اليسار البحريني يحيي ظفار بفيلم وثائقي
عرضت جمعية العمل الديمقراطي البحرينية فيلم المخرجة اللبنانية هيني سرور الوثائقي، والذي أخرج عام 1974م. وهيني سرور أو الرفيقة هيني كما هو متداول، إحدى المناضلات اللاتي كانت عدسة إيمانهن تحمل مشاهد الثورة إلى العالم، كانت من جيل ينتمي لما يسمى بالسينمائيين التغييريين.
كان فيلمها “دقت ساعة التحرير” من التسجيلات التي يعرضها الحزب سرا لأعضائه، كان وثيقة تشير إلى نضال الشعوب، وتاريخ “الحزب” و”الأمة” ضد “الامبريالية” العالمية، دخل فيلمها مهرجان كان، وحصد جائزة النقّاد، بين العشرات من الأفلام العالمية.
الفيلم عبارة عن تسجيل للحياة اليومية لنضال الناس، اضطرت هيني لتصوير فيلمها “المشي طويلا”، في سهول وجبال وعرة، لم يكن الطريق موجودا، وأجهزة تصويرها مستلقية على ظهرها، فأول طريق للمدنيين شقته السواعد السمراء لأبناء الثورة، بعدسة 16 مليمترا، إذ كانت هيني الأولى في الدول العربية التي تقوم بتصوير فيلم بالصوت والصورة بهذه العدسة، وعلى كل ذلك لم ترصد ميزانية للفيلم، لدرجة جعلتها تمنتج الفيلم من غير طاولة مونتاج، مما جعل طريقة إنتاجه بدائية كما تصف هيني، لكن ذلك لم يمنعه من أن يكون أحد الأفلام المتسابقة في مهرجان كان.
المشاهد الذي يتابع الفيلم على مدى اثنتين وستين دقيقة، سواء في مهرجان كان أو كل أوروبا، أو حتى الدول العربية، يخرج ولديه سؤال واحد: ما الذي يمكننا التبرع به، الأدوية أم الأموال لمساعدة المناضلين في ظفار، في حين أن الفيلم لم يكن إلا تسجيلا واقعيا لما يدور في هذه البقعة بين عمان واليمن، منطقة نائية وقبائلية، لم تدخلها المدنية إلا من خلال الأسلحة المستخدمة، لكن الثورة أو جيش التحرير الشعبي، فتح المدارس، وأوقف الاقتتال بين القبائل، لتكريس مبادئه.
في هذا الفيلم تركز هيني على مفهوم تحرير المرأة، فيجد المشاهد المرأة حاضرة مع الرجل في كل الميادين، فهي رفيقة السلاح والنضال، وهي المعلمة والمساعدة، وهي الجزء الثاني لوجه الثورة.
الفيلم الذي قدم بجودة أقل ما يقال عنها إنها سيئة، أرجع سبب ذلك إلى كون النسخة المقدمة ما هي إلا نسخة تم استنساخها منذ السبعينيات، وكذلك تقنية التصوير التي تنتمي إلى هذه الفترة، وإن تجاوزت لحظتها الزمنية بقليل على صعيد التقنية، إلا أن ذلك لم يمنع الفخر المطل من عيني هيني أن يكون علامة واضحة، ولم يمنع الحزن أيضاً من أن يكون رديفا لهذا الفخر.
هذه المخرجة استطاعت أن تمسك لحظة زمنية، كانت فيها الشعوب في العالم منحازة للثورة، وتضع هذه اللحظة في الخلود، هذا الخلود الذي أطلقت عليه هيني اسم “دقت ساعة التحرير”، وهي عبارة اقتبستها هيني من الأناشيد التي يتغنى بها الناس البسطاء في ظفار.
ظفار التي كانت الحلم، وكانت أول إفرازات الصحوة، والعمل على طرد المستعمر من البلاد العربية “بالعنف الثوري المنظم” بمصطلحات اليسار العربي ومبادئه، كانت ذاكرة كبيرة تسع أكثر الدول العربية، إذ شارك فيها الكثير من أبناء هذه الدول، سواء من مصر أو اليمن أو عمان أو البحرين أو فلسطين.
لقد استحضر الفيلم كل صخب تلك الفترة وشعاراتها، لكنه استحضر الحلم الجميل في تغيير العالم أيضا.