عبد المنعم جرار: صوت الوثائقية.. ترونه قبل سماعه

صوت يأتيكم من أثيره ليقطع رتابة المشهد أو يحتويه… ينبئ بالفيلم القادم والجديد.. والقادم احلى.. لأن الصوت نطقه حلوا رقراقا.. فتحب الفيلم قبل أن تراه..
تسمعونه ولا ترونه.. تحسون بجماله ولا تعرفون من صاحب الصوت.. إنه عبد المنعم جرار صوت الجزيرة الوثائقية بامتياز.. يعلمك كيف تنتظر برامجنا بشوق…
                                                   
على هذه الأوقات….

***********

* أولا أستاذ عبد المنعم لو تكرمت بنقديم نفسك للجمهور الذي يسمع صوتك ولا يراك..
عبدالمنعم ابراهيم جرار,أردني الجنسية من سكان عمان, تخرجت من أكاديمية الفنون بالقاهرة عام  1975. عملت في مجالات فنية متعددة خاصة في مجال التمثيل وتقديم البرامج والتعليق والدوبلاج والدعاية والإعلان والتدقيق اللغوي وكتابة بعض البرامج والنصوص في الإذاعة, والتلفزيون, والمسرح, وشركات الدعاية والإعلان, وعملت كثيرا في الإذاعة كمذيع …. وقبل قدومي إلى الدوحة عملت في الإذاعة والتلفزيون ووزارة الثقافة في الأردن الى جانب العمل مع بعض الشركات الخاصة للإنتاج الفني..
 
* هل قراءة النصوص المدبلجة واللوحات الإعلانية التلفزيونية (البروموهات) يعتبر اختصاصا أم موهبة؟
هي موهبة ولكن التجربة بلا شك تثري أي عمل وهي شيء مهم جداً وقد تصل بك هذة التجربة الى درجة جيدة من الاتقان إذا اقترنت بالموهبة والحب لهذا العمل فانها بلا شك تصل بك الى درجة الابداع والخلق والتميز والتفرد بخصوصية قد يطمح إليها الكثيرون, ولكن لن يجاريك فيها إلا القليلون ممن خصهم الله بهذه الموهبة..
 
* أين تكمن جمالية التعليق التلفزيوني هل هي في جمال الصوت أم في الأداء أم في النص.. سيما وأن نصوص الإعلانات التلفزيونية (البروموهات) نصوص قصيرة قد لا توفر مساحة زمنية كافية لإثبات الموهبة..
هنالك الكثير من الأصوات الجميلة في الأذاعات العربية والفضائيات ولكن كم من الوقت تستطيع أن تستمع لهذا الصوت أو ذاك؟؟ وهنا يكمن السر,هنالك من الأصوات الجميلة لا تستطيع سماعها أكثر من دقيقة أو دقيقتين أو خمس دقائق وهناك بعض الأصوات تتمنى أن تسمعها ساعات طويلة ودون ملل وهذا يتحدد من خلال خامة الأصوات التي تطرق أذنك متسللة الى جوارحك بانسيابية دون استئذان لحلاوة هذه الخامة ورقة وقعها على الأذن.. تداعب مشاعرك وإحساسك كنسمة صيف حانية تبعث في النفس الرضا والمتعة.
وما يزيد هذه المتعة قناعة واستحساناً الأداء الجيد والااحساس بالكلمة المنطوقة من حيث اللغة السليمة ومخارج الألفاظ والوقفات الصحيحة في أماكنها التي تعطي المعنى حقه باستعمال المفردة المناسبة للمعنى المراد إيصاله, ولا يقاس جمال النص وقيمته بطوله أو بقصره فالإعلان أو البرومو في عمل فني متكامل يحمل المضمون المطلوب إيصاله إلى المستمع أو المشاهد في زمن يحسب بالثواني وبأقل الكلمات وهنا يظهر الأبداع في هذا العمل لمن يملك الموهبة الحقيقية ويجسدها من خلال أدائه.

* ما هي الإضافة الضرورية التي يضيفها التعليق، وما الذي يجعلها مختلفة من معلق لآخر؟.
التعليق هو وجه من وجوه فن الأداء الصوتي وإن كان يختلف في مضمونه عن البروموشن إلا أنه يعطيك من المساحة الزمنة ما تستطيع من خلاله تلوين الأداء بما يتناسب مع المعنى لكل فقرة من فقراتة, وهذا يعتمد على فهم المعلق وإدراكه للموضوع الذي يتناوله وقدرته على إيصال المضمون بسلاسة ودون تشتيت المستمع أو المتابع من خلال إمساكه بالنص من كل جوانبة بطريقة سرد ممتعة لا يغيب فيها التواصل ولو للحظة مع الأخر وهذا سر التألق بين معلق وآخر.

