السينما الأميركية تكتسح كل العالم عدا الهند.

 
الناقد الهندي بريمندا
أصول اللغة الهندية وقيم الأسرة سببان لانتشار الفيلم الهندي عربياً.
 

 تحصد بومباي العاصمة الاقتصادية للهند مليارات الروبيات، فهي واحدة من أهم الصناعات السينمائية فى العالم، مع كل فيلم جديد هناك الملايين الذين يسارعون للذهاب إلى دور السينما متلهفين لنسيان حياة يومية صعبة، والمتابع للسينما الهندية سيتذكر عشرات الأفلام التي أثارت بداخله الكثير من الأحلام. أما اليوم ومع عصر العولمة فنسجت بوليود علاقات متميزة مع إنجلترا وفرنسا وأمريكا.

وحول دقة مقولة”…من بين كل الفنون تعد السينما أكثرها أهمية بالنسبة إلينا…” دار هذا اللقاء مع الناقد السينمائي الهندي “بريمندرا ناث مازامدر”الذي سبق وأن أصدر كتابا عن مئوية السينما الهندية.

 ** ما الفرق بين “بوليود سينما”و”السينما الهندية”؟
* تعد السينما الهندية أكبر سينما في العالم من حيث الإنتاج، حيث تنتج حوالي 1200 فيلم روائي طويل سنويا إضافة إلى الأفلام الوثائقية التي لا تحصى.إن الأفلام التي تنتجها الهند مقسمة إلى “16 لغة” أساسية تتحدث بها مدن الهند. أما أكبر إنتاج للسينما الهندية فهو في المدن التالية: “تشيناى” ويبلغ إنتاجها 300 فيلم في السنة ـ ومدينة “حيدر أباد” تنتج حوالي 250 فيلما في السنة بلغة التليجو ـ ومدينة “كلكتا”تنتج حوالي 100 فيلم في السنة بلغة البنغالي ـ ومدينة “بومباي” هي المدينة الأكبر إنتاجا في الهند حيث تنتج من 300 إلى 350 فيلما في العام الواحد. وهو ما يطلق عليه اسم بوليود سينما  “بومباي/هوليود” .
 يعنى هذا أن مجموع إنتاج كل المدن بكل أفلامها ولغاتها هو مجموع ما تنتجه السينما الهندية. وأما الأفلام التي يطلق عليها “بوليود سينما “فهي تعادل 1/4 مما تنتجه السينما الهندية بأكملها.
**  ما السبب إذن في شهرة أفلام بوليود سينما عن غيرها من الأفلام الهندية؟
* حرصت بومباي منذ البداية على أن تنتج أفلامها باللغة الهندية الرسمية حتى تكون أفلامها أكثر انتشارا فهي اللغة الأكثر تداولا، رغم أنها ليست اللغة الأساسية. والأهم من ذلك أن أفلام بوليود سينما تمتاز عن تلك الأخرى التي نشاهدها في صالات العروض التجارية. فهي تهتم اهتماما بليغا بقيمة الصورة، والكادر، والحوار، والموسيقى. وتعمل “بوليود سينما” على إعادة إنتاج بعض الأفلام المتميزة والتي أنتجت في مدن هندية أخرى لتصنيعها على أعلى مستوى من الجاذبية والإبهار بأعلى المستويات الإنتاجية.
** لماذا تعد السينما من أكثر الفنون أهمية للشعب الهندي؟.
* تضم الحضارة الهندية أصولا شعبية متنوعة، لها ثقافاتها وفنونها الخاصة يظهر ذلك في الرقص أو الغناء. وعندما ظهرت السينما قبل 100 عام. كانت تلك هي الفرصة الأكيدة للشعب الهندي للتعبير عن ثقافاتهم الخاصة فهم يتميزون بانتمائهم وحبهم الشديد لثقافاتهم. ونجدهم دائما في حالة بحث عن أفضل الطرق للتعبير عن تلك الثقافة.
هل كانت بدايات صناعة السينما في الهند هي التقليد لصناعة السينما في أمريكا؟
* عندما بدأت السينما الهندية في بناء مؤسساتها السينمائية واستوديوهاتها لم تكن تعلم شيئا عن وجود ما يسمى بالسينما الأمريكية، وإنما تطور الإنتاج والمؤسسات بالهند كان بمثابة التطور الطبيعي لصناعة أثبتت نجاحا كبيرا، وهو ما أدى إلى أن تمتلك الهند شركات إنتاجية ضخمة واستوديوهات كبيرة تماثل تلك الأمريكية دون أن يكون لها دراية بالسينما الأمريكية في هذه المرحلة.
