مدينة بوردو.. متحف في الهواء وقصص من عبقرية العمران الفرنسي

بوردو مدينة تقع في الجنوب الغربي لفرنسا، وتُعدُّ شاهدا على عدة عصور ذهبية في تاريخها، وموطنا لعدد من المعالم المتقنة، شيدت لإثارة الإعجاب، وتفننت أنامل المعماريين في تصميمها.
هذ الفيلم تعرضه قناة الجزيرة الوثائقية ضمن سلسلة “روائع العمارة الفرنسية.. بوردو”، ويتناول ثلاثة من معالم مدينة بوردو تعد أمثلة على ما وصلت إليه العبقرية المعمارية في المدينة، وهي كنيسة القديس ميخائيل وبرجها، والمسرح الكبير، وساحة البورصة.
وبفضل خبراء تاريخ بوردو، وبعمليات البناء المتولدة حاسوبيا واللقطات الجوية غير المسبوقة، سنقص عليكم حكاية هذه المباني التي أبصرت النور في بوردو، وكانت قبلُ أحلامَ مهندسين متبصرين. وجعلت بوردو متحفا في الهواء الطلق.
حي القديس ميخائيل.. بناء كنيسة تناسب مقام الثراء
في منتصف القرن الـ14، كانت بوردو عاصمة لإمارة إنجليزية، تحيطها الأسوار من كل جانب، وكانت مكتظة بمساحة كيلومتر مربع واحد، وذلك حال دون بناء معالم متميزة في رحابها، لكنها ازدهرت خارج أسوارها في الضواحي، وشهد أحد أحيائها تطورا سريعا، إنه حي القديس ميخائيل الذي بلغ عدد سكانه 20 ألف نسمة، ففي هذا الحي كانت التجارة رائجة مع إنجلترا، واستفاد أهل الحي من هذه الميزة.

لم تعد كنيسة الرعية الصغيرة تعكس مكانة الحي وثراءه، لذا تقرر بناء كنيسة كبيرة وبرج ضخم ارتفاعه 114 مترا، ليكون أعلى معلم حجري في بوردو ومملكة فرنسا آنذاك، وتحديا معماريا على الطراز القوطي، ووقع الاختيار على عمارة “البهو” حيث يتساوى ارتفاع الممرين الجانبيين مع الصحن، وأقيم على مساحة 1400 متر مربع، ليتسع لألف مصلٍ، ووفرت له الإضاءة من خلال نوافذ واسعة جدا.
في الفترة القوطية كان أغلب بناء الكنائس على أسس كنيسة رومانية قديمة، فبعد رفع الجدران الخارجية، وإقامة الأعمدة الـ11 في الداخل لرفع السقف هدمت الكنيسة القديمة، لكن عملية البناء اتصفت بالبطء، فرغم ثراء سكان الحي فإنهم لم يكونوا يحبون البناء على نطاق واسع، إضافة إلى أخطار جلبها القرن الـ14 منها الطاعون والفيضانات وكذلك حرب المئة عام بين إنجلترا وفرنسا.
بدأ البناء عام 1330، واستغرق 250 عاما، لكن بناء الكنيسة الأولى اكتمل عام 1430، وقد بلغ طولها 50 مترا وعرضها 25 مترا، بالإضافة إلى ثلاثة أبراج خماسية في الجهة الشرقية، ثم ظهرت بوادر تحوّلٍ أجبرت البنّائين على إعادة التفكير في خطتهم بالكامل، فقد تطورت معايير البناء الديني.
تطوير الكنيسة.. تحول الكاتدرائية الذي استغرق قرنا وربعا
اتخذ مجلس الرعية قرارا جذريا بتطوير الكنيسة إلى كاتدرائية ضخمة، وزيادة حجم المبنى بنسبة 40%، واختير نوع آخر من الهياكل المعمارية الأكثر شهرة، وهو رفع سقف الصحن بما يقارب ضعف ارتفاع الجناحين الجانبيين، وبذلك ازداد الضغط على أعمدة القاعة المركزية، وشكّل ذلك تهديدا للهيكلين الجانبيين.
وللتغلب على هذا الوضع نشرت 18 دعامة بين أعمدة المركز المرتفعة وأعمدة الجانبين التي بقيت على ارتفاعها الأصلي، وبهذا تعززت قوة الجدران الجانبية ضد الانهيار، وكذلك أعيد توزيع الضغط الرأسي باتزان أكبر.

