“رجعي”.. أفغانستان والبحث عن بداية جديدة

“نشاهد أنا ولورا تطور الأحداث المأساوية في أفغانستان بحزن عميق، قلوبنا مع الشعب الأفغاني الذي عانى الكثير، ومع الأمريكيين والشركاء من حلف شمال الأطلسي الذين ضحوا بالكثير”.

هكذا يقول الرئيس الأمريكي الأسبق “جورج بوش” بعد رحيل القوات الأمريكية عن العاصمة الأفغانية “كابل” في أغسطس/آب عام 2021، وكأنه يُبدي اعتذاره عما حدث في أفغانستان، ويُطهّر يده من دنس الأخطاء التي اقترفها في الماضي، والتي ما زالت أصداؤها حاضرة رغم مرور الوقت وتوالي الأزمنة.

الحرب الأمريكية الأفغانية.. رؤية نابعة من الداخل

في الفيلم الوثائقي “رجعي” (Retrograde) إنتاج 2022، وسيناريو وإخراج المخرج الأمريكي المخضرم “ماثيو هاينمان”؛ يستعرض خطأ الحرب الأمريكية الأفغانية، لكن من واقع رؤية مغايرة، تبتعد عن التناول المُعتاد المباشر لهذه الحرب اللانهائية، فالنظرة هنا نابعة من الداخل، وذلك عبر التقاط تفاصيل العلاقة الوطيدة بين الجيش الأفغاني المُنشأ حديثا، والقوات الأمريكية المتمركزة في أفغانستان، والتي تنعكس بطريقة أو بأخرى على الواقع الأفغاني، وبما يسمح باتساع الرؤية لما يدور هناك من صراعات قوامها البحث عن السلطة، وإن تباينت الدوافع.

في أعقاب الغزو الأمريكي على أفغانستان في مطلع القرن الحادي والعشرين تم تأسيس الجيش الوطني الأفغاني بمعاونة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وبعد ما يربو على العقدين من الوجود الأمريكي هناك، لم يبق الكثير من هذه القوات المتركزة، فقط بضعة آلاف يقودها 12 ضابطا ممن يُطلق عليهم “أصحاب القبعات الخضراء” التي تُدرب فيالق من الجيش الأفغاني، كما يُخططون ويُعاونون القوات الأفغانية التي يقودها اللواء “سامي سادات” المرشح بقوة للقيادة العامة، ورجل أمريكا الوفي.

قد يبدو الفيلم مهموما بالشأن الأفغاني من واقع رؤية إنسانية، ولا شك في أن هذه النظرة صحيحة، لكن هناك طبقة أخرى يُعنى بها، ألا وهي هذه العلاقة المعقدة بين هذا الطرف وذاك، ومن ثم يطرح العديد من الأفكار عن السلطة والولاء، وبما يُتيح قدرة تأملية في شأن إستراتيجي قد يبدو بعيدا عنا، لكنه قريب في الوقت ذاته.

رؤساء أمريكا.. إدراك متأخر لعبثية الحرب

يبدأ الفيلم بمقدمة صوتية نسمع خلالها الرؤساء الأمريكيين “جورج بوش” و”باراك أوباما” و”دونالد ترامب” و”جو بايدن” على التوالي، كل منهم يُعلن شيئا ما عن حرب أفغانستان، البداية مع الرئيس الأسبق “بوش” وإعلان الحرب باسم “الحرية الدائمة” عندما قال “الولايات المتحدة أمة مسالمة وتُدافع عن نفسها”، ثم ينتقل شريط الصوت للرئيس “أوباما” حيث الدفاع عن هذه الحرب، واستكمال مسيرتها اللانهائية. أما الناحية المقابلة مع “ترامب” و”بايدن” فكل منهما يرى حربا لا داعي لها، ولا حاجة لدفع المزيد من الأجيال في خضم حرب لن تؤدي إلا إلى مزيد من الضحايا، وكأن الولايات المتحدة أدركت فجأة ومُتأخرا بالطبع عبثية تلك الحرب.

ففي هذا التمهيد الصوتي الذي يُعد كمدخل لفهم ماهية ومضمون الفيلم، نرى تضارب الرؤية الأمريكية نحو أفغانستان، وأنه ليس بالضرورة ما يدور في الماضي يتكرر في الحاضر، ليس بدافع معالجة تلك الأخطاء، لكن من منطلق تغير الرؤية التي ترى في عدو الأمس صديق الغد، فهكذا الحال مع التاريخ الذي تتبدل دوافعه مع مرور الزمن.

بعد تلك المقدمة الصوتية نصل لأغسطس/آب عام 2021، حيث تُفتتح الشاشة على مشهد نرى فيه مطار كابل في العاصمة الأفغانية، وجحافل من المواطنيين الأفغان تقتحم المطار ساعية للهرب، بعد عودة طالبان للحكم مرة أخرى إثر المفاوضات بينها وبين الولايات المتحدة، بينما القوات الأفغانية بمعاونة نظيرتها الأمريكية تحاول السيطرة على الوضع.

