” بعيون النساء ” : مهرجان أفلام المرأة الأول بغزة
غزة _ أسماء شاكر
لم تعد صورة المرأة الفلسطينية داخل إطار النمطية الاجتماعية، بعد أن تجاوزتها في السنوات الأخيرة بشكل لافت دولياً و عربياً، في العديد من المجالات .
فقد باتت الصورة أكثر تكاملاً من كونها رؤية أحادية المشهد، للانكسار و القهر الذي تعيشه المرأة ، واختبائها من دهاليز الضوء و الانكشاف، فأصبحت القضايا الاجتماعية و الوطنية تُعالج و تُصوّر ” بعيون النساء “، وكاميراتهم.
قسوة المجتمع ، الحصار و الحرب و السياسة كوّنوا رباعية مغايرة لحياة المرأة الفلسطينية التي تخطت أزمة الهامش إلي حالة من الحراك و البحث عن الهوية،وهو ما اتضح في الأيام الثلاثة لمهرجان أفلام المرأة الأول في قطاع غزة، الذي اختتم عروضه نهاية الأسبوع الماضي .
” عيون النساء” ، عنوان المهرجان الذي أقامه مركز شؤون المرأة ، بمشاركات محلية و عربية و أوربية أيضا ، حيث عرض ما يقارب 30 فيلم ، يعالج قضايا تخص المرأة بشكل عام، و المرأة الفلسطينية خصوصاً .
مخرجات فلسطينيات ..
تجربة المهرجان الأولي احتوت علي أفلام تسجيلية لمخرجات فلسطينيات من غزة و الضفة:
كفيلم ” خمس دقائق عن بيتي ” (52 دقيقة ) للمخرجة نهاد عواد ، الذي يحكي قصة مطار القدس في الخمسينيات، ويعود به إلي ذاكرة مليئة بالصور و الطائرات، قبل أن يتوقف عمله ويطوقه جدار الفصل العنصري الإسرائيلي ، فتختفي آثاره، دون أن تختفي ذاكرة المكان ، وهو أحد 7 أفلام فلسطينية لمخرجات خارج قطاع غزة ، منهم : فيلم ” زيتونات ” ( 34 دقيقة ) للمخرجة ليانا بدر من الضفة الغربية ، عن موسم الزيتون وعلاقة تلك الشجرة القديمة بالأرض و الإنسان الفلسطيني، رغم التجريف المستمر الذي يهددها ، كذلك فيلم ” يا حلالي يا مالي ” ( 15 دقيقة ) للمخرجة خولة اللو ، فيلم ” فلسطيني ” ( 10 دقائق ) وثائقي المخرجة ديما أبو غوشة، أما فيلم ” مغارة ماريا ” إخراج : بثينة كنعان خوري ( 52 دقيقة)، فقد تحدث عن أكثر القصص الاجتماعية تعقيداً في المجتمعات الشرقية، قصة امرأة قتلت بدعوي الشرف دون اعتبارات إنسانية و قضائية، فالقانون يعجز عن تطويق حيثيات القضية التي تحولت إلي مشكلة عشائرية كبيرة في احدي قري مدينة رام الله، بعدما قتلت ماريا علي يد أخيها في المغارة التي سميت باسمها فيما بعد.
كما شارك فيلمان لمخرجات فلسطينيات من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، ” مشاهد منسية ” ( 44 دقيقة ) إخراج : تغريد مشيعل ، فيلم وثائقي عن بانوراما نسائية جريئة، تعالج قضايا العنوسة، العنف الأسري ، طلاق المرأة وعملها، وقانون المواطنة، في ظل خصوصية حياة المرأة الفلسطينية داخل الخط الأخضر ، أيضا ً فيلم ” نساء فلسطينيات” ( 10 دقائق) حكاياتهن و ذكرياتهن عن حرب ال48 ، والهجرة من الوطن المسلوب قصرا ً .