هذا التحول تطلّب 125 عاما أخرى لتحقيقه، لكن البنّائين لم يتوقعوا قط وجود عامل يهدد بانهيار البناء بعد 4 قرون من الزمن، وكان ذلك في منتصف الثورة الفرنسية، حين شكّلت الركائز مصدر قلق حقيقي، فالأعمدة التي كانت صالحة لكنيسة يبلغ ارتفاعها 14 مترا لا تتناسب مع الارتفاع الجديد 24 مترا، ومع الوقت بدأت تظهر علامات انحناء والتواء.
وللمرة الثالثة كان لا بد من إعادة بناء الكنيسة بالكامل، وستهدم الأعمدة الستة المركزية، ويعاد حفر الأقبية بعمق 8 أمتار لتقوية الأساسات، لكن قربها من النهر وارتفاع المد والجزر زاد الأمور تعقيدا، وبين 1860-1864 أعاد البنّاؤون توزيع الأعمدة وتثخينها وتسوية بعض الإشكالات في المخططات القديمة.
برج الكاتدرائية.. صاروخ مدبب يوشك أن يسقط على الحي
لإظهار مكانة القديس ميخائيل وثرائه، خططت الرعية لإنشاء برج ضخم يليق بمكانة القديس وهيبة الكاتدرائية، وكان الارتفاع المخطط له في ذلك الزمان (114 مترا) عصيا على الفهم بل حتى التخيل، فقد كان أعلى مبنى في بوردو هو برج كنيسة أندرو (66 مترا). ولضمان عدم تأثر مبنى الكنيسة بارتفاع البرج قرر المهندسون فصل البرج عن الكنسية وبناءه على بعد 15 مترا منها.
بدأ البناء في 1472 وانتهى بعد 20 سنة، ثم أنشئت ستة أعمدة ضخمة لدعمه، وتطلّب ذلك أساسا متينا، لكن المشكلة كانت في قرب المكان من مجرى النهر، فالمنطقة كلها طميٌ طريّ، وبناء يبلغ ارتفاعه 114 مترا وقاعدته قطر 20 مترا فقط، يعني وزنا هائلا على مساحة صغيرة جدا، ولذا بني البرج على ثلاثة مراحل.

الأولى: ستة أعمدة ضخمة مثبتة في الأرض بعمق بضعة أمتار، وصل ارتفاعها إلى 45 مترا، وشكلت بمجملها قاعدة البرج، وبلغ وزنها 5 آلاف طن. أما الثانية فهي بناء أسطوانة القبة، واستخدمت رافعات ضخمة في بنائها، حيث وضعت الرافعة لحمل المواد والعُمّال داخل المبنى، لأن البرج كان مجوفا، وهذا أقل تكلفة من بناء سقالات في الخارج، ثم تشييد الجزء العلوي الأكثر دقة وحساسية.
أحاطت السقالات الخارجية بالبرج، ووزّعت الرافعة الحجارة، وبدأ الهيكل يرتفع شيئا فشيئا، كان قشرة حجرية، وفي أنحف نقطة كان سُمك الجوانب الحجرية 15 سنتمترا، حجارة خفيفة قدر الإمكان، ولكن قادرة على تحمل عوامل الطقس، فعلى هذا الارتفاع قد تهب رياح بسرعة 250 كم/ساعة.
ثُبّتت الحجارة ببعضها بدبابيس معدنية مطلية بالرصاص لحمايتها من التآكل، وتستخدم العمارة القوطية الحجر مع الزجاج لمتانة أكبر، لكن الحديد يكون موجودا دائما. واستلزم إنهاء العمل 20 عاما بسبب تعقيد البناء، وأغلق البرج من الأعلى عام 1492.

بث البرج الرعب في قلوب السكان، فقد كان مثل الصاروخ ينتظر الإطلاق، وكانوا يخافون النوم ليلا خشية أن يسقط عليهم، فهو مدبب بشكل لم يسبق له مثيل، وكان الانحراف بفعل الرياح كبيرا، فقد انهار رأس البرج ثم أعيد بناؤه، أما القاعدة فما زالت راسخة إلى يومنا هذا، وصار البرج يرى على بُعد عشرات الكيلومترات، ومعلمٌ بهذا الشموخ جعل المدينة تتموضع في قمة الذوق العالمي، وهذا ما دعا إلى تشييد المسرح الكبير.
بث البرج الرعب في قلوب السكان، فقد كان مثل الصاروخ ينتظر الإطلاق، وكانوا يخافون النوم ليلا خشية أن يسقط عليهم، فهو مدبب بشكل لم يسبق له مثيل، وكان الانحراف بفعل الرياح كبيرا، فقد انهار رأس البرج ثم أعيد بناؤه، أما القاعدة فما زالت راسخة إلى يومنا هذا، وصار البرج يرى على بُعد عشرات الكيلومترات، ومعلمٌ بهذا الشموخ جعل المدينة تتموضع في قمة الذوق العالمي، وهذا ما دعا إلى تشييد المسرح الكبير.
المسرح الكبير.. معجزة هندسية على حافة النهر
في 1773 قدَّم رجل قوي أجمل مَعْلَم شُيِّد في بوردو على الإطلاق، كان الحاكم “مارشال دوك غيريشيليو” من روّاد بلاط الملك “لويس الخامس عشر”، ومن عشاق المسرح، وقد أراد تزويد المدينة بمنتجع مهيب للترفيه، واستدعى لذلك الغرض المهندسَ “فكتور لويس” خريج أكاديمية روما.
كان قصر ترومبيت مبنى ضخما للملك في بوردو، وبعد تنازل الملك عنه خطط “فكتور” لبناء المسرح، وكان نقل المواد سهلا لقربه من النهر، وبدت الأمور سهلة، لكن برزت هنالك تحديات. فقد بدأ العمل به سنة 1773، وكان مخططا إتمامه في 3 سنوات، ولكن العمل امتد لسبع سنوات، فالموقع على نهر غارون أثبت أنه إزعاج كبير، وكان المسرح في منطقة مستنقعات يرتفع فيها المدّ باستمرار.

كانت الفكرة جلب كثير من التربة والصخور لتجفيف المنطقة، لكن قوة النهر جعلت ذلك مستحيلا، فكان البديل بناء المسرح على ركائز متينة، مهمتها حمل ارتفاع المبنى العلوي والأساسات في الأسفل.
وكان الجزء الغربي مكونا من أرضية حجرية، أما في الشرق فكانت الأرض موحلة تماما، فقام “فكتور” بتركيب 240 دعامة قوية، يصل عمق بعضها إلى 15 مترا، وامتدت هذه الشبكة القوية على مساحة 1300 متر مربع، وكان هنالك قبو من طابقين تحت المبنى. كان العمل مكلفا جدا وعمل فيه 200 بنّاء، ونفدت الميزانية المخصصة مع الانتهاء من الركائز فقط.
وقد سيطرت على المهندس “لويس” فكرة مجنونة، وهي أن يبني جميع الغرف والردهات من الحجر فقط، فانتشرت المحاجر في جنوب غرب فرنسا، وفي الأسفل اختار الحجارة الثقيلة بسمك وصل قرابة متر، أما في الأعلى فاستخدم حجر الجير، فهو أخف ويمكن تشكيله جماليا.