** وماذا عن الأفلام التجارية؟.
* بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة حدث انهيار لجميع الاستوديوهات السينمائية الكبرى في الهند. نتج عن ذلك خلق سوق سوداء للإنتاج السينمائي. وظهرت طبقة المستثمرين وانشأوا شركات خاصة للإنتاج. وتضاءل دور المؤسسة الحكومية الرائدة في هذا المجال. ونتيجة لذلك أصبحت هذه الشركات تنتج عددا ضخما جدا من الأفلام، لكنها تفتقر إلى الجودة والتميز.
في حوالي عام 1947م تاريخ بداية الاستقلال الفعلي للهند، حدث انتعاش للسينما الهندية من جديد، حيث ظهر جيل جديد من الأدباء، وكتاب السيناريو والروائيين ممن شاركوا بإنتاجهم في صناعة السينما، وأثروْا السينما بأفكار جديدة. والغريب أن الأفلام التي كانت تنتجها الشركات الخاصة بهدف الربح بجانب ما تنتجه الشركات الرسمية التي تهدف للإبداع حقق كل منهما مكاسب ونجاحات كبيرة، إلا أن السوق بالنسبة إلى الأفلام التجارية استغرق زمنا أطول حتى يستطيع غزو الأسواق العالمية وينتشر فيها كما حدث بالنسبة إلى الأفلام عالية القيمة الفنية.
** متى استطاع الفيلم الهندي أن ينتشر خارج حدود الهند؟
*يعود الفضل في ذلك إلى المخرج “راج كابور” فهو يعد أول مخرج هندي يصور أفلامه خارج الهند وذهب في بعض المشاهد إلى باريس والى دول كثيرة من العالم. وكان المخرجون من قبل “كابور” يعتمدون في أفلامهم على تصوير المناظر الطبيعية الجميلة في الهند، وتدريجيا بدأ انتشار السينما الهندية في آسيا الوسطى. وتزامن هذا الانتشار مع تحول كبير طرأ على السياسة الهندية، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتراجع دور الرقابة الحازمة التي كان يفرضها اشتعال الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية. وأصبح من حق الموزع الحصول على حق عرض الأفلام الأجنبية داخل الهند دون تصريح رسمي من الدولة. وكما انتشرت الأفلام الهندية في العالم دخلت الأفلام المنتجة في هوليود إلى السوق الهندية.
** في ظل حرية الاقتصاد وحرية السوق المفتوحة، هل استطاع الفيلم الأجنبي أن يسحب البساط من تحت أقدام الأفلام الهندية داخل السوق الهندي؟
  • إذا قمنا بتصنيف الأفلام العشرة الأولى من حيث الإيرادات والتي تكتسح دور العرض سنجد أن الأفلام الأمريكية هي المكتسحة لسوق أي دولة في العالم ماعدا الهند. ويعود ذلك إلى أن الشعب الهندي “مهووس” بمشاهدة السينما.
 إن الجماهير الهندية بكل طبقاتها سواء الفقيرة أو الغنية، تعتبر السينما، لغة حوار تجمع كل الفئات داخل المجتمع الهندي بشكل يومي، حيث يبلغ عدد صالات السينما في الهند نحو عشرة آلاف صالة. ويقدرعدد المشاهدين بخمسة ملايين يوميا.
** وماذا عن المهرجانات السينمائية؟.
 *تهتم الحكومة الهندية بتنظيم مهرجانات دولية كل عام منذ أكثر من 38 عاما للأفلام الروائية. وكل عامين للأفلام التسجيلية والقصيرة، إلى جانب المهرجانات التي تنظمها المدن الهندية كل على حدة. وأهم ما يميز هذه المهرجانات هو منح الأفلام الفائزة جوائز مادية عالية القيمة لتدعيم الأفلام الهندية القادمة، مهما اختلفت أهدافها (فنية أو تجارية). كذلك يمنح الرئيس الهندي كل عام جوائز تشجيعية لجميع فروع السينما(تمثيل، إخراج، تصوير، سيناريو، إنتاج…..)..كذلك يتقاضى عدد كبير من نجوم ونجمات بوليود رواتب سنوية خيالية من استوديوهات بومباي، سواء أنجزوا أفلاما أو لم ينجزوا. فالسينما تعتبر جزءا أساسيا من الحياة الهندية.
** بماذا تفسر إقبال المشاهد العربي على مشاهدة الأفلام الهندية؟
* من المعروف أن أصل اللغة الهندية يرجع إلى اللغة الأردية التي تعود أصولها إلى اللغة العربية، كذلك نجد أن الأسرة العربية المحافظة تشارك الأسرة الهندية في معظم عاداتها وتقاليدها الاجتماعية، وأساليب عيشها ومشكلاتها، وهو ما يجعل الأفلام الهندية أقرب إلى قلب المشاهد العربي من غيرها.
 

إعلان