![]() |
أما عن أفلام المخرجات الغزيات، فقد كانت نتاج لبرنامج الفيديو التابع لمركز شؤون المرأة ، حيث تصدرت تلك الأفلام الستة واجهة المهرجان، كالفيلم التسجيلي المميز ” عرايس ” (35 دقيقة ) للمخرجة نجاح عوض الله ، والذي يحكي قصة ” اسمهان ” ، امرأة قروية قوية تعيش في منطقة المواصي برفح، بعد أن تزوجت في سن مبكرة ، الأمر الذي خيب آمالها و أحلامها في أن تكمل تعليمها وتصبح مهندسة، لكن رحلة الكفاح و الجد التي أصرت عليها أسمهان في مكانها الجديد، فقد ربطتها علاقة جميلة بتربية الأبقار، حيث تمكنت من إدارة مشروع صغير تعيل به أسرتها وتعلم أولادها، أما الأبقار التي تعلمت اسمهان حلبها و العناية بها منذ كانت عروس .. كانت تسميهم عرايس !
كذلك الفيلم الصامت القصير الذي لم يتجاوز الثلاث دقائق ” صباحات الاثنين” للمخرجة الناشئة نور الحلبي ، حيث تناولت نهار أم أسير في سجون الاحتلال، المرأة المسنة تستيقظ كل يوم اثنين لتخرج مع صورة ابنها الأسير إلي الاعتصام الأسبوعي المعتاد لأمهات الأسري، محتضنة الصورة بين يديها، تلتمس أخباره في سجنه، وتعد الأيام لتراه، ومن ثم تعود المرأة المسنة الكفيفة، ولتخبئ صورة ابنها لصباح اثنين آخر، أيضا فيلم ” لجوء آخر ” للمخرجة نبيلة مبروك ، تتحدث عن حرب غزة من خلال عائلة تعرضت لويلاتها عاشت الخوف و اللجوء، الفيلم يطرح العديد من الأسئلة عن الهوية و الصمود ، الموت و الحياة .
إضافة لفيلم ” ورد السياج” ( 15 دقيقة ) إخراج الكاتبة : نجوي شمعون ، عن تمرد المرأة الغزية علي حصارها الاجتماعي ، وفيلم ” بين ضحكة ودمعة ” ( 15 دقيقة ) إخراج سماح البيومي،
فيلم ” فاطمة ” ( 17 دقيقة ) للمخرجة الطموحة ريتا اسحاق ، والتي تتحدث عن حنظلة و شخصية المرأة الفلسطينية من خلال ” فاطمة ” احدي الشخوص الكاريكاتيرية للفنان الراحل ناجي العلي، رمزاً و قضية .
بعيون جنسيات أخري ..
المشاركات العربية كانت متعددة الجنسيات، أضافت عمقاً ومفاهيم أخري للمهرجان في تنوع قضاياها والاختلاف النسبي للقضايا المطروحة، تبعاً لإشكاليات المجتمعات التي يعيشن فيها .
لكن رغم قوة المضمون و جرأة الأفلام في الطرح والرؤية_ سواء كانت فلسطينية أو عربية _ ، إلا أنها عانت من عدم توازن الصورة مع قوة المضمون، و طول بعض الأفلام وتكرار مشاهدها، دون داع ِ درامي أو إخراجي ، إضافة لأخطاء في ترتيب وتوزيع عرض الأفلام، فقد افتتح المهرجان عروضه بالفيلم الجزائري الدرامي ” وراء المرآة ” ( 100 دقيقة ) ، قصة سائق سيارة يكتشف وجود طفل في المقعد الخلفي، تخلت عنه امرأة بعد علاقة غير شرعية، لكن القصة لم تكن كما عكستها المرآة عن ظاهر القصة .
أما الفيلم الوثائقي المصري ” عن الشعور بالبرودة ” ( 50 دقيقة ) إخراج : هالة لطفي ، تميز بجرأته الطبيعية في الحديث عن حياة الفتيات منذ بلوغهن، وتجاربهم المختلفة، لكنهن .. لا يزلن وحدهن مع الأحلام و البرودة .
إضافة لعدة أفلام عربية أخري سعودية و أردنية، إماراتية، سودانية، ولبنانية كفيلم ” احكي يا عصفورة ” للمخرجة عرب لطفي، والذي يحكي عن المقاتلة ليلي خالد ، و عدة نساء فلسطينيات مناضلات شاركن في عمليات فدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي في الستينات و السبعينات، خاصة عمليات خطف الطائرات التي لفتت العالم إلي القضية الفلسطينية .
كما شاركت المخرجة الاسبانية ” ثيثيليا باريحا ” في المهرجان بفيلمها ” لا مجنونات ولا إرهابيات ” ، كذلك المخرجة : مارتينا مورثوبال ،بفيلم ” أذهب عندما يتساقط الثلج ” .