محمد الزرن: الوثائقي فضاء لكل عجيب ومفاجئ
المخرج التونسي محمد الزرن هو من جيل التسعينات أنصب اهتمامه منذ البداية على الهوامش الاجتماعية، له فيلمان طويلان وتتميز اعماله برصد حركة الهامش كما في فيلم جرجيس وفيلم الأمير.
الوثائقية التقته وكان لها معه هذا الحوار.
أنت مختص عادة في الروائي فما علاقتك بالوثائقي ؟
ألا ترى أن كل شخصيات أعمالي الروائية و أحداثها تسبح في عالم وثائقي ، في واقع معين
لا أرى فرقا بين الروائي و الوثائقي.
![]() |
المخرج التونسي محمد الزرن |
السائد أن الروائي خيالي و الوثائقي واقعي كأنه خال من الخيال
الوثائقي في كل لحظة متجدد و متفاعل حافل بالمفاجآت
الوثائقي أصعب من الروائي ، ففي الروائي أنت حر في إنجاز الفكرة بينما الوثائقي يفرض عليك نمطا معينا ،لا يوفر لك مساحة من الحرية ، حرية التصرف في الوقت أو الأحداث.|
في فلم ” جرجيس ” تمكنت من البداية لكنك لم تتمكن من النهاية ، هناك عشق لهذه المدينة فأنت أخرجتها كأنها العالم رغم أنها غير معروفة عالميا
هناك عناصر ثورية في ذهن كل إنسان ،الشخصيات تمثل أحلام الناس ، وضعية المثقف / العولمة و آثارها في الثقافة و تنقّل البشر / الحريات.. ترى الأوروبي يجد الفضاء الرائع أما الجنوبي فيرى أن الأوروبي الآخر هو الجنة و الأوروبي يرى جنته في جرجيس.
استطعت أن تحوّل المحلي إلى كوني و هذا هو الفن، عادة الوثائقي مقيد بحدود الزمان و المكان ، نادرا ما يفتح مخرجو الوثائقي بوابة على الكونية كأني بك تركت العنان للفِلْم.
الشخصيات غنيةالوثائقي يفاجئك في كل وقت بأشياء غريبة و عجيبة و قدرة المخرج و الفنان تظهر في التعامل مع هذه الأشياء و ملاحقتها . إذا لم تتوفر عندك الرؤية الصحيحة و التعامل السريع و التركيز قد تضيع منك هذه الأشياء إذا لم تلتقطها في اللحظة المناسبة و بالتالي هذه الصعوبة قد تذهب بك إلى أبعاد أخرى و هذا ما لا يتيحه الروائي.
لذلك تحوّل فلم ” جرجيس ” إلى روائي ( وثائقي على تخوم الروائي ).
لا بل هو بين الروائي و الوثائقي.
كيف يمكن للوثائقي أن يكون كوميديا ؟.
ألعاب المونتاج جعلت منه كوميديّا بما فيه من محطات كوميدية ساخرة.
كأني بك من “السيدة” إلى “جرجيس” نضجت ففي “السيدة” كنت واضحا جدا و اعتمدت على طريقة السينما الواقعية أما في “جرجيس” فالصورة تتكلم و تقدم المعلومة . أنت قلبت المسار
لا توجد قاعدة تجعلك تبدأ بالوثائقي أو الروائي ، و عملية النضوج هي لحظة إبداعية في مسار أي فنان ففي “السيدة” كان هناك شغف بالتعبير مع الأيام و مع تطوّر أفلامي بقي الهاجس نفسه قائما لكن لغة التعبير تطورت فالصور الصامتة أحيانا هي المعبّرة.
أضعك خارج الخطاب الرسمي دون صدام معه فالخطاب الرسمي يُظْهر صورة ما لأن الإعلام و السينما يصنعان الرأي العام ( يمكنك ألا تجيب عن السؤال إذا كان يحرجك )
عبر التاريخ كل فنان ملتصق بالخطاب الرسمي لن يكون فنانا فالفنان الحق هو الذي يسير ضد الموجة ليس بمعنى المعارضة بل بمعنى الالتزام الفني.
![]() |
من احد افلامه |