“محيط واحد”.. صيد جائر ونفايات قاتلة تهدد الكائنات البحرية

كلما سعى الإنسان لاكتشاف عالم البحار، تبيّن له أن ما يجهله في هذا العالم أكبر بكثير مما يعلمه، فثمة حيوانات استثنائية تحت الماء والأمواج، لا يُنغّص حياتها سوى ما يفعله الإنسان حتى أصبحت المحيطات الآن مهددة بشكل لم يحدث من قبل في تاريخ البشرية.

يستعرض فيلم “محيط واحد” -الذي بثته الجزيرة الوثائقية ضمن سلسلة “الكوكب الأزرق”- جهود الرواد الذين يسعون جاهدين لتغيير هذه الأوضاع، فقد كرّسوا حياتهم للمساعدة في حماية البحار وإنقاذ سكان المحيط المعرضين للخطر، في وقت يرى فيه كثيرون أن محيطاتنا بلغت مرحلة حرجة، فهل فات الأوان؟

شتاء القطب الشمالي.. صراع الإنسان والحيتان على المائدة

في كل عام تُعد مياه النرويج مسرحا لواحد من أعظم مشاهد الحياة البرية في المحيط، إذ يصب أكثر من مليار من أسماك الرنجة في المضائق البحرية بالقطب الشمالي، وتجلب هذه الثروة السمكية الحيوانات المفترسة بأعداد هائلة، مثل الأوركا أو الحوت القاتل، والحوت الأحدب. ولكن هذه الهجرة لم تكن دائما وفيرة.

سمكة الأوركا المفترسة، تتغذى على أسماك الرنجة

أحيانا، تتخطى أعداد الأوركا الألف في هذا المصيد النرويجي، مما يجعله يضم العدد الأكبر من هذه الحيتان حول العالم، ولكن مع وجود كثير من الأفواه الجائعة -منها أفواهنا- نتساءل: هل يمكننا تجنب أخطاء الماضي؟

يتواجد أكثر من مليار من أسماك الرنجة في المضائق البحرية بالقطب الشمالي

للإجابة عن هذا السؤال، تستخدم عالمة الأحياء “إيف جوردان” وفريقها كاميرات ذات أجهزة استشعار متعددة، وتقول إنهم يحاولون من خلال هذه الكاميرات معرفة كيفية تفاعل الحيتان القاتلة مع فرائسها، وكيفية ممارستها للصيد، وسلوكها تحت الماء.

وللتعرف على كل ذلك، تلصق كاميرات على أجساد الأوركا، لنكتشف أنها تغوص تحت سرب الأسماك، ثم تقلب نفسها، وبضربة ذيل قوية تصعق نحو 30 سمكة من الرنجة، والمدهش أن جميع أفراد المجموعة يتقاسمون الرنجة الميتة فيما بينهم، قبل أن تنضم إليهم الحيتان الحدباء أيضا.

الحيتان الحدباء تستهلك أقل من 1% من سمك الرنجة

يقول عالم الصيد النرويجي “ليف نو إستاد” إن الحيتان تستهلك أقل من 1% من الرنجة، بينما يستهلك الصيادون أقل من 10%، وبوجود هذا التوازن يحصل كل طرف على حاجته، ونستطيع إدارة المخزون بطريقة مستدامة وطويلة الأجل. فالتعافي الواضح في أعداد أسماك الرنجة بساحل النرويج يُظهر ما يمكن تحقيقه عند إدارة المصائد بعناية.

ناقوس الخطر.. وظائف الصوت في مدن الشعاب المرجانية

إن إساءة معاملتنا للبحار لها آثار كثيرة، فبعضها يمكن التنبؤ بها، وبعضها الآخر يحمل مفاجآت غير متوقعة. وتُوصف الشعاب المرجانية في جنوب شرق آسيا بأنها الأكثر تنوعا في هذا الكوكب، ويكتشف عالم الأحياء البحرية “ستيف سيمبسون” مدى أهمية الصوت للحيوانات التي تعيش في مدن الشعاب المرجانية الصاخبة.