عبد المنعم جرار: “الصوت في الحنجرة والمعنى في الورقة”

* تعمل مع قنوات إعلامية مختلفة الاختصاصات، ألا تدخل بذلك مسألة التعليق في دائرة الروتين والتكرار، كيف تحافظ على تجددك…
العمل في المجال الإعلامي المسموع والمرئي هو بحد ذاته عمل يومي متجدد, لأنك وإن كنت يومياً تتعامل مع الميكروفون إلا أن ما تقدمة اليوم يختلف تماماً عما قدمته بالأمس وما ستقدمه غداً من مواضيع مختلفة في مضمونها وما تطرحة من أفكار وقضايا وأحداث, ولذلك أنت تعيش كل يوم عالماً مختلفا يحمل في طياته الجديد, مما يجعلك بعيداً كل البعد عن الروتين القاتل والتكرار الممل, ما يجعلك دائما تتناول الجديد وتتعايش معه كل يوم

* ما الفرق بين التعليق للإذاعة والتعليق للتلفزيون؟.
التعليق عمل فني أو رسالة أو خبر أو حدث تريد إيصال ما يحمله للمستمع أو المشاهد بأبسط الطرق وبسلاسة ليلامس مشاعر المتلقي ويصل إلى وجدانه ولابد هنا أن تكون قادراً ومسيطراً على أدواتك الفنية كاملة بصوتك وأدائك ولغتك وتطويعها لحمل الفكرة وتوصيلها عن طريق الأذاعة.
وهنا يتحتم عليك أن توظف قدراتك بتصوير الكلمة من خلال الأداء لتخلق عند المستمع حاله من التخيل واستحضار الصورة التي تتطابق مع الكلمة التي يستمع اليها والموضوع الذي يتابعة….
وأما التعليق التلفزيوني فقد لا يحمّلك كل هذا الجهد لأنه مقترن بالصورة وفي كثير من الأحيان الصورة تختزل كثيراً من الكلام بالنسبة للحدث لأنك تشاهده, وهنا يأتي التعليق مكملاً للصورة موضحاً ومفصحاً عن مكان هذا الحدث وزمانه وشخصياته, والمطلوب منك كمعلق أن توظف إمكاناتك بصوتك ولغتك وأدائك وأن يتوحد ما تقدمه بصوتك مع الصورة التي تشاهد في تلك اللحظة, موضحة لك الحدث.

* أنت أيضا مثلت في عدة مسلسلات، فهل بين الفنين مشتركات، وهل يساعد ذلك في الأداء أم أن احدهما عقبة للآخر؟.
عمل الممثل هو أن يؤدي ما يطلب منه ويجسد الشخصية في أي عمل فني بحيادية تامة من خلال دراستها وفهمها على المستوى الإنساني والنفسي وأن يغوص في أعماقها ويضع يده على مفاتيحها ويتعايش معها بعيداً عن شخصيته الحقيقية. وعندما يصل إلى درجة التوحد مع الشخصية التي يقوم بادائها يكون قد وصل الى درجة الأقناع وهذا هو المطلوب في أداء العمل الفني أياً كان (عملاً درامياً أو أداءاً صوتياً) فأنت تطوع موهبتك وقدراتك لخدمه العمل الفني ليظهر بأحسن صورة ولا يمكن أن يكون أي مسار في العمل الفني عقبة في طريق الأخر بل داعماً ومكملاً له

* كيف ترى التعليق في التلفزيونات العربية.. وأي المعلقين والمقدمين العرب يعجبك صوته ؟
الوطن العربي مليئ بالأصوات الجميلة والمعلقين تشنف حناجرهم أذان المستمع من خلال الإذاعات والتلفزيونات العربية وهم كثر ويصعب ذكر بعضهم حتى لا يكون تحيزاً لأحدهم على حساب الآخر….ولكن لا تخلو ولن تخلو محطاتنا من المبدعين في شتى مجالات الفن والأدب والعلوم المتعددة وأتمنى أن يجد كل واحد منهم المكان المناسب ليضع إبداعاته في خدمة أمتنا العربية والإسلامية ليفيد ويستفيد وتبقى ذكرى أعماله عطرة في وجدان الأخرين…


إعلان