فيلم عشرون … المكان يرسم هموم الزمان في إيران

عاصم جرادات

عشرون يوماً .. سيضيّعون بعدها السكن
عشرون يوماً … سيفقدون بعدها المال
عشرون يوماً … سيخسرون بعدها الحب
عشرون يوماً … سيتحول بعدها الطعام إلى تراب
عشرون … وهو عنوان الجوهرة الجديدة التي تطل علينا من سماء السينما الإيرانية، وهذه المرة بتوقيع المخرج عبد الرضا كاهاني، واستحق الفيلم الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي.
ظهرت إيران الواسعة في فيلم عشرون من خلال المطعم الذي سيبيعه صاحبه (سليماني) بعد عشرين يومأً، وذلك بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها، وجاء هذا الخبر مثل الصاعقة على عمال المطعم الذين يتاؤون فيه ويأكلون من خيره، وتبدأ مع القرار المشاكل فأحد العمال يعاني من شلل في يده، فهو لن يعمل بعد الآن حيث  لن يُقبل من أحد، أما زوجته العاملة معه في المطعم تعيش حالة تخبط نفسي تنعكس على حياتها الزوجية، ونلحظ هنا إضاءة إيجابية على المجتمع الإيراني حيث يرسم صورة للمرأة العاملة التي تقدم العون لزوجها. في حين صديقتها في المطعم وهي أرملة وأم لطفلة، تعاني من نظرة المجتمع الظالمة لها، ويبين الفيلم الحالة المعيشية المتردية لعمال المطعم دون إكتراث مسبق من صاحب المطعم، وفي ظل هذه المشاكل تظهر شخصية تعبر عن التفاؤل المفقود ومتمثلة بعازف (أوكرديون) حيث يعرض نفسه على صاحب المطعم لكي يعزف في مطعمه لكنه يلاقي الرفض المتكرر، ولكن عمال المطعم يقدموا له المساعدة ويوجهه لأن يعزف في الخارج بالقرب من المطعم لينتهي به الأمر للقبول من صاحب المطعم.
وفي ظل العرض المتقن للشخصيات العاملة في المطعم يبرز المخرج شخصية صاحب المطعم الشخصية المتكلمة بتعابيرها وقليلة الحوار، وتتصف بالهدوء الذي يختبئ خلفه ثورة من الغضب، و تظهر عصبية صاحب المطعم بسبب تصرفات عماله وخاصة أن طبيعته المرتبة والمنسقة، التي لا تقبل ارتكاب أي خلل في النظام أو الترتيب. وقبل نهاية المهلة بيومين يبدأ (سليماني) بالتقرب من عماله والتعرف على حياتهم عن قرب، ويقدم بعض لمسات الحنان لهم من خلال السماح لهم النوم في بيته، لتأتي ساعة الصفر فعندها يقدم المخرج مشهد كلاسيكي يظهر فيه (سليماني) ويقول إنه يرفض بيع المطعم فتعود البسمة إلى العمال فالأرملة تتزوج من زميلها في المطعم، وتعم الأفراح ولكن صاحب المطعم يخلد إلى فراش موته مبقياً على أفراحهم قائمة، وهنا نشاهد إبداع المخرج عن طريق تصوير مشهد موت صاحب المطعم عندما نشاهد حذاؤه انقلب كرمزية لاختلال النظام.
ومن ناحية الشكل الفني نجد أن المخرج كاهاني أبرز الجانب التعبيري لدى الممثلين من خلال اللقطات القريبة للمثلين، حيث من الممكن لأي مشاهد أو متابع لا يعرف اللغة الفارسية ولا يوجد ترجمة أن يستوعب مضمون الفيلم، وكل ذلك من خلال الجهد المبذول من الممثلين وخاصة بإبراز الحالة أو الرسالة التي يودون إرسالها بتعابير بسيطة على وجوههم أما عن حركة الكاميرا التي استطاعت إكمال عنصر النجاح التعبيري للمثليين عن طريق ملاحقة ردة الفعل للممثل، وبالمقاس المناسب واللحظة والتوقيت الصحيح، ولم تشتت كاميرا المخرج ذهن المشاهد عن طريق حصر مشاهده في مكان الفيلم الأساسي وهو المطعم مع ظهور بعض اللقطات الخارجية التي استدعى السيناريو التوجه نحوها، أما عن الموسيقى أو الأصوات المرافقة للمشاهد نجدها ملامسة للواقع الإيراني بشكل فني منسق ولا يسيء للحوار، أو الأفكار التي يسعى لإيصالها المخرج.
بطاقة الفيلم:
البطولة: ماهيتاب كرامتي
تمثيل: علي رضا خمسة مهران أحمدي علي رضا حسين زاده برويز باراستوي سليمان حبيب رضائي فرشته صدر أورفاي
إخراج وسيناريو: عبد الرضا كاهاني
سيناريو: حسين محكم
إنتاج: بوران ديراخشانديه
موسيقى: أمير فايد سامي
تصوير: مسعود سلامي
مونتاج: عبد الرضا كاهاني – شيما مونفاريد

مشهد من الفيلم

إعلان