السينما السورية متعثرة والدراما ناجحة.. ما السبب؟

تحقق الدراما السورية نجاحات متلاحقة بين موسم وأخر، وفي ذات الوقت تعاني السينما السورية من أزمة حقيقية نتيجة التعثر الواضح من حيث صالات السينما وكمية ونوعية الأفلام المنتجة من قبل المؤسسة العامة للسينما وبضع أفلام أنتجها القطاع الخاص العائد الجديد إلى أضواء السينما السورية، ولتسليط الضوء على أسباب نجاح الدراما السورية وتعثر السينما السورية أجرى موقع الجزيرة الوثائقية استطلاعاً بين نماذج من الفنانين والمخرجين وكُتاب السيناريو.

دمشق – عاصم الجرادات

بسام كوسا

 الفنان بسام كوسا (هو فنان تشكيلي تخرج من كلية الفنون الجميلة وهو ممثل ومخرج مسرحي، وله العديد من الأفلام السينمائية أبرزها : ليالي ابن آوى – شيء ما يحترق –  الكومــبارس – تراب الغرباء – نسيم الروح – صندوق الدنيا – المتبقي) .
يعزي الفنان السوري بسام كوسا سبب نجاح الدراما السورية إلى أسباب عديدة منها استثمار الطاقات في جميع الاختصاصات من ممثلين ومخرجين وكتاب سيناريو ومصورين وفنيين، ويضيف الفنان كوسا إلى ما سبق وجود شركات القطاع الخاص برأس مال وطني أو وافد من الخارج، وكذلك ظهور عصر الاتصالات الفضائية ساعد على الانتشار للدراما، أما بالنسبة للسينما فيرى كوسا (ممثل سينمائي ومسرحي ولكنه ابتعد عن السينما في المرحلة الأخيرة) أنه لا وجود لسوق داخلية للسينما بسبب الظروف العامة، ويشير الممثل السوري أن بمعينة بعض الظروف تم شبه القضاء على عدد من الصالات، ويرجع أيضاً الفنان السوري  سبب انحسار السينما إلى عدم وجود مؤسسة ثقافية تعنى بالسينما ويضيف كوسا قائلاً” لم تستطيع المؤسسة العامة للسينما  صناعة فيلم ناجح، ولا حتى افتتاح صالة تشجع الجمهور على التوجه نحو السينما، فالمؤسسة لم تقدم شيء يساعد السينما”.
ويلفت الفنان كوسا النظر إلى نقطة مهمة وحساسة وهي القوانين غير المُنفذة  ويضرب مثالاً حيث أن القوانين تفرض على من يُنشأ (مول) أو فندق افتتاح صالة سينما أو صالتين حسب المساحة، ولكن عندما يظهر الفندق نشاهد أن الصالة السينمائية الموجودة على الخريطة أصبحت تستعمل لأغراض آخري كالمستودعات.
ويرفض بسام كوسا حالياً العودة إلى السينما حتى يغار المسؤولين الحاليين عن المؤسسة العامة للسينما ويوجه نقداً لاذعاً لمخرجي السينما لممارستهم العديد من الأعمال غير الإخراج فهم حسب قول كوسا” يكتبون السيناريو يختارون الموسيقى وربما يتجهون نحو تصميم الديكور وفوق كل ذلك يرفضون الرأي الآخر لذلك فهم مخرجون مرضى”، أما عن تجربة القطاع الخاص الحالية فهي حالة إيجابية ولكن قدمت أفلام بائسة وللأسف فالأفلام السينمائية السورية جاءت وراء مقولات عريضة ورنانة ولكن بأدوات متخلفة.

 

حسن سامي يوسف

• الكاتب حسن سامي يوسف (بدأ العمل في المؤسسة العامة للسينما منذ عام 1973 وهو خريج معهد فغيغ في الاتحاد السوفييتي سابقاً كتب العديد من الأفلام السينمائية منها (قتل عن طريق التسلسل , الاتجاه المعاكس , غابة الذئاب , يوم في حياة طفل، وآخرها فيلم بوابة الجنة الذي سيعرض في مهرجان دمشق السابع عشر):
يجد الكاتب السوري حسن سامي يوسف أن السينما السورية متعثرة والسينما العربية والعالمية في سورية كذلك متعثرة ويضرب مثالاً بالقول “فعندما نذهب إلى صالات السينما في سورية لا نشاهد سوى بضع متابعين ولذلك هذه ليست سينمات ولكي لا نظلم الجميع هناك استثناءات مثل سينما الشام ودمشق”.
ويقدم طرحاً في غاية الأهمية يعلل من خلاله سبب تعثر السينما وهو التحولات الاجتماعية الجذرية في المجتمع السوري فعدم ارتياد السينما والمسرح وعموماً التجمعات سببه الأحداث التي شهدتها سورية في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات ليتحول هذا البعد عن التجمعات إلى عادة، وهذه لم تكن موجود في السبعينيات.
ويضيف الكاتب يوسف قائلاً “عدم وجود سوق للسينما سبب يوضح تعثر السينما، وكذلك سبب تميز الدراما السورية وانتشارها ونجاحها فسوق الدراما السورية منتشر على الصعيد العربي من المحيط إلى الخليج .
ليصل الكاتب يوسف إلى أن السينما في مأزق والسؤال الأهم هنا هو كيف نعيد المتفرج إلى صالة السينما؟ فلن يكون هناك سينما لا ناجحة ولا متعثرة إذا لم نعيد الجمهور إلى صالات السينما.

عبداللطيف عبدالحميد

• المخرج عبد اللطيف عبد الحميد (مخرج سينمائي سوري. ولد في حمص. درس في معهد موسكو السينمائي وتخرج عام 1981. أخرج أفلام روائية وهي: ليالي ابن آوى، “رسائل شفهية”، “صعود المطر”، “نسيم الروح” ،”قمران وزيتونة”، “مايطلبه المستمعون ، “خارج التغطية”،” أيام الضجر”):
 يرى المخرج السينمائي السوري الشهير (عبد اللطيف عبد الحميد ) أن تعثر السينما نابع من عدم وجود عناية بالسينما من قبل الدولة التي تعتني بشكل ملفت بالدراما والتلفزيون، ويعزي المخرج عبد الحميد سبب نقص عدد الأفلام السورية إلى ضعف التمويل القادم فقط من قبل جهة واحدة وهي المؤسسة العامة للسينما، ويتابع المخرج عبد الحميد قائلاً “بدأت بعض الشركات الخاصة بالدخول إلى عالم السينما السورية من جديد عن طريق شركة الأوربت (أنا بصد إخراج فيلم من إنتاجها) وأخذت تشكل رديفاً للمؤسسة العامة”، ويضيف المخرج السوري سبباً آخراً لضعف السينما وهو معانة سورية من أزمة شح في صالات السينما.
وعن سينما المؤلف في سورية التي تتعرض للانتقادات الشديدة، يدافع عنها عبد الحميد بالقول “سينما المؤلف ليست اختراع سوري بل موجودة في معظم دول العالم، ونلجأ لها بسبب نقص كتاب السيناريو للسينما”. وأخيراً عبر عبد الحميد عن تفاؤله في نهضة السينما السورية من جديد خلال السنوات القليلة المقبلة.
ولا يبقى لي سوى سرد ما قاله لي صحفي يُعنى بالقضايا الثقافية عندما سألته ما رأيك بالسينما السورية فرد علي ” إنها تعاني من طغيان للمصالح الشخصية، وتفتقد الجمهور، وتبكي في الصالات التي أصبحت ملاذاً لمن ينقصه السكن، والصالتين المميزات في سورية أصبحت لأصحاب الأموال فقط”.


إعلان