محمد بلحاج: الوثائقي معلومة ومتعة وجاذبية

 
 المخرج محمد بلحاج

بعد عرض قناة الجزيرة الوثائقية لفيلم “من جذور فلسطين” الذي يتناول حياة المناضل الراحل مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري، نلتقي بالمخرج وكاتب السيناريو محمد بلحاج في حوار يتناول ظروف إنتاج هذا الفيلم وسبب اختيار هذه الشخصية

لماذا الشقيري بداية؟
 يأتي فيلم الشقيري ضمن عنوان كبير يهدف لتناول عدة شخصيات لعبت أدوارا مؤثرة ولكنها بقيت فنيا وإعلاميا وتوثيقا في الظل، مثله مثل عبدالكريم ال��طابي والأمير عبدالقادر الجزائري وسعد زغلول والسلطان الأطرش وغيرهم من الشخصيات المشابهة.

هناك احتفاء واضح بالشقيري، هل يأتي هذا كنوع من رد الاعتبار التاريخي وهل اثر ذلك على مسار الفيلم فنيا وموضوعيا؟
 أرى الشقيري كشخص بقي ثابتا على المبادئ التي آمن بها، وقاوم في سبيل ذلك ضغوطا كثيرة، ويمكن أن نلاحظ الآن في فترة ما بعد الشقيري كيف تحولت القضية الفلسطينية من عربية إلى محلية، وكيف صار العرب وسطاء بعد أن كانوا شركاء وكيف صار شعار الدولة قبل التحرير.

ألا ترى أن هذا تطور سياسي طبيعي؟
أرى ذلك تكتيكا سياسيا لا يملك بعد نظر ونظرة إستراتيجية كما كان الشقيري يملك. لم نصل لأية نتيجة لهذا التغير. صحيح أن الشقيري كان من طبقة بورجوازية، لا يملك اتصالا حقيقيا بالشارع البسيط ولكن فلسطين كانت في كل تفاصيله اليومية..هكذا أراه.

الفيلم أيضا به نوع من ترجيح كفة الشقيري على حساب عرفات؟
أي مخرج عندما يعمل على فيلمه سوف يعالج موضوعه من زاوية معينة، لكن تأكد أنه ليس عندي أي انتماء سياسي فلسطيني، أنا مثل باقي المغاربة اعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية. هناك وجهة نظر قيلت في الفيلم حملت هذا الاتجاه، ولكن كانت هناك أيضا وجهة نظر مقابلة تم التعبير عنها صراحة في العمل. وحتى إذا كانت عندي وجهة نظر فهي بطريقة غير مباشرة لأنني لم أستعمل التعليق.

استخدمت إضافة للأبيض والأسود والملون الـ “سيبيا – لون بني غير طبيعي” للتعبير عن الزمن في الفيلم؟
 نعم، ذلك كان بهدف عمل “مود” معين للعمل يتداعى مع الطابع التاريخي للفيلم، التاريخ هو استرجاع الذاكرة، وقد استخدمت هذا اللون إضافة لحلول فنية أخرى مثل التمثيل والمزج من اجل الوصول للهدف. إنها الضرورة الفنية.

الجزء الأول من العمل به تمثيل كثير، عكس الجزء الأخير؟
أهم شيء في الفيلم الوثائقي إضافة للمعلومة هو المتعة والفرجة والجاذبية، لذا يجب عليك أن تلعب على هذين العنصرين (المضمون والشكل)  كي تكتمل الدائرة. ليست عندي مادة أرشيفية بصرية كافية فاتجهت لتمثيل الأحداث بالصورة من اجل ربط الصلة مع المشاهد، لاحظ أيضا أنني لم اعتمد التعليق في الكثير من زمن الفيلم كي اترك فرصة كافية للمشاهد لتخيل الأحداث معي. أنا أؤمن بمشاركة المشاهد في فهم الموضوع وبنائه. وفي نظري أن التعليق يكمل الصورة التي لا تستطيع التعبير عن نفسها.

هل أضاف الفيلم لك شخصياً أشياء لم تكن تعرفها من قبل؟
نعم، فنياً استعملت المشاهد التمثيلية بتقنيات الفيلم الروائي لحد ما وهذا جديد عندي. وعلى مستوى المعلومة التاريخية استفدت كثيرا بشكل شخصي لأني خرجت بمعلومات جديدة أضيفها لما عندي عن هذا الرجل ومرحلته. إنني أعرفه الآن أكثر. وهذه ميزة الإخراج الوثائقي.. إننا نسبح في محيط من المعرفة وبالتالي فإن كل مشروع هو درس من المعرفة.
كم مكاناً زرت من اجل الفيلم؟
تنقلت بين سوريا ولبنان والأردن. أما المشاهد التمثيلية فصورت في مصر.

أين تكمن الصعوبة في مثل هذه الأفلام؟
الصعوبة تكمن في البحث وبلورة الفكرة ثم في تطويرها، من حيث زاوية التناول وما يتبعها.. أي كيفية تحديد المحاور وخلق بناء قوي يخلق انسجاما فيما بينها. هذا مهم لأن الفيلم يحاول أن يحيي ذاكرة عن طريق الشخصية نفسها التي اعتمدتها كخط رابط من خلال مذكراتها.
بدأت فكرة الفيلم بهدف تسليط الضوء على هذه الشخصية المهملة..كيف انتهت؟
لا استطيع التحدث عن عمل خاص بي، لكن إذا أحس المشاهد بالمتعة والجاذبية وبأني رددت بعض الاعتبار للشقيري، وأصبح يعرف عنه أكثر مما مضى، فأنا سأكون سعيداً بذلك.


إعلان