دكروب:”درس في التاريخ”حتى لا تتكرر الأيام السوداء
عرضت قناة الجزيرة الوثائقية يوم الجمعة 23 أكتوبر فيلما من إنتاجها تناول مفهوم الهوية الوطنية في لبنانمن خلال تقصي كيفية تدريس مادة التاريخ في الصف التاسع في مدارس تنتمي إلى مناطق وطوائف مختلفة..
التقينا المنتج المنفذ للفيلم عصام دكروب الذي قضى عشرين سنة منتجا للأخبار في وكالة رويترز العالمية. وهذا أول فيلم وثائقي ينتجه.
![]() |
المنتج عصام دكروب
* كيف نشأت فكرة الفيلم ؟
نشأت فكرة الفيلم على اثر نقاش مع بعض الأصدقاء، نقاش مليئا بالمرارة حول ذكريات الحرب الأليمة التي يحملها جيلنا والقلق المستمر الذي يراودنا حول مستقبل أولادنا الذي يبدو وللأسف انه يحمل مخاطر تكرار النزاعات العنيفة التي شهدها هذا الوطن.
* لماذا ذهبتم إلى المدرسة بالذات لرصد معالم ما سميته الألم (ولم تذهبوا إلى الأحزاب أو زعماء الطوائف مثلا..) للبحث في إشكالية الحقيقة التاريخية للثقافة اللبنانية وما تطرحه من أزمة الهوية ؟
ذهبنا إلى المدرسة لان هذا الجيل من الطلاب يمثل المستقبل ولأن تربيته وثقافته سيكون لها انعكاس مباشر على مصير ووحدة لبنان. لقد قصدنا أن نبتعد عن السياسيين والطبقة الحاكمة لان جميعهم وبدون تمييز يعملون بموجب أجنداتهم السياسية والشخصية المتضاربة والتي تدفعهم أحيانا إلى تزوير الحقائق.
* لم نسمع صوتا غير صوت الطلاب في الفيلم .. ما المقصود .؟؟
أردنا للطلاب بخلفيتهم البريئة أن يدقوا ناقوس الخطر حول ما ينتظر مستقبل لبنان في ظل الانقسامات المتوارثة.
* بحسب الفيلم هل هذا الجيل يحاسب من سبقه أم يحمل أوزاره ويكرر هوية أجداده..؟
نتمنى ان يمهد هذا الفيلم لقيام جيل قادر على عدم تكرار الأخطاء الماضية و محاسبة من سبقه من مرتكبي جرائم الحرب اللبنانية. لكن الأمل يبقى ضعيفا خاصة أن لبنان بتركيبته السياسية والطائفية لا يزال محكوما من قبل نفس الإقطاعيين والسياسيين الذين لمع نجمهم إبان الحرب الأهلية.
![]() |
إحدى القطات المعبرة في الفيلم
* لا نعثر على أسماء المتكلمين مما جعل هوية الفرد تذوب داخل الطائفة.. بالتالي كانت الإيديولوجيات فوق الإنسان..
ظهرت أسماء المتكلمين بشكل عابر ومن دون الإشارة إلى خلفياتهم الطائفية وذلك لأننا قصدنا أن نترك للمشاهد مساحة معينة لاستنتاج خلفية التلميذ، أهله، والبيئة الاجتماعية والسياسية التي ينتمي إليها.
* الفيلم يحمل رسالة واتهام خفيين فإلى من تتوجهون بالرسالة وعلى من أنتم غاضبون؟
أنا شخصيا انتمي إلى جيل الحرب. ظننت أن القتل على الهوية والاصطفاف المذهبية ولّت من غير رجعة مع إعلان نهاية الحرب في بداية التسعينيات. وتراني أقف اليوم غاضبا عندما أرى أن أولادي يتعرضون لنفس التجارب والمخاطر التي مررت بها. من هذا المنطلق، يسعى الفيلم إلى توجيه رسالة واضحة واتهام مباشر للحكام والسياسيين والمسؤولين من كافة الأطراف الذين أعمتهم الطائفية والمذهبية والتبعية للخارج عن الاتفاق على منهج تربوي موحد يصب في مصلحة تعزيز الهوية والانتماء الوطني.
![]() |
أحد المقررات في مادة التاريخ
* يدق الفيلم ناقوس الخطر لمستقبل لبنان ويستحضر الحرب الأهلية كمصير مرعب صار ويمكن أن يصير… فهل من حل ؟
نعم أخشى أن تتكرر الأيام السوداء وهذا ما دفعني، إضافة إلى الجانب الفني، إلى إنتاج هذا الفيلم. اخشي أن يكرر الأبناء أخطاء الآباء والأجداد علما أن التوازن في البلد ما زال لصالح أمراء الحرب. أتمنى أن يذكر هذا الوثائقي حكامنا بضرورة التنبه والتصرف بسرعة وإعادة النظر بالمنهاج التربوي مما يساعد الأجيال القادمة أن تخطو خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح.