عنصر التمثيل في الأفلام الوثائقية

 منذ زمن طويل والنقاشات الحادة تدور حول خصوصية الفيلم الوثائقي، وما طرأ عليها من تحولات ومنها مدى إمكانية الاستفادة من عنصر التمثيل في الفيلم الوثائقي، وحتى أيامنا هذه فإنه لا يوجد جواب واحد يتفق عليه الجميع حول إمكانية الاستفادة من عنصر التمثيل في الفيلم الوثائقي.
 السؤال الذي نحن بصدد محاولة الإجابة عنه بحثا عن حل لإشكالية استخدام عنصر التمثيل في الفيلم الوثائقي هو: ما هي خاصية السينما الوثائقية؟ عند الإجابة على هذا السؤال نصطدم بواقع وجود اتجاهين رئيسيين لفهم السينما الوثائقية. وسنحاول التعرض لهما هنا بشكل سريع كي يساعد ذلك على استيعاب إشكالية استخدام عنصر التمثيل في الفيلم الوثائقي.
 يرى الاتجاه الأول أن السينما الوثائقية مرآة تعكس الواقع كما هو بدون أي تدخل من المخرج أو المؤلف. لقد جرى تأكيد هذا المفهوم عبر تحليل نماذج من السينما الوثائقية في العقد الثاني من القرن العشرين وخاصة من خلال أفلام المخرج الوثائقي الأمريكي روبرت فلاهرتي استنادا إلى طريقته في الإخراج التي قامت على أسلوب الملاحظة الطويلة ومعايشة الحدث وتصويره بحد أدنى من التدخل المونتاجي.

روبيرت فلاهيرتي

ولكن، وبغض النظر عن مدى صحة هذا التحليل من عدمه لأفلام فلاهرتي وأبرزها فيلمه الشهير” نانوك من الشمال”( لم ينتبه الكثير من المؤرخين إلى الأساليب الروائية التي اعتمدها فلاهرتي في فيلمه هذا لإعادة تمثيل الوقائع في بعض مشاهد الفيلم)، فإن هذا المفهوم خاطئ من حيث الأساس لأن غياب شخصية المؤلف أو كما يقال في السينما المعاصرة، غياب “أنا” المؤلف، أي غياب وجهة نظر المخرج يفقد الفيلم تميزه لأنه من غير الممكن النظر إلى الواقع مجرداً عن كل ما يحيط به، النظر إلى الواقع بدون فهم العلاقات الموضوعية المتبادلة فيه من قبل المخرج. عندما يجد المخرج المؤلف أمامه مواد واقعية معينة فإنه يختار الموضوع والحقائق المتعلقة به وهذا الاختيار لا يمكن أن يكون ذا صبغة سلبية.
 أما الاتجاه الثاني فينظر للواقع لا كمجرد ظواهر موضوعية بل كبيئة أو وسط يعيش فيه الإنسان الذي يعتبر الهدف الذي على السينما الوثائقية أن تسعى للحديث عنه، وهذا الحديث عن المشاعر والحياة والعاطفة الإنسانية، وليس فقط الواقع الاجتماعي الذي يعيش الإنسان، موضوع الفيلم، ضمنه. وفي هذا الصدد كتب المخرج الوثائقي الهولندي يوريس ايفنس قبل أكثر من خمسين عاما يقول: “أنا واثق من أنه قد حان الوقت لتثبيت أهمية الأفلام الوثائقية مخضعين كل شيء فيها من أجل كشف عالم الإنسان”. إن هذا المفهوم صحيح و يضاف إليه أن السينما الوثائقية يجب أن تضع أمامها هدفا ليس كشف عالم الإنسان وحسب بل وكشف كل الظواهر المادية والعلاقات الموجودة في الواقع والتي تؤثر على حياة الناس.

زيكا فيرتوف 

 إن هذا الاتجاه هو استمرار لتقاليد المخرج السوفييتي زيغا فيرتوف ومبدأه المسمى ” الحقيقة السينمائية”، حيث تؤدي الكاميرا وظيفة الباحث عن الحقيقة في الواقع، وهو الاتجاه الذي استمر من خلال أفلام المخرج الهولندي يوريس ايفنس والمخرج الفرنسي كريس ماركر وغيرهم من كبار مخرجي الأفلام الوثائقية.

 كانت السينما الوثائقية في العشرينيات، أي في زمن السينما الصامتة، تختلف كثيراً عن السينما الوثائقية في عهد السينما الناطقة، أولاً من حيث شكل الإخراج وتركيب وتوليف مونتاج الفيلم، ذلك لأن غياب الصوت ألجأ مخرجي الأفلام الوثائقية إلى التأليف الفني للمواد في داخل الكادر، إلى ديناميكية الكادر، إلى الرمز الذي أصبح عنصرا مهما في مونتاج الفيلم، وباستثناء أفلام روبرت فلاهرتي الصامتة، لم يلعب الإنسان على الشاشة أي دور رئيسي مهم وإذا حدث وظهر إنسان في داخل الكادر فإن دوره كان ثانوياً جداً. وأما العنصر الأهم في داخل الكادر فكانت الآلات و عناصر الطبيعة والمظاهر الخارجية للحراك الاجتماعي وغير ذلك من مواد مرئية قابلة للتصوير،  ثانياً:  أما عندما ظهر الصوت فقد تغير موضوع الأفلام الوثائقية فقد بدأ الإنسان يحتل مكانه على الشاشة وهذا ما أدى إلى إغناء الأفلام الوثائقية بمواضيع جديدة. ومنذ ظهور الإنسان في الكادر بدأ مفهوم الوثائقية يتوسع وكذلك أهدافها، وبرزت أسئلة جديدة حول طريقة تقديم الشخصية في الفيلم، وهكذا برزت ظاهرة استخدام الممثل في الفيلم الوثائقي، وهو الاستخدام الذي سار عبر مسارين، الأول منهما التعامل مع الشخصية الرئيسية التي يقدمها الفيلم كما يجري التعامل مع ممثل، أي توجيهه كي يتصرف على نحو معين وحتى الطلب إليه أن يعيد تمثيل واقعة ما من وقائع حياته كما لو أنها تحدث الآن، والثاني منهما إدخال شخص غير محترف بصفة ممثل ضمن بيئة ما أو حدث ما بهدف الحصول على نتائج يحددها المخرج مسبقا.

في المحصلة تحولت هذه الإشكالية إلى إشكالية منهجية نظرية لم تجد حلاً حتى الآن والتي أصبحت محلاً لتضارب الأفكار، حيث ينفي بعض المنظّرين والمخرجين إمكانية الاعتماد الممثل في الفيلم الوثائقي ويقولون بأن الاعتماد عليه يفقد السينما الوثائقية مصداقيتها وبالتالي قوة إقناعها، فيما آخرون يؤيدون الاعتماد على الممثل ولكن الممثل “غير المحترف”، ويؤكدون بأن ممثلاً كهذا يبقى محافظاً على صدق القصة، فأن الحداد مثلاً يستطيع أن يعبر بإقناع أكثر عن دور الحداد لأنه هنا يمثل دوره ويعيش هذا الدور في الحياة أنه يمثل نفسه.
 وهنا يجب أن نفرق بين الممثل” غير المحترف” في الأفلام الوثائقية الذي يعيد إنتاج حياته على الشاشة والممثل في الأفلام الروائية الفنية الذي يسعى لأن يكون أداؤه طبيعيا وواقعيا إلى أقصى درجة، (فيوجد بينهما فرق كبير)، والممثل في الحالتين يختلف في أسلوب التمثيل وثانياً في الهدف من التمثيل.
من حيث المبدأ، تضع السينما الوثائقية أمامها مهمة شرح ودراسة العالم المادي والروحي، كشف خاصية الإنسان وخاصية العمل، المخرج الوثائقي إنسان طبيعي يستخدم الكاميرا السينمائية، يتطلع إلى العالم ويركز انتباهه قبل كل شي على الإنسان – وعالمه المادي والروحي.
تأكد هذا المبدأ بعد أن تطورت السينما الوثائقية، فقد بدا واضحاً أن الفيلم الوثائقي لا يستطيع أن يستغني عن الإنسان، فالإنسان ضروري لأنه العنصر الأهم والخلاّق في الحياة ولأن عمله يخلق الحياة المادية، الإنسان ضروري لأن المشاهد محتاج لأن يتخاطب ويتفاهم مع الشاشة، والمواد الواقعية والظواهر الطبيعية وحدها لا يمكن أن ترضيه وان تشبع رغبته في التعبير، وهذا ما استوجب وبرر اللجوء إلى استعمال الممثل.

يوريس إيفنس

 توضح لنا خبرة المخرج يوريس إيفنس، الذي كان من أوائل من استخدموا عنصر التمثيل وإعادة تجسيد الوقائع، الكثير في مجال فهم إشكالية الممثل في الفيلم الوثائقي. في بداياته، صنع إيفنس أفلاما وثائقية ذات تميز إبداعي لكنها كانت تخلو من الإنسان، وتعتمد على التعامل مع مواد الواقع والتعبير من خلالها عن رؤية فنية، تأثرت في بعض حالاتها بالمدرسة المستقبلية في الفن والأدب التي ركزت على تصوير الحركة والتعبير عنها. من أشهر أفلامه في تلك الفترة فيلم قصير بعنوان” الجسر”( عام 1928).

من فيلم الجسر 1928

فيلم “الجسر” كان يتكون من لقطات متنوعة لحديد الجسر المتحرك الذي يمر عبره قطار يخرج من نفق. وقد قام المخرج بتفسير ذلك بقوله: “في هذا الفيلم حاولت أن أكتشف ألف باء الحركة، كان فيلم “الجسر” فيلماً عن الحركة ولهذا فلم أحصر نفسي ضمن تركيب واحد، لقد درست التأليف الهارموني والتناقضات بين الأشياء الخ”. و نشير كذلك فيلمه” المطر”( 1929)، الذي صور فيه لقطات متنوعة أظهرت تأثير أول هطل للمطر على الحركة في أنحاء مختلفة من شوارع المدينة، وهو الفيلم الذي يوصف بأنه قصيدة سينمائية.

من فيلم المطر 1929

 لم يكن يوريس إيفنس مخرجا سينمائيا بلا موقف فكري، بل كان يساريا مسيسا منخرطا بفعالية في الحركة السياسية في بلده في الثلاثينيات والتي شهدت الكثير من التحركات والانتفاضات العمالية، والتي صارت تقنيات السينما الناطقة تسمح له بالتعبير عنها ومؤازرتها من خلال أفلامه. من بين أفلامه في تلك الفترة ” الفقر في بوريناج”( 1933)، الذي يفتتح بمقدمة تقول: العالم الرأسمالي يعيش أزمة، المصانع تغلق، والعمال يفقدون عملهم.
 عندما قرر المخرج لاحقا أن يصنع فيلما عن إضراب عمالي حصل في مدينة بوريناج البلجيكية وتعرض العمال فيه أثناء مظاهرة لقمع وحشي، احتاج إلى أن يعيد للحياة مواقف كانت قد حدثت في الماضي، فبحث عن قدامى العمال الذين اشتركوا في تلك المظاهرة، وأشركهم في الفيلم وجعلهم يعايشون من جديد أمام عدسة الكاميرا ذات الأحداث التي شاركوا فيها سابقا.
 هل يعني هذا بأن ايفنس يقر بشرعية عنصر التمثيل في السينما الوثائقية؟ يكتب إيفنس في مقالة له بعنوان “الإنسان في الفيلم الوثائقي” مبررا لجوءه إلى عنصر التمثيل: “هناك حيث نحتاج إلى تطورات ذاتية ونفسية من الصعب أن نستغني عنهم (عن الممثلين غير المحترفين)، عن قدرتهم على التعبير”. و تشير تجربة يوريس إيفنس إلى أن عنصر التمثيل ضروري ليس فقط عند الحاجة إلى التعبير عن شعور نفسي وذاتي بل أيضا عندما يحتاج المخرج إلى أن يعيد للحياة مواقف كانت قد حدثت في الماضي.

إيفنس في غرفة المونتاج

 إن استخدام عنصر التمثيل ( غير المحترف) في السينما الوثائقية بات ممارسة مقبولة بالنظر إلى الأساليب الحديثة في إخراج الأفلام الوثائقية والتي صارت تلجأ أكثير فأكثر إلى البنى الدرامية السردية، بحيث أنه في الكثير من الأفلام الوثائقية المعاصرة نعثر على أوجه شبه مع أفلام الواقعية الإيطالية التي استخدمت ممثلين غير محترفين، كما في نموذج فيلم” سارق الدراجة” للمخرج فيتوريو دي سيكا الذي أعطى دور البطولة لعامل عاطل عن العمل أدى دور عامل عاطل عن العمل.

فيلم سارق الدراجة

لقد تقبل المشاهدون في الماضي أفلام الواقعية الإيطالية الجديدة على أنها قصص حقيقية عن حياة الشعب الإيطالي و لم يمنعهم وجود الممثلين أبدا من أن يصدقوا واقعية ما يوجد أمامهم على الشاشة ويتفاعلوا معه، لقد وثق المشاهدون بما يعرض عليهم لأنهم كانوا يرون الأشياء نفسها تحدث في الحياة حولهم وهذا هو المهم هنا.
 ثمة عامل إضافي ساهم في تكريس شرعية استخدام عنصر التمثيل في الأفلام الوثائقية يتمثل في السعي نحو التعامل مع الفيلم الوثائقي كوسيلة تعبير فنية إبداعية عن أفكار و رؤى ومواهب صانع الفيلم، وليس مجرد وسيلة لعكس الواقع والتعبير عن الظواهر والقضايا الحياتية، وهو ما بات يجري التعامل معه ضمن صيغة الدراما الوثائقية، أو بتعبير أدق الفيلم الوثائقي المصنوع على نسق الفيلم الروائي من حيث وجود حكاية معروفة مسبقا للمخرج وشخصيات تتمحور حولها الحكاية وبنية درامية تجعلها مؤثرة.
بالمقابل، على الرغم من أن وراء أفلام الدراما الوثائقية تكمن غايات وطموحات فنية نبيلة تستجيب لمتطلبات وتطورات العصر وإنجازاته في حقل التقنيات السينمائية، إلا أن الصيغة بحد ذاتها، إن لم تحكمها ضوابط منهجية، قد تؤدي إلى نتيجة عكسية، فالدراما الوثائقية تخاطر، بسبب تقليدها للأفلام الروائية واستعمالها غير المدروس لأدواتها بدون أن تطوعها وتجعلها تتلائم مع الخاصية الوثائقية، كي لا تخاطر بأن تخسر قيمتها ومصداقيتها وقدرتها على الإقناع باعتبارها وثيقة عن الواقع، وبالتالي تخسر ما هو ميزة لها، في حين أن ما يميزها، أي كونها وثيقة عن الواقع ذات مصداقية، هو ما تسعى السينما الروائية لامتلاكه.
التوجه الفني الذي هو أساس الدراما الوثائقية يعكس فهما خاصا للتعامل مع الفيلم الوثائقي من قبل المخرجين الذين يعتبرون أنفسهم فنانين وليس مجرد صانعي أفلام ذات وظيفة إعلامية أو معرفية، والذين لا يريدون الاكتفاء بعكس الواقع من خلال الفيلم، بل التعبير عن رؤيتهم وأسلوبهم الخاص، مع ذلك فإن للسينما الوثائقية استحقاقاتها التي تميزها كنوع، عن السينما الروائية، ونفترض تبعا لذلك،  أن القدرة على عكس الواقع والتعبير عن قضاياه تظل في بعض الحالات، وبالعلاقة مع طبيعة المواضيع التي تعالجها، خاصة عندما تكون عن ظواهر اجتماعية أو أوضاع سياسية، تحتل المرتبة الأولى في القيمة والأهمية، حتى لو كان ذلك، في بعض الأحيان، على حساب الرؤية الفنية، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الوسيط الرئيسي الذي تعرض من خلاله الأفلام الوثائقية بعامة، وهو وسيط إعلامي بالدرجة الأولى….

استخدام عنصر التمثيل بأساليبه المتنوعة في الأفلام الوثائقية بات ممارسة مألوفة في السينما العالمية. ومن البديهي أن ينعكس هذا على جهود السينمائيين العرب الذين يصنعون أفلاما وثائقية. وفي الواقع نعثر في السينما العربية على العديد من النماذج الناجحة التي استفادت من هذا الأسلوب دون أن تفقد مصداقيتها الواقعية. واحد من أكثر النماذج حضورا في ذهني فيلم قصير بعنوان” يعيشون بيننا” للمخرج المصري الشاب محمود سليمان.
كان الفيلم قد نال قبل خمس سنوات جائزة أفضل فيلم وثائقي ضمن مسابقة مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية. وهنا، وقبل الخوض في ما تميزت به تجربة هذا الفيلم، يطيب لي أن أستعيد التفاصيل التي صاحبت فوزه بالجائزة. كنت حينها عضوا في لجنة التحكيم الخاصة بالأفلام الوثائقية. حيث قضيت مع باقي زملائي أربعة أيام ونحن نشاهد الأفلام تباعا. في اليوم الأخير كانت قد تكونت لدينا حصيلة من الأفلام التي تستحق الجوائز، لكن ما من فيلم بينها كان مرشحا للجائزة الأولى. وقد أصابنا هذا بالإحباط في حين كان بقي لنا بضعة أفلام لنشاهدها، مر الفيلم الأول على برنامج ذلك النهار ثم انتقلنا إلى التالي ثم التالي تباعا إلى أن وصلنا إلى الفيلم الأخير، والذي ما أن انهينا مشاهدته حتى أصابنا الفرح واتفقنا فورا على منحه الجائزة الأولى. كان هذا الفيلم الأخير الذي اختتمنا به المشاهدة وكان الختام مسكا، كما يقال.

المخرج محمود سليمان

فيلم” يعيشون بيننا” يحكي عن امرأة شابة كادحة مطلقة. تعيش مع أبنائها الأطفال وتصرف عليهم وعلى تعليمهم من عملها في تجليخ السكاكين والأدوات القاطعة التي تستخدم في محلات بيع اللحوم والمطاعم وغيرها. نراها طوال الفيلم تحمل على ظهرها آلة التجليخ الثقيلة تدور على الزبائن، أو توصل الأطفال إلى المدرسة أو تتناول وأولادها الطعام فوق رصيف شارع ما، إنها امرأة شقية تعيش من أجل أطفالها وتضحي بسعادتها وشبابها من اجلهم. نتعرف على هذا كله بواسطة كاميرا رافقتها وتعايشت معها وصارت معها في وحدة حال. في الفيلم الكثير من التفاصيل المبهرة: يطلب الأطفال من الأم أثناء تواجدهم معها في المنزل أن تسمح لهم بمشاهدة التلفزيون، لكنها تشترط عليهم قبل ذلك أن ينهوا واجباتهم المدرسية. ينهي الأطفال واجباتهم ويستعدون لمشاهدة التلفزيون. تنهض الأم وتفتح نافذة مغلقة فيندفع الأطفال نحوها. ونكتشف أن لا تلفزيون في المنزل، بل مجرد نافذة تطل على مقهى شعبي في الزقاق المقابل يوجد فيه جهاز تلفزيون لتسلية الزبائن ويمكن رؤيته من داخل منزل العائلة إن فتحت الأم النافذة.
أما المشهد الأخير من الفيلم فكان المفاجاة الأكثر روعة: بعد كل عناء العمل وتعب النهار تجلس الأم أمام مرآة استعدادا للنوم وتزيل الغطاء عن رأسها وترخي شعرها الطويل فوق كتفيها، ويبين لنا وجهها، ونكتشف للمرة الأولى كم هي جميلة هذه الشابة الكادحة الشقية.


إعلان