الأسماك تصدر أصواتا تستخدمها لجذب الزوج أو لإخافة المفترس

يقول عالم الأحياء إن الأسماك تصدر أصواتا تستخدمها لجذب الزوج أو لإخافة المفترس، وهناك لغة كاملة تحت سطح البحر، ويحاول العلماء فهم هذه الجوقة العجيبة بتحديد مصدر كل صوت باستخدام “مسماع مائي” متطور. وهناك -على سبيل المثال- سمكة ثرثارة أكثر من غيرها، وهي سمكة المُهرّج التي تستخدم الصوت -على ما يبدو- لحماية أنفسها من المفترسات مثل السلمون المرقط المرجاني.

ومن خلال تسجيلات “سيمبسون” وفريقه تُسمع بوضوح تحذيرات السمكة الكبيرة، وكذلك الصوت النابض لأنثى سمكة المهرج وهي تحاول إخافة السلمون، بينما يُصدر صغارها فرقعة وكأنهم يخبرونها أنهم على ما يرام.

ضجيج القوارب.. صخب يفسد أنظمة الحماية في الأعماق

قد تشعر فرقعة صغار المهرج أمهاتها بشيء من الأمان، لكن هناك ما يُثير القلق، إذ يقول “سيمبسون” إن الأسماك كانت تستخدم صوتها لإبعاد المفترس، ولكن عندما مرّ قارب فوق سطح الماء بدا عليها التشتت، فأدى ضجيجه إلى تغيير سلوكها بالكامل، وحينها لم تعد الأسماك قادرة على إيصال صوتها بسبب صوت ضجيج القارب، فلا يمكنها تحذير أفراد أسرتها من الخطر، فأصبحت عرضة للهجوم.

عند مرور قارب فوق موائل الأسماك، تضيع أصواتها التحذيرية فيتاح المجال للمفترسات أن تقترب

كل هذه الضوضاء يمكن أن تكون عواقبها وخيمة لكثير من أسماك الشعاب المرجانية، إذ تنجرف صغارها إلى البحر بمجرد خروجها من البيض، فتتغذى وتنمو إلى أن تصبح قادرة على العودة، وهي تستخدم الصوت لإيجاد الشعاب المرجانية، بأن تنصت للأصوات من حولها، وتستخدمها لاختيار الشعاب المرجانية التي ستسكن فيها.

ومن الواضح أنها ستفقد القدرة على الاستماع إلى هذه الأصوات، بسبب الضوضاء التي نضخها في المحيط، فهي تؤثر على جميع الكائنات البحرية من الأسماك الصغيرة إلى الحيتان الضخمة، ولكن “سيمبسون” يؤمن أنه يمكن إيجاد حلول بالسيطرة على هذه الأصوات باختيار مكانها ووقت إصدارها، ثم تقليل كمية الضوضاء التي نصدرها.

أجزاء البلاستيك.. سمٌّ يهدد الطيور القطبية والكائنات البحرية

هناك نحو 8 ملايين من أطنان البلاستيك ينتهي بها المطاف في كل المحيطات، حتى أبعد المناطق مثل جزيرة جورجيا الجنوبية التي تبعد عن القارة القطبية الجنوبية 900 ميل. هذه البرية المعزولة مكان لتكاثر عدد هائل من البطاريق، كما أنها مكان تعشيش مناسب لأكبر طائر في السماء، وهو القطرس الجوال الذي يبذل جهدا كبيرا، ويقطع مسافات شاسعة لمنح صغاره أفضل سبل الحياة، ولكن على الرغم من كل هذه الجهود فإن المستعمرة القطبية مُعرّضة للخطر.

أعداد كبيرة من الأسماك تموت يوميا بسبب التلوث البلاستيكي

تعمل “لوسي كوين” في فريق المسح البريطاني بالقارة القطبية المكلف بدراسة الطيور منذ 40 عاما. وتقول إن الدراسات طويلة الأمد أوضحت أن أعداد طائر القطرس بدأت في الانخفاض في السنوات العشر الماضية. وهناك عدة أسباب محتملة، فخلال بحثها عن غذائها في البحر قد تغرق بسبب معدات الصيد، فبعضها يأكل قطع بلاستيك يمكن أن تكون قاتلة لبعض الفراخ.

دلفين يتناول قطعة بلاستيكية دون إدراك لماهيتها

ولمعرفة مصدر هذه النفايات، ألصقت “لوسي” وفريقها أجهزة تتبع متطورة بالطيور البالغة، وقد عرفوا أنهم يجلبون البلاستيك من مناطق تبعد آلاف الأميال حيث يتخلص الناس من البلاستيك في البحار أو الأنهار حول العالم. في بعض أجزاء المحيطات يُقدّر أن هناك أكثر من مليون قطعة بلاستيكية في كل ميل مربع.

انخفاض في أعداد طائر القطرس في السنوات العشر الماضية بسبب التلوث البلاستيكي

وعلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، يُحقق الباحثون في الوفيات الغامضة للدلافين الصغيرة، وترأس الفريق الطبيبة “ليزلي هارت”، وحين تأخذ عينات نسيجية من دلفين نافق لتحليلها، تكتشف ارتفاع نسبة السموم الصناعية، ولذلك قد يكون البلاستيك سببا لهذه المشكلة، وذلك بتحوله إلى أجزاء صغيرة في المحيط، وهذه الأجزاء -إلى جانب المواد الصناعية الملقاة في البحر- تشكل غذاء ساما للكائنات البحرية. وتوجد الدلافين في قمة هذه السلسلة الغذائية البحرية، ويرى العلماء أن هذه الملوثات قد تتراكم في أنسجتها، لدرجة أن حليب الأم الملوث قد يقتل طفلها.

سلاحف المحيط.. كائنات مهددة بالانقراض على المائدة اليومية

من المؤكد أنه لا بد من معالجة التلوث الصناعي والتخلص من النفايات البلاستيكية لإنقاذ جميع أشكال الحياة في المحيط، وهناك أفراد في عدد من بلدان العالم يُكرّسون حياتهم لإنقاذ المخلوقات البحرية الأكثر تعرضا للانقراض.

سلحفاة المحيط جلدية الظهر تعود إلى البحر بعد أن فقست من البيضة

وفي كل عام يقع حدث مميز على بعض الجزر؛ فمع غروب الشمس تخرج آلاف الزواحف العملاقة، من بينها سلحفاة المحيط جلدية الظهر التي تخرج لوضع بيضها، وهي أكبر السلاحف، إذ يبلغ وزنها نصف طن، ويعود أسلافها إلى مئات الملايين من السنين منذ عصر الديناصورات، وقد انخفضت أعدادها بشكل كارثي، لكن الأمل ما زال معقودا على وجودها في البحر الكاريبي.

تضع السلحفاة بيضها خارج البحر في الرمل الجاف، ولكنها تُعد هدفا سهلا للصيادين، ففي قرية صغيرة في ترينيداد (إحدى دول الكاريبي)، شهد “لين بيترز” هذه الظاهرة، ويقول: نشأتُ في أسرة كان لحم السلاحف جزءا من وجباتها الاعتيادية، وكانت الثلاجة مليئة به دائما، فالجميع يصطادون السلاحف بما في ذلك والدي، وعندما بدأت أطالع بعض المقالات المنشورة، عرفت أن السلحفاة جلدية الظهر على وشك الانقراض، ولا أحد يهتم بذلك.. من هنا بدأ اهتمامي.

يتم بتشجيع السياح على زيارة الشاطئ حيث تضع السلاحف بيوضها

عقد “بيترز” العزم على حماية هذه السلاحف بنفسه، وبدأ مع أصدقائه بتنفيذ جولات ليلية على الشواطئ لحماية السلاحف، ويقول: تعرضنا لمقاومة شرسة، وأخذ الناس يقذفوننا بالحجارة، لقد تعرضنا للشتم والإساءة من كثيرين، وحاول أحدهم أن يعتدي علينا بالساطور.

استقطاب الصيادين.. تشجيع السياحة ونقل الرسالة للجيل القادم

كان على “بيترز” أن يكسب المجتمع بأكمله، ولذلك حاول إيجاد طريقة ليستفيد منها القرويون من وجود هذه الحيوانات، وبدأ بتشجيع السياح على زيارة الشاطئ، ودرّب بعض القرويين على إرشاد السياح، ونقل هذه الرسالة إلى الجيل القادم.

لم يكن التعامل مع أهل القرية سهلا، لكنه استطاع ضمهم إليه تدريجيا، وبالإضافة إلى إقناع بعض الصيادين بالإقلاع عن صيد السلاحف، يقوم الفريق بجمع البيض الذي قد يغمره المد المرتفع، ثم ينقله إلى مكان مناسب ويعيد دفنه.