المواطنون الأفغان يقفون أمام السفارة الأمريكية بحثا عن فرصة للسفر

من هذه النقطة ينطلق الفيلم مُقدما سردية شديدة الواقعية عن أفغانستان، معتمدا على التكنيك الأرسطي (نسبة إلى أرسطو) بداية ووسط ونهاية، ومحدودية المكان حيث الصراع الدائر في أفغانستان. أما الزمن الذي اختاره الفيلم، فهو تلك الفترة السابقة على رحيل القوات الأمريكية في أغسطس/آب عام 2021، فالفيلم يدور في فلك تلك الفترة، مُتتبعا ما يدور في تلك البقعة الهادئة من الخارج والملتهبة حد الغليان من الداخل.

ما قبل الرحيل.. خبايا الداخل

يبدأ الفصل الأول من الفيلم في يناير/كانون الثاني عام 2021، أي قبل رحيل القوات الأمريكية بما يقرب الستة أشهر. يكشف الفيلم في هذا الجزء عن العلاقة الوطيدة بين الولايات المتحدة وقادتها العسكريين من ناحية، والجيش الأفغاني المصنوع حديثا من ناحية أخرى بمعاونة قوات التحالف الدولي. في تلك الأثناء يظهر التركيز الكامل على شخصية اللواء سامي سادات قائد الفيلق 215 من الجيش الأفغاني، والمرشح لتولي زمام الأمور بعد ترك أفغانستان للحكم الذاتي.

يجتمع القادة الأمريكيون في إحدى الغرف المغلقة، يتناوبون الحديث عن الوضع الداخلي، وبما يكشف عن رغبة الإدارة الأمريكية في مغادرة أفغانستان، مما يستدعي البحث عن خليفة ما يقود الوضع المتأزم، يمتلك نفس المقومات الفكرية التي يمتلكها الأمريكيون، أو “يمتلك صفاتنا الوراثية” بحسب تعبير القائد الأمريكي، أي أنهم يبحثون عن قائد أفغاني الهوية، لكنه أمريكي الهوى، كعادة الأنظمة الاستعمارية عندما تختار معاونيها.

ينتقل السرد للجانب الآخر، حيث الجيش الأفغاني، وتحديدا اللواء سامي سادات، تلتقطه الكاميرا من واقع المشاهد الأرشيفية وهو يقف بجوار جنوده وأمامهم آلات الحرب، وبمحاذاتهم القوات الأمريكية التي لا تختلف عنهم في شيء، وكأن الولايات المتحدة استنسخت النموذج الأمريكي وأودعته في الجيش الأفغاني، الفارق يكمن في اللغة، فإذا كان الأمريكيون يتحدثون الإنجليزية، فالأفغان يتحدثون لغة البشتون، لكن الهيئة واحدة والجوهر كذلك، فعلى مدى 20 عاما انقضت، دأبت الولايات المتحدة على ترسيخ وجودها وتأسيس جذور ممتدة تتيح السيطرة الدائمة، وأولى مراحل هذا التحكم هي الجيش الأفغاني الأشبه بحيش أمريكي مُضغر، مع فارق القوة بالتأكيد.

القوات الأمريكية تحرق الأوراق والمستندات قبل الانسحاب

في هذا الإطار وعبر مشاهد عدة يكشف الفيلم عن مراحل تدريب القوات الأفغانية على أيدي “أصحاب القبعات الخضراء” من عناصر الجيش الأمريكي، ثم المرحلة التالية وهي القتال بين هذا الجيش وحركة طالبان التي يزداد نفوذها مع توالي المعارك التي ينهزم فيها الجيش الأفغاني، وهذا لُب الفيلم ومضمونه الأهم، وهو التقاط تلك العلاقة الوثيقة الصلة بين الطرفين في ديمومتها المتواصلة حتى بعد مغادرة القوات الأمريكية.

الهروب من الفخ.. تكنيك الانسحاب

في الأول من مايو/أيار اتخذت الإدارة الأمريكية قرارها بالانسحاب الكامل من أفغانستان، وفي تلك الأثناء يرصد الفيلم تأثير هذا القرار على الجيش الأفغاني من ناحية، والقوات الأمريكية من ناحية أخرى، فكل منهما ارتبط مصيره بوجود الآخر في حيزه، فالقوات الأفغانية تشعر بالأمان طالما اقترن وجودها في كنف أسيادها، وكذلك الأمريكيون يشعرون بقيمة ذواتهم من وجودهم في الأراضي الأفغانية.

