“أفغانستان الأرض الجريحة”.. منتج السلسلة الفني يتحدث عن كواليسها للوثائقية

حاورته: شدى سلهب

تعرض قناة الجزيرة الوثائقية للمرة الثانية سلسلة “أفغانستان.. الأرض الجريحة” على شاشتها يوم 10 سبتمبر/أيلول الجاري على مدى أربعة أيام متتالية، حيث تنقل لنا قصة صراع شكّل أهم أحداث القرن الحادي والعشرين وغيّر ملامح الشرق الأوسط، وتروي السلسلة المكونة من أربع حلقات تاريخ أفغانستان، وتاريخ عقود من النزاعات الأهلية والحروب التي عاشها الشعب الأفغاني منذ عهد الملكية وحتى الغزو الأمريكي مطلع القرن الجاري.

تحيلنا السلسلة إلى فترة الستينيات الذهبية في أفغانستان، حين كانت البلاد على مفترق طرق يجمع تناقضات الحداثة والتقليد، مرورا بـ”الثورة الشيوعية” التي أشعلت جميع التناقضات ودفعت البلاد إلى حافة حرب لا نهاية لها في السبعينيات. ثم تأخذنا السلسلة إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث الحرب التي نشبت بين الجهاديين الأفغان والاتحاد السوفياتي، وانتهت بهزيمة السوفيات وانسحاب قواتهم، ليبدأ الجهاديون أنفسهم حربا أهلية جديدة فيما بينهم امتدت لسنوات أخرى.

وبعد نهاية الحرب الأهلية الأفغانية تنتقل السلسلة إلى حركة طالبان التي توجت نفسها على عرش أفغانستان، ومن ثم تختتم السلسلة حلقاتها بالمشهد الأكثر حضورا في الذاكرة الإنسانية الحديثة، حيث أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي قررت الولايات المتحدة على أثرها شن حرب على الإرهاب العالمي، وذلك بضرب تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، مما سيحوّل أفغانستان إلى فخ جديد يُعيد إلى الأذهان ذكريات حرب فيتنام.

وهنا تُحاور الجزيرة الوثائقية المُنتج الفني والمؤلف المشارك في سلسلة “أفغانستان.. الأرض الجريحة” الإيطالي “لوسيو موليكا” لمعرفة المزيد عن هذه السلسلة التي تُشارك الوثائقية في إنتاجها.

 

  • حلقات عديدة ومحاور مختلفة تطرحها هذه السلسلة، كيف تُعرّف “أفغانستان.. الأرض الجريحة”؟

أربعة عقود من التاريخ الأفغاني توثقه هذه السلسلة الفريدة التي ربما تكون هي الأولى من نوعها، إذ تغوص لتبحث عن الكثير من الإجابات التي يتساءل عنها كل شخص فينا عن أرض أفغانستان التي عانت الكثير من الحروب. فكيف غيّرت الصراعات التي شهدتها هذه البلاد نسيج المجتمع الأفغاني؟ وما الخطأ الفادح الذي ارتُكب في أفغانستان؟ ومن الأساس لماذا هذه الحرب التي لا نهاية لها؟ كلها أسئلة مطروحة تُجيب عليها سلسلة “أفغانستان.. الأرض الجريحة”.

  • ما الذي دفعكم إلى إنتاج هذه السلسلة، وما الجديد الذي تتضمنه؟

لقد كنت على الصعيد الشخصي مفتونا بالحصول على فرصة لسرد تاريخ أرض أفغانستان، لكن بالاستماع إلى قصص شعبها أنفسهم بأعمارهم المتباينة، وبوجهات نظرهم المختلفة كذلك، إلا أن اكتشافنا لوجود كمّ هائل من الأرشيف المُذهل لهذه البلاد خاصة في فترتي الستينيات والسبعينيات؛ دفعنا وحمّسنا للخروج بهذه السلسلة التي ستعرض صورا مُختلفة تماما عمّا نعرفه عن أفغانستان اليوم.

بوستر سلسلة “أفغانستان.. الأرض الجريحة” الذي سيُعرض على شاشة الوثائقية في التاسع من مايو/أيار الجاري

 

  • بحديثك عن الأرشيف المميز الذي طبع هذه السلسلة، هل لك أن تشرح لنا كيف حصلتم على مثل هذا الأرشيف الكبير؟ وما التحديات التي واجهتكم عند البحث عنه؟

إن الأرشيف المُستخدَم في هذه السلسلة هو نتيجة بحث استمر لأكثر من عامين، حيث حاولنا أن نبحث عن لقطات وثائقية أرشيفية مُصوّرة تخدمنا في السلسلة، بدلا من البحث عن مواد إخبارية لا تُضفي لمسة سينمائية على القصص التي تُروى في سلسلتنا.