كان التصميم الداخلي وتوزيع الضوء وبناء السلالم والتماثيل الحجرية مذهلا، ليس للعامة، بل لطبقة النبلاء والأرستقراطيين، إذ لم يتخيلوا تحفة مذهلة بهذا الجمال، فلم تكن السلالم للصعود والهبوط فقط، بل كانت واسعة جدا وذا مسند منخفض، ليتسنى لهم عرض أزيائهم الفاخرة والتباهي بمنجزاتهم وهم واقفون على السلالم. هذا التصميم أعطى انطباعا بالعظمة، وأوحى للناظر أن البناء أكثر ارتفاعا مما يبدو.
وبعد صعود السلالم يجد المرء نفسه أمام صالة العرض الرئيسية، كجوهرة مصنوعة بالكامل من الخشب، يوحي شكلها العبقري أنك في داخل آلة موسيقية، ويمكن لهذه الصالة الأسطورية أن تستوعب آلاف المتفرجين، لكن ما بقي من غرف الكواليس يخفي سحرا آخر، ففوق قاعة العرض توجد غرفة الرسامين، حيث ترسم لوحات مَشاهِد المسرحية، بعد أن كانت ترسم في ورشات مستقلة بعيدة.
وقد استخدم عبقريته في قطع الحجارة وتركيبها دون الحاجة إلى المعدن، ولمزيد من الفخامة ابتدع لنفسه تحديا جديدا، فقرر في عام 1776 بناء ظُلَّة مرتكزة على 12 عمودا، وكان هذا عملا خطيرا، فالقوى الأفقية في الظلة قد تؤدي إلى انهيار الأعمدة في الأطراف، فهي قائمة بنفسها ذاتيا دون أي دعامات أفقية.
تصميم المسرح الداخلي.. تكنولوجيا ثورية تحمل سحرا خفيا
كان التصميم الداخلي وتوزيع الضوء وبناء السلالم والتماثيل الحجرية مذهلا، ليس للعامة، بل لطبقة النبلاء والأرستقراطيين، إذ لم يتخيلوا تحفة مذهلة بهذا الجمال، فلم تكن السلالم للصعود والهبوط فقط، بل كانت واسعة جدا وذا مسند منخفض، ليتسنى لهم عرض أزيائهم الفاخرة والتباهي بمنجزاتهم وهم واقفون على السلالم. هذا التصميم أعطى انطباعا بالعظمة، وأوحى للناظر أن البناء أكثر ارتفاعا مما يبدو.

وبعد صعود السلالم يجد المرء نفسه أمام صالة العرض الرئيسية، كجوهرة مصنوعة بالكامل من الخشب، يوحي شكلها العبقري أنك في داخل آلة موسيقية، ويمكن لهذه الصالة الأسطورية أن تستوعب آلاف المتفرجين، لكن ما بقي من غرف الكواليس يخفي سحرا آخر، ففوق قاعة العرض توجد غرفة الرسامين، حيث ترسم لوحات مَشاهِد المسرحية، بعد أن كانت ترسم في ورشات مستقلة بعيدة.
وتمثل قاعة العرض جزءا صغيرا من المبنى، أما أجزاء تحضير المشاهد والديكورات اللازمة لكل مشهد، فكانت لها قاعات مخفية عن أعين المشاهدين فوق المسرح وتحته وعلى جانبيه، ويبلغ ارتفاعها 10 أمتار وعرضها 16 مترا وعمقها 25 مترا، ثم تنقل الديكورات إلى المسرح عبر حبال وروافع وسكك مخصصة، بحيث تتغير المشاهد والعرض مستمر، كانت تلك تكنولوجيا ثورية في أواخر القرن الـ18.
افتتح المسرح في 1780، وكان عاملا مهما في إعادة رسم صورة بوردو المستقبل.
ساحة البورصة.. واجهة تعكس ثراء المدينة ومكانتها العالمية
لكن هذا لم يكن ليرضي الملك، فأرسل أحد مهندسيه -جاك غابرييل مع طاقم من المهندسين- لعمل مسح ميداني، وإثبات أن الساحة لن تؤثر على الملاحة، وهو ما أنجزه فريق المهندسين ببراعة.
بدأ بناء الساحة في عام 1730، واستمر المشروع 25 عاما، فهدمت منازل ومحلات من أجل بناء الساحة، وكان المخطط عمل شرفة بشكل نتوء على حافة النهر بعرض 20 مترا وامتداد 150 مترا، وكانت تلك محنة حقيقية، فالتربة على جانب النهر غير مستقرة بتاتا، وكانت بوردو أرض مستنقعات، يعلو فيها المد كثيرا، لذا كان على العمال أن يعملوا ساعتين فقط في اليوم، عندما تكون المياه منحسرة.
كان لا بد من تشييد معلم يظهر ثراء المدينة ومكانتها العالمية وكذلك انفتاحها حضاريا وثقافيا، فتقرر بناء ساحة ملكية -تكريما للملك لويس الخامس عشر- تكون مفتوحة للجميع، فالذين يأتون من فرنسا يدخلون بوردو من جهة الشمال عبر نهر غارون، والأجانب يأتون من الميناء ويصعدون النهر أيضا، فكان ذلك المكان الذي اختير على ضفة النهر يعتبر بوابة بوردو على فرنسا والعالم.

ستشيد ساحة البورصة على مساحة 12 ألف متر مربع عند منعطف نهر غارون، وهو موقع مثالي لجذب انتباه الزائرين، وتحيط بها معالم مرموقة من جهة، والنهر من الجهة الأخرى، ولذا كان على الساحة أن تمتد إلى النهر، لكن مجلس النواب رأى أن ردم أطراف النهر يمكن أن يتسبب في تناقص عمقه، وبالتالي إعاقة حركة الملاحة، وبهذا أوقف المشروع.
يعتبر القرن الـ18 عصر التنوير والانفتاح، فقبله وعلى مدى أربعة قرون، كانت بوردو عاصمة مظلمة محصنة ذات طابع عسكري بامتياز، وفي الوقت ذاته كانت مدينة ثرية وثاني أكبر ميناء في أوروبا بعد لندن، مما جذب إليها الاستثمارات والأموال والمهاجرين، حتى تضاعف عدد سكانها بنسبة 250% في عام 1790، حين بلغ 120 ألفا.
لكن هذا لم يكن ليرضي الملك، فأرسل أحد مهندسيه -جاك غابرييل مع طاقم من المهندسين- لعمل مسح ميداني، وإثبات أن الساحة لن تؤثر على الملاحة، وهو ما أنجزه فريق المهندسين ببراعة.
بدأ بناء الساحة في عام 1730، واستمر المشروع 25 عاما، فهدمت منازل ومحلات من أجل بناء الساحة، وكان المخطط عمل شرفة بشكل نتوء على حافة النهر بعرض 20 مترا وامتداد 150 مترا، وكانت تلك محنة حقيقية، فالتربة على جانب النهر غير مستقرة بتاتا، وكانت بوردو أرض مستنقعات، يعلو فيها المد كثيرا، لذا كان على العمال أن يعملوا ساعتين فقط في اليوم، عندما تكون المياه منحسرة.

أنزلت ركائز من خشب الصنوبر قطرها 40 سنتمترا على عمق 7 أمتار، ووصلت الركائز ببعضها، وبُني هيكل الشرفة عليها، ثم بنيت المعالم حول الساحة، وإلى الجنوب مبنى فندق المزارعين (Hôtel des Fermes) لفرض الضرائب على البضائع، وفي الشمال قصر البورصة المركز التجاري (Palais de la Bourse)، وقد أنجزت الواجهات في البداية فقط، لجذب المستثمرين.
وثمة معلم كان مهما للغاية في وسط الساحة، هو تمثال للملك لويس الـ15 ممتطيا جوادا، وكان كل شيء محسوبا بدقة ليتناسب مع ارتفاع التمثال، من حيث سعة الشوارع وارتفاع البناء حوله، وحتى النقوش التي تزين الواجهات وقاعدة التمثال، كان يجب أن يكون التناسق روحَ المكان.
رسمت الساحة صورة المدينة بأكملها، فما كان مقبولا في العصور الوسطى لم يعد يليق ببوردو التجارية المتقدمة، ولذا فقد امتدت واجهات مماثلة لمباني الساحة على امتداد ضفة النهر، وفي سبعة قرون من البناء انتقلت بوردو من مدينة مظلمة خلف الأسوار إلى مدينة ثرية ومنفتحة، ذات مكانة اقتصادية ومعمارية على مستوى العالم.