لكن أهم ما ترصده كاميرا الفيلم هي مراحل هذا الانسحاب التي تقضي وفق قواعد وزارة الدفاع الأمريكية بتدمير المواقع العسكرية بالكامل، ليس ذلك فحسب، بل التخلص من كافة المتعلقات والأسلحة المتبقية، وعدم تركها للقوات الأفغانية المتعاونة، في كشف صريح وجلي لكيفية تعامل الأنظمة الاستعمارية مع مستعمريها، لنرى في هذا الشق الأمريكيين وهم يُحطمون أجهزة الحاسوب والمكاتب، ويحرقون الخرائط والمستندات الهامة، ويُدمرون الأسلحة في حفل تفجير أقرب للعروض البهلوانية.

القوات الأمريكية تتابع ما يحدث في أفغانستان عن كثب

لا تكتفي الكاميرا بتسجيل يوميات الانسحاب العشرة المتبعة في هذه الحالات، لكنه يستكمل مراحل تسليم القاعدة العسكرية للقوات الأفغانية، حيث يتم إنزال العلم الأمريكي بسهولة ويسر، وفي المقابل يوضع العلم الأفغاني على الساري بصعوبة بالغة، وعند نصب العلم نجده مائلا للأمام في وضع أقرب للتنكيس منه إلى الزهو، دون أن تُدرك الكاميرا أنها تقتنص رمزية المشهد الأفغاني المُستند على قوة الأمريكيين، وكأنهم يحتمون بحائط مائل لا فائدة تُرجى منه.

ما بعد الرحيل.. مواجهات وصراعات

بعد أن أتمت الولايات المتحدة انسحابها من الأراضي الأفغانية، تَسلم الجيش الأفغاني الحديث السلطة بالتعاون مع رئيس الدولة، إلا أن التركيز هنا على الصراع الدائر بين القوات الأفغانية وحركة طالبان التي تسعى للسيطرة مُجددا على مقاليد الحكم بعد 20 عاما من إزاحتها من الخارطة السياسية.

ففي الفصل الثاني من الفيلم الذي يبدأ في يونيو/حزيران عام 2021، مع انسحاب الجيش الأمريكي، يكشف الفيلم عن حجم المناوشات والصراعات العسكرية بين الجيش الأفغاني وطالبان، كلما تقدم السرد وتشعبت الحكاية. تقتنص طالبان المزيد من الأراضي، مما يدفع قائد الفرقة 215 اللواء سادات للمفاوضات مع قادة العشائر ومع الشعب الأفغاني، لكن هذه المفاوضات لا تصل إلى شيء، خاصة مع توالي الهزائم، حيث يقول سادات في إحدى المشاهد بأن الشعب يقف بجوار الجيش بعدما رأى انتصارهم في العديد من المعارك، وبناء على هذا يتحرك طالبا الدعم الشعبي الذي يخذله، وبما يكشف صراحة عن موقف الشعب الأفغاني في أي صف يقف.

يُعد هذا الفصل هو الأطول، فالمعارك المُحتدمة بين الطرفين لا تكاد تتوقف، كل منهما يسعى للاحتفاظ بأكبر رُقعة من الأراضي، لكن تعداد القوات الأفغانية في هذا الفيلق لا يتعدى 15 ألف جندي، في مقابل 80 ألفا من طالبان، هذا بالإضافة إلى قوة التنظيم التي تتمتع بها طالبان، على عكس القوات النظامية غير المُدربة والخائفة من المواجهة، وحينها تصل المعارك لنقطة اللاعودة.

أفغانستان عن قرب.. نظرة متعمقة

أغسطس/آب عام 2021، عند هذا التاريخ كما هو مدوّن على الشاشة، يصل السرد للفصل الثالث، حيث ينتهي من حيث بدأ، في سرد دائري مُحكم للغاية، حيث نرى في هذا الفصل ما الذي جرى بعد مغادرة الأمريكيين وتسلم طالبان للسلطة.

الجيش الأفغاني المنُشأ حديثا في أفغانستان

تسعى الكاميرا لتوضيح تطور الأمور على الجانبين في هذا الشق من الفيلم، فتُصور قادة حركة طالبان في اجتماعاتهم ومؤتمراتهم وهم يتعهدون بالحفاظ على الأمن والبلاد، في مقابل اقتناص مشاهد للعديد من أفراد الشعب الأفغاني وهو ينتظر دوره في الرحيل. أما الأمريكيون في الناحية الأخرى فيُتابعون الأمور بعين مفتوحة وأخرى مُغمضة، حيث تتولى القوات الأمريكية حماية المطار والمنشآت الحيوية، بعد عودة ما يقرب من ألف جندي للمساهمة في حفظ الأمن، في إثر هروب رئيس الدولة آنذاك وتفكك الجيش.

هنا يُفتتح المشهد على اتساعه، في نظرة مُقربة عن الوضع الأفغاني، فالسيطرة الحقيقية في الشارع لطالبان، وكذلك قادة العشائر ينتمون ولو فكريا لهم، فالحديث عن أي خلخلة في الوضع الاجتماعي أو الإنساني جراء عودة طالبان للحكم مرة أخرى ليس دقيقا بالدرجة الكافية، صحيح أن مشاهد هروب الآلاف من الشعب الأفغاني لا تزال ماثلة في الأذهان، وهذا ما عبر عنه الفيلم، لكن عندما تتجول الكاميرا بحرية بين الشوارع يُكتشف أن الحال كما هو لم يتغير كثيرا قبل أو بعد طالبان، وفي حالة رفض الشعب لهذه السلطة الجديدة، لماذا لم يُقدموا العون اللازم لـ”سادات”؟ أو بمعنى آخر، لماذا لم يسلكوا وسائل الاعتراض الثورية المتعارف عليها؟

سامي سادات.. أزمة رجل وحيد

منذ بداية الفيلم والتركيز بصورة مُفصلة على شخصية سادات بوصفها مُحركا وفاعلا في سير الأحداث، فقد اختير بعناية من قِبل الأمريكيين، وتحديدا بسبب خلفيته التاريخية والسياسية، حيث سُجن والده في عهد طالبان، وعاد مع وصول القوات الأمريكية إلى أفغانستان، لذا فولاءه الكامل للقوات الأمريكية.

تلتقطه الكاميرا في أوضاع عدة؛ أسلوب حياته ومشيته وحديثه بالإنجليزية أقرب كمواطن أمريكي عنه كأفغاني، رغم محاولاته الدائمة إثبات تقديره وانتمائه لوطنه الأصلي، لكنها محاولات تبدو مبتورة وناقصة على الدوام.

سامي سادات بين قواته ويبدو عليه الخوف من المواجهة

يسعى سادات لبسط نفوذه على حساب قادة حركة طالبان، حيث يشن عليهم معارك عدة، وبداخله شيء ما يؤرقه ويبعث الخوف لديه، ويتضح هذا في أحد المشاهد عندما نراه وهو يخشى رؤية الصور الفوتوغرافية للجرحى والقتلى من قواته، يبدو عليه التوتر الدائم، رغم سعيه الحثيث لإخفاءئه، وعندما تزداد الأوضاع سخونة، يبعث بطلب مساعدة ودعم من القوات الأمريكية التي ترفض مساعدته، بحجة أنه ليس في السلطة الآن بعد عودة طالبان للحكم، في تخل واضح وصريح عن الطفل المُدلل لهم، ليبدو كأنه رجل وحيد يصارع مصيره، حيث يقول في أحد المشاهد وملامح الأسى بادية على وجهه، “حكم علي بالشنق من حركة طالبان، وبما أن الولايات المتحدة رفضت مساعدتي، أُجبرت على الهرب للمملكة المتحدة”، حيث يُقيم الآن ويمارس نضاله من وجهة نظره، عبر التحريض من المنفى.

قراءات متعددة.. مستويات الفيلم

أنجز المخرج الأمريكي “ماثيو هاينمان” العديد من الأفلام الوثائقية والروائية، وإن كان إنتاجه الأكبر في السينما الوثائقية، وتحديدا الأفلام التي تحمل بُعدا سياسيا يتعلق بالحروب وغيرها من تلك القضايا المثيرة، والتي يُمكن تأويلها على أكثر من مستوى، فالمعنى المباشر لعنوان الفيلم يُشير إلى انسحاب القوات العسكرية من أماكنها، لكن هنا المعنى يحتمل أكثر من مفهموم، ويُمكن قراءته على مستويات عدة.

في فيلمنا هذا يطرق المخرج عبر القضية الأفغانية قضايا متفرعة من هذه العباءة الفضفاضة، مثل البعد الإنساني للحرب الأفغانية الأمريكية، والأهم هو العلاقة بين السلطة ومعاونيها، والعلاقة المثيرة بين المحتل الأمريكي والجيش الأفغاني صنيعة هذا المُستعمر، وقد نجح المخرج في تقديم هذه الأفكار بسلاسة وجاذبية تستحق الالتفات، وبأسلوب سردي متدفق يمزج كل الأفكار ويصهرها في وحدة عضوية متكاملة، مثلما يقول المخرج الروسي “دزيجا فيرتوف” عن الفيلم الوثائقي، بأنه يُقدم الحياة كما هي دون الإحساس بوجود الكاميرا، وهذا ما لجأ إليه الفيلم وبالتالي سهل عملية الإيقاع بالمتفرج في شِراكه بحرفية، ويجعل الفيلم باعثا على الفكر والتأمل في المصير الضبابي لهذا الشعب الواقع بين مطرقة الماضي وسندان الحاضر، وكلاهما يبحث عن ذاته التائهة.