وقد تمكنا بالفعل من العمل مع الأرشيفات الأفغانية للحصول على ما نوده، كما تمكنا من الوصول إلى بعض من صانعي الأفلام الموهوبين الذين عملوا في أفغانستان خلال العقود الماضية، وزوّدونا بمقاطع فيلمية مُذهلة. عدا أننا وجدنا مصادر مهمة جدا في روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وقد شكلت جميعها أرشيفا مهما ومذهلا استطعنا استخدامه في السلسلة.

  • ما المغزى من تعاونكم مع جهات إنتاجية مختلفة من العالم العربي وأوروبا وروسيا للخروج بهذه السلسلة؟

لقد كان لدينا مبدأ دافَعنا عنه من خلال تعاوننا هذا، وهو أن التاريخ بحاجة إلى عرض وجهات نظر مختلفة، لذلك فقد حاولنا دمج أكبر عدد ممكن من وجهات النظر في هذه السلسلة الوثائقية سعيا لعرض الحقيقة من أكثر من جانب. ولعلّ تعاوننا مع جهات إنتاجية من دول مختلفة كان له دور كبير بمساعدتنا في الوصول إلى الشخصيات التي قابلناها واللقطات التي تضمنتها السلسلة، فبدون هذا النوع من التعاون لم نكن لنحصل عليها.

مجموعة من الممرضات الأفغانيات يمشين في شوارع كابول خلال ستينيات القرن الماضي

 

  • ربما تكون هذه السلسلة هي الأولى من نوعها التي تُظهر وجها آخر لأفغانستان بعيدا عن دوّامة الحرب، ما الذي أردتم إيصاله بذلك؟

جاء تناولنا لأفغانستان بعيدا عن الطريقة السياسية العسكرية لرواية القصص التي رأيناها في الكثير من الأفلام الوثائقية عن أفغانستان. لقد أردنا أن نروي قصصا إنسانية نسمعها من الشعب الأفغاني ونعرضها إلى جمهور عالمي يتعاطف معه ولو للحظات، أملا بأن يُغيّر كل من يشاهد هذه السلسلة ويتأثر بقصص شخوصها من تعامله مع اللاجئ الأفغاني حين يلتقي به في أحد شوارع مدنهم.

  • حدثنا عن الصعوبات التي واجهتكم خلال تصوير هذه السلسلة.

لقد كان من الصعب علينا التصوير على أرض تعيش حالة حرب دائمة، حيث أن حركة فريق التصوير على الأرض تُشكل خطورة على كل شخص فينا، لكن كنا نُحاول التخطيط جيدا قبل النزول إلى موقع التصوير، سعيا في الحد من المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها الفريق، كما استطعنا الحصول على بروتوكولات أمنية ساعدتنا في حرية الحركة. لكن صدقا في كل مرّة كنّا نخرج فيها للتصوير ومن ثم يعود الفريق سالما كان بمثابة ارتياح كبير من مُخاطرة كبيرة.

المنتج الإيطالي لوسيو موليكا خلال التجهيز لمقابلة مع تيسير علوني مراسل الجزيرة في أفغانستان

 

  • حاولتم أن يكون اختياركم للشخصيات المُشاركة في السلسلة هي شخصيات فاعلة على الأرض وتأثرت بالأحداث بشكل حقيقي، كيف تمكنتم من ذلك؟ وهل عالجت هذه الشخصيات وجهات النظر المختلفة تجاه القضية؟

إن الشخصيات المُختارة هنا شكلت جنبا إلى جنب مع الأرشيف عاملا أساسيا ومهما في إنجاح هذه السلسلة، حيث حاولنا اختيار شخصيات من أجيال متعددة وأفكار مختلفة وجنسيات عديدة، وكنا نبحث عن متحدثين جيدين وأشخاص مستعدين لمشاركتنا ذكرياتهم الشخصية بلا تكلف، لذلك فقد أمضينا شهورا للبحث عن الأشخاص المناسبين، وجميعهم شخوص تأثروا بشكل حقيقي بالأحداث الحاصلة في أفغانستان، وشهدوا عواقب هذه الأحداث على حياتهم.


إعلان