تجميع السلاحف الصغيرة بعد فقس البيض، لإطلاق سراحها في البحر بعيدا عن الطيور الجارحة

وبفضل أهل القرية، حظيت السلاحف بتغير جوهري في حياتها، فقد أصبحت المنطقة أكثر مكان في العالم توجد فيه السلاحف جلدية الظهر، لذا تضاعف عددها من نحو 40 سلحفاة في الليلة في ذروة موسم التكاثر إلى أكثر من 500 في الليلة الواحدة خلال 20 عاما فقط، كما تُجمع السلاحف الصغيرة بعد فقس البيض، ثم يُطلق سراحها في البحر بعيدا عن الطيور الجارحة.

شباك الصيد.. خيوط الموت التي تهدد عمالقة البحار

قد تؤدي حماية أماكن التكاثر على الشواطئ إلى تحسين حياة بعض الحيوانات البحرية، لكن حمايتها وهي تجوب أعالي البحار أصعب بكثير. ففي كل ليلة، تُلقى في البحار آلاف الأميال من خيوط الصيد المزودة بالخطافات، ويُقال إن أطوالها تكفي للالتفاف مرتين حول العالم، فشباك الصيد كبيرة بما يكفي لابتلاع مبانٍ عملاقة، وهي تصيد مئات الأطنان من الأسماك في آن واحد.

بسبب الشباك المتروكة والبلاستيك يُقدّر عدد الموتى من سمك القرش بعشرات الملايين في كل عام

وتعد الأسماك التي تقطع مسافات طويلة هي الأكثر عرضة للخطر، مثل أسماك القرش، ويُقدّر عدد الموتى منهم بعشرات الملايين في كل عام، بما في ذلك أكبر أسماك البحر؛ قرش الحوت. ويرى العالم المتخصص في أسماك القرش “جوناثان غرين” أن الوقت ليس في صالح هذه الكائنات الفريدة، بسبب تعرضها للصيد بشكل جائر، ولا أحد يعلم كم تستطيع الصمود في وجه هذا الصيد.

عملية تثبيت كاميرا على ظهر سمكة قرش لمعرفة مكان وضع بيوضها

ويحاول “جوناثان” معرفة المكان الذي تلد فيه صغارها، بتثبيت كاميرا ذات أجهزة استشعار متعددة على جسم أنثى حامل، لكنها لم تكشف الكثير بسبب الظلام الدامس على عمق 600 متر، وحينها يضطر إلى الغوص، ليكتشف أنها تضع مولودها في جزيرة دارون ضمن جزر غالاباغوس، وهو مكان آمن للمواليد الجدد بعيدا عن المفترسات.

حماية مسارات الهجرة.. صرخة علمية لإنقاذ قرش الحوت

ويطالب العلماء الحكومات بحماية المسارات التي تسلكها أسماك قرش الحوت في هجرتها، فلا يوجد اليوم إلا أقل من 1% من مياهنا الدولية محمية، ولا بد من إنشاء محميات بحرية إذا أردنا حماية مستقبل عدد من الكائنات البحرية، وهذا يتطلب تعاونا بين الدول.

في أعماق البحر المظلمة، تضع أسماك القرش بيوضها خوفا عليها من الافتراس

ويمكننا تغيير الأمور، وقد فعلنا هذا من قبل، بعد أن مارست الدول المطلة على البحر صيد الحيتان مئات السنين إلى أن شارفت على الانقراض، لكن عدة دول اجتمعت في الثمانينيات واتفقت على وقف صيد الحيتان لأغراض تجارية.

حوت العنبر يبدأ بالتعافي في البحار الاستوائية التي تحيط بسيرلانكا

ورغم استمرار بعض الأمم في صيد الحيتان، فإن بعض الحيتان الزرقاء اليوم قد بدأت في التعافي، ففي البحار الاستوائية التي تحيط بسيرلانكا، تعرض حوت العنبر للقتل بكثافة قبل أكثر من مئة عام، وكان العلماء يرون أن استمرار قتله بتلك الوتيرة سيعرضه للانقراض، أما الآن فهو موجود بأعداد كبيرة، ويشير ذلك إلى أن التعاون بين الدول المطلة على البحر يؤدي لتحقيق إنجازات باهرة.

