل يمكن أن تنقل لنا هذه التجربة التي تبدو بأنها قاسية ومؤلمة ومغلفة بالمخاطر؟
كانت القافلة مكونة من بغلين وسائس ومسافرين آخرين، وكان من المتوجب علينا أن ننطلق مساء عبر سلسلة من جبال لبنان الشرقية التي تحاذي بلدات سورية خارجة على النظام السوري، ثم عبور الحدود نحو لبنان والاختفاء في جرود منطقة المشاريع اللبنانية، ريثما يتم التوصل لطريقة مختلفة للدخول في العمق اللبناني، الرحلة متعبة للغاية، مشي لعشرات الكيلومترات ليلا على جبال صخرية قاسية وبصمت مطلق خشية افتضاح أمرنا على اعتبار أن القطع العسكرية التي تطوق القرى كانت تطلق النار على كل ما يمكن اكتشافه من متحركات، نفاذ الماء والطعام كان منهكا، الخوف الشديد وتورم الأقدام وخروج الدم من الأصابع، كل ذلك جعل منها رحلة مرهقة بالإضافة إلى كونها مغامرة غير مأمونة العواقب، فيما لو تم القبض علينا من قبل قوات النظام أو قوات حزب الله.
لن أنسى ذلك المنظر الذي شاهدته حين بلغنا قمة أول جبل قريب من قرية”جوسة” بينما كانت القذائف تنهال ليلا على القرى كالنيازك، شعرت حينها أن وطني يحترق وبكيت بحرقة.
منظر آخر لا يمكن لي أن أنساه، مئات الآلاف من ثمرات التفاح الصفراء والخضراء التي كانت تفرش أراضي البساتين ولم تجد من يأكلها أو يقطفها خلال تلك السنة، كانت الطبيعة تعلن الحزن والحداد على كل شيء.
إذن هذا هو السبب الذي جعل “ثيمة” الهجرة والهروب إلى الفردوس الأوربي حاضرة في أفلامك كما سبق وقلت؟ وكأنك تعيد تشكيل ماضيك وآلامك سينمائيا عن طريق التوثيق؟ وهل يمكن أن نطلق على هذه التجربة أيضا مصطلح “سينما المؤلف” مع أننا تعودنا على هذا المصطلح في السينما الروائية؟
هل تعلم، لم أفكر سابقا في الأمر على هذا النحو، رغم أنني الآن تنبهت فعلا لذلك، يبدو أن الأمر يترك بثقله على نفوسنا دون أن ندرك أو نعي، وحين أقول لم أفكر به على هذا النحو سابقا فذلك أن اعتياد الخسارة والفقدان لكل شيء، الثروات والبيوت والأقارب والشهداء والوطن نفسه، ومشاركة المصيبة مع كل من خسر أيضا حتى مع قاتلك نفسه، سيجعل منك في النهاية شخصا متمردا على الألم، إنها آلية دفاع نفسية تخديرية، شخصيا مازال المخدر يسري في قلبي، لأن الرغبة في العمل مازالت أقوى من اليأس، ولذلك فأنا اعتقد بأنني لم أرو الأفلام وفقا ” لأناي الشخصية” وبمحاكاة لوجعي، هنا يتغلب الوجع الجمعي كما أظن، لقد تعرض “هيتشكوك” للهلع في طفولته على يد والده كما أذكر فقرر أن ينقل الخوف للعالم أجمع كما قال! يختلف الوضعان.
لا أوافق على أن التجربة تندرج تحت مفهوم ” سينما المؤلف”، لأنني عمليا لم ألاحق فكرة مسبقة ورأي راسخ معززا بخيال الفنان وتصوراته الشخصية عما يجري من وقائع وعما يجب تقديمه من أفكار أولا واستخلاص للعبر ثانيا، عمليا حاولت أن تكون أفكار أبطال العمل هي من ستوجهني كسينمائي، وعليه سيتم هندسة المشاهد سينمائيا بشكل خاص ومتفرد حكما، ولذلك افتقرت الكاميرا للوقار التقليدي في كثير من الحالات.
هكذا كنت منصاعا لرغبة أحد الأطفال الأبطال في ” بوردينغ” حين كان يتحدث عن مجزرة حصلت في قريته “مزيرب” وقال لي : جرب اكتب عندك عاليوتيوب “مجازر المزيريب”، وكان لابد للمشهد التالي من أن يكون -الكتابة على اليوتيوب والبحث عن المجزرة-.
بذكر المصطلحات والمفاهيم السينمائية هل أنت محسوب على السينما المستقلة؟ وهل تكفي الميزاينة المحدود أو المعدومة بأن نطلق على هذا الفيلم أو ذاك “لسينما مستقلة”؟
قد يظن البعض بأن السينما المستقلة تتعلق بنوع سينمائي، روائي، تجريبي، وثائقي، الخ…
والواقع يشي بأن السينما المستقلة تعنى بالأفلام السينمائية التي تصور بكاميرات الديجيتال الرقمية، وهي تحمل بطبيعة الحال بصمة صاحبها ورؤيته للأمور، مستقلة بذلك عن الارتهان للشركات الكبرى في الإنتاج وفي التوزيع، وغير خائفة وفقا لهذا من الخضوع للرقابة والإملاءات ومتحررة من شروط السوق ومتطلباته، وفقا لما سبق أجد أن ذلك ينطبق على انتاجي في السنوات الأخيرة تماما.
قد تكفي الميزانية المحدودة “لزمر” ذلك الفيلم في زمرة الأفلام السينمائية المستقلة، لكن هل يلغي ذلك فعلا الوقوف أمام المتطلبات الفنية والفكرية التي يستوجب أن تتوفر في أي فيلم سينمائي جدير بالمشاهدة؟! لاأظن ذلك.
هناك من يرى بأن أفلامك لا تنقل كل الحقيقة بل نصفها وفقط، وتُغّلب جهة على أخرى، هل نفهم من هذا بأنك تغازل الغرب؟
حين تهوي طائرة من سماء، فلابد من وجود مسببات لذلك، سيذهب ضحايا كثيرون مما لاشك فيه، وسيلقي البعض اللوم على القبطان الثمل، أو على عامل الصيانة المهمل، ومهما تعددت الأسباب وتنوعت وتشابكت نتيجة التحقيقات في عملية معقدة، لكن ذلك لا يجب أن يعمي أبصارنا بأن الكارثة ستتكرر لدى طيران كل طائرة جديدة في حال كانت الخطأ المرتكب خطأ أصليا تصنيعيا..
الاستبداد خطأ أصيل وهو منتج وطني بامتياز، لا يمكن لنا أن نتجاوزه ونغض الطرف عنه ملتفتين نحو النتائج لنغرق بها، هو الأس والأساس، وفقا لهذا المعنى لا يمكن لأحد أن يدعي بأننا نقف في طرف الاستبداد مهما كانت الجهات الواقفة خلفه قوية وأيا كانت.
بهذا المعنى أيضا يجب أن يدرك من يحاول أن يزيف أي حقيقة أن الاستبداد كمفهوم لا يمكن أن يقابله مفهوم الشعب، الاستبداد مقابل الحرية، هناك من ستتوافق مصالحه مع المستبدين وهنالك من سيقف مع توجهات الحرية. ولكي اختصر الطريق لإجابة أكثر وضوحا، حاولنا خلال 35 سنة من عمرنا أن نصور أي فيلم في سوريا متحللين من رقابة الأمن فلم نفلح، في ظل وجود أنظمة قمعية، وحاولنا أن نحتال على الأمور فننتقد الواقع الاجتماعي الذي كان يتردى عاما بعد عام فلم يسمح لنا، لأن الأنظمة الاستبدادية ترفض دائما أن يتم تشخيص جرثومة المرض وتكتفي بالقبول بالإشارة للأعراض الجانبية، هذه الحال من كتم الأفواه وقمع الحريات كانت حالة عامة خانقة للجميع، وهي حالة لا تتعلق بمغازلة الغرب أو الشرق، هي حالة وطنية كما قلت لك, يجب أن ترفض أولا وأخيرا.
كيف تعاملت الدول الغربية والأوروبية بالتحديد مع الحرب في سوري، من ناحية الحكومات وحتى الشعوب؟
كل حكومات العالم تمتلك سياساتها الخاصة الأنانية، وهذا لا جدل فيه أبدا, من المؤسف أن نقول أن سياسات الحكومات لا تتقاطع حتما مع رغباتنا في إقامة أوطان يكون فيها الفرد مثمنا وتكون الحريات مقدسة وتسود فيها مبادئ العدالة الاجتماعية.
أما بالنسبة للشعوب فأنا أؤمن بأن الشعوب في هذا العالم جميعها عانت في سبيل الظفر بحياة لائقة ومجتمعات كريمة, لا يحق لنا أن نرمي بأخطائنا على كاهل الشعوب, أو أن نحملهم أوزار واقعنا لجهلهم به.
استطعت وخلال فترة وجيزة أن تستقر في أحد الدول الاسكندينافية وهي دولة فلندة، وأكثر من ذلك هي الثقة المتبادلة التي نُسجت بينك وبين المؤسسات الثقافية الفلندية، والدليل على هذا هو التأسيس للمهرجان السينمائي الدولي الاسكندنافي الذي نُصبت مديرا له، والذي ستنطلق دورته الأولى من 7 الى 12 سبتمبر 2016، كيف نسجت هذه الثقة؟
الأمر لا يتعلق بالثقة، الأمر يتعلق فقط بالاجتهاد والمثابرة وامتلاك القدرة على المبادرة، تمكنت خلال هذين العامين من تعلم اللغة الفنلندية بشكل مقبول نوعا ما رغم صعوبتها الشديدة، وانتسبت لنقابة السينمائيين الفنلندين بعد حصولي على الإقامة الدائمة، ثم صورت أفلامي بدون الارتهان لأي جهة انتاجية فنلندية أو عربية، وكان لكل ذلك أثره البالغ في إقناع المؤسسات الفنلندية بأنني أقدر على خوض هذه التجربة الكبيرة بالتعاون مع معهم، وللأمانة الشديدة فلم تفرض أية املاءات علي من أي نوع، وسياسة المهرجان الاسكندنافي السينمائي الدولي تعتمد في قبولها للأفلام على الشفافية المطلقة وفقا لمعايير النزاهة، ونجحنا في استقطاب لجان تحكيم جيدة ولها باع سينمائي طويل، كل ذلك حدث بدعم فنلندي دون التدخل بشؤون العمل أبدا.
هل يمكن أن تحدثنا عن الـ”ثيمة” التي اختارها المهرجان؟ وما الذي يمكن أن يقدمه للسينما العربية؟ وما هي الإضافة التي سيقدمها إلى دولة فلندة؟
اختار المهرجان لهذا العام ثيمة ” فلنقل :مرحبا للحياة” مناصرا لقضايا الحريات العامة والخاصة, ومعززا للقيم التي تنادي بدعم حقوق الإنسان، على الصعيد العربي, ينظم المهرجان تظاهرة للأفلام العربية ويجري التحضير لها, كما نظم تظاهرة خاصة بالأفلام السورية وسميت التظاهرة باسم المخرج السوري نبيل المالح رحمه الله, كما ينظم محاضرات وفعاليات مرافقة لمثقفين عرب ستترافق وفعاليات المهرجان, هذا الشق العربي سيكون تقدمة كبيرة للفنلنديين كما أظن, سيما وأن الدولة الفنلندية تعتبر من الدول المنفتحة تجاه المواطنين الأجانب.
نرجو أن تكون الدورات القادمة أشمل وأغنى وأن تكون هذه الدورة ركيزة لانطلاق المهرجان وتطوره تباعا.
قبل أن أنسى أيضا أظن بأنك كتبت مقالا في جريدة “العربي الجديد” وترجم إلى اللغة الايطالية، بعدها يبدو أنه أثار اهتمام مخرج برازيلي حوّله إلى فيلم، كيف حدثت هذه التجربة؟
كما ذكرت تماما حدثت الأمور بالصدفة، بعد ترجمة المقال للايطالية، اقتنصته كاتبة سيناريو برازيلية، وطلبت الإذن بتحويله لسيناريو فيلم، قبلت العرض وتنازلت لهم عن الحقوق دون مقابل مادي، وقد علمت مؤخرا أن الفيلم قد انتهى تصويره وتمت تسميته بـ ” 1234″، في استيحاء ذكي من المقالة التي تلمح إلى أننا الكثير من البشر سيتحولون إلى أرقام في دول اللجوء، أنت تعلم أن لكل مواطن رقم رباعي في أوربا، حين يقبل لجوءه.
على العموم هل هناك “موجه سينما جديدة” يقودها شباب سوري مهاجر؟
على صعيد الأمنية أنا أرجو ذلك، ولكن لا يمكنني الجزم بالأمر، سيتمكن القلة القلائل من صنع سينما في المغترب، لأن الأمور ليست سهلة أبدا، والواقع لا يبدو هينا كما قد يظن البعض، نحن نتحدث هنا -كما اعتقد- عن سينما تمتلك الحضور القوي على الساحات العالمية، وتمتلك القدرة على الاستشراف، أما التجارب الفردية فلا يمكن أن تكون تيارا عاما.
ما هي مشاريعك السينمائية المقبلة وهل سيكون فيلم وثائقي؟ ومتى سنرى تجربة في السينما الروائية؟
يلوح في الأفق عدة مشاريع، هنالك فيلم وثائقي تم الاتفاق بشأنه مع جهة انتاجية، وسنبدأ بتصويره قريبا، وهنالك فيلم” ديكودراما” تمت الموافقة على العمل عليه بالتعاون مع نقابة السينمائيين الفنلندية منذ عدة أيام فقط، وسيتم التحضير له خلال فترة عام تقريبا.
انتهيت مؤخرا من تنفيذ فيلم روائي قصير “وجوه” مدته 35 دقيقة، وقد صور بالكامل في مدينة هلسنكي.
نرجو أن تكون الأيام القادمة أياما محملة بالخير لمجتمعاتنا ولا يسعنا إلا أن نتمنى ذلك وأن نتمسك بذيول الأمل.