اختتام واغادوغو: الوثائقي لشمال إفريقيا

والروائي لجنوبها والجزائر تعود بالقصير

حسن مرزوقي

في أكبر ملعب في العاصمة البوركينابية واغادوغو اختتمت يوم السبت 7 مارس 2009 الدورة الحادية والعشرون للمهرجان  الإفريقي للسينما والتلفزيون بان أفريكان المعروف اختصارا “بالفيسباكو”. هذا المهرجان الذي يبلغ هذا العم، سنته الأربعين.
وفي حفل اختتام متواضع مقارنة بالمهرجانات العالمية تم توزيع الجوائز في مختلف المسابقات. ولا تقل جوائزه أهمية عن بقية المهرجانات الإفريقية كقرطاج والقاهرة ومراكش. وعادة ما تدور مواضيع المشاركات حول قضايا القارة من عدالة اجتماعية وحرية سياسية. لذلك لا غرابة أن تضم لجنة التحكيم التي يترأسها المخرج البوركينابي جاستون جابوريه، الناشطة الحقوقية الرواندية نونيك موجاوانانيا.

وقد تم اختيار الأفلام المشاركة في المسابقة من كم هائل من المشاركات بلغت 664 فيلما وصلت من 75 دولة واستقر الرأي على 19 فيلما روائيا طويلا و20 فيلما قصيرا و30 فيلما وثائقيا وعدد كبير من أفلام الفيديو. وقد شهدت الجوائز هذه السنة قسمة طريفة بين دول شمال وجنوب أفريقيا. وكأن كل جهة استأثرت بنوعية من الأفلام. هذا إضافة إلى تميز مشاركة المرأة العربية.

حصان الروائي ظل في الجنوب

إن المميز لهذه الدورة هو تقاسم الجوائز بين أفلام شمال أفريقيا وجنوبها. ممثلة في الدول التي تحتل صدارة المنافسات عبر تاريخ المهرجان.
ففي مسابقة الروائي فاز الفيلم الأثيوبي تيزا للمخرج هايلي جيريما بالحصان الذهبي. وهو فيلم يروي صفحات من حكم الطاغية منجستو هايلي الذي حكم بين 1974 و1991. ويحيل على حكايات خطف الأطفال من عائلاتهم للقتال تحت شعار الثورة والذي يرفض يلقى القتل والتنكيل.
ويعتبر مخرج الفيلم من المخرجين الجريئين في السينما الإفريقية وهو مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1968 حيث درس السينما في إحدى جامعات السود. وقد تغيب عن حفل الاختتام وحضرت مكانه شريكته في الإنتاج وشقيقته سيلومي لاستلام الجائزة.

سيلومي شقية المخرج هايلي جيريما تستلم الحصان الذهبي

كما ذهب الحصان الفضي إلى الفيلم الجنوب أفريقي “لا شيء إلا الحقيقة” لجون كاني ويتناول بدوره حقبة الميز العنصري في جنوب أفريقيا. وبذلك تكون الجائزتان الأولى والثانية قد ذهبتا إلى الشق الجنوبي في أفريقيا حيث تناول الفيلمان المواضيع التقليدية في هذه المنطقة وهما موضوعا الدكتاتورية والميز العنصري.
 أما الحصان الفضي فكان من نصيب الكوميديا حيث فاز الفيلم الجزائري “مسخرة” لإلياس سالم. وهو فيلم يروي قصة عرس جزائري غاب فيه العريس.
وقد شهدت هذه الدورة تكريم عميد السينما الإفريقية المخرج السنغالي عثمان سيمبين الذي رحل عن العالم سنة 2007. ويعتبر سيمبين من أشهر المخرجين الأفارقة الذين كانت لهم شهرة دولية وهو كذلك من عرابي مهرجان واغادوغو حتى إن الحكومة البوركينابية أطلقت اسمه على شارع قرب رئاسة الدولة. وواصل مبدعو دول الجنوب في أفريقيا حصد جوائز الأفلام الروائية الطويلة وهي الجائزة المركزية في المهرجان فتحصل الجنوب أفريقي رابولانا سيفمو على جائزة أفضل ممثل، لدوره في فيلم “جيروزاليما” للمخرج روفث زيمان وقد حصل نفس الفيلم على جائزة أفضل صورة تحصل عليها نيك هوفمير. فيما آلت جائزة أفضل صوت لمحمد حسيب عن فيلم “شياطين مصر”.

عودة الجزائر على صهوة حصان الفيلم القصير

ويبدو أن مشاركات شمال أفريقيا اختارت الروائي القصير والوثائقي  لتمتطي حصانه الذهبي والفضي. فقد استأثرت الجزائر بالحصان الذهبي والفضي في مسابقة الأفلام القصيرة. حيث فاز في هذا القسم من المسابقة فيلم “سكتو” للمخرج الشاب خالد بن عيسى بالمرتبة الأولى وعقبه مواطنه خالد قاسمي في المرتبة الثانية بفيلمه “إنه الأحد”.

المخرج الجزائري خالد بن عيسى

وكان فيلم “سكتو” قد فاز في التاغيت الذهبي للفيلم القصير في الجزائر بالكاميرا الذهبية. ويتعرض الفيلم إلى التناقضات النفسية والاجتماعية للفرد الجزائري بشكل يقرب إلى السريالية والجنون حيث تدور الحكاية حول اكتشاف سيارة مفخخة في الحي الذي يسكنه البطل لتتداعى تناقضات الألم والأمل والأمن والخراب عبر عنها البطل بفقدانه لمفهوم النوم العادي والهيام في الشارع..
 وبهذا الفوز الثنائي في الفيلم القصير إضافة إلى الحصان البرونزي في الفيلم الطويل تكون الجزائر قد حازت ثلاث جوائز مهمة في المهرجان. مما اعتبره الجزائريون عودة للسينما الجزائرية إلى الساحة الأفريقية وقد جاء ذلك على لسان وزيرة الثقافة الجزائرية خالدة التومي التي اعتبرت أن هذا الفوز سيساهم في تحسين صورة الجزائر بإقبال شبابها على السينما والإبداع.

حصان الوثائقي تركبه المرأة العربية

لم يقتصر المغاربة على جوائز الفيلم القصير بل تربعوا أيضا على مسابقة الأفلام الوثائقية. فقد فازت ليلى الكيلاني بالحصان الذهبي عن فيلمها “أمكنتنا الممنوعة” الذي يتناول مسألة السجون المرعبة التي خيمت على حقبة هامة من تاريخ المغرب الحديث. تلتها المصرية جيهان طاهري في المرتبة الثانية بفيلمها الوثائقي “وراء قوس قزح”.

فيلم ليلى كيلاني أمكنتنا الممنوعة

وقد شارك في هذه المسابقة  30 فيلما وثائقيا. وهي المسابقة الأكثر عددا من حيث المشاركين.
يعود فوز شمال أفريقيا بالوثائقي إلى التطور النسبي الذي تشهده هذه النوعية من الأفلام مقارنة ببقية الدول الأفريقية.
وتسجل المرأة العربية مرة أخرى تميزا مهما بفوز هاتين المخرجتين الشابتين. ولا يقتصر حضور المرأة العربية على هذين الفوزين فقد فازت أيضا المغربية سناء موزيان بجائزة أحسن ممثلة عن بطولتها في فيلم “سميرة في الضيعة” للطيف لحلو. كما حضرت المرأة العربية في لجنة التحكيم ممثلة في المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي.


إعلان