ارتفاع الحرارة.. خطر عظيم يهدد الحياة في المحيطات

تُواجه المحيطات تهديدات على نطاق عالمي، ففي الحيد المرجاني العظيم -وهو أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم- صوّر العلماء أفلاما تكشف عن مدى ذكاء الأسماك، فعلى سبيل المثال تستخدم سمكة الأنياب البارعة قطعة صلبة لتضرب بها المحار وتفتحه لتأكل ما به، وربما تحتاج لضرب المحار نحو 50 مرة دون كلل أو ملل.

ذوبان الجليد وتكسر طبقاته في البحار الشمالية دليل كبير على ارتفاع درجة حرارة الأرض

وبسبب التيارات الحارة في المحيط، والظاهرة المناخية التي تُسمى “النينو”، ارتفعت درجة حرارة البحر إلى مستويات قياسية، وكان لذلك تأثير كارثي على الشعاب المرجانية، إذ تُؤدي الحرارة إلى اختفاء الطحالب التي يتغذى عليها المرجان. كما ماتت الشعاب المرجانية البيضاء، وأدى هذا أيضا إلى عواقب كارثية على الكائنات التي تعيش في جزيرة ليزرد في الحيد المرجاني العظيم، بعد أن فقد 90% من شعابه المرجانية.

وهناك جانب آخر من الخطر المحدق بالمحيطات، فقد كشف الباحثون أن الكيمياء الأساسية للمحيطات تتغير، مما يعني اختفاء الشعاب المرجانية في نهاية هذا القرن، إذا استمرت الأمور على ما هي عليه.

والسبب في ذلك هو ثاني أوكسيد الكربون، إذ يتشكل حمض الكربونيك من التحلل في مياه البحر، وكلما زادت نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الجو زادت حموضة المحيط. وتشير الأدلة إلى أن حرق الوقود الأحفوري سبب رئيسي لارتفاع مستويات ثاني أوكسيد الكربون، وهذا من فعل الإنسان من دون شك.

ارتفاع درجة حرارة البحر يؤدى إلى موت الشعاب المرجانية وتحولها إلى شعاب بيضاء

والحل -كما يقول العلماء- هو تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وذلك بالاعتماد على الطاقات المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. فعندما يتغير المناخ، تدفأ البحار وتتأثر محيطاتنا تأثرا خطيرا، وهذا ليس أكثر وضوحا مما يحدث في القطبين.

رحلة المجهول.. غوص في قاع القارة القطبية

قام فريق الفيلم برحلة طموحة إلى القارة القطبية الجنوبية، فلأول مرة في التاريخ تغوص غواصة مؤهلة لعمق ألف متر، وتصل إلى قاع القارة القطبية في رحلة حقيقية إلى المجهول، لمعرفة مدى تنوع النظام البيئي، وقياس مدى التغيرات التي تشهدها المحيطات، ومن ذلك التغير الذي يحدث في درجات الحرارة والملوحة. وللحصول على صورة أكثر اكتمالا، يستخدم الفريق مسبارا لقياس الحرارة في أعماق البحر.

استعمال الوقود الأحفوري في الصناعة سبب رئيس في ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي

وبحسب العلماء، فإن الأمر الصادم في هذه البيانات أنها تُظهر مقدار السرعة التي تتغير بها الأشياء في القارة القطبية الجنوبية، ومن ذلك التغير الكبير في أعداد الجبال الجليدية وحجمها، بسبب ذوبان أجزاء منها. ويتوقع العلماء ارتفاعا مستمرا لمستويات البحر، حتى تصل إلى متر أو مترين في نهاية القرن الحالي، وهناك مدن مهددة بالغرق مثل مدينة ميامي.

وخلال السنوات الأربع التي استغرقها إنتاج هذا الفيلم، شاهد الفريق بعضا من هذه التغيرات، لكن هناك كثير من الرجال والنساء كرّسوا حياتهم لحماية مستقبل المحيطات التي تُزوّدنا بالأوكسجين، وتُنظّم الحرارة، وتوفر لنا الغذاء وإمدادات الطاقة، ولذا فإنه لا يمكن تخيل العالم دون محيطات.

علماء يكرسون حياتهم لسبر أعماق البحار من أجل الحفاظ على الحياة الطبيعية فيها

قد نستطيع إنقاذ المحيطات، ولكن لا بد من مضاعفة الجهود في سبيل ذلك، وعلى كل شخص تحمل مسؤولية خياراته الشخصية في حياته اليومية.


إعلان