“التمثيل هو ركوب قطار لا يتوقف”.. الممثلة المخضرمة فاطمة بوجو للوثائقية
![](/wp-content/uploads/2020/01/02.jpg?resize=770%2C513&quality=80)
حاورها: المصطفى الصوفي
حينما تقول الممثلة المغربية فاطمة بوجو إن التمثيل هو ركوب قطار لا يتوقف، فهي تدرك أن السفر بين ضفاف الفنون رحمة إبداعية ومتعة لا تعادلها متعة، لذلك تُعدّ من بين الممثلات النشيطات اللاتي يسافرن من هنا وهناك بحثا عن الحقيقة الفنية التي تبدو مثل السراب.
ابنة مدينة القنيطرة في ضواحي الرباط من أصول زاكورية (نسبة إلى مدينة زاكورة في الجنوب)، وهي منطقة شهيرة بسحرها الصحراوي الأخاذ، فهي محاذية لمدينة ورزازات هوليود السينما الأفريقية، التي صُوِّرت فيها أشهر الأفلام العالمية التي حازت على عدة جوائز أوسكار. فاطمة بوجو خريجة جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس تخصص المسرح، والمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، أهّلتها تجربتها الفنية بحكم درايتها بأربع لغات حيّة؛ من المشاركة في الكثير من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية الوطنية والدولية.
عملت فاطمة إلى جوار العديد من المخرجين والممثلين البارزين المغاربة والعرب، أبرزهم فريدة بورقية في مسلسل “جنان الكرمة”، وعهد بنسدوة في السلسلة الأفريقية “لابريكاد”، ونجدة إسماعيل أنزور في “آخر الفرسان”، وحاتم علي في السلسلة التاريخية “ربيع قرطبة”، و”شجرة الزاوية” مع نور الدين منخار، وغيرها من الأعمال التي تتجاوز العشرين.
كما تألقت في كثير من الأعمال السينمائية الأخرى مع نخبة من المخرجين الروّاد والشباب، أمثال حميد بناني في “صلاة الغائب”، و”جارات أبي موسى” لعبد الرحمن التازي، ورشيد الوالي في “حفيد الحاج”، وسناء عكرود في “عرس الذيب”، و”إز نوت كود” للفرنسي باتريك براودي، و”جوهرة بنت الحبس” لسعد شرايبي، إضافة إلى الكثير من الأفلام القصيرة المغربية والفرنسية والإسبانية وغيرها.
وعلى مستوى المسرح قدمت بوجو أكثر من 22 عملا مسرحيا، منها “نابولي مليونيرة” لمحمد عفيفي، و”بيت الدمية” لرشيد أمحجور، و”المحاكمة” لنبيل لحلو، و”رجل برجل” لفايز قرقاز من سوريا، و”الزعيم” لشريف عرفة مع عادل إمام، و”هي وأخواتها في سيرك الدنيا” تأليف عبد الكريم برشيد، وإخراج عبد المجيد فنيش، إضافة إلى مشاركتها في كوميديا موسيقية لـ”جيسيكا سير” و”بيستر مايك” من الولايات المتحدة، وملحمات ودبلجة أعمال فنية وغيرها.
تلتقي الجزيرة الوثائقية مع الفنانة والممثلة فاطمة بوجو في حوار خاص، حيث تبوح فيه عن الكثير من المعطيات الفنية نوردها كالتالي:
- فاطمة بوجو من الممثلات البارعات التي قدمت أعمالا كثيرة في السينما والمسرح والتلفزيون، كيف ولجتِ إلى هذا المقام بعد تجربة بدأت منذ الثمانينيات؟
طبعا رغم كل ما وصلتُ إليه، فالفنان دائما لا يُقاس بعدد الأعمال التي قدّمها، بقدر ما يُقاس بقيمة تلك الأعمال، ومدى رضى الجمهور عنها. أما التمثيل فمنذ الطفولة لا يزال يُمثّل لي ذلك العالم الذي فيه أجد ضالتي وهويتي.
التمثيل هو ركوب قطار لا يتوقف، والسفر عبره تكوين مستمر مع كل دور جديد، ولا مكان فيه لمحطة الوصول، لذلك فإني أعتبر نفسي دائمة البحث والتجديد وتطوير الذات، لأن كل عمل ودور قد انتهيتُ منه يُحيل إلى محطة جديدة قد تكون مختلفة عن الأخرى، وبالتالي يكون عليك بذل مزيد من الجهد والمثابرة لتقديم الأفضل. كما أن الشهرة ليست هدفي، فأنا فقط أستمتع بالعملية الفنية كممثلة قدر المستطاع، وسلاحي وشعاري دائما هو “أَحِبَّ ما تقوم به، وما تقوم به سيحبك ألف مرة”، سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما.
- إذن من هو الأقرب إلى نفسك من بين هذه الإبداعات المختلفة؟
الأعمال الدرامية لها متعتها الخاصة، لكن المسرح هو حياتي وعالمي السحري، ارتبطتُ به منذ أيام ممارستي للمسرح المدرسي بالثانوية، ومسرح الهواة بدار الشباب، فلا مثيل لهذا التواصل الحيّ والسحري بين الجمهور والممثل على الخشبة، مما يمنح الممثل طاقة لا مثيل لها تتحكم في درجة أدائه، إذ ترتفع أو تنخفض حسب رنين هذا الصدى، حيث يصبح الجمهور هو المتحكم الحقيقي في الأداء.
الذي إنني أعتبر هذا الجمهور هو رأس مال الفنان، وبالتالي فإن على الفنان أن يبذل الكثير من الجهد ليبقى قريبا من الجمهور، سواء من حيث المواضيع التي يعمل عليها، أو من حيث الأداء الجيد الذي يقدمه الممثل.
![](/wp-content/uploads/2020/01/111.jpg)
- إذن فأنت من بين الفنانين الذين يختارون الأنسب والمهم؟
نعم بطبيعة الحال، لكن سابقا بعد تخرجنا من المعهد العالي للفن المسرحي بالعاصمة الرباط، كنا نؤمن بوَهم الاختيار، غير أن واقع قلة الإنتاجات الفنية التي تعتمد على الدعم العمومي فقط إضافة إلى تزايد عدد الممثلين؛ جعلا الممثل يعيش حالة انتظار طويلة دفعته للقبول بأي دور يقدم له، لأن متعة الوقوف أمام الكاميرا أقوى من أي شيء آخر، بالتالي فعلى الفنان أن يشتغل وفق ما هو مناسب وجيد، خاصة أن العديد منهم يعيش وضعا اعتباريا يحتاج إلى كثير من الاهتمام.
- دائما ما يُطرح الوضع الاعتباري للفنان في ظل الكثير من الإكراهات، ووضعية الممثل محمد الخلفي نموذج لذلك، في نظرك كيف تنظرين إلى هذا الوضع؟
الفنان محمد الخلفي من جيل الروّاد، نحترمه ونُقدّر مساره الفني الطويل، لكن المجال الفني بالمغرب بدأ بمبادرة شجاعة من هؤلاء الروّاد، مع أنهم يعلمون بأنه عمل دون ضمان اجتماعي أو صحي ولا تقاعد فيه.
الفنان المغربي ليس بحاجة لصدقة، بل لفرص عمل تتكافأ فيها الفرص بين جميع الأجيال من الفنانين، وأيضا لفتح الباب أمام ترويج الإنتاجات المغربية بالقنوات العربية وباقي قنوات العالم، مما سيشجع القطاع الخاص على الاستثمار في إنتاج الأعمال الدرامية والسينمائية، وأيضا تفعيل ما أمر به العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني رحمه الله من تخصيص نسبة 1% من قيمة مبلغ الضريبة على القيمة المضافة لدعم المسرح والثقافة، وأيضا أن تعود القناة التلفزيونية لبث إشهار العروض المسرحية على الشاشة، مما سيساهم في عودة الجمهور إلى شراء تذاكر العروض المسرحية.
إذن من هذا المنطلق، فإن الوضع الاعتباري للفنان بالرغم من المكتسبات التي تحققت مثل انتزاع مكتسب بطاقة الفنان؛ فهو بحاجة إلى مراجعة، لأن الفنان من واجبه أن يعمل، وأن تتوفر له ظروف العمل أسوة بباقي الفنانين، فضلا عن ضمان مستقبله الاجتماعي والصحي وما إلى ذلك.
- على ذكر بطاقة الفنان، ما قيمة هذا المكسب وما انعكاسه الإيجابي على الفنان؟
بطاقة الفنان هي اعتراف فعلي بأن الفنان بالمغرب أصبح ينتمي إلى قطاع مُنظم ومُهيكل يحمي حقوقه، فهي -بحسب ما صرح به الوزير السابق مصطفى الخلفي وقت المصادقة عليها- تُخوّل لصاحبها الأولوية في العمل بالأعمال الفنية المدعومة من قبل الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، ونحن نأمل جميعا بأن يتحقق ذلك قريبا، هذا فضلا عن مكتسبات أخرى لكنها غير كافية، ونثمن بالمناسبة جهود كافة الإطارات النقابية والفنية التي ناضلت من أجل انتزاع تلك المكتسبات.
- مشهود للممثلة فاطمة بوجو بمساهمتها في دعم المبادرات الفنية والشبابية عبر ورشات وتكوينات مسرحية وسينمائية، ما أهمية ذلك في خدمة مجال الفن بشكل عام؟
أؤمن بالمسؤولية الفردية تجاه الوطن للمواطن عامة وللفنان خاصة، ومسؤوليتي الفنية والأكاديمية تتلخص في دعم الفئات الشابة وتشجيعها لتصبح فاعلة حقيقية في دفع قاطرة التقدم والازدهار، ورغبتي الحقيقية هي أن أبعث إليهم رسالة تدفعهم للتفاؤل، وتجاوز فكرة أنهم ضحايا المجتمع أو السياسة.
الأفضل ليس أن تصل إلى منصب أو مستوى ما، بل الأفضل هو أنك قادر على أن تصل إلى كل ما تصبو إليه، إلى أقصى حدود الممكن في هذا العالم، وأعتقد أن تنظيم ورشات ودورات تكوينية ولقاءات مفتوحة وتأطير الشباب؛ يخدم الفن السينمائي والمسرحي، ويساهم أيضا في التصدي لكل أشكال الانحراف، ونحن في المغرب وكل الوطن العربي والعالم بحاجة إلى مجتمع يحمل قِيَم النبل والتسامح، ويحافظ على مبادئ الهوية وروح التعايش والتضامن وفضائل الإنسانية.
- هل ترين معي بأن المسرح المغربي في علاقته بالمسرح العربي قد أصبح له موطئ قوة، وأن ما تحقق له من تراكمات ومشاريع دعم ساهم في إشعاعه؟
المسرح مثل السينما، وأنا فخورة بكل الفرق المسرحية التي قدمت صورة راقية عن المسرح المغربي في المهرجانات العربية، سواء حصلت على جوائز أم لم تحصل، كانت آخرها مشاركته الوازنة في فعاليات الدورة الـ12 لمهرجان المسرح العربي بعمان.
بالمناسبة أذكر نخبة من المسرحيين الذين تألقوا، أبرزهم عبد الكريم برشيد ومحمد الحر وأسماء هوري، وأمين ناسور ونعيمة زيطان وحسن هموش ومحمود الشاهدي ومسعود بوحسين وعبد الجبار خمران وغيرهم.
نعم مسرحنا المغربي بألف خير، فهو يشهد حاليا تنوعا مُكثفا في أشكال الفرجة المسرحية، فهناك المسرح التجريبي ومسرح “الفودفيل” ومسرح الشارع والمونودراما، إضافة إلى أنه يستفيد سنويا من دعم وزارة الثقافة، خاصة في إنتاج وترويج الأعمال المسرحية بنحو 40 فرقة، ودعم الجولات الوطنية (13 جولة)، وكذلك دعم توطين الفرق المسرحية بالفضاءات المسرحية، كما أن “المسرح الوطني محمد الخامس” بالرباط يُساهم سنويا في إنتاج وترويج الأعمال المسرحية وأيضا شراء العروض، وهذا شيء جميل، فضلا عن مشاركة العديد من الفرق المسرحية في مهرجانات دولية، وهذا طبعا ساهم في إشعاعه بشكل كبير.
- الملاحظ أن الدراما المغربية تظل ناقصة مقارنة بنظيراتها في بلدان عربية، ما الذي يتطلب الأمر لكي تكون أكثر قوة وحضورا ومتابعة؟
ليس عدلا أن نُقارن الدراما المغربية ذات الميزانيات الإنتاجية الهزيلة التي لا تسمن ولا تُغني من جوع، بالدراما في بلدان عربية أخرى وما يُرصد لها من ميزانيات خيالية لإنتاجها، كما أن هذه الإنتاجات تحصل على أرباح طائلة من بيعها لكافة القنوات العربية والقنوات بشمال أفريقيا، إذن فالدراما المغربية تحتاج إلى ميزانية كافية، وقد حققت حاليا نجاحا جماهيريا كبيرا رغم الانتقادات التي تُوجّه إليها إعلاميا، مع أنها انتقادات مُبالغ فيها.
إن الدراما المصرية تبقى هي المُتربعة على عرش الدراما العربية بثلاثين مسلسلا من ضمن ثمانين مسلسلا عربيا في السنة، من خلال تخصصها في الأعمال الاجتماعية، إلا أنها أصبحت تُركز عملها على مستوى موسم رمضان، وأيضا تتبع موضة الدراما الغربية التي تركز على المواضيع البوليسية ومواضيع الجريمة اللغز والمخدرات كما في مسلسل “زي الشمس” لسامح عبد العزيز، و”قابيل” بطولة محمد ممدوح، و”ولد الغلابة” لأحمد السقا، باستثناء بعض المسلسلات السورية التاريخية، وأبرزها “آخر الفرسان” لحاتم علي، و”ربيع قرطبة” اللذين شاركتُ فيهما، وأيضا مسلسل “باب الحارة” بكل أجزائه، وبعض المسلسلات اللبنانية كمهروس بيروت وبروفا، والأعمال الكويتية “حدود الشر” للممثلة حياة الفهد وغيرها.
![](/wp-content/uploads/2020/01/FA-BOUJO-660x330-1.jpg)
- في هذا الإطار، هل حقا يمكن الحديث عن سينما عربية في غياب ذاكرة ووعي ثقافي مشترك؟
هذا هو مربط الفرس وبيت القصيد كما يقولون، وهذا هو السؤال الذي يطرح نفسه، هل حقا يمكننا الحديث عن ذلك وعن سينما عربية في ظلّ غياب ذاكرة ووعي ثقافي مشترك بين هذه البلدان، مع أن اللغة العربية تجمع بينها جميعا؟ وهل المخرج السينمائي قبل تجاوزه الرقابة القانونية المفروضة عليه نجح في تجاوز الرقابة الذاتية المكتسبة من تربية عميقة مبنية على القمع والانصياع لسلطة الوالدين كمصدر وحيد للمعرفة، مع إنها معرفة مبنية على معتقدات وأفكار مبنية على الجهل وسوء التأويل للخطاب الديني، بالإضافة إلى أنها سينما عجزت إلى حد الآن عن تحقيق المعادلة الصعبة بين تناول قضايا إنسانية جادّة من عمق الواقع العربي، وبين خلق فُرجة ومتعة قادرة على استقطاب الجمهور وتحقيق الربح المادي المنشود؟
كما أن السينما العربية تُعاني من أن أغلبها يُنجز بميزانيات ضعيفة، وبمبادرة فردية من المخرج، مع العلم أن المخرج المصري يوسف شاهين مثلا أنجز فيلما ضخما وناجحا بإمكانيات بسيطة. نعم هناك محاولات تجريبية لبعض الأفلام التي تجاوزت الصناعة التجارية، كفيلم “ورد مسموم” للمخرج أحمد فوزي الذي نال عدة جوائز، و”يوم وليلة” أيضا لمخرجه أيمن كرم، وأفلام أخرى لاقت استحسانا كبيرا من قبل الجمهور والنقاد. ومع ذلك فإن السينما العربية تحتاج إلى التحرر من الجهل المعرفي، وإدراك المزيد من الوعي الذي قد يُمكّنها من المساهمة في توسيع الوعي في العالم العربي، والتأثير فيه من خلال الإبداع السينمائي المبني على الخلق والابتكار، بدل التقليد الأعمى للأعمال الغربية والأمريكية.
![](/wp-content/uploads/2020/01/67.jpg)
- كيف ترين مشاركتك في أعمال مغربية وأخرى أجنبية، هل أنتِ راضية عنها وعن الإنتاجات السينمائية الوطنية؟
أعتزّ بمشاركتي السينمائية المغربية والأجنبية. أما السينما المغربية فهي في تقدم مستمر شكلا ومضمونا، فقد أصبحت تصل الأفلام المدعومة من قبل المركز السينمائي إلى 25 فيلما في السنة، وإلى جانبها مجموعة من الأفلام التي تُنجَزُ بدعم ذاتي، إضافة للمهرجان الوطني للفيلم الذي يُقام بطنجة احتفاء بالإنتاجات الوطنية الحديثة، فضلا عن مشاركة الكثير من الأفلام المغربية بمهرجانات دولية روائية ووثائقية طويلة وقصيرة.
كل ذلك يُثبت بأن للأفلام المغربية بصمتها الخاصة التي أصبحت تستقطب الجمهور المغربي أكثر وأكثر، مما جعل عدد المهرجانات السينمائية الموزعة في البلاد تصل إلى 85 مهرجانا، منها مهرجانات متخصصة في الفيلم الوثائقي، وهذا مكسب مهم يؤكد من جديد قيمة الاهتمام بالسينما بشكل عام، وترسيخ ثقافة الفيلم سواء في المدينة أو حتى في العالم القروي والأرياف بشكل خاص.
- على ذكر الفيلم الوثائقي، وبما أنك شاركتِ كضيفة ومقدمة ورشات وعضو لجنة تحكيم مهرجانات عدّة، كيف يساهم هذا اللون الإبداعي في تنويع الفرجة السينمائية وحفظ الذاكرة والهوية والتاريخ والإنسان؟
إذا كانت السينما الوثائقية هي المعالجة الخلّاقة للواقع والمجتمع، فإن الفيلم الوثائقي هو من وجهة نظري إبداع حقيقي لمجتمع متفاعل مع كونيته، وفن يرافق الإنسان في حلّه وارتحاله، فهو ناقل بالصوت والصورة والشهود لحكايات لن تموت.
إنه العين الخارجية التي تُقدّم الكثير من المظاهر الاجتماعية والثقافية والسياسية من زوايا مختلفة، إنه عمل إبداعي يُوثّق للذاكرة المشتركة من خلال العادات والتقاليد والأزياء المختلفة، ويظهر التنوع الثقافي واللغوي والحضاري والإنساني كعامل يُوحّد الجميع. ولعل مهرجانات الفيلم الوثائقي التي تُقام في خريبكة وأصيلة وزاكورة والعيون وغيرها، ما هو إلا دليل على أهمية هذا النوع في التثقيف والتوثيق.
![](/wp-content/uploads/2020/01/6.jpg)
- لكِ تجربة في إسبانيا، فمن خلالها عايشتِ الكثير من القيم السينمائية، كيف تقارنينها بنظيرتها المغربية والعربية مثلا؟
تجربة العيش بإحدى المدن بإسبانيا ومعاينتي للمجال السينمائي والمسرحي هناك؛ جعلتني أكتشف بأننا محظوظون كثيرا بالمغرب، وبأن فرص العمل في الفن مفتوحة للجميع، وهي أسهل بالمقارنة بما يوجد مثلا في إسبانيا، فليس كل ما يلمع ذهبا، فشبابنا يتخيّل صورة غير واقعية عن البلدان الأجنبية، وفي الوطن العربي أعتقد أن الكثير من البلدان العربية لديها نفس الهمّ، ولديها أيضا الكثير من المكتسبات والمبادرات الجميلة التي تخدم المجال الفني بشكل عام، وعلى المهنيين والممارسين والشباب أن يستفيدوا من تلك المكتسبات.
وفي هذا الإطار أضيف إلى أن المدن الصغيرة تفتقد إلى أنشطة فنية دائمة، فحضور عرض مسرحي لفرقة محترفة يتجاوز بإسبانيا إمكانية الفرد المادية، فأنا أعرف فرقة مسرحية تحترف هواية المسرح لثلاثين سنة وفيها ممثلون مقتدرون، لكنها تعرض ما يقل عن عشرة عروض فقط في السنة داخل مدينتها، كما أنها لا تشارك بمهرجانات مسرحية. هذا عكس المغرب، فأغلب الفرق المسرحية تحصل على فرص المشاركة في العديد من المهرجانات، كما أن مشاهدة العروض المسرحية بالمغرب هي في متناول الأغلبية، إضافة إلى أنها مجانية.
- ما جديد فاطمة بوجو؟
حاليا أقوم ببحث تحضيري لجمع المواد، وذلك لمشروع فيلم وثائقي قادم إن شاء الله. أما على مستوى المسرح فنحن نقوم بجولة فنية لمسرحية “حنا هما حنا”، كما أُحضّر لعرض مسرحي جديد، وورشة للتكوين في المسرح بمدينة طانطان جنوبا خلال هذا الشهر، ولقاء مفتوح (ماستر كلاس) مع تلامذة ثانوية المسيرة بالقنيطرة التي درست بها، والتي تُعدّ من أقدم المؤسسات التعليمية بالمدينة، فضلا عن التحضير لتصوير مسلسل مغربي وآخر سينمائي أتركه مفاجأة للجمهور.