“أثر الهجرة في شعرية المغاربة اليهود”

أحد اللوحات الكلاسيكية والتي تعكس ملامح العرس اليهودي بالمغرب
 
زبيدة الخواتري
 
أصدرت الكاتبة والفنانة الفلسطينية شادية حامد كتابها الجديد”أثر الهجرة في شعرية المغاربة اليهود”، وكان معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب المنظّم مؤخرا بالمغرب، فرصة لتقديمه وتوقيعه، كتاب مهم يسلط الضوء على واقع المهاجر المغربي الشرقي داخل الواقع الإسرائيلي في عدة مجالات، ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، مع التركيز على تطور الشعرية الشرقية في الأدب العبري الحديث على مدار ثلاثة عقود، كعامل رئيسي وضروري لقيم تشكُّل الهوية ودينامكيتها الثقافية.وقسمت شادية حامد كتابها إلى بحثين: قسم لتأريخ هجرة هؤلاء اليهود عن وطنهم الأم، والقسم الثاني تناول شعر ما بعد الهجرة إلى فلسطين. شادية مثقفة متكاملة حيث تكتب الشعر وتغني وتمثل، مع الكاتبة شادية نغوص في العمل الجديد وبعض من سيرتها الفنية والثقافية.
 
الكاتبة شادية حامد .. نودّ لو تحدثينا بداية عن عملك الجديد “أثر الهجرة في شعرية المغاربة اليهود”ومدى أهميته؟
 
انا شاعرة أحيانا،وعلى قدر الحال كما يقال، لكني مؤخرا اهتممت أكثر بنظم القوافي ورسم الصور الشعرية، فأنا من مواليد حيفا الفلسطينية، ومطلعةعلى ظروف المنطقة سياسيا واجتماعيا. كما تعلمنا اللغة العبرية وتمكنّا بذلك من النفاذ ودخول عوالم اليهود وتفكيرهم ودراسة العديد من المجالات. اشتغلت على مادة الكتاب “أثر الهجرة في شعرية المغاربة اليهود”، لكونها مثيرة للفضول ولا توجد أعمال أو كتابات من هذا المجال الأدبي والشعري. فدرست الكثير من أشعار اليهود وقسمت الكتاب إلى بحثين: قسم لتأريخ هجرة هؤلاء اليهود عن وطنهم الأم المغرب، وينظر في ظروف الهجرة وما تدخل فيها من قوى أجنبية وخارجية وما تولد من ذلك من مآسي. والقسم الثاني تناول شعر ما بعد الهجرة إلى فلسطين، بالتطرُّق لأسماء نعت بها المهاجرون. فالهجرة في الأخير هي تمزُّق، والشعر عبارة عن إفرازات، تذكر بأن آثار الجرح لدى هؤلاء اليهود لا يمكن أن تزول. وموضوع البحث هذا إذن هو شعر حفدة المغاربة اليهود الذين هاجر آباؤهم من قرى كثيرة في كافة مناطق المغرب.
 
فما هي الرسالة التي تنوين إيصالها في عملك البحثي هذا لشعر اليهود أبناء المهاجرين؟
 
صراحة لدى زياراتي المتكررة إلى المغرب، وتعرُّفي على المشهد الشعري المغربي والتقائي بالمفكرين والمثقفين،رأيت أصدقائي وسؤالهم المتكرر عن الذين غادروا المغرب من اليهود، والطرق الملتوية التي غادروا  بها وكيف استقبلهم اليهود الغربيون، حيث كانوا يسيطرون على دواليب الحكم وأثرّوا على حياتهم فيما بعد. تناولت من زاويتي أنا، ما أصدروا من صوتهم الشعري، وكيف تطور ذلك الإبداع على مدى ثلاثة عقود، ثم أصبح بعد ذلك صوت احتجاج فمعارضة في الداخل.إنه بذلك ظهور الصوت الشرقي وتطورّه داخل مجتمع غريب مثلما ينعكس في الشعر الذي بحثت فيه.
 
ألم تتخوفيّ في اشتغالك بهذا الموضوع رغم كونه أدبيا من حساسيات معينة؟
 
أولا أنا شاعرة وكاتبة من فلسطين، أي كتبت من منطلق أدبي دون أن أحضر الخلفية. فأنا فلسطينية منذ الولادة وإلى النهاية،وسليلة أسرة من الشهداء، اهتممت بجزئية اليهود لكني لم أشارك عاطفيا ولم أتخذّ أي اتجاه عاطفي في ذلك، اتجهت للموضوع بشكل موضوعي،والعمل الأدبي كشف الغطاء عن ظلم المهاجرين الذي تعرّضوا له بطريقة نقدية.
 
كيف وجدت الأدب أو الشعر المغربي عموما مادمت اطلّعت على شعره ورموزه في المغرب؟
 
الفكرة السائدة أن الشرق هو رب اللغة والشعر، وأقول أنه بعد اطلاعي على هذا العالم الأدبي في المغرب، وعبر زياراتي المتكررة وما لامسته من ذائقات ثقافية وشعرية، فهو يضم عقولا لا تحصى ولا يمكن حصرها، سواء في مجال اللغويات أو السيميائيات أو الشعر و الأدب.ربما اكتشفت أن المثقف المغربي هو أكثر اطلاعا من المثقف الشرقي. والأمثلة كثيرة في هذا الباب.
 
شادية حامد
 
هل للرجل مكانة مهمة في ذائقتك الشعرية؟ والحب موضوع شعري ظاهر في أعمالك؟
 
سترون أن غالبية كتاباتي عن الرجل وعن نموذج غير موجود. أستقي ذلك من عشقي لوالدي رحمه الله. فالأبجدية الموجودة غير كافية لحقل الحب. يجب إبداع أبجدية أخرى للكتابة عن الحب. والرجل مكمل للمرأة وداع للنجاح في مسارها. وكل مدن فلسطين أحبها.ومنها حيفا التي استنشقت فيها أول قطرة حياة. إذن لحظات الحب لا تنتهي كل لحظة حب لابد لها من قاموس.
 
حياتك ملآى بالإبداع، فهل لموطنك علاقة بذلك؟
 
الحياة شبه مستقرة وكأن المدينة تعودت على التعايش بين المسلم واليهودي والمسيحي. لكن الاحتلال يعني التمزق أيضا تحت كيان محتل. مع وجوب الحفاظ على الهوية الثقافية. فأنا فلسطينية أحمل جواز سفر إسرائيلي. ما يسبب الألم والحدّ من حريتنا في عدة مجالات. وذلك ما عبرت عنه في بعض النصوص. رغم وجود نصوص فيها دموع وألم، غير أن الأمل دائما حاضر ومتوسم. وحيفا هي جنتي وحياتي ووجودي وما بعد الخلود. وفيها أجد حريتي رغم كل شيء.
 
أنت فنانة متكاملة بين الأدب والغناء والتمثيل، ما هو عملك الفني الذي اشتغلت عليه في المغرب أيضا؟
 
إنه دور البطولة في الفيلم المغربي “الأعمى والغجرية” للمخرج عز العرب العلوي.تدور أحداث الفيلم في منطقة تدعى”إيموزار”، معروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة، قصة حب بين أعمى مسكون بالذكريات وحسناء جميلة، تجمعهما الأقدار فيعيشان حياة حافلة بلحظات من التوتر، ويطبع أجواء الفيلم التناقض والصراعات الدائمة والمفاجآت. ويقوم بدور الأعمى في الفيلم الممثل محمد عز العرب الكغاط. و للعمل حضور في المهرجانات والملتقيات الدولية.
 
شاركت في مهرجانات فنية بالمغرب.علاقتك بالمغرب إذن عميقة وكتبت قصيدة فيها تمجيد للمغرب من ما فيها: فلي منكم خِلالٌ كرّمتني/ وحبُّكُمُ طباعٌ من خِصالـي؟
 
في مهرجان المغرب فرصة للتلاقح الحضاري والاحتكاك والتعرف بالجمهور المغربي وذائقته،وظروفي الاسرية منعتني سابقا من العمل الفني واضطررت للانقطاع مدة معينة. كانت فرصة مشاركتي في مهرجان المغرب مناسبة لاعادة الحياة إلي، والابتعاد من المأساة.والمغرب بلد عظيم لي فيه ذكريات ولحظات لن انساها. أعشق الطرب والاصالة وأحببت الطرب منذ الطفولة وما زلت ، غير ان الظروف احيانا تحول دون ارادتنا. وآمل ان تكون عودتي في مستوى انتظار الجمهور المغربي والعربي. فأنا اتنفس الغناء.