لاجئان أمريكيان في مخيم الزعتري

محمد موسى
 
بينما يحلم السوريون الذي يعيشون في مُخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط بالعودة إلى بلدهم أو التوجُّه إلى بلدان بعيدة أكثر أمناً، اختار المُخرجان الأمريكان: “كريس ثامبل” و”زاك انغراسكي” العيش في مخيم الزعتري في الأردن، لتجربة الحياة الفعليّة في مخيمات اللجوء بكل تحدّياتها وعذابتها، من أجل فيلمهما التسجيلي الذي يحمل عنوان”سلام جار”. 
سينصب الشابان خيمتهما في قلب المخيم الشهير، إلى جوار سوريين هاربين من العنف في بلدهم. صحيح أن الأمن الأردني سيتدخل ويطلب منهما عدم المبيت في المخيم خوفاً على سلامتهما، إلا أنهما سيعيشان في النهارات، بما يمرّ به ساكني المخيم، وسيتقربون من بعض ساكنيه. والذين سيتحول قسم منهم لشخصيات الفيلم، ومنهم الصبي الذي تركت الحرب ندوبها العميقة في روحه رغم حداثة سنه. والأُمّ التي فقدت ابنها في العنف، وكشفت للكاميرا في مشهد شديد التأثير بان ألم الفقد لن يفارقها حياتها كلها.
 
بموازاة كشفه لمفاعيل الحرب على سكاني المخيم، يقدم الفيلم أيضاً نماذج لشخصيات سورية مبهرة، رفضت أن تسكن إلى سأم الحياة في المخيم، فانضم بعضها إلى جهود تطبيب جراح السوريين، والتي ستستغرق وقتاً طويلاً، فيما تجتهد شخصيات أخرى لتوفير المقومات الأدنى لحياة طبيعية لأبنائها. أنتج الفيلم الأمريكيان من الأصول العربية: مهاب الخطاب، وسلام دروازة عن طريق شركتهما “1001 ميديا”. وشارك الفيلم في عدة مهرجانات سينمائية منها: “AFI Docs Festival” في الولايات المتحدة و “CPH: DOX Film Festival” في الدنمارك، و”Watch Docs Film Festival ” في بولندا، ومازال يجول في دائرة المهرجانات السينمائية، كما يتاح على خدمات المشاهدة حسب الطلب الإلكترونية.
وفي الآتي حوار مع مخرج الفيلم زاك انغراسكي والمنتجين: سلام دروازة ومهاب الخطيب 
 
– متى بدأ التخطيط للفيلم، وهل استغرقتكم وقتاً طويلاً في تطوير المعالجة الخاصة به؟ وعن السكن في مخيم اللاجئين السوريين، هل كانت هذه الفكرة مُكتملة منذ بداية التخطيط للمشروع، أم نضجت بعد وصولكم إلى هناك؟
زاك: كريس ثامبل وأنا أنجزنا فيلمنا الأول الذي كان بعنوان “العيش بدولار واحد”، وعرفنا وقتها أهمية البحث الطويل المعمق في القضايا التي نتناولها. عندما كنا نتجول مع الفيلم في المهرجانات والعروض الجماهيرية، قابلنا وقتها سلام دروازة ومهاب الخطاب. أخبرتنا سلام عن تجربتها كابنة للاجيء فلسطيني، وعن مشاقّ بدء حياة جديدة في بلاد جديدة، تلك القصة ألهمتنا كثيراً. في ذلك الوقت كانت أزمة اللاجئين السوريين تتصاعد لتتحول إلى أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، لكن وعلى رغم فداحة الأزمة، لم نكن نشاهد الكثير عنها في الإعلام الأمريكي، عندها قررنا أن نشكل فريقاً ونغوص عميقاً في تجليّات المأساة وتفاصيلها. بعد ذلك وصلنا إلى فكرة أن نحاول عيش تجربة اللجوء ذاتها داخل مخيم للاجئين. وهو أمر لم يحدث من قبل. كنا نريد أن نحصل على الفرص والمساحة من أجل بلوغ حوار حقيقي.
 
مهاب: أعتقد أن قرار العيش في مخيم لللاجئين ناسب طبيعة الجهة المنتجة للفيلم ومخرجيه. إذ أن الأخيرين اعتادا على الطبيعة التفاعلية التي تغوص في تفاصيل القضايا التي يتناولانها، وسلام وأنا في شركتنا “1001 ميديا” نحاول أن نعثر على قضايا تذكر بالطبيعة الإنسانية لسكان العالم العربي، قضايا من التي تحاول أن تصل وتُركِّز على العلاقات بين الشرق والغرب. وعندما تعرفنا ببعضنا شعرنا أن هناك ما يجمعنا. 
– عندما وصلت إلى المخيم، كم أخذتم من الوقت قبل أن تقرروا انتقاء الشخصيات التي شاهدناها في الفيلم؟
زاك: لقد كانت تجربة مُثيرة، إذ كانت زيارتنا الأولى للشرق الأوسط. في البداية، وقبل وصولنا هناك قمنا ببعض البحث لكن لم نحدد شخصيات معينة، لرغبتنا أن تسير هذه العملية بشكلها الطبيعي التلقائي. وعندما وصلنا هناك لم نكن نملك أدنى فكرة عن ردود أفعال المجتمع هناك لما ننوي القيام به. وكيف يمكن أن يتصرف سكان المخيم تجاه مجاورة أمريكيين لهم في حياتهم، كنا خائفين حقا. كانت قلوبنا تدقّ بسرعة قبل دخولنا المخيم للمرة الأولى. لكن ما أن وصلنا إلى هناك، شعرنا مباشرة أن وجودنا مرحب به في المخيم. وهذا الشعور لم يتغير طوال فترة التجربة. لقاءاتنا بشخصيات الفيلم حدثت بصورة طبيعية. 
 
“رؤوف”، الذي يُعدّ من الشخصيات الرئيسية في الفيلم، لم نكن نعرف في بداية تعرفنا به بأن سيكون له هذا الدور المهم في الفيلم. لكن بعد انقضاء نصف وقت التجربة، شعرنا أنه سيكون مهماً كثيراً للفيلم. وعلى هذا المنوال الطبيعي قابلنا الشخصيات الأخرى في الفيلم.. أحد الأمور المهمة لنا وقتها بأن نقدم قصص النساء هناك. وهذا كان صعباً لنا كرجال أمريكيين في مجتمع شرقي. سلام دروازة، المنتجة التي كانت موجودة في أول أيام التجربة، ساعدتنا كثيراً في بناء بعض العلاقات المُهمة مع ساكني المخيم. منها مع المترددات على المركز النسائي هناك، حتى يتسنى لنا إبراز أصوات نسائية في الأزمة السورية.
 
– كنتم مبهورين بالاقتصاد الناشيء في المخيم، هل تعتقدون أن هذا هو ميزة خاصة بالسوريين، أم إنها الروح الإنسانية التي ترفض التسليم بالواقع حتى في أحلك الظروف؟
سلام: كنا مبهورين للغاية باقتصاد المخيم. هناك مخيمات لاجئين عديدة في العالم، لكن “الزعتري” يبدو حالة خاصة، فهو الذي وضع في منطقة صحراوية معزولة، تحول في غضون أشهر قليلة إلى مجتمع باقتصاد تصل ميزانيته إلى عشرات الملايين من الدولارات. هذا بحد ذاته هو شيء مذهل. ويخبرنا الكثير عن حس الابتكار عند السوريين. الأمر الذي كان معروفاً لي منذ الصغر كامرأة ولدت في بيئة عربية. لذلك لم أتفاجأ شخصيا من هذا المثال، لكنه كان أمراً مثيراً للإعجاب بشكل كبير. في المخيم يمكنك أن تشتري كل شيء، من غسالة الملابس إلى ألعاب ألكترونية للأطفال. كل ما يخطر في بالك يمكنك شراؤه في المخيم. الناس في المخيم رفضت أن تجلس وتنتظر، بل أحبوا أن يواصلوا الحياة، حتى في ظروف صعبة مثل الحياة في مخيم للاجئين. كان أمراً رائعاً لنا أن نشاهد هؤلاء الناس الذين رغم ما مرَّ عليهم، الا أنهم مصرون على تحسين حياتهم في أي مكان يحلّون فيه.
 
– هل واجهتم أيّ مشاعر عدائية من بعض ساكني المخيم؟
زاك: كلا أبداً، لقد شعرنا دائماً بأن وجودنا مرحب به. واحد من المواقف المهمة أثناء التجربة، هو ما حدث في اليوم الأخير منها، عندما كنت مع زميلي “كريس” في الخيمة نتحدث عن مشاعرنا حيال ما حدث، عندها وصلنا إلى نتيجة بأننا جميعا بشر، على رغم مما تقوم به حكوماتنا. لكننا نبقى بشر وجيرانا لبعضنا. وعلى الرغم أن أهل المخيم محبطون من تصرفات الحكومة الأمريكية، إلا أنهم كانوا قادرين على التفريق بين أفعال الحكومة تلك وبيننا نحن كبشر، وهذا كان أمراً مهماً كثيراً، ونتمنى أن يصل عبر الفيلم، بأننا بالحقيقة جيران لبعضنا في هذا العالم. ومعا نستطيع أن نجعل هذا العالم منطقة رحيمة باللاجئين.
 
سلام: أريد أن أضيف بأن ما تراه في الفيلم، أو في ذلك المشهد الذي تحدث عنه “زاك”، عن اليوم الأخير وكيف كانت الخيمة مزدحمة بشباب عرب يقضون وقتاً طبيعياً مع مخرجي الفيلم. يؤكد أن لا فروقات بيننا، وهو الأمر الذي لا يظهر بشكل كاف على الإعلام الأمريكي. الذي دائماً يركز على صورة العربي الغاضب الذي يحمل سلاحه ويصرخ في الشارع. أصدقائي الأمريكيين علقوا بأنه من الرائع رؤية شباب عرب يقضون وقتاً ممتعاً مع نظرائهم الأمريكيين. شعرنا أثناء التصوير بأنه من المهم إبراز هذه الصور، بأننا كعرب مسالمون، وهو أمر كنت أعرفه دائماً. حاولنا أن نركز على الوجه الإنساني للأزمة المتواصلة. ربما هذا لن يكون مثيراً بالقدر الكافي للمشاهد الذي اعتاد رؤية الغضب والتصادم لكنه الحقيقة.
 
مهاب: عندما كنا نعرض الفيلم في المهرجانات والعروض العامة، كنا نقول للجمهور ما ترونه على الشاشة، من لقاء بين الغرب والشرق، هو ما كان يحدث أيضاً خلف الكاميرا. والذي مثله عملنا المشترك سلام وأنا من جانب و كريس وزاك من الجانب الآخر. أعتقد أن الفيلم هو نموذج لعمل مشترك بين عدة جهات من خلفيات مختلفة لإبراز أزمة اللاجئين السوريين المتواصلة. 
– بدا على “زاك” و”كريس” التأثر الشديد عندما سمعا بما حصل لرؤوف في سوريا قبل وصوله إلى المخيم، والذي يفسر انطواءه وعدم رغبته الذهاب إلى المدرسة، لماذا كانت هذه القصة بالذات مؤثرة لهذا الحد؟ وهل أنتم على اتصال برؤوف وكيف حاله الآن؟
 
زاك:على رغم أننا كنا نعرف الكثير عن خلفيات الشخصيات التي قابلناها هناك، وهي شخصيات مألوفة لنا، لأن أغلبها من الطبقة المتوسطة التي ننتمي إليها أيضاً، لكن كان من السهل كثيراً نسيان ما حدث للشخصيات حتى تضربك بالعمق وكما حدث في تلك اللحظة في الفيلم. كان من المستحيل لنا أن نفهم العيش في ظروف الحرب بكل أبعادها. والأزمات النفسيّة التي يحملها اللاجئون معهم بسبب ما مرّوا به. وحتى عندما تقنع نفسك بأنك صرت تعرف كل شيء عن الأزمة، لكن وحالما تتعرف على تفاصيل لبشر تقربت لهم ستتأثرعلى نحو لم تكن تتوقعه. 
 
مهاب: أرغب أن أضيف أن الحياة مستمرة هناك رغم كل المصاعب، فالنساء تذهب إلى التسوق وتعد الطعام (سلام مقاطعة: بعض النساء يذهبن إلى العمل أيضاً هناك فيما أزواجهن يبقون في البيت). الناس حتى في مناطق الحروب يعثرون على روتين معين يلائم وضعهم الجديد. أعتقد ان ما أثر ب “زاك” و “كريس”، أنهم عاشوا مع الناس هناك، وكانوا شهوداً على الحياة اليومية هناك، لكن عندما كانوا يسمعون بما مرَّ به بعض السوريين من مآس، بدا التأثر عليهم واضحاً. وهذا شيء من المهم للفيلم أن يبرزه، وأن هؤلاء اللاجئين يحاولون أن يعيشوا حياة طبيعية على قدر المستطاع، وأن يعودوا إلى نوع من “الطبيعية” التي كانت في حياتهم السابقة، وعليهم أيضاً أن يعيشوا أيضاً مع الجروح التي خلفها العنف. لهذا يبدو دور المؤسسات الخيرية والإنسانية في المخيم مهماً كثيراً. فرؤوف مثلا كان يخفي ما يحصل له، لذلك من المهم جدا أن يقوم شخص ما بالحديث معه عما مرَّ به ومحاولة التخفيف عنه.
 
سلام: ومن أجل الأجابة عن سؤالك، نعم نحن على تواصل مع جميع الشخصيات التي ظهرت في الفيلم. كنت قبل قليل على اتصال مع “غصون” وكذلك أنا على اتصال بالآخرين أيضاً. الأمر لن يكون عمل فيلم عن شخصيات وبعدها عدم الاتصال بهم، هذا ليس ما نريده. نحن على اتصال معهم بشكل دائم ونحاول أن نساعدهم وفق إمكاناتنا.
مهاب: زاك وكريس يقومان بجهود كبيرة لإعادة توطين بعض الشخصيات التي ظهرت بالفيلم. 
 
زاك: كنا في الأردن في شهر فبراير لعرض الفيلم في المخيم وقبل بدء عروضه العالمية. الغاية من وجودنا هناك، كان من أجل الاطمئنان أن الجميع راضون عن محتوى الفيلم، وعن تناوله الشخصي لقصصهم. التجربة كانت مذهلة، فالجميع أحب الفيلم الذي عرضناه في “كارفاناتهم”. من الأمور التي سمعناها في زيارتنا تلك أن بعض الشخصيات ترغب كثيراً بإعادة التوطين في دول أخرى. التوطين ليس حلاً للجميع لكنه مهم كثيراً للبعض مثل: إسماعيل وغصون. لذلك نحاول وأثناء عرض الفيلم في الولايات المتحدة وكندا، أن نفتح موضوع إعادة التوطين، بخاصة في كندا، التي ظروفها في استقبال اللاجئين السوريين أكثر ملاءمة من الولايات المتحدة. الذي أستطيع أن أقوله، أن قضايا بعضهم هي اليوم لدى الجهات المسؤولة في كندا. لكن البت في هذه القضايا يأخذ وقتاً طويلاً قد يصل أحياناً إلى عامين. 
 
– كيف قسمت الواجبات بينك وبين زميلك كريس ثامبل؟
زاك: نحن نعمل سوياً منذ حوالي سبع سنوات. وتعودنا أن نقوم بكل شيء معاً. نخرج الفيلم معاً، وعلى رغم أننا لم نقم بتوليف هذا الفيلم، إلا أننا كنا في غرفة المونتاج كل يوم تقريباً. لنكون قرب محمد المنستيري الذي قام بمونتاج هذا الفيلم، وهو المونتير المصري الرائع الذي قام من قبل بمنتجة الفيلم التسجيلي “الساحة”.
 
– كيف تصف ما تقومان به، هل أنتما صانعا أفلام، أم ناشطان اجتماعيان، أو الاثنين؟
زاك: نحن خليط نادر من الاثنين. نحن بالتأكيد مخرجان، لكن خلفيتنا الدراسية والمهنية هي اقتصاد وعلاقات دولية. نحن لم ندرس في مدارس السينما، لكننا تعلمنا في تجربتنا الأولى والتي بينت أنه بالإمكان أن يكون هناك علاقة بين الاثنين، بأن تقدم قصتك سينمائياً، وأن توفر الإمكانية للناس بعدها بأن تشارك وتتفاعل. الرسالة التي نريد أن تصل عبر الأفلام، تكون مدعومة بحملات مُنظمة تتقصد الرأي العام بهدف تحريكه. كالموقع الألكتروني لفيلمنا الأخير، والذي يوفر فرص حقيقية للمشاركة والمساعدة.
– الفيلم عرض في عدة مهرجانات سينمائية و العديد من العروض الجماهيرية، هل تخطّطون لعرضه في الشرق الأوسط، وخصوصاً في مخيمات اللاجئين؟
مهاب: الفيلم عرض فعلاً في مخيم الزعتري عندما عاد “زاك” و”كريس” إلى مخيم الزعتري قبل أشهر. أما بخصوص الدائرة التي سيعرض فيها الفيلم، فنحن بالفعل عرضنا الفيلم في مجموعة من المهرجانات السينمائية حول العالم، نحن الآن في مرحلة توزيع الفيلم. ونخطط لعرضه عن طريق منافذ مثل شركة “نتفليكس”. وبخصوص عرض الفيلم في الشرق الأوسط، ما نقوم به الآن هو توفير الفيلم للراغبين بتنظيم عرضه في أي مكان. الشيء المهم الذي حصل أخيراً، أن الفيلم انضم إلى برنامج حكومي للعروض. وهو تعاون مشترك بين الحكومة وجامعة كاليفونيا، وهذا يعني أن الفيلم سيعرض في سفارات الولايات المتحدة حول العالم. 
سلام: سنكون في الأردن في شهر يوليو القادم لعرض الفيلم هناك. وكجزء من نشاطات الهيئة الملكية للسينما، إذ سيعرض الفيلم في الثالث عشر من شهر يوليو. 
 
– سؤالي إلى سلام دروازة، كيف تصفين وضع النساء في المخيمات، والصعوبات التي يواجهنها؟
سلام: من المهم التأكيد هنا أن النساء والأطفال يشكلون ما يُقارب الخمسة والسبعين بالمئة من سكان المخيمات. وهذه الحقيقة يتم تناسيها، وبالتحديد في بعض قنوات الإعلام الأجنبي، الذي يحاول أن يخلق حالة من الخوف من اللاجئين عبر التركيز على الرجال الذي يطلبون اللجوء. كما أن خمسة وعشرين بالمئة من بيوت اللاجئين تديرها نساء. الشخصيات النسائية التي ظهرت في الفيلم (مثل غصون وأُمّ علي)، تعبر بشكل كبير عن واقع الحال، لجهة قوة المرأة وصلابتها رغم ما مرَّ بها وبعائلتها. أُمّ علي الجدة مثلاً، تملك موهبة فنيّة، وتطوعت في أحد المراكز النسائية من أجل أن تمارس هوايتها الفنيّة بتحويل النفايات والأشياء المتروكة إلى أعمال فنيّة، وهي اليوم تعمل وتحقق دخلاً، بينما زوجها غير قادر على العمل. أما “غصون” التي اختارت العيش خارج المخيم، من أجل أن تمنح أولادها الصغار القليل من ظروف الحياة الطبيعية. وحتى يستطيع أولادها أن يذهبوا إلى المدارس الأردنية العادية. هي أُمّ  بدون معيل، لكنها هي الأخرى عثرت على طريق من أجل تدبير مداخيل، عبر صناعة إكسسوارات شعر نسائية للمحجبات. الذي أردنا أن نبينه في الفيلم، هو إظهار المراة العربية كامرأة صبورة وشجاعة، وهو ما أعرفه طوال حياتي. 
 
– كيف يمكن للراغبين المساعدة، وأين تذهب المساعدات؟
مهاب: لقد بدأنا حملة اجتماعية على شبكة الإنترنت، من أجل إفساح المجال لمشاهدي الفيلم بالتحرك والمساعدة. الحملة الاجتماعية لها خمسة أهداف: لفت الانتباه، تثقيف الناس بأزمة اللاجئين، دفع المشاهدين في الدفاع والتحرك في محيطهم والتنبيه بقضايا اللاجئين. وضعنا في الموقع الإلكتروني(http://livingonone.org) خارطة للولايات المتحدة وفيها مواقع المؤسسات الأمريكية التي يمكن عبرها مساعدة اللاجئين السوريين. الأمر الذي يمكن لا يعرفه كثر، أن الولايات المتحدة كانت من أكبر مستقبلي اللاجئين في العالم قبل الأزمة السورية. وهو الأمر الذي يشهد تراجعاً اليوم على وقع الانتخابات الامريكية القادمة. كذلك وضعنا في الموقع الإكتروني  روابط لكيفية التبرع بالأموال لمجموعة من المؤسسات الإنسانية التي تعمل مع اللاجئين. نحن نحاول أن نلهم الناس أثناء فقرة الأسئلة والأجوبة التي تعقب عروض الفيلم، ونطلب من المشاهدين أن يستخدموا مواهبهم في المساعدة وبأيّ شكل يختاروه. 
 
– السؤال إلى سلام ومهاب، ماذا كان عملكما قبل أن تصلا إلى إنتاج الأفلام؟
سلام: أنا ابنة لاجيء فلسطيني نشأ في عدة دول، إذ عاش في الأردن، وبعدها في بيروت التي درس بها، قبل أن يتوجه إلى السعودية التي ولدت بها. لقد نشات في بيئة أمريكية في السعودية ، ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة في فترة مبكرة من حياتي. والتي قررت البقاء فيها وبعد أن درست في الجامعات الأمريكية، أما أهلي فما زالوا يعيشون في الأردن. بدأت حياتي المهنية في الإعلانات، ثم عملت بعدها مع المخرج روب ريدرغيس. قبل فترة اتصلت مع مهاب، وقررنا أن نطلق شركة إنتاج باسم “1001 ميديا”، لأني شعرت أن هوليويود تقوم بتصوير العرب على نحو سلبي كثيراً، وأردنا أن نغير هذا الأمر. وأن نسلط الضوء على قصص إنسانية لعرب. في ذلك الوقت قابلنا “كريس” و “زاك” وشعرنا أن الفيلم مناسب كثير لنا. 
مهاب: أنا أيضاً نشأت في السعودية، في مجتمع مختلط كثيراً، أحد الأسباب التي جعلتني أفكر بإنتاج أفلام عن اللقاء بين الشرق والغرب، لأن تجربي في الحياة في مجتمع مُتعدد الإثنيات كانت إيجايبة كثيراً. وهذا أمر لا نراه في السينما أو الإعلام. ولأن سلام وانا آتيان من المحيط الاجتماعي نفسه، أحببنا أن نعكس هذا في أفلامنا. 
